أهم المواضيع التي نشرتها مجلة الشراع في عددها الصادر يوم الجمعة 28 آذار 2008/30 آذار

*مقاولة في حب المقاومة/تسعيرة تأييد رجال دين لحزب الله يا بلاش/حسن صبرا

*بين الاردن وتركيا لقاءات لماهر الاسد مع الاسرائيليين وترتيبات لصفقة!!/حسن صبرا

*لولا 14 آذار/مارس لما عدلت اميركا موقفها في العراق/حسن صبرا

*علي الحسن يفتح الباب على الحقيقة/رئيس التحرير

*الجوزو والامين يردان على ((الفتوى – الفتنة)) لمفتي سوريا

*مقابلة مع وزير الشباب والرياضة الدكتور احمد فتفت/ هدى الحسيني

*اسرار ومتفرقات

*لقمة العربية/ ايرانية/ابراهيم احمد

*لحرب الامنية المفتوحة بين اسرائيل وحزب الله   (2 ) :((ساعة ليلية)) جديدة اغتيال نصرالله!؟/ ناصر شرارة

*فاهات في دمشق بعاد التنسيق بين ايران وسوريا د المصالح العربية

*حرام عليك يا شيخ حسون/بقلم: محمد حمدي

==================================================================================================

مقاولة في حب المقاومة سعيرة تأييد رجال دين لحزب الله يا بلاش

حسن صيرا

تنشر ((الشراع)) نص الرسالة التي وجهها الشيخ عبدالناصر جبري إلى أمين عام حزب الله حسن نصرالله بصفته ((دام ظله)) الممول الرئيسي لحملة تأييد المقاومة وفق تسعيرة يبدو ان الشيخين جبري ونصرالله اتفقا عليها مسبقاً.

الرسالة تنضح بما فيها من ((حب)) و((ولاء)) و((تتيم بالمقاومة)) إنما وفق التسعيرة التي نكشفها وهي تسعيرة خاصة ((بالمشايخ)) الذين يتقاضى عنهم جبري سعراً متفاوتاً بين مشارك بـ200 دولار أميركي وبين مساعد بـ300 دولار أميركي، بما يجعلها مقاولة في تأييد المقاومة، بحيث يقبض المقاول عبدالناصر جبري المال ويعطيه للمشايخ الذين وردت أسماؤهم في الرسالة بعد ان يؤدي مقاولتهم في تأييد وحب المقاومة، بين من يحضر الاجتماعات الخاصة بتأييد المقاولة وبين من يتحرك عملياً لجلب الأنصار إليها.. ولا نعرف حتى الآن سعر من يؤتى به من هؤلاء الأنصار، إنما بات معروفاً ان حزب الله نفسه وضع تسعيرة لحشد الجماهير المؤمنة جداً إلى ساحة رياض الصلح للاعتصام وتتراوح بين 50 ألف ل.ل و50 دولاراً أميركياً للتظاهرة الواحدة.

((الشراع)) تنشر الرسالة التي حصلت عليها من أرشيف حزب الله، ولديها مثلها من أرشيف الحزب عن الجمعيات والهيئات والروابط التي تتقاضى المال أيضاً من حزب الله وفي مقاولة أخرى لتأييد المقاومة.. ونحن نعرف عدداً من الذين يتقاضون المال من هذا الحزب الفارسي في لبنان، وعندما تسأل بعضهم عن رخصهم وبيعهم لأنفسهم مقابل حفنة من المال، يجيء الرد باسماً ضاحكاً: هؤلاء جماعة الحزب مجانين في سعيهم لكسب المسلمين السنة وهم مستعدون لدفع أعلى الأسعار من أجل صوت مسلم سني في بيروت، أو طرابلس ونحن اتتنا فرصة ذهبية لكسب المال مجاناً من الحزب الفارسي، ولكن في اللحظة المناسبة فإن ولاءنا الحقيقي هو لرفيق الحريري وسعد الحريري وتيار المستقبل، نحن نتقاضى المال من الحزب الذي يدفع لنساير امورنا.. في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي نعيش فيها.. الا تسمع المثل الذي يقول ((رزق الهبل على المجانين))؟

تنشر ((الشراع)) رسالة جبري الى نصر الله مع حذف اسماء المشايخ الذي أورد جبري اسماءهم للقبض، في حرص منا على اسماء بعضهم الذين قد يكون جبري زج بها في الرسالة لتكبير حجم المقاولة.. لكننا نعد بأن ننشر الاسماء تباعاً اذا ما تبين تأييد أي من هؤلاء المشايخ للحزب الفارسي في لبنان، مع رقم المبلغ الشهري الذي يتقاضاه ودائماً وفق رسالة جبري، دون ان ننسى الاشارة الى ان الشيخ جبري تقاضى مبلغ 5000 دولار اميركي باعترافه من نصر الله لقاء خدمات اداها للحزب المذكور اعلاه ومنها ايجار شقة كمركز للقاء في منطقة المصيطبة، وهو يطمح للمزيد واعداً نصر الله بأن يرى ما يسره.. ان شاء الله.

باسم الله الرحمان الرحيم

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد:

سماحة حجة الاسلام السيد حسن نصر الله حفظه الله،

الوكيل الشرعي للامام القائد آية الله العظمى سماحة السيد الخامنئي دام ظله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

لقد تكرمتم علينا وصرفتم للقاء الجمعيات والشخصيات الاسلامية مبلغاً وقدره خمسة آلاف دولار، يصرف لبعض العلماء وبدل ايجار شقة كمركز للقاء في منطقة المصيطبة وبعض المصاريف المتعلقة بالعمل ونلتمس منكم اليوم – ولنا بكم الامل الكبير لذلك اتيناكم – صرف مبلغ لصرفه على العلماء الآتية اسماؤهم وضمهم لعملنا اما مساعدين او مشاركين وهم، اما المساعد فيتحمل مسؤولية ما، واما المشارك حضور الجلسات العامة فقط.

هنا الاسماء المحذوفة وعددها 24 شيخاً

سماحة السيد: كل هؤلاء من بيروت او يسكنون فيها وعندهم القدرة على العمل وكثير منهم يتعاون معنا واللقاء يعمل ويكبر وينمو ببركات يسوقها الله على ايديكم نسأل الله ان يحفظكم ويديمكم ذخراً وقصداً ونصراً للإسلام والمسلمين وسترون منا ما يرضي ربنا ويسركم ان شاء الله.

اخوانك: عبد الناصر جبري – الشيخ غازي حنينه – الشيخ شريف توتيو – الشيخ احمد عيتاني.

بيروت في 12 محرم الحرام – 1427 هـ.

الموافق: 11 شباط/2006 م

==================================================================================================

بين الاردن وتركيا قاءات لماهر الاسد مع الاسرائيليين وترتيبات لصفقة!!

حسن صبرا

لفت حديث المدير العام الاسبق لوزارة الخارجية الصهيونية الون لئيل الى جريدة ((الشرق الاوسط)) (الاثنين في 7/3/2008) انظار اوساط عربية مطلعة، وتوقفت عند ما قاله عن مباحثات مستمرة مع اركان في النظام السوري، واصفاً اياهم بأنهم شخصيات ارفع وأهم في اروقة السياسة في دمشق (من ابراهيم سليمان الذي اعتبره ورقة محروقة بعد زيارته للكيان الصهيوني عام 2007).

الاوساط نفسها قالت ان هناك احتمالاً كبيراً ان يكون شقيق حاكم نظام دمشق ماهر حافظ الاسد هو هذه الشخصية بعد ان سربت اسرائيل انباء عن لقاء ماهر مع ضباط من الموساد في عمان.. ثم جرى نقل اللقاءات الى تركيا التي ترعى منذ اكثر من عام حوارات سورية – صهيونية لتحقيق تسوية بين نظام الاسد والعدو.

الا ان هذه الاوساط اكدت لـ((الشراع)) ان كل ما يجري وسيجري لن يؤدي الى أي تسوية بين البلدين لأن الحاكمين فيهما اضعف من ان يقدما عليها، فرئيس وزراء العدو الصهيوني يهود اولمرت لن ((يتنازل)) عن الجولان المحتل، وأقصى ما يمكن تقديمه هو ثلثا ((الجولان)) لسوريا مع بقاء ثلث يقيم عليه الصهاينة حديقة دولية فخمة مفتوحة للصهاينة، مع بقاء الاستثمارات الصهيونية في الجولان كمصانع النبيذ والمزارع الضخمة، مع منع السوريين من السكن في هذا الثلث، اما بشار فهو لن يجرؤ على هذه التسوية ولكنه يعتبر الحوار المستمر مع اسرائيل مدخلاً مهماً للوصول الى الولايات المتحدة حيث يمكن له ان يعقد مع واشنطن صفقة ينتظرها منذ خمس سنوات.. ويراهن فيها على وصول اميركي مختلف عن الرئيس الحالي جورج بوش الذي يعتبر بشار حاكماً فاشلاً تماماً مثلما اعتبر الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

فهل يقبل بشار الاسد هذا التنازل لاسرائيل مقابل السلام.. وماذا يبقى من الوطنية السورية التي يزعم تمسكه بها؟

المصادر العربية تعيد الى الاذهان سوابق اتفاقات اهم وأكثر اغراء قدمت لحافظ الاسد مع إعادة الجولان كاملاً ووعد ووديعة من بيل كلينتون واسحاق رابين بذلك لكنه تراجع في اللحظة الاخيرة.. لماذا؟ لأن ضابطاً سورياً علوياً جاء الى حافظ الاسد سائلاً اياه عما يفعله مع الاسرائيليين، فلما شرح الاسد انه يبحث معهم عقد تسوية مقابل استعادة الجولان قال له الضابط العلوي: سيدي ان هذا الامر مستحيل، فسيادتك لن تسمح بأن يقال في سوريا بأن العلويين عقدوا صلحاً مع اسرائيل على حساب العرب والسيادة السورية.. وان حافظ الاسد لم ينم ليلتها بعد ان سمع هذا الكلام وظل حاضراً في ذهنه ومات ولم يعقد صلحاً كان يمكن ان يكون مقبولاً يومها.

اما الآن.. تضيف المصادر ذاتها ان اسرائيل لن تتراجع امام بشار الاسد لأنها تراه اضعف كثيراً من ابيه، وهو جعل سوريا في موقع معزول والنظام مكروه من الداخل ومن المحيط العربي كله، ولا تقف معه الا ايران، وهو يظن ان ايران حلّت محل الاتحاد السوفياتي.. لكنه واهم فإيران تريد مصلحتها، ومن مصلحتها ان يبقى هذا النظام في حاله اللاحرب واللاسلم مع اسرائيل حتى يظل رهينة لديها.

علماً بأن السلاح الذي تعطيه ايران لسوريا لا اهمية عملية له، وأن السلاح ليس كل شيء في الحرب..

المصادر العربية اكدت لـ((الشراع)) ان اسرائيل اذا فاوضت الآن ماهر الاسد ممثلاً لشقيقه بشار فهي تكرر لعبتها السمجة المكشوفة بالضغط على المسار الفلسطيني باستحضار المسار السوري، واذا تعثر المسار السوري عادت الى المسار الفلسطيني، في نهج بات واضحاً للجميع ومع هذا فهو يعمق انعدام الثقة بين السلطة الفلسطينية والنظام السوري، والحقيقة ان اسرائيل لا تريد السلام وكل ما يحكى عن قوه ضغط داخل اسرائيل للسلام مع سوريا هي عملية شد سياسي يقوم بها بعض العسكر السابقين للعودة بقوة الى المسرح السياسي، عن طريق اضعاف اولمرت واظهاره اما عاجزاً عن تحقيق الاستقرار للمجتمع الصهيوني، واما هو مفرط بالدولة العبرية..

ولماذا تعتمد إسرائيل ماهر الأسد وليس آصف شوكت في هذه المفاوضات تضيف المصادر متسائلة وجوابها: ان ماهر هو من العصب أما آصف فهو من النسب، وهناك فرق كبير في المفهوم العائلي بين الصفتين.

وتتابع المصادر العربية: ان الخوف اللبناني من صفقة بين إسرائيل ونظام عائلة الأسد مبرر، حيث ان مصلحة إسرائيل دائماً هي في بقاء هذا النظام، وان إسرائيل مثل دمشق تراهنان على ذهاب جورج بوش ومجيء رئيس أميركي (هيلاري كلينتون أو باراك أوباما أو حتى جون ماكين) يفهم أكثر مصلحة إسرائيل بالمحافظة على نظام الأسد بإعطائه تنازلاً ما في لبنان يرضي غروره، وينتزع منه التنازلات المطلوبة لإسرائيل سواء في الأرض أي في الجولان.. أو في السياسة ضد حركة حماس وحزب الله.

هنا تسجل هذه المصادر تحفظها على مسألة تنازل من عائلة الأسد عن حماية حزب الله بالقول: واهم من يتصور ان بإمكان نظام دمشق التخلص من حزب الله للاعتبارات التالية:

1- ان حزب الله حزب قوي جداً لا يمكن لنظام فاسد مثل نظام الأسد ولا بكل أجهزته التخلص منه.

2- ان إيران وربما حزب الله مخترق لنظام الأسد مثلما يخترق نظام الأسد هذا الحزب عبر بعض قياداته خاصة الأمنية وبعض الأطر المعروفة في الواجهة الاعلامية فلدى نظام الأسد مثل هسام هسام الكثيرون داخل حزب الله.

3- ان أقصى ما يمكن للنظام السوري فعله ضد حزب الله، هو قتل عدد من القيادات الأمنية والسياسية ترجمة لأي صفقة مع إسرائيل، مثلما قتل عماد مغنية في دمشق.

وهنا تؤكد المصادر ان النظام الذي يسمح أو يشارك بقتل رجل بأهمية مغنية لإيران وحزب الله في عقر داره وداخل مربعات الأجهزة الأمنية دون خجل أو وجل أو حساب لا يتردد عن قتل أي قيادي في حزب الله أو تسهيل قتله بدءاً بأمين عام الحزب حسن نصرالله.

4-ان نظام عائلة الأسد لم يصل بعد إلى حد الاختيار القسري بين مصالحه مع إيران ومصالحه مع إسرائيل، فإيران عصفور بين يديه مضمون بسبب الحاجة الإيرانية الماسة له خاصة تجاه طريقها إلى لبنان وحزب الله وحدود فلسطين المحتلة، فضلاً عن الدعم المالي والنفطي والاقتصادي له. أما إسرائيل فإنه يريد منها إلى جانب الاستمرار في حماية نظامه بسبب حاجتها الاستراتيجية لأمنها، فإن المطلوب منها سوريا لم يحقق بعد وهو توفير حماية أميركية أو صفقة أميركية أو حوار أميركي معه.. لذا فإن الخوف اللبناني المبرر لا يعجل فيه الحسابات السورية التي ما زالت تعتمد الوقت طريقاً لتحقيقها.. وأول دقات ساعة هذا الوقت هي في انتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة في 20/11/2008، ثم تسلم الإدارة الجديدة الحكم اعتباراً من 20/1/2009 أو بعد ذلك بعدة أشهر، حيث ستتصرف حسب مراهنات هذا النظام لإعادة ترتيب علاقاته في المنطقة، وهذه المرة كما يراهن نظام عائلة الأسد على التفات الرئيس الجديد أكثر إلى مصلحة إسرائيل مع عائلة الأسد ونظامها.

=================================================================================================

لولا 14 آذار/مارس ما عدلت اميركا موقفها في العراق

حسن صبرا

دون أي مبالغة او مجاملة او مباهاة.. لولا جماهير 14 آذار/مارس التي طردت نظام الوصاية السورية الكريهة على لبنان من وطنها المقهور، لما امكن لإدارة الرئيس الاميركي جورج بوش ان تعدل موقفها الغريب من الاسلام، وتحديداً اسلام الاغلبية السنية سواء في لبنان او الدول العربية، وانتج هذا التعديل اقدام الولايات المتحدة الاميركية على توازن جديد في سياستها تجاه القوى والعصبيات الاسلامية العربية بين سنة وشيعة في العراق.

انها مسألة مترابطة جدلياً تبدأ في انه لولا احتلال الجيش الاميركي للعراق عام 2003، لما امكن اصدار قانون محاسبة سوريا وحرية لبنان في الكونغرس الاميركي في العام نفسه، ولما امكن صدور القرار 1559 الخاص بإخراج القوات السورية من لبنان، وقد دخلته بقرار اميركي – صهيوني وبتغطية عربية مع اعتراض عراقي – فلسطيني اكيد (يومها).

ولولا الاحتلال الاميركي للعراق لما صعدت القوى المذهبية وميليشياتها المرتبطة حتى النخاع بالاستخبارات الايرانية، حتى باتت هي السلطة الفعلية في عراق ما بعد صدام حسين.

ولولا عبث الاستخبارات السورية في دعم وتمويل وتسهيل دخول عناصر القاعدة والمجموعات الارهابية المرتبطة بها الى العراق، لما صممت الولايات المتحدة على ملاحقة النظام السوري من العراق الى لبنان.

وفي الحالتين كان غباء القيادة السورية هو الذي سلم اميركا الورقة الرابحة كي تلعبها لإخراجها من لبنان ومعاقبتها في العراق.

غباء القيادة السورية صور لها امكانية فرض التمديد لتابعها في قصر بعبدا يوم 2/9/2004، فكان هذا الغباء مدخلاً لأميركا كي تصدر عن الامم المتحدة القرار 1559، الذي اعلن بشار سحب قواته من لبنان بناء عليه يوم 5/3/2005.

غباء القيادة السورية صور لها امكانية قتل رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري والحاقه ببقية الشهداء الكبار في الوطن من كمال جنبلاط الى المفتي حسن خالد الى رينيه معوض.. ومرور الجريمة بسلام كما جرت سابقاتها.. فإذا بجماهير 14 آذار/مارس تقلب المعادلة وتلزم نظامه على الهرب من لبنان ذليلاً مطروداً.

جماهير 14 آذار/مارس لم تكن لتقدر على احداث الثورة الفعلية في لبنان والمنطقة لولا العامل الاسلامي السني وجماهيره بعد استشهاد قائدها رفيق الحريري يوم 14/2/2005 بجريمة امر بها وأعدها ونفذها رؤساء النظام السوري الامني وفي قيادته بشار وماهر الاسد وصهرهما آصف شوكت.. بالتواطؤ الاكيد مع الاستخبارات الايرانية وأدواتها في لبنان وفي مقدمتهم لواء الحرس الثوري المعروف باسم حزب الله.

كانت الإدارة الأميركية وبعد 11/9/2001 اعتبرت ان عدوها الأول في المنطقة والعالم هو الإسلام السني المتطرف ولأنها ليست على استعداد للوقوف والتمييز بين الإسلام المعتدل والإسلام المتطرف، فإنها ضربت الجميع في الصميم من أفغانستان إلى العراق، ظانة واهمة ان الشيعية السياسية سواء في إيران أو سوريا أو حزب الله يمكن أن يكونوا سنداً لها ضد الإسلام السني، فكانت النتيجة انها ضربت الاسلام المعتدل قبل الاسلام المتطرف وأتاحت الفرصة أكيدة وعريضة ورابحة للإسلام الشيعي من إيران إلى سوريا إلى حزب الله للتمدد والإرهاب وتهديد استقرار العرب كلهم.

قتل الاسلام الشيعي (إيران، سوريا، حزب الله) رفيق الحريري، ثار الاسلام السني في لبنان فأعطى لجماهير 14 آذار/مارس وقواها غطاء عريضاً يمتد من بيروت وطرابلس وصيدا والبقاع وإقليم الخروب إلى طنجة في المغرب وعمان في الاردن وكل الخليج واليمن ومصر والسودان وكل المغرب العربي.

استفاقت الإدارة الأميركية إلى هذه الحقيقة الجديدة.. ان الاسلام المعتدل المجسد في جماهير 14 آذار/مارس على الأقل في جانبها الاسلامي المحتج على اغتيال قائده والثائر من سلوكيات النظام السوري الكريه، المتحالف مع أبناء وطنه المسيحيين الثائرين قبله على النظام السوري وممارساته والمتحالف مع الزعيم الوطني وليد جنبلاط المهدد بالقتل كل لحظة كما قتل والده بسبب آرائه الاستقلالية والسيادية ومصالحته مع مسيحيي الجبل وكل لبنان.. هذا الإسلام المعتدل ينشد الحرية والاستقلال والسيادة، والتخلص من سمة الإرهاب التي يحاول نظاما دمشق وطهران إلباسه إياها قسراً، وان هذا الاسلام هو جزء من الاسلام العربي الذي يريد الوصول إلى حياة حرة كريمة ليكون جزءاً أساسياً من هذا العالم، بحضارته وثقافته واعتداله ويريد استعادة الحق السليب في فلسطين عبر تسوية سلمية يقيم فيها دولة مستقلة كاملة السيادة فوق أرضها، متمسكاً بالشرعية الدولية ويخرجها من سوق المزايدات الرخيصة والصفقات القاتلة التي نسجها نظاما دمشق وطهران ضاغطاً على أميركا كي ترسم لنفسها مكاناً جديداً في هذا الشرق بحل الموضوع الفلسطيني بما يشتهي العرب جميعاً.

انه ربما أحد أهم انجازات جماهير 14 آذار/مارس بوعيها أو بدونه سيان، فالمهم ان هناك تعديلاً جذرياً حصل في السياسة الأميركية تجاه العراق وضرورة إخراجه من فم التنين الإيراني الذي يلتهم بلاد الرافدين قضمة إثر أخرى، حتى بات مصير لبنان كمصير العراق مرتبطاً بقدرة هذا التنين على الهضم، وبات مصير لبنان كما العراق محدداً بقدرة العرب أولاً على طعن هذا التنين بالسلاح المناسب.. أي سلاح لتحرير لبنان كما العراق.

==================================================================================================

علي الحسن يفتح الباب على الحقيقة

رئيس التحرير

لم يحترف طبيب الاطفال علي الحسن السياسة.. ولن يحترفها، ليس تعييباً فيها ولا فيه، انما لأن علي الحسن صادق مباشر لا يعرف كيف يهادن، واحياناً حين تجده محارباً فإنك تسأل نفسك هل يستحق ما اقدم عليه وما نقده وما حارب من اجله كل هذا؟ والسياسة في نظر كثيرين حسابات.. وعلي الحسن لا يجيد الحسابات ومرة اخرى ليس عيباً فيها ولا فيه وانما قناعات لن يتخلى عنها.

في نظرك انت ربما كان الأمر لا يستحق اما من وجهة نظره فهو في انسجامه مع نفسه لا يستطيع الا ان يحارب، حتى لو كانت الحرب على حسابه، وحتى لو ابدى فيما بعد ندماً.. ثم يعود الى مقولته الراسخة الحياة وقفة عز.. هذا هو علي الحسن.

حين القى كلمته المميزة الاخيرة تحت عنوان ((هل الوجود المسيحي في خطر؟)) اثار زوبعة هي من ضمن مساره في هذا الحقل الوطني الذي يصمم البعض وربما الاغلبية وربما شبه الاجماع على ان لا عمل وطنياً دون تسييس.. علي الحسن لم يسيس الامر، بل تحدث فيه كما هو وكما عاش دون حسابات.. الا ضميره الوطني.. وهل هناك اغلى او اسمى من كلمة ضمير ومن كلمة وطن؟.

حرّك علي الحسن المياه الراكدة في كلمته.. خاصة في البحيرة الشيعية.. ربما لم يقصد، فهو في صدقه لا يجري الحسابات كما كتبنا.. لكن رد الفعل الذي حصل، كشف المرض الحقيقي الذي تعاني منه هذه الطائفة التي يحاول حزب الفرس في لبنان خطفها من وطنيتها اللبنانية ومن دينها الاسلامي التوحيدي ومن عروبتها الجامعة.

علي الحسن هو احد الابناء البررة للإمام موسى الصدر وأحد التلامذة النجباء للإمام محمد مهدي شمس الدين، وهو اذا شئت السؤال عنه يوماً باسم من ينطق طبيب الاطفال هذا.. جاءك الجواب من منطقه ومن اسلوبه ومن كلماته ومقالاته.. اقرأ ما يكتب واستمع الى ما يقول تجده يتحدث وكأن موسى الصدر على يمينه ومحمد مهدي شمس الدين على يساره.

يهوى الكتابة ويكتبها كمحترف، ويكتب ناصحاً حتى اذا لم يلتـزم من ينصحه بما يكتب لا يغضب.. تماماً كما اذا رفضت زائرة ان تلتـزم تعليمات الطبيب، لأنه يقول لها: في النهاية هذا الطفل طفلك ولن اكون حريصاً عليه اكثر منك..

كان يكتب عن رفيق الحريري ناصحاً، مؤيداً ناقداً معارضاً، ويقرأ الحريري كلام الطبيب ويبدي  استعداداً لمناقشته.. وهو يعرف معدنه وصدقه واستقلاليته.

كان يكتب عن نبيه بري صديقه وزميله ورفيقه في حب الامام الصدر.. مع اختلاف المواقع، ينقد ويهاجم ويدافع.. وكلها من حيثيات وابتداع واخلاص علي الحسن وقد يغضب الرئيس والصديق، وقد يرضى، لكنه في كل الحالات لا ينسى مكانة هذا الرجل واستقلاليته وحريته مهما حاول كثيرون ايغار صدره ضده.

كلمة الطبيب علي الحسن من موقعه في لجنة الحوار الاسلامي – المسيحي ممثلاً للمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى لم يستشر احداً قبل كتابتها.. إلا ضميره ولم يكتب حرفاً إلا بقناعاته بحضور معنوي اكيد لنهج الصدر وشمس الدين، وكان هذا ((عيباً)) في نظر البعض استدعى التبرؤ من الكلام عن الجماعة ووسم كلامه بالشخصي.

وحسناً فعلوا

فما قاله علي الحسن هو كلام الضمير.. وهل هناك اصدق منه خاصة اذا كان كضمير علي الحسن.

فهو فتح الباب الى الحقيقة التي يحاول شيعة الفرس في لبنان طمسها، بالنطق زوراً باسم الشيعة.

طبعاً لم يتعمد علي الحسن ان يخالف.. لأنه هو نفسه لم يتبدل ولم يتغير.. هم الذين انحرفوا بالشيعة.. وهو لا يريد ان ينحرف، فهو على دين موسى الصدر ومحمد مهدي شمس الدين وهو الصديق الاكثر وفاء لنبيه بري.. حتى حين يرى بري ان ثمن الوفاء غال جداً.. وعلي الحسن ما اعتاد قبض ثمن من احد منذ ولد.

تعالوا نقرأ معاً كلمة الدكتور علي الحسن التي ربما تسهم في الخلاص الوطني المنتظر للشيعة من الاختطاف والعذاب الراهنين.. حتى وهو يتحدث عن المسيحيين.

التاريخ يلح علينا مع كل ازمة وطنية او دينية، ان نعود بالذاكرة الى الدور المسيحي الرائد في خدمة لبنان وبقائه وبدوره الكبير في الوطن والمهجر وفي خدمة اللغة العربية من دون ان ننسى القومية العربية وروادها..

لبنان كان مصدر المعرفة البشرية ونقطة انطلاق الحرف الى العالم ومهما نسينا فإننا لن ننسى ان لبنان كان مقراً ومستقراً لكافة الانبياء والرسل الذين بعثهم الله للبشرية ليرفدوها بالحكمة والموعظة الحسنة والصلاح والخير، راجين ان نتعاطى بروحية السيد المسيح الذي بعثه الله لكافة البشر، فكان اباً للفقراء والمظلومين والمحرومين، وجاء بدين الرحمة والمحبة والتسامح والدعوة الى صلاح الانسانية وازدهارها.

ان الله اخذ على رجال الدين وعلمائه ميثاق الانبياء وذلك بأن يعملوا لما فيه خدمة الانسان ووحدة الصف والتقارب بين الناس وتوعية المواطن بحقوقه وما له وما عليه، كذلك لحمايته من التعصب مع العمل على محبة الآخرين من ابناء الطوائف الاخرى..

وطننا يعاني اليوم من الاصطفاف في اتجاهات مختلفة ومن اختلافات تتراوح بين انقسام الوطن وانهياره والتصادم بين اهله لا سمح الله والعودة الى لغة القتال والتي لم نجن منها سوى الخراب والدمار ومن ثم الندم ثم الندم.. وها نحن ايها السادة نعود بإرادتنا او بإرادة الغير الى استهداف الوطن، وكأن وطن الحب والرسالة وطن الارز.. اصبح قبائل وقبائل.. نعم لقد اصبحنا قبائل همجية.. بعضنا يندفع الى سياسة الاستعلاء والاستقواء بالغير اقليمياً كان او دولياً، والبعض الآخر يندفع الى التزمت والخوف على حضوره ومستقبله وديمومته.. وكي لا يحترق كل شيء علينا ان نعلم ان النار البطيئة المشتعلة لا تحتاج الا الى قليل من الرياح لتحرق الاخضر واليابس بحيث يصبح ونصبح معه رماداً.. كل ذلك في وطن نحسد عليه وتحديداً على تآلف افراده الذين شغلوا العالم بنجاحهم في الخارج والداخل.. فقبل ان يحترق الوطن علينا ان نعي اننا قد نذهب الى الحجيم وكل حرب جديدة ليست سوى مقبرة لأحلامنا وليس بيننا من رابح.. فلماذا العناد.. لماذا نقدم مصلحة امم العالم على مصلحة اوطاننا.. ألا نتذكر الماضي.. اين ذاكرتنا.. هناك من يقول ان ذاكرة القبيلة مغلقة على نفسها لذا فهي مستعدة لأن تكرر اخطاءها الى ما لا نهاية.

اليكم يا علماء الدين وأحباره نتوجه بأن تعملوا وتعملوا.. ان تتجمعوا وتتلاقوا.. وتصرخوا في وجه الجميع.. تصرخون قائلين نحن شركاء، مصير واحد وعيش واحد، تظللنا وحدة متماسكة.. تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم للمحافظة على العيش المشترك.. المسلم يدافع عن اخيه المسيحي وحضوره، والمسيحي يدافع عن اخيه المسلم، فنرفع الصوت سوياً لكي نطرد من هيكلنا سماسرة الهيكل وأعوان العدو الخارجي سيان من كان.. تعالوا نرفع الصوت ضد كل ما يجري، ضد ما نعانيه من المؤامرة والتباعد والخصام.. تعالوا نطالب بعودة اسرانا من سجون الخارج.. وانسحاب المحتلين عن كل حبة تراب من ترابنا العربي.. تعالوا نقولها ووطننا الحبيب يرزح تحت خطر يهدد مصير المسلم والمسيحي، بل يهدد الوطن بالبقاء.. تعالوا نقول للقوى التي تتصارع على ارضنا كفاكم ما فعلتم بنا.. ونقول لأدواتهم وعملائهم خافوا الله في اوطانكم.. خافوا الله وخافوا التاريخ.. واعلموا انه لن يكون هناك رابح بل كلنا ذاهبون الى الدمار اذا حدثت الحرب الاهلية لا سمح الله.. تعالوا نجتمع ونعمل لكل لبنان بل لكل انسان.. الانسان الذي كانت من أجله الاديان وكانت واحدة آنذاك، يبشر بعضها بالبعض ويصدق احدها الآخر.

ولا يسعني بهذه المناسبة ومع ما تقدم الا ان اتوجه اليكم بقول للإمام الصدر عام 1972 في كنيسة الكبوشية: انها رجاء وابتهال، دعاء ومناجاة لكل من آمن بالحوار طريقاً للعيش المشترك لأجل لبنان.. يقول سماحته ((كانت الاديان آنذاك واحدة حيث كانت في خدمة الهدف الواحد، دعوة الى الله، خدمة للإنسان.. ثم اختلفت عندما اتجهت الى خدمة نفسها، ثم تعاظم اهتمامها بنفسها حتى كادت ان تنسى الغاية والهدف وعندما نسينا الهدف وابتعدنا عن خدمة الانسان نسينا الله وابتعدنا عنه وأصبحنا فرقاً وخدمنا المصالح الخاصة، بل خدمنا آلهة من دون الله.. تعالوا نعود الى الانسان المعذب لكي ننجو من عذاب الله.. تعالوا نلتقي في كل شيء لكي نلتقي في الله، فتكون الاديان واحدة)).

((ولكل جعلنا منكم شريعة ومنهاجاً ولو شاء الله لجعلكم امة واحدة)).

اليكم ايها السادة يتوجه الامام الصدر، كما توجه بعده الامام محمد مهدي شمس الدين في دعوته الشيعة الى العمل لأجل الوطن فقط وألا يكون لأي طائفة مشروعاً مستقلاً..

كذلك يستمر الشيخ عبد الامير قبلان في دعوته للوئام والمحبة والحفاظ مع شركاء الوطن وأخوة المحبة والايمان والمصير.. للحفاظ مع المسيحيين اينما كانوا ولأي فئة او حزب انتموا.. وبذلك نحافظ على بقاء لبنان موحداً.. وأراني اعود الى الامام الصدر عندما تناهى اليه في حروب 1975 – 1976 ان بعض المسلحين يتعرضون للمسيحيين في بعض قرى الجنوب يقول سماحته ((حذار حذار فهناك ناس عندما تتعرض قرى في بعض الجنوب للاعتداء من قبل العدو الاسرائيلي المشترك، يحاولون وبشكل عفوي ان يتعرضوا للأبرياء المسيحيين.. يقول هذا مرفوض في مفهومنا ورسالتنا، لا فرق بين مسلم ومسيحي.. انهم في الشرق امانة في عنقنا وعلينا حمايتهم.. فمن يعتدي عليهم انما يعتدي على الله ورسوله.

أنا خائف يا سادتي من المخيفين الذين يريدون أن يرسموا لنا خارطة الوطن والمستقبل.. والخائفون يصنعون الحياة بينما المخيفون يصنعون الموت.. أنا خائف على الوطن الجميل الذي نُحسد عليه من الكثيرين القريبين والبعيدين.. خوفي كمسلم يتجاوز خوف شريكي في الوطن وأعني المسيحي.. لماذا يا ترى.. نعم أنا خائف مرة على وطننا وعيشنا المشترك وبهذا نشارك الوطن خوفه، أما خوفي الثاني فهو خوفي من الخوف الذي يسيطر على المسيحيين من قلقهم على حضورهم ومستقبلهم.. نعم خوفهم سببه ما تحمله الأيام والذاكرة مما حدث في فلسطين والعراق.. ومما قد يحدث في لبنان لا سمح الله.. مهلاً مهلاً يا أحبائي.. أنا لا أريد أن أفكر بوطني لبنان بدون المسيحيين وسبق وذكرنا من هم المسيحيون بالنسبة لبقاء لبنان ولا حاجة ان أعود لأذكّر بدورهم وفضلهم على بلاد العرب والثقافة والازدهار العربي، دعوني أقولها بصراحة ان خسارة الوطن لا يعوضها وطن آخر مهما كانت صفاته، نعم ان خسارة الوطن لا تعوضها الهجرة ولو كان إلى جنات النعيم.. قد تعجبون من عدم فهمي لخوفكم.. لا انني أفهم ذلك ولكن لا أتفهمه.. فخوفنا مشترك لنقولها بصراحة فمثلاً أنتم كمسيحيين مرحب بكم في بلاد العرب والبترول وفي أوروبا وأميركا أكثر من المسلمين.. لأن العرب والعالم يخافون من المسلمين خوفهم مما يعتري العالم الإسلامي من نزعات أصولية مخيفة.. نعم ان الذاكرة ما تزال تختزن التجارب المريرة التي تثير الشجن وتبعث على القلق وتبيد أسباب الثقة.. المعذرة على كلامي هذا..

أيها السادة أكرر اننا ما زلنا نقفز باتجاه الهاوية معاً وأي خطوة خاطئة أو ناقصة من شأنها الانزلاق بنا نحو الهاوية.. كلنا يخاف الحرب الأهلية لا من منطلق شكنا بالأطراف المحلية أطراف الخصام وأداة الحرب، لكننا نخاف من اللاعبين الخارجيين وما يخططون لنا ولهم وخاصة مع غياب شبكة الأمان السياسية التي وحدها تستطيع الحؤول دون الهاوية.. نعم بيروت تترنح حتى الآن دون أن تقع.. فتيان مهووسون ينتظرون المناسبة من أحداث مار مخايل إلى البسطة ورأس النبع.. إلى أين لا أدري إلى أين؟ هل تصدقون أيها السادة إذا قلت انه كلما اقترب إشعال النار في هشيم الاحتقان الطائفي والمذهبـي وقبل ان ننـزلق إلى الهاوية يمسك السياسيون في اللحظات الحرجة ويتداركوا الأمر.. نعم انني مضطر لأعطي السياسيين ولو بعض الفضل.. لماذا لأنهم يخافون أيضاً من الحريق الذي قد يلتهمهم معنا.. لذا نرى ان الفوضى تهز أركان بعض السياسيين أيضاً ولكن إلى أي مدى.. وما هي قدرتهم على الامساك.. نعم تجربة ما جرى وما يجري على الساحة اللبنانية من صدامات تقضّ مضاجع القادة السياسيين.. نعم لدى حركة أمل وتحديداً رئيسها الرئيس بري الخوف على مستقبل الوطن فهو من تلامذة الإمام الصدر الذي يرى كل اعتداء على المواطن الآخر هو اعتداء على الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم وأي حرب أهلية هي خراب لبنان إلى اللاعودة ولكن.. وإلى متى ستساعده حكمته بلجم القرار الأكبر بتحريك الشارع كما سبق ورأينا.. كذلك حزب الله فإنه يتجنب دخول هذه المتاهات لا لأنه يخسر الكثير الكثير من محبيه بل لأنه يخسر انتصاراته وتضحياته في عامي 2000 و2006 ويصبح فريقاً ميلشياوياً كبقية الفرقاء.. أريد أن أكون صادقاً ومتفائلاً ولكنني ما زلت أخاف من أي فريق قد يقتل مستقبل أطفالنا وأحفادنا وأحلامهم.. ما حدث في ليالي بيروت الغربية وعلى مشارف خطوط التماس في الضاحية والشياح وعين الرمانة لا يرقى إلى حرب ولكنه يضع البلاد دوماً في هاجس ((الفتنة المقيمة)) وقد يكون القائمون عليها يضحكون من تفاؤلي.

والآن لننتقل إلى القلق المسيحي من عدم وجودهم الحقيقي والفعال في السلطة وأقصد خلو الكرسي الرئاسي منذ أشهر عديدة مرشحة للاستمرار وهنا أحتاج مرة ثانية لأستأذنكم بالقول وبالتذكير بآخر اجتماع للرباعية والتي تكلم عنها الرئيس بري في لقائه التلفزيوني الأخير لكي يزيل كل شك عندنا بأن المسلم اللبناني وحده المسؤول عن خلو كرسي رئاسة الجمهورية.. وباختصار اتصل العماد عون بالرئيس بري الذي أبلغه موافقته على ثلاث عشرات وهذا اجتهاده الخاص لن أناقش به ومهما يكن فإنه يبقى أفضل من الثلث المعطل الذي ترفضه الموالاة.. ولكن العماد عون عاد وتكلم من عنده عن سلة الشروط العديدة قبل القبول بالعرض المقدم من الرئيس بري وطالب بمعرفة اسم رئيس الوزراء والحقائب السيادية الخ الخ.. إذاً فالمشكلة أو بالأحرى الخوف المسيحي من فراغ كرسي الرئاسة ساهم في فرضه المحاور المسيحي أيضاً الذي يحوز على سبعين بالمئة من أصوات المسيحيين.

سادتي.. المعذرة المعذرة ثانية وثالثة لإثارتي هذا الموضوع بهذا الشكل.. تعالوا ألا نحاول كلانا التستر على الاخطاء بالمكابرة ولا بالغطرسة.. تعالوا ندعو الله أن يلهم ساستنا بعدم الوقوع في شرك عناصر الخارج ودوله.. تعالوا ودعوني أتوجه إليكم أيها السادة وعلماء ورجال الدين المسيحي والاسلامي لنحاول الوقوف في وجه الفتنة المقيمة.. بقول من أقول النبـي محمد: صنفان من أمتي إذا صلحا صلحت أمتي وإن فسدا فسدت: الفقهاء والامراء.. فالفقهاء هم أنتم أيها السادة من الاكليروس المسيحي وعلماء الدين المسلمين.. أما الأمراء فهم رجال السياسة وقادتها وكل ما أستطيع قوله هو أن ندعوهم للحكمة والتعقل والوقوف في وجه المؤامرة.. وأعود إليكم أيها الفقهاء.. تشاوروا ناقشوا، اجتمعوا ولا تأبهوا مهما حاول السياسيون النيل منكم أو من كرامتكم فأنتم الأولون والأقربون إلى الله وعباده.. وهنا أردد قول الإمام الشافعي:

يخاطبني السفيه بكل قبح                         فأكره أن أكون له مجيبا

يزيد سفاهة وأزيد حلماً                              كعود زاده الاحراق طيبا

وأخيراً أختم كلمتي كما ابتدأتها بقول للإمام موسى الصدر يقول ((التعايش في لبنان هو ملك العالم وليس اللبنانيين فقط ويجب ألا نخاف الحوار ولا نأبه للتجريح والتخوين بل علينا أن نمارس فعل الإيمان.. ويستطرد سماحته لبنان بلد للعدالة وهو ضرورة حضارية للعالم نتمسك بوحدته ونصون كيانه واستقلاله ونفخر بالعيش المشترك والوئام بين جناحيه المسيحي والمسلم.. فالمسيحيون أمانة عالية أخلاقية دينية في أعناقنا وإذا سقطت تجربة لبنان أظلمت الحضارة الإنسانية ونمت المؤامرة الصهيونية التي ترى استحالة التعايش بين الأديان)).

==================================================================================================

الجوزو والامين يردان على ((الفتوى – الفتنة)) لمفتي سوريا

*الجوزو: غير ملزمة والنظام السوري مسؤول عن جميع الجرائم

*علي الامين: تثير الاستهجان وفيها مخالفة واضحة لقواعد الاستنباط الفقهية

افتى مفتي سوريا الشيخ احمد بدر الدين حسون بأن ((حضور القمة العربية في دمشق هو فرض عين على كل حاكم عربي)) واعتبر في فتواه انه ((لا يجوز حاكم عربي ان يتخلف عن حضور القمة او ارسال من ينوب عنه)) واصفاً مثل هذا الفعل بأنه ((غير شرعي)).

وتعليقاً على هذه الفتوى، تورد ((الشراع)) ردين لمفتي جبل لبنان الشيخ الدكتور محمد علي الجوزو ومفتي صور العلامة السيد علي الامين.

لا علم ولا منطق

 

وفيما يلي تعليق المفتي الجوزو.

مفتي النظام السوري ((حسون)) افتى ان حضور حكام العرب للقمة في دمشق فرض عين ومن يتخلف عن الحضور بغير عذر فهو آثم، ما رأيكم بهذه الفتوى؟!

- يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ((من افتى بغير علم فليتبوأ مقعده من النار))، وهذه الفتوى لا تستند الى علم ولا منطق، لأنها فتوى دينية في خدمة نظام سياسي لا يمت الى الدين بصلة، وليس بالضرورة ان يلبي حكام العرب دعوة سوريا، لأن سوريا وقفت في وجه العرب جميعاً، تطاولت على حكامهم، واساءت اليهم، وارتمت في احضان ايران، ولم تعد قلب العروبة النابض، لأنها تخلت عن دورها العربي لصالح ايران والسياسة الايرانية، كما انها خالفت قرار الجامعة العربية بالنسبة للمبادرة العربية من أجل انقاذ لبنان وفسرتها في القاهرة تفسيراً خاصاً، ثم عادت ففسرتها في دمشق لصالح المعارضة اللبنانية، وهذا جعلها دولة متمردة على قرار اصدرته اثنتان وعشرون دولة عربية، فلماذا تطالب العرب بالتعاون معها وهي التي تعطل قرارات الجامعة العربية؟! ومن هنا فإن واجب الدول العربية معاقبة الدولة التي تتمرد على الاجماع العربي.. وتعمل على تقويض دعائم الشرعية في لبنان، وتعطيل الحياة النيابية، وتهدد الحكومة اللبنانية، وتعطل انتخاب رئيس للجمهورية.

نسأل مفتي النظام السوري، ما رأيه بهذه الممارسات التي تؤذي دولة عربية شقيقة وتسبب لها المآسي؟ وما حكم هذه المواقف شرعاً وقانوناً وسياسة وأخلاقاً.. وهل من حق دولة من الدول العربية ان تعتدي على غيرها، وتبتز لبنان، وتمارس عليه نوعاً من السياسة الاجرامية فتغتال الزعماء وتقتل اصحاب الرأي، وتقتل رجال الامن، من أجل فرض سلطتها ونفوذها على هذا البلد؟!

 

# ما هو حكم النظام العربي الذي يعمل على ضرب مصالح الامة العربية لصالح النظام الفارسي الذي يعمل من خلال حزب الله، على بسط سلطته ونفوذه على الشعب اللبناني، واثارة الفتنة المذهبية بين السنة والشيعة، وممارسة اساليب الاغتيال السياسي ضد اكبر زعيم سني، وضد عدد كبير من القيادات اللبنانية.. وارهاب الشعب اللبناني، وضرب الاقتصاد اللبناني؟!

- النظام الذي يشكل موقفه اختراقاً للاجماع العربي، وضرباً لمصالح الامة العربية، وتهديداً لأمن الدول العربية، هو نظام ((عميل)) و((خائن)) للأمة العربية..

هذا النظام هو الذي تسلل الى لبنان عام 1976 بالاتفاق مع اسرائيل وأميركا، لضرب الحركة الوطنية اللبنانية، واغتيال الزعيم كمال جنبلاط، واغتيال سماحة المفتي حسن خالد، والدكتور صبحي الصالح والشيخ احمد عساف ورينيه معوض.. واجهاض الثورة الفلسطينية على ارض لبنان، هذا النظام الذي اصدر تعليماته للذين اشعلوا حرب المخيمات الفلسطينية، فكانت المجازر الوحشية البشعة، هذا النظام الذي يعيش على اثارة التناقضات بين اللبنانيين والفلسطينيين.. هذا نظام عميل وخائن.. وينطبق عليه حكم ((الحرابة)) وهذا الحكم يقول فيه المولى عز وجل ((انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فساداً ان يقتلوا او يصلبوا او تقطع ايديهم وأرجلهم من خلاف او ينفوا من الارض، ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم)) قبل هذه الآية في سورة المائدة آية اخرى، يقول فيها المولى عز وجل: ((من أجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل انه من قتل نفساً بغير نفس او فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن احياها فكأنما احيا الناس جميعاً، ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات، ثم ان كثيراً منهم بعد ذلك في الارض لمسرفون)).

والاعمال التي يقوم بها النظام الاستخباراتي على ارض لبنان تشبه اعمال الصهاينة، الذين أنذرهم الله عز وجل ((انه من قتل نفساً بغير نفس او فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعاً)) وهذا النظام قتل كبار الزعماء والقادة الذين يعارضونه، ومن ثم فهو يقتل الشعب اللبناني، ويدمر حياته السياسية والاقتصادية.. وهو يعمل على طريقة العصابات وقطّاع الطرق، ويسخر انصاره لافساد كل شيء، وهؤلاء تنطبق عليهم نفس احكام ((الحرابة)) التي تنطبق على المفسدين في الارض..؟!

هناك تقاطع مصالح بين اسرائيل وبين هذا النظام لأن اسرائيل تستفيد من اضعاف الصيغة اللبنانية وضرب الاقتصاد اللبناني واشاعة الفوضى على الساحة اللبنانية وهذا ما يفعله النظام السوري.. فكيف يفسر ذلك مفتي النظام السوري؟! وكيف يواجه مصيره يوم الحساب يوم لا ينفع مال ولا جاه ولا شهرة ولا منصب الا من اتى الله بقلب سليم ليس فيه ذرة من النفاق والرياء؟! فليتق الله هذا المفتي ويصلح امره قبل ان يواجه ربه بهذه الذنوب جميعاً؟!

اننا نخشى على الشعب السوري الشقيق من امثال هذه الفتاوى التي تخدم النظام المعادي للشعب السوري.. وتمكن له، وتساعده على الاستمرار في ظلمه واستبداده وطغيانه..

ان اخطر ما تواجهه الامة هذا النوع من المفتين الذين يغشون امتهم ويبيعون دينهم، في مقابل الحصول على رضى النظام لا رضى الله..

نسأل المفتي الهمام، هل يجوز ان يحكم الشعب السوري من عائلة ((نصيرية)) ويتوارثها الابناء عن الآباء.. والقانون السوري يمنع ذلك؟ والشرع يحرم ذلك؟! وماذا فعل هذا الحكم بأهل حماة وحلب؟ وكم من الابرياء قتلوا على يد هذا النظام لأنهم مسلمون ومسلمون فقط؟!

واذا كان الناس يحشرون يوم القيامة مع من احبوا، فهل ترضى ان تحشر مع هؤلاء يوم القيامة؟! سيشهد التاريخ ان هذا الحكم كان اسوأ حكم عرفته سوريا؟! وان الذين يوالون هذا الحكم سيحشرون في جهنم إلى جانب الحكام الظلمة والمستبدين والمستكبرين الذين أذلوا الشعب السوري، والشعب اللبناني إلى جانبه؟!

 

 استغراب ومخالفة

أما العلامة السيد علي الأمين فقال:

لا شك بأن التعاون على البر والتقوى هو من العناوين والموضوعات التي تعلق بها الأمر الشرعي كما جاء في قوله سبحانه وتعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) وفي السنة النبوية الشريفة الحث على سلوك سبيل الجماعة كما جاء في جملة من الأحاديث كقوله عليه الصلاة والسلام (يد الله مع الجماعة) (الجماعة رحمة والفرقة عذاب) و(إن الله لا يجمع أمتي على ضلالة ويد الله مع الجماعة..) وغير ذلك من الآيات والروايات التي يفهم منها ان الانضمام إلى الجماعة وتعاون أفرادها على البر والخير هو مظهر من مظاهر وحدة الأمة والجماعة وسبيل من سبل نجاحها وتحقيق أهدافها.

وهذا المقدار من التعاون والدعوة للإنخراط في عمل الجماعة تكشف الآيات والروايات عن كونه من الامور الراجحة شرعاً وقد تصل درجة الرجحان إلى حد الوجوب والإلزام بحسب اشتداد حاجة الفرد والجماعة إليها وهذا ما تساعد على فهمه والوصول إليه قواعد استنباط الأحكام الشرعية ومناهج الإستدلال عند الفقهاء والمجتهدين. ومن الملاحظ ان الآيات والروايات لم تحدد آليات الانضمام إلى الجماعة والتعاون بين أفرادها وأشكاله فهي أمور باقية على نحو التخيير بين آلياتها وأشكالها فلا تنحصر بآليات محددة ولا بأشكال معينة كلقاء المسؤولين وولاة الأمر بزمان ومكان مخصوصين حيث يعتبر كل ذلك شكلاً من أشكال التنظيم وليس له علاقة بجوهر التعاون الواجب ومضمون العمل الجماعي الذي يدور الحكم مداره. وما صدر عن بعض أهل العلم والإفتاء من الإستدلال على وجوب الحضور في القمة العربية على الرؤساء والملوك وجوباً عينياً يثير لدينا الاستغراب والإستهجان لما فيه من مخالفة واضحة لقواعد الإستنباط الفقهية التي لم تتعرض لآليات وأشكال العمل الجماعي ولما فيه من توظيف لعلم الفقه في عالم السياسة دون أن يكون له أثر في تصحيح الأمور ومعالجة القضايا اللهم إلا أن يقال بأن المقصود من ذلك الوجوب بمعناه المستعمل عند السياسيين وهو مما قامت به الجامعة العربية من الدعوة إلى اجتماع قادة العالم العربي في دمشق والذي مهدت له بالمبادرة العربية لحل الأزمة اللبنانية التي أفشلتها الاجتهادات الباطلة من قوى المعارضة مع وجود صاحب النص الأمين العام للجامعة العربية الدكتور عمرو موسى الذي أعلن مراراً أن الواجب هو المبادرة إلى انتخاب  رئيس للجمهورية اللبنانية بدون تأخير خصوصاً بعد الاتفاق على العماد ميشال سليمان. وكل العقلاء في العالم عندما يختلفون يأخذون بالمشترك الذي عليه يتفقون وينطلقون إلى نقاط الاختلاف الأخرى. وقد كان وما يزال من الأفضل للقمة العربية وسوريا بالتحديد أن يحصل انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية قبل انعقاد القمة العربية لأن ذلك يشكل اكتمالاً لصورة عمل الجماعة الواحدة ومقدمة موصلة وضرورية لبدأ حوار حقيقي طال انتظاره بين سوريا ولبنان وهذا الحوار الناجح والمفيد للبلدين يكون مع رئيس منتخب ساهمت سوريا في إزالة العقبات التي تمنع من وصوله إلى سدة الرئاسة اللبنانية رغم الاتفاق عليه ولأن أي ممثل للبنان في القمة العربية غير رئيس الجمهورية المنتخب سيكون حضوره شكلياً ولن يكون صالحاً لبدأ حوار حقيقي بين سوريا ولبنان.

==================================================================================================

حوار: هدى الحسيني

مقابلة شباب والرياضة الدكتور احمد فتفت

 

*صعيد سياسي وأمني نتوقعه بعد القمة

*لبنان يدرس طلب عقد قمة طارئة على مستوى رؤساء او وزراء خارجية

*خطة تحويل ((عين الحلوة)) الى ((نهر البارد)) تلزمها البيئة المؤاتية

*المطلوب مبادرات لتفعيل العمل الحكومي

*اذا استمر الفراغ في موقع الرئاسة سنعين بديلاً للوزير بيار الجميل

*اقتراح توسيع الوزارة الى 30 بعد اضافة 6 وزراء بينهم شيعي ودرزي وسني وماروني وكاثوليك وارثوذكس ولكن هذا يحتاج الى 3 شروط لم تتوافر بعد

*الوزراء الشيعة يمارسون مهامهم اما مئة بالمئة أو انتقائياً

*هناك اسماء شيعية جديدة لتولي الوزارة

*تقارب سوري – اسرائيلي في مجازر غزة

*صوت المعارضة الخافت والتهدئة الحاصلة ليست بريئة

*نتوقع بعد القمة تصعيداً سياسياً وأمنياً

*المبادرة العربية مستمرة طالما لم تعدل

*بري استولى على صلاحيات مكتب المجلس والهيئة العامة

*مؤتمر 14 آذار/مارس تأخر سنتين

 

بعد محطات الانتظار الكثيرة التي عاشتها البلاد مرتقبة حدثاً ما يغير مجرى التاريخ، نعيش اليوم الحالة ذاتها مع انتظار محطة القمة العربية وما ستؤول اليه مقرراتها بما يتعلق بالملف اللبناني لكي يبنى على الشيء مقتضاه.

وفي هذه الاثناء صدر كلام من الاكثرية يتعلق بتقويم الحكومة او توسيعها الامر الذي قابله تصريحات من المعارضة تؤكد ان هكذا اجراءات تؤدي الى المواجهة.

بين هذا الكلام وذاك التقت ((الشراع)) الوزير الدكتور احمد فتفت للاطلاع منه عن كثب على ما يدور خلف كواليس الحكومة وقوى 14 آذار/مارس الا ان الحديث لا بد ان يبدأ من الحدث الامني الابرز من المخيمات الفلسطينية.

 

# الحدث الابرز لهذا الاسبوع هو الحدث الامني والاشتباكات في عين الحلوة ونزوح المواطنين هل نحن امام نهر بارد جديد؟

- العكس تماماً نحن امام وقاية من تكرار نهر بارد جديد لأن الواضح ان التنظيمات الفلسطينية المسؤولة التي اظهرت تأييدها لما قام به الجيش في نهر البارد تملك ما يكفي من الوعي لعدم تحويل عين الحلوة الى نهر بارد جديد، وسبب الصدامات كان ان فتح اعتقلت احد العناصر المطلوبين وسلمته للجيش فهذا تعاون مهم جداً ويعني ان هناك وعياً كاملاً من قبل التنظيمات الفلسطينية والشعب الفلسطيني وانهم لن يسمحوا لأي حركة متطرفة لنـزع المخيم من السلطة الشرعية الفلسطينية ومحاولة وضعه بمواجهة الدولة اللبنانية.

وبالتالي اذا اخذنا ما جرى ببعده الانساني فهو مؤلم وبالبعد الامني مزعج ولكن بالبعد السياسي اراه ايجابياً في كيفية تعاطي الفلسطيني مع هذه الاحداث وطريقة تعاطي فتح مع باقي التنظيمات.

 

# في المبدأ أليس هناك خطة ما لتحويله الى نهر بارد وهذه الاشتباكات كانت الشرارة اولى؟

-قد يكون هناك خطة ولكن الخطة يلزمها بيئة مؤاتية هذه البيئة تتطلب ان تكون التنظيمات الاساسية ومنها منظمة التحرير وحركة حماس ان تكونا ضعيفتين ولا تستطيعان مجابهة أي تنظيم آخر متطرف يستولي على المخيم وهذا الامر غير موجود في عين الحلوة وبالتالي اعتقد انها رسالة وجهتها المنظمات الفلسطينية المسؤولة لكي تؤكد انها مستعدة للمحافظة على المخيمات بما فيه مصلحة الشعب الفلسطيني ومصلحة لبنان.

 

# تعيش البلاد حالة ترقب وانتظار لا انتخابات رئاسية قبل القمة العربية وهناك تشنج داخلي عاد بعد هدوء ليظهر بين الرئيس نبيه بري والاكثرية كيف ترى هذا المشهد؟

-لو اخذنا الامور منذ بدايتها وماذا حصل قبل 14 شباط/فبراير وبعده فهناك فرق كبير جداً بدءاً بتحرك المعارضة واستقالة الوزراء وصولاً الى احتلال ساحة رياض الصلح وساحة الشهداء وتعطيل الوسط التجاري، نرى ان منذ بداية هذه الحملة كانت الاكثرية تقوم فقط بعملية ردة الفعل وبحماية منجزاتها لدرجة انه كان هناك تساؤلات حول قدرتها على التحرك وحول قدرتها بأن يكون لديها ليس ردة فعل بل فعل في السياسة.

بدءاً من 14 شباط/فبراير الذي كان امتحاناً للأكثرية على قدرتها وعلى شعبيتها التي مرت قبل ذلك بامتحان ايجابي هو الانتخابات النيابية الفرعية حيث حسمت الكثير من اصوات القوى المؤيدة للحكومة في الاوساط المسيحية وكانت تلك اشارة مهمة جداً، وتبين ايضاً ان التأييد الشعبي للحكومة ليس قوياً فقط وانما في الوقت نفسه، يطالب الاكثرية بأن تكون اكثر مبادرة باتجاه ادارة شؤون الدولة.

وكنا في الاسابيع السابقة نركز على نقطة معينة وهي اننا على استعداد لتقديم تنازلات، وقد قدمنا تنازلات كثيرة من أجل تسهيل انتخابات رئاسة الجمهورية، وأول من تنازل هو اننا قبلنا بعدم ممارسة حقنا الدستوري بالاغلبية المطلقة والتنازل الثاني تخلينا عن مرشحينا والقبول بمبدأ تسوية لمرشح يفترض ان المعارضة عرضته ولكن نحن رأينا فيه مرشح تسوية.

وعلى الصعيد الحكومي كان لي رأي معاكس لرأيها وهو اني منذ اول ليلة غادر فيها اميل لحود في 23 تشرين قصر بعبدا طالبت في الجلسة الوزارية التي انعقدت في ذلك اليوم بتعيين بديل للشهيد بيار الجميل ولكن هذا الامر لم يتم في حينه لسبب اننا لم نكن نريد توجيه رسائل خاطئة تفسر بأننا نستأثر بالسلطة واننا لا نريد تسهيل انتخاب رئيس جمهورية.

واليوم بعد اربعة اشهر وبعدما تبين ان المعارضة ومن ورائها سوريا مستمرة في تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية والرئيس بري مستمر في اقفال المجلس النيابي رغم كل الخطوات الايجابية التي اقدمت عليها الاكثرية اصبح من حق بل من واجب الاكثرية ان تأخذ المبادرة على الصعيد السياسي، وباعتقادي ان اول مبادرة كانت في 14 شباط/فبراير وبحجم الوجود الشعبي ومن ثم مطلوب منا اليوم مبادرات بتفعيل العمل الحكومي انما تبقى المبادرة الاولى بوجهة نظري هي انتخاب رئيس جمهورية.

وبالتالي الهدف الذي يجب ان نصوّب عليه بشكل مستمر هو انتخاب الرئيس وان لا نكرس أي امر بحسم موضوع بقاء مركز الرئاسة شاغراً ومن أجل ذلك نحن نعتبر انه لو كان لدينا رئيس لما كان هناك أي تردد بالذهاب الى مؤتمر القمة العربية، ونحن نعرف ان هذه القمة لا تتعلق بالعلاقات اللبنانية – السورية انما هي قمة عربية وبالتالي عندما نذهب الى نيويورك فلا يعني ذلك اننا ذاهبون الى الولايات المتحدة.

من هذا المنطلق الاساس بالنسبة لنا هو رئاسة الجمهورية، ونحن ما زلنا نسعى لانتخاب رئيس بالثلثين وبشكل يرضي الجميع ولكن للأسف لا نجد أي تجاوب من الآخرين الا اننا في الوقت نفسه لا يمكن ان نتجاهل الرأي العام خصوصاً المسيحي الذي بدأ يضغط على النواب المسيحيين لكي يشاركوا في انتخابات رئاسة الجمهورية وسمعنا ذلك عن بعض النواب المفترض انهم في المعارضة كدولة الرئيس ميشال المر.

كذلك علينا تفعيل عمل الحكومة في حال استمر هذا التعطيل ولذلك تم التداول في المرحلة الاخيرة في كيفية تفعيل عمل الحكومة حيث حكي عن ترميم الحكومة او توسيعها ولكن بالتأكيد نحن لا نتطلع الى هذا الامر من الباب الذي يتطلع اليه العماد ميشال عون بأنه عمل استفزازي علماً ان ميشال عون يعتبر أي شيء غير وصوله الى الرئاسة استفزازياً.

ونحن اليوم نرى ان هناك حاجة لترميم هذه الحكومة لكي تكون اكثر فاعلية.

 

# اذا كنتم لا تعتبرونه استفزازياً فماذا تسميه؟

-هذا طبيعي وليس استفزازياً فلو كنا قبلنا استقالة الوزراء الشيعة وتم تعيين بدلاء منهم يمكن ان يقال هذا عمل استفزازي او لو اننا ذهبنا الى انتخاب رئيس بالاغلبية المطلقة يمكن اعتبار ذلك استفزازاً ولكن اليوم نرى ان مصالح الشعب اللبناني معطلة لأن مجلس الوزراء لا يستطيع الالتئام دائماً.

 

تعويم الحكومة

# كيف تريدون تعويم الحكومة؟

-سأعطي امثلة لو اخذنا المشكلة اليوم لوجدنا ان هناك 17 وزيراً يعمل من اصل 24 وزيراً في الوزارة او 23 بعد استشهاد الوزير بيار الجميل، فإذا لم يحضر 16 وزيراً لا تنعقد جلسة لمجلس الوزراء وبالتالي يتم تأخير وتأجيل الجلسات من اسبوع الى آخر ما يؤدي الى تأخير مصالح المواطنين اذاً هذا الموضوع ليس سياسياً بل موضوع اداري يتعلق بمصالح المواطنين ومصالح الادارة اللبنانية وأحياناً هناك امور معيشية واقتصادية مرتبطة بهذا الموضوع، لذلك فإن اقتراح الحد الادنى المطروح هو امكانية تعيين بديل للوزيرالشهيد بيار الجميل اذا شعرنا ان هناك نية لاستمرار الفراغ في موقع الرئاسة.

 

# وهل هذا يحل المشكلة؟

-قد يحل جزءاً صغيراً من المشكلة وبذلك يصبح عدد الوزراء 18 ويمكن انعقاد الجلسة بغياب وزيرين.

 

# وماذا عن الوزراء الشيعة؟

-هناك اقتراح آخر يقول بتوسيع الوزارة الى 30 وزيراً بحيث يبقى الوزراء المستقيلون ونضيف 6 وزراء من بينهم شيعي ودرزي وسني وماروني وكاثوليكي وارثوذكسي وبالتالي يكون التمثيل الشيعي قد حصل، علماً بأنه لي تعليق خاص على وجود الشيعة في الحكومة فهذه الحكومة فيها على الاقل اربعة وزراء شيعة يمارسون مهامهم ممارسة عادية واثنان منهم يمارسون ممارسة كاملة مئة بالمئة وهما وزير الصحة ووزير الزراعة وعندما نقول مئة بالمئة هذا لا يعني حضور جلسات مجلس الوزراء وانما هما يقومان بتوقيع المراسيم كل المراسيم بما فيها المراسيم التي توقع بصفة رئيس الجمهورية الصادرة عن هذه الحكومة وهما يمارسان توقيع المراسيم العادية في وزارتي الصحة والزراعة ونحن لا نعترض على ذلك.

 

# هل يقبضون رواتبهم؟

- طبيعي انهم يقبضون رواتبهم بمن فيهم الذي لا يمارس مهامه ولا مشكلة في ذلك.

 

# هل هذا من حقهم رغم استقالتهم؟

-هذه الاستقالات لم تقبل وبالتالي فهم يقبضون رواتبهم بشكل عادي، ولكن المشكلة ان قولهم انهم يسهلون امور الناس، نفهم ذلك في الصحة والزراعة اما وزيرالعمل فتبين انه يمارس مهامه انتقائياً حسب الملفات التي تناسبه ولكن الاخطر من ذلك ان هناك مشكلة كبيرة في البلد هي مشكلة الكهرباء وهذه تمس حياة كل المواطنين نرى ان الوزير محمد فنيش لا يجد انه من الضرورة ومن مصلحة الناس ان يعود ويهتم بملف الكهرباء.

 

# يمكن لأن الوزير فنيش يعرف ان وجوده او عدمه لن يؤثر في هذا القطاع الذي يعاني منذ مدة طويلة من الهدر والفساد وغيرها من الامور؟

- ولكن هذه مسؤوليته وهو تولى هذه الوزارة خلال سنة وثلاثة اشهر ولديه مشروع لاصلاح موضوع الكهرباء لذلك عليه ان يدافع عنه ويطرحه بشكل جدي.

 

# هل هناك شيعي في هذا الوقت يمكن ان يقبل بتوزيره؟

-انا اعتقد ان هناك اسماء جدية ولن اتداول بهذه الاسماء ولكن معلوماتي ان هناك اكثر من وجه شيعي.

 

# هل حسمتم هذا الخيار ام ما زال الامر في نطاق الخيارات؟

- ابداً وهذا الخيار يلزمه ثلاثة شروط حسب رأيي وهي:

1-قناعتنا بأن الازمة مستمرة ولا انتخاب لرئيس الجمهورية.

2-الاتفاق بين قوى 14 آذار/مارس.

3-التشاور مع المراجع الروحية وبالتحديد مع غبطة البطريرك مار نصرالله بطرس صفير حتى لا يحصل أي سوء فهم لاستعمال صلاحيات رئيس الجمهورية وبالتالي هذه الشروط لم تتوافر حتى الآن والموضوع قيد التداول.

 

# لكنها ليست شروط تعجيزية؟

- ليست تعجيزية وانا لم اقل ذلك ولذلك يتم طرح الموضوع ليس من باب الاستفزاز السياسي انما من باب تسهيل شؤون الناس.

 

المشاركة في القمة

# لماذا الاكثرية ترفض المشاركة في القمة العربية؟

-هناك اكثر من وجهة نظر ولكن بالتأكيد ليست مع المشاركة الكاملة ونحن لا نراها الا بحضور رئيس الجمهورية اضف الى ذلك ان الرئيس السنيورة ومع غياب الكثير من الزعماء العرب تضامناً مع لبنان فإنه من المستحيل ان يشارك، السؤال هل يجب ان نقاطع؟ انا اعتقد ان عدم المشاركة شيء والمقاطعة شيء آخر هل كان يجب ان نقاطع كان هناك اقتراحات بمشاركة سفير يلقي كلمة ويغادر ولكن حتى هذا الامر صعب جداً لأنه في الحفل الافتتاحي يبدو انه لا توجد كلمات سوى كلمات الجامعة العربية وسوريا والسعودية.

 

# الا يعني ذلك سقوط المبادرة العربية في مكان ما؟

- ليس بالضرورة سقوط المبادرة العربية لأن لبنان لديه مطلب طرحه في اجتماع وزراء الخارجية العرب الاخير وأصبح برنامجهم، واعتقد ان صوتنا يجب ان يصل الى القمة في هذا الموضوع وهو الملف اللبناني – السوري المطروح بشكل علني اليوم للبحث وللتداول.

 

# من سيطرح هذا الموضوع هل تقوم بذلك الجامعة العربية؟

- هناك اقتراح بأن يطرح هذا الموضوع بشكل طلب لبناني لعقد قمة طارئة تخصص للبنان على مستوى الرؤساء اذا امكن او على مستوى وزراء الخارجية لبحث العلاقات اللبنانية – السورية.

 

# هل هذه عملية التفاف على القمة العربية؟

-ابداً نحن نطلب أمراً مخصصاً للبنان لأنه ولكي نكون صريحين حتى شهر مضى كان محور القمة العربية هو موضوع لبنان ولكن فجأة على دماء عشرات ومئات الفلسطينيين اصبح الموضوع الفلسطيني هو في اساس القمة وأنا استغرب هذا التلاقي في المصالح بين سوريا واسرائيل.

# هل من مصلحة اسرائيل ان يكون ما حصل في غزة وسقوط الشهداء على جدول اعمال قمة عربية؟

- انا اعتقد ان الممارسة الاسرائيلية سهّلت هذا الامر وهنا اصبح تلاقي مصالح وبالنهاية اسرائيل اقدمت على مجزرة في غزة أدت الى بروز الوضع الفلسطيني وباعتقادي ان هذا الامر كان مطلوباً حصوله سورياً لكي يبرز الملف الفلسطيني ويتراجع الملف اللبناني الى الدرجة الثانية وبالتالي التلاقي بالمصالح بين سوريا واسرائيل واضح جداً وغير مستغرب والجميع يعرف ان هناك اتصالات سرية تحت الطاولة وان اكبر مدافع عن النظام السوري هي اسرائيل.

 

المعارضة مطيعة لسوريا

# يبدو واضحاً ان لا انتخابات رئاسية قبل القمة العربية هل يمكن حصول الانتخاب بعد القمة في ظل ما يحكى عن تصعيد سياسي في لبنان بعد هذه القمة وعن عودة الاغتيالات او ان سوريا تريد تمرير القمة بوضع هادىء في المنطقة؟

 

-هذا تحليل وأنا لا املك معلومات عن هذا الامر ومن ناحية التحليل واضح جداً ان هذه التهدئة ليست بريئة حتى ان صوت المعارضة في هذه الفترة خافت جداً، فالواضح جداً ان التعليمة اتت من دمشق بضرورة تهدئة الامور لكي يتم تمرير القمة وأنا اتساءل هنا هل يمكن للمعارضة ان تكون الى هذا الحد مطيعة للتوجيهات السورية حتى في شأن التصريحات السياسية وفي شأن التصعيد السياسي انه أمر غريب جداً، ويبدو انهم ملتـزمون بكل ما يأتي من سوريا سلباً ام ايجاباً. بعد القمة طبيعي ان نتوقع حصول تصعيد سياسي وأمني.

 

# وهل سيكون امكان انتخاب الرئيس أصعب؟

- انا لا اعرف ما اذا سيكون اصعب ولكن انا اعتقد عكس ما يقول الرئيس بري، انه يعتبر ان المبادرة العربية تصبح منتهية بعد القمة، انا ارى ان المبادرة العربية ستستمر طالما انها لم تعدّل وطالما انه ليس هناك من بديل وبالتالي ستستمر ونحن سنستمر في دعم المبادرة العربية والالتـزام بها فقط دون زيادة او نقصان.

 

# هل برأيك ان الامر سيان عند سوريا سواء انعقدت القمة ام لم تنعقد، او سواء حضرها الملوك والرؤساء العرب ام لم يحضروا؟

- بالتأكيد ليس سياناً ولكن ما هو الثمن، ووزير الخارجية السوري وليد المعلم قال كلاماً واضحاً جداً، وهو ان مصالح سوريا ((وهو كان  يقصد لبنان وبقية الملفات)) اهم من القمة العربية وبالتالي المهم بالنسبة لسويا انعقاد القمة وحضور اكبر عدد من الزعماء العرب ولكن ليسوا على استعداد بالمقابل لتقديم أي تنازل خاصة في الملف اللبناني ولا ان يساعدوا على حل المشكلة اللبنانية وهم يرون ان القمة ستنتهي حتى لو عقدت على مستوى المندوبين تبقى اسمها قمة، وبالتالي سيبقى الرئيس السوري رئيساً للقمة لمدة سنة ولكن هذه امور شكلية وهم ليسوا على استعداد من اجل امور شكلية التخلي عن مصالحهم في لبنان التي هي مصالح اكثر من حيوية وهي مصالح متعددة الأشكال سياسية واقتصادية، وتساعدهم على تحسين شروط المعادلة مع اسرائيل، المعادلة السورية – الايرانية تجاه الاميركيين وفي الوقت نفسه لاسرائيل المصالح ذاتها وبالتالي ليس من مصلحة سوريا واسرائيل حسم الامور في الجولان فيتم حسمها في لبنان وهذا هو ترابط المصالح.

 

# هل ترى ان لبنان سيكون خاسراً خاصة وان الرئيس الاسد سيترأس القمة لفترة سنة وستفك سوريا عزلتها العربية ماذا ترى؟

-  مسألة ترؤس القمة لمدة سنة موضوع شكلي لا تأثير كبيراً له على الامور ولا يمكن ان تقرر او تحسم في الشأن السياسي، والعزلة العربية ليست مرتبطة بالقمة العربية او بترؤس الرئيس الاسد انما هي مرتبطة بالمصالح السياسية للبلاد العربية وللبنان.

 

تأخر مؤتمر 14 آذار/مارس

# بيان قوى 14 آذار/ مارس تحدث عن اطلاق العمل البرلماني كيف سيتم ذلك وقد سمعنا رد الرئيس نبيه بري على ذلك؟

-انا اوافق على كل كلمة وردت في بيان الأمانة العامة لقوى 14 آذار/مارس واعتبر انه جاء متأخراً سنة ونصف السنة لأنه بمجرد ما قرر الرئيس بري اقفال المجلس النيابي بعد استقالة الوزراء فإنه بذلك استولى على صلاحيات مكتب المجلس والهيئة العامة لمجلس النواب، فالموضوع ليس جديداً ولكن في الفترة السابقة كان هناك فترة مهادنة وقبول وردة فعل فقط في الحد الادنى، انما اليوم هناك مبادرة وتحقيق العمل البرلماني يمكن ان يتم في عدة طرق، وأهم طريق لذلك هو الانتخاب بالاغلبية ولكن هذا الامر يلـزمه غطاء سياسي داخلي ومرجعي والذي يمكن تأمينه دولياً بسهولة وهذا مهم، اذا عجزنا عن الدخول في مشروع تسوية حقيقي ولذلك نحن لن نتخلى عن هذا الحق الدستوري بأي شكل من الاشكال ولا يحق لنا التخلي عنه لأنه منصوص في الدستور.

ولكن انا افهم تردد البعض ان كان في قوى الاكثرية او غبطة البطريرك لكي لا نكرّس سابقة خطيرة جداً لمستقبل لبنان ومن اجل ذلك نحن لا نريد المشاركة في قمة دمشق لكي لا نكرس غياب رئيس الجمهورية.

وبالعودة الى العمل البرلماني وتفعيل عملنا اكثر في المجلس النيابي يبدو ان الرئيس بري وافق على عقد جلسة هيئة المكتب الذي عطّله منذ سنة ونصف السنة ويستأثر بصلاحياته لأن هناك الكثير من الامور هي من صلاحية هيئة مكتب المجلس وكذلك وافق على عقد جلسات اللجان، ولكن الغريب انه قال لا يقبل حضور وزراء من الحكومة في جلسات اللجان رغم انه حتى بعد استقالة الوزراء كان هناك لجان تنعقد ويحضرها الوزراء ولم يعترض على ذلك وهنا نرى ان هناك تناقضاً في تصرفات الرئيس بري وكأنه يقوم بردة فعل، وبالتالي هو لا يستطيع ان يمنعني من حضور جلسات اللجان والدستور يسمح للوزير ساعة يشاء اكان نائباً ام لم يكن نائباً ان ينـزل الى مجلس النواب ويحضر عندما يشاء، اما اذا كان الرئيس بري يريد ان يستعمل صلاحياته كرئيس لحركة (امل) لمنع الوزراء والنواب من دخول مجلس النواب فهذا موضوع آخر.

وأنا باعتقادي ان الرئيس بري خلال كل هذه الفترة الغى نفسه كرئيس مجلس نواب وقرر ان يتصرف كرئيس حركة امل وكطرف معارض.

عادة عندما يتولى رئيس حركة رئاسة مجلس النواب التي تفرض عليه ان يكون حكماً في كل الامور في كل بلاد العالم ينـزع عنه صفته الحزبية ويسلمها الى شخص آخر ويمارس دوره كرئيس لمجلس النواب لكن الرئيس بري فعل العكس وزاد من الاستئثار ويتصرف فعلاً كرئيس لحركة امل وليس كرئيس للمجلس النيابي من يوم 11/11/2006.

 

# هل انت من مؤيدي المؤتمر الذي انعقد في 14 آذار/مارس وبالتالي اين اخطأتم وأين اصبتم وهل استعدتم المبادرة بعد مرور ثلاث سنوات؟

-هذا المؤتمر كان ضرورياً جداً واذا كان بيان الامانة العامة تأخر سنة ونصف السنة فهذا المؤتمر تأخر سنتين وكان يجب انعقاده في آذار/مارس 2006.

لقد مرت 14 آذار/مارس بفترات كثيرة وتم التشكيك بوحدتها وبمواقفها السياسية. اليوم الجميع يعرف ان هناك لحمة بين قوى 14 آذار/مارس اكثر من أي وقت مضى وبدأ المطبخ الداخلي بالانسجام وبالتالي حصل بعض التسرع لتسريع انعقاده في 14 آذار/مارس وهذا التسرع ادى الى اخطاء تقنية وليست سياسية اذ ان بعض الدعوات لم توجه وبعض الناس عاتبة حتى داخل قوى 14 آذار/مارس وهذا العتب ايجابي جداً، وهو نابع من انها ترى انه يجب ان تكون مشاركة اكثر واكثر، ومن هنا ارى احتجاج التكتل الطرابلسي، وهذا شيء ايجابي جداً ولكن هناك اطرافاً اخرى ايضاً لم تشارك فعلياً وليس التكتل الطرابلسي فقط، لانه  كان هناك انطباع اعتبره من وجهة نظري خطأ وهو ان هذه الوثيقة نهائية وهذا ليس صحيحاً وهي ليست بياناً سياسياً  والذي حصل في 14 آذار/مارس انه كان هناك بيان سياسي قرأه الوزير سمير الجسر فيه تحليل سياسي للمرحلة وتحديد الاخطاء وكيف تصحح هذه الاخطاء وقراءة للواقع الحالي وكيفية الخروج منه وبعد ذلك اتت الوثيقة.

الوثيقة لم تكن بياناً سياسياً رغم انها وثيقة سياسية تاريخية بمحتواها، ولم تكن بناء لتجربة اشهر، انما هي تراكم لتجربة منذ العام 1991 وحتى الآن.

فمن هذا المنطلق هذه ليست نهائية انما هي مفتوحة للحوار اولاً داخل قوى 14 آذار/مارس وثانياً مطروحة للحوار مع المجتمع المدني ومع المغتربين ومطروحة للحوار مع المعارضة.

من المؤكد ان هناك اموراً في هذه الوثيقة يجب توضيحها وتصحيحها، لقد عقدت ندوة الاسبوع الماضي شارك فيها الوزير السابق محمد عبدالحميد بيضون والنائب سمير فرنجية وأنا، وقد ناقشنا خلال هذه الندوة بنود الوثيقة ورأيت ان هناك نقاطاً طرحها الوزير بيضون من المهم الانتباه اليها واعادة قراءتها بشكل آخر وانا اتمنى دعوة الوزير بيضون وآخرين للمشاركة في نقاش هذه الوثيقة التي تهدف الى تشكيل وثيقة تاريخية لحوار حقيقي ينتج عنه ما يمكن تسميته التفاهم على ما هو لبنان وما هي صيغة لبنان الواحدة وماذا ننتظر كلبنانيين من وطننا وليس فقط الكلام عن عدد النواب وعن القضاء والمحافظة لأنه عندئذ تصبح هذه الامور ثانوية، فالمشكلة اليوم هي حول ما هو مفهومنا للبنان، هل يجب ان يبقى لبنان الذي كان بموجب اتفاق عام 1963 دولة مساندة لدول المواجهة التي هي الاردن ومصر سوريا، والذي اصبح اليوم الدولة المواجهة الوحيدة دون مساندة من أحد.

وهل يجب ان يبقى لبنان ساحة لتصفية الحسابات بين سوريا واسرائيل وبين ايران واميركا في كل امور المنطقة وهل يجب ان يبقى لبنان ساحة مشرّعة لكل الاهواء السياسية ام يجب ان نقول اننا نملك الحق مثل كل الدول العربية المجاورة ان نعيش بسلام وان نغني تجربتنا السياسية حيث كلنا نقول انه يجب المحافظة على نظامنا البرلماني ونحافظ على الديموقراطية والحرية وانا لا ارى أي معنى لهذا الكلام بدون سلام مرافق.

 

# ايضاً ليس له أي معنى اذا لم تشاركوا الطرف الآخر؟

-هذا طبيعي، ولذلك انا قلت ان يدنا ممدودة.

 

ردود فعل من دون قراءة

# لكن الطرف الآخر قال ان هذه اليد الممدودة مسمومة؟

- مؤسف ما رأيناه من ردود فعل على الوثيقة وليس قراءة الوثيقة حيث سموها بالاستفزازية والمسمومة مع ان اصحاب هذه الردود لم يقرأوا الوثيقة. في المقابل هناك أشخاص قرأوها أمثال الرئيس ميشال المر والرئيس سليم الحص ورأوا فيها الكثير من الإيجابيات.

وأنا أرى في الردود الأخرى ردات فعل دون قراءة وطريقة سياسية مبتذلة بمناقشة وثيقة بهذا الحجم وكأننا نتجادل في مسألة ملف تعيين موظف أو غيره.

المطلوب وضع هذه الوثيقة على الطاولة بكل وضوح ومناقشة نقاطها والبحث عن الطرح الذي يسبب مشكلة مثل طرح هل معقول ان نشبّه إيران بإسرائيل أكيد أنا أرى ان هناك فرقاً كبيراً بين إيران وإسرائيل ولكن أنا تأذيت من إيران كما تأذيت من إسرائيل ببعض الملفات المعينة أنا أعرف ان إيران ليس لديها مطامع لاحتلال لبنان وتهجير اللبنانيين، ولكن إيران تستعملنا قاعدة متقدمة على البحر المتوسط وهي تقول بالفم الملآن يجب أن ننتصر على الولايات المتحدة في لبنان فلتنتصر عليها في إيران أو في الخليج وليس في لبنان، ولبنان ليس ساحة المعركة التي تصفّي حساباتها فيها مع الولايات المتحدة وليس فقط إيران بل نرى ان سوريا أحياناً تتصرّف معنا مثلما تتصرّف إسرائيل عندما تقبل سوريا أن يبقى لبنان ساحة الصراع الوحيدة وحلبة الصراع لتصفية الحسابات. هذا المنطق الذي لا نقبل به ونحن لا نشبه ولا نقارن الدور الإيراني الذي يقف إلى جانب الشعب الفلسطيني بالدور الإسرائيلي الذي يقتل الفلسطيني.

 ومن جهة ثانية، نحن نعتبر معركة فلسطين معركة عربية إذا أرادت إيران أن تدخلها فأهلاً وسهلاً بها كدولة مساندة إنما ضمن المشروع العربي وليس تنفيذ المشروع الذي يناسب مصالحها لا المصالح العربية وهناك تناقض كبير بين المشروعين العربي والإيراني حيث تحدث العرب في مؤتمر بيروت وفي مؤتمر الرياض عن مشروع سلم يقوم على بناء دولة فلسطينية وعلى انسحاب إسرائيل من كل الأراضي العربية مقابل سلام حقيقي ولكن نسمع (الرئيس الإيراني) أحمدي نجاد يتكلم بكلام يذكّرنا بـ((صوت العرب)) في الخمسينيات وبأنه سيرمي إسرائيل في البحر.

 

خطأ التحالف الرباعي

# أين ترى اخفاقات 14 آذار/مارس وهل ترى ذلك في انتخاب الرئيس بري رئيساً لمجلس النواب أو في خسارتكم لجزء مهم من حركة 14 آذار/مارس الذي هو التيار الوطني الحر؟

-أنا أعتقد لا بل متأكد بأن قسماً كبيراً من جمهور التيار الوطني الحر هو من جمهور 14 آذار/مارس وبالتالي خسارة جزء من هذا الجمهور لم يكن خطأ بل كان نتيجة التركيبة السياسية التي شارك فيها الجنرال عون مع أطراف آخرين من خلال عودته إلى لبنان وإلغاء الدعاوى التي كانت ضده وإعطائه دوراً سياسياً وبالتالي جزء منه نتحمله وجزء منه قام به الجنرال عون وحلفاؤه في سوريا وفي لبنان.

أما في موضوع انتخاب الرئيس بري فلم يكن هناك خيار والخطأ ربما لم نقع فيه بانتخاب الرئيس بري إنما وقعنا فيه قبل ذلك من خلال التحالف الرباعي ولكن هل كنا في ذلك الوقت نستطيع أن نتصرّف بطريقة مغايرة لكي نمرر الانتخابات وان نُخرج لبنان من أزمته ويومها لم نكن بشكل من الاشكال نريد أن نضع مجموعة كبيرة تمثلها حزب الله وحركة ((أمل)) خارج اللعبة السياسية بالعكس كان هناك فكرة لتسويق تحالف خماسي وهذا ما يحمل عليه وليد جنبلاط لأنه كان هناك المسيحيون الموجودون عبر القوات اللبنانية وقرنة شهوان وبالتالي لم يكن تحالف رباعي بل تحالف خماسي وكان المقصود منه إعادة اللحمة الوطنية وإعادة بناء استقلال حقيقي وبالتالي عندما خرجنا بهذا التحالف لم يكن من مجال سوى انتخاب الرئيس بري مقابل كلام واضح لبري وهو التزامه بأن يؤدي دوره كرئيس مجلس وليس أن يتحوّل إلى رئيس حركة أمل ولهذا السبب بعد انتخابات الـ2000 أنا لم أنتخب الرئيس بري هو نال 125 صوتاً وأنا كنت أحد الصوتين اللذين لم ينتخبا الرئيس بري وفي سنة 2005 أنا ضغطت على بعض النواب في كتلة تيار المستقبل لكي ينتخبوا الرئيس بري لأني كنت أرى اننا في فترة دخول إلى مرحلة لحمة وطنية وتجميع القوى الوطنية وتعاط جديد من الرئيس بري على أساس انه رئيس المجلس النيابي وتبيّن لي اني كنت على خطأ لأن الرئيس بري لم يقفل المجلس فقط بل تعاطى بموضوع أكثر خطورة وهو عدم احترام النواب فعندما نرى صحافية من مؤسسته ((تشمت)) بمقتل النائب وليد عيدو وتتمنى اغتيال أحمد فتفت وبعد أسبوع يُعيدها إلى العمل فهذا دليل استهتار كبير من الرئيس بري بالنواب وبالعمل النيابي واستهتار حتى بالشهداء وبالتالي هذا موضوع فيه تراكمات كبيرة.

أما لجهة الاخطاء فبرأيي ان قوى 14 آذار/مارس تصرّفت كأم الصبـي وافترضت انها يجب أن تعطي كل التنازلات الممكنة لتهدئة الوضع وللوصول إلى حلول للأسف كان لهذا الأسلوب قراءة خاطئة من السوري ومن المعارضة وبدأوا بزيادة الضغط على أمل زيادة التنازلات وهذه السياسة تنجح إلى حد ما وكان الرئيس حافظ الاسد رحمه الله ماهراً وبارعاً في هذه السياسة فكان يعرف كيف يصل إلى الخط الأحمر ثم يرجع إلى الوراء أما مع النظام السوري الجديد فنجد عكس ذلك تماماً حيث يصل إلى الخط الأحمر ويتجاوزه وهذا تجلى بالتمديد لإميل لحود وباغتيال الرئيس الحريري وبتعطيل إقرار المحكمة الدولية واليوم بالضغط الزائد على الأكثرية في لبنان بعد قبولها التنازل عن مرشحيها وعدم الانتخاب بالأغلبية المطلقة وقبولها بمشروع تسوية يريدون زيادة الضغط ويريدون مكاسب أخرى وبالتالي هناك حدود لإمكانية التعاطي بهذا الشكل جعل الأكثرية تتوقف هنا وتبدأ بالمطالبة.

 

فهل اخطأت قوى 14 آذار/مارس بهذه الممارسة باعتقادي الجواب نعم اخطأت وباعتقادي انه كان علينا عدم التخلي عن مبدأ الانتخاب بالنصف زائداً واحداً وهذا حقنا وباعتقادي أيضاً اننا فوّتنا هذه الفرصة قبل القمة العربية وكان علينا أن ننتخب بالنصف زائد واحداً رئيساً يحضر القمة العربية حيث سيُكرّس اعترافاً عربياً مباشراً به وحتى اننا فوّتنا فرصة تفعيل عمل الحكومة من أجل مصالح الناس.

هناك البعض في الأكثرية يرى عكس ذلك وانه يجب أن لا نُقدم على خطوات استفزازية لكن هذا رأيي وأخشى في المستقبل إذا لم نقم بالخطوات المطلوبة منا ان لا تبقى مشكلتنا مع المعارضة بل ان جماهيرنا ستلومنا بأننا لم نكن على قدر المسؤولية المطلوبة منا لإدارة شؤون البلد بشكل صحيح.

 

مصير المحكمة ومسارها

# أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ان المحكمة وضعت على سكة الانطلاق هل تتوقع ان تشكّل هذه المحكمة ضغطاً على سوريا أو ان تؤدي سوريا هذه الورقة لتمرير انتخابات رئاسة الجمهورية وهل بالإمكان حصول تسوية ما؟

- لقد تمّ التعاطي بغباء من قبل سوريا والمعارضة مع موضوع المحكمة فلو بقيت المحكمة في مجلس النواب اللبناني وبتصويت مجلس النواب كان التعاطي مع هذا الملف أسهل بكثير.

اليوم أصبح الملف ملفاً دولياً وأنا لا أتصوّر انه سيكون عُرضة لأي تسوية وكل الضغوط التي يمارسونها لن تؤدي إلى نتيجة لأن التعاطي مع المحكمة لم يعد مع الأغلبية بل مع المجتمع الدولي وأي تطوّر أمني لن يغيّر شيئاً وبالعكس سيزيد من المشكلة مع المجتمع الدولي.

 

# لكن المجتمع الدولي مر في فترات تقاعس فيها تجاه المحكمة فماطل بالتمويل لأنه كان يحاول العمل على خط الانتخابات وتسهيلها؟

- المجتمع الدولي لم يراوغ ولم يماطل أبداً ربما كان هناك نظرة عربية لمحاولة إيجاد حلول للبنان.

أنا اعتقد ان هناك قراءة لدى الرأي العام اللبناني بالنسبة للمحكمة ليست واضحة تماماً ولهذا السبب نعتبر أنها تأخرت كثيراً ولكن إذا قارنّاها بأي محكمة دولية ثانية نجد أنها أسرع بكثير وإجراءاتها كانت أسرع بكثير من أي محكمة دولية أخرى وبالتالي كما قال الوزير غسان سلامة هي أسرع محكمة دولية حتى اليوم وهذا دليل على أن المجتمع الدولي لا يماطل لأن الموضوع ليس موضوع تسوية سياسية ولو كان اغتيال الرئيس الحريري حدثاً معزولاً كان يمكن الحديث عن تسوية ولكنه اغتيال سياسي ضخم جاء بعد سلسلة اغتيالات وتبعته اغتيالات والهدف من المحكمة حماية النظام الديموقراطي في لبنان ومنع الاغتيال السياسي.

هل هذه محكمة ذات طابع سياسي وهل اغتيال الرئيس الحريري حصل بسبب الخلاف على إيجار، كلا انها جريمة اغتيال سياسي وبالتأكيد هذه المحكمة شئنا أم أبينا جزء من العمل السياسي الذي نقوم به ويقوم به المجتمع الدولي ولكن بتدويلها وإعطائها هذا الحجم انتفت إمكانية إجراء أي تسوية علماً ان مطلبنا من هذه المحكمة هو ليس الانتقام بل أن يقف الاغتيال السياسي وكوسيلة لتحقيق مآرب سياسية في لبنان ومساءلة القتلة.

 

# كيف تقرأ زيارة نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني للسعودية، خاصة وان موضوع الانتخاب الرئاسي كان من أهم البنود على جدول أعمال اللقاء مع العاهل السعودي، وتبع ذلك حديث عن محاولة لأن تضع سوريا عدّة أسماء لرئاسة الجمهورية اللبنانية وتختار الأكثرية واحداً منها؟

- أعتقد ان كثيراً من الكلام في هذا المجال ليس دقيقاً وهناك الكثير من الكلام الاعلامي ولكن أن نقول ان هناك علاقات سعودية – أميركية وطيدة فهذا ليس بجديد.

ربما من خلال ما قاله السفير جيفري فيلتمان نرى انه أصبح هناك نظرة أميركية مباشرة للبنان وهذا من مصلحتنا ولم تعد المصلحة الإسرائيلية هي التي تحدد مفهوم السياسة الأميركية تجاه لبنان وهذا أمر مهم جداً لأننا نعرف ان مصلحة إسرائيل في لبنان هو أن يبقى كما هو وأفضل لإسرائيل أن ينهار أيضاً وهنا تلاقي المصالح بين سوريا وإسرائيل.

أما اقتراح ان تعطي سوريا أسماء لرئاسة الجمهورية فنحن نعرف انه عندما طرح اسم العماد ميشال سليمان هلّلت دمشق لذلك كما رحبت المعارضة ولكن بمجرد قبول الأكثرية تراجعوا وهذا يذكرنا بحادثة تعهد الرئيس بري للبطريرك صفير بأنه يسير في اللائحة التي يضعها وعندما فعل غبطته ذلك تراجع بري وتبيّن انه لا يقبل إلا بشخص واحد من هذه اللائحة.

لذلك لا أتصوّر ان أحداً يقبل الدخول في هذه الألاعيب السورية التي تعوّد عليها العرب وباعتقادي ان كل ما تقوم به سوريا اليوم هي محاولة تسويف لتمرير القمة العربية بأفضل ما يمكن وبعدها تعود الأمور إلى أوضاعها السابقة وتعود إلى ممارسة الضغط أمنياً وسياسياً واقتصادياً.

حوار: هدى الحسيني

اسرار ومتفرقات

الشكل دون المضمون

*جزء من الهدف من زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لدمشق واعلانه موقفاً يتعلق مسبقاً بنتائج القمة العربية، انما هو لحث العرب على المشاركة على مستوى الملوك والرؤساء استجابة لرغبة سوريا لكي تنجح القمة في الشكل دون المضمون.

 

 *تتحدث اوساط في المعارضة عن انه اذا لم يتم الامر لصالحها بتنفيذ خطة الاستيلاء على كامل السلطة قبل الانتخابات النيابية، فإن الجلسة الوحيدة التي قد يعقدها مجلس النواب هي التمديد لنفسه.

 

*سمع احد السفراء العرب من مسؤول عربي كبير تقييماً سيئاً للوضع الاقليمي العام، وأخطر ما في هذا التقييم الضمانات التي تبحث عنها ايران لعدم ضربها عسكرياً، والضمانات التي تبحث عنها اميركا لتخفيف خسائرها في العراق، والضمانات التي يبحث عنها الكيان الصهيوني، وتتسع مروحة الاطراف الثلاثة على حساب لبنان وفلسطين والعراق.

 

*يتردد الرئيس امين الجميل بالموافقة على تعيين خلف لابنه بيار في الوزارة، لأنه يرى ان الاولوية يجب ان تظل لانتخاب رئيس للجمهورية حيث الفراغ الكبير المهدد للدور الماروني تحديداً والمسيحي عامة، وهو من الزاوية نفسها يرى ضرورة حضور لبنان القمة ممثلاً بماروني.

 لم يعد سراً

 

*يؤكد سفير غربي في لبنان ان موضوع انسحاب اسرائيل من منطقة مزارع شبعا، ووضع هذه المزارع في عهدة القوات الدولية بات من المواضيع الجدية المطروحة على بساط البحث، وهذا الأمر سيؤدي الى طرح موضوع آخر يتعلق بموضوع ترسيم الحدود بين سوريا ولبنان.

 

سري

*اكد تقرير امني اميركي ان مجموعات اصولية تلقت تدريباتها في مخيم عين الحلوة لدى تنظيم ((جند الشام)) برئاسة مدرب فلسطيني، تسللت الى الاراضي العراقية عبر سوريا بالتنسيق مع ضابط امني سوري من مساعدي اللواء آصف شوكت.

 

ليس سراً ايضاً

*شكت فتيات بيروتيات من تعرضهن لمضايقات من بعض العناصر المتواجدة في مخيم الاعتصام في ساحة رياض الصلح بعدما كن عائدات من سهرتهن ليلة 20/3/2008، فيما اشتكى عدد من السكان المجاورين للمخيم من حصول بعض الاعمال المخلة بالآداب داخل احد اقسام المخيم التابعة لتيار سياسي معارض، اذ ان عدداً من عناصر هذا التيار يرتادون المخيم في ساعة متأخرة من الليل ومعهم الصديقات والخليلات ويقضون ليلتهم داخل احدى الخيم على اساس انهم يمارسون ((اعتصامهم)).

 

لا تكتم السر

*تواصل خلايا تابعة لـ((تنظيم القاعدة)) دخول لبنان عبر الاراضي السورية بالتنسيق مع مسؤولين في الاستخبارات السورية، ويتركز وجود عدد كبير من الخلايا في مخيم برج البراجنة في بيروت، حيث يقوم فلسطيني من (مواليد سوريا 1970) ومعه شخص آخر يمني الجنسية بتولي مسؤولية خلايا تنفيذية في ((القاعدة)) من مهامها تنفيذ عمليات في مناطق عمل القوات الدولية في الجنوب.

 

ليس سراً

*تبلغت اعداد من يتامى الاستخبارات السورية من معلميها في ريف دمشق ضرورة الاستعداد لتحركات نوعية في مختلف المناطق اللبنانية ضد الدولة اللبنانية بعد انتهاء اعمال القمة العربية في دمشق يوم الاحد في 30/3/2008.

 

حزب الله يحاول التخفيف من خوف أهل الجنوب

لم يدع المسؤولون في حزب الله مؤسسة تربوية من مدارس ومعاهد وكليات مهنية جنوب خط الليطاني الا وزاروها واجتمعوا بطلابها وأساتذتها كما لم يتركوا قرية من القرى الجنوبية إلا والتقوا بفاعلياتها ووجهائها، وذلك بأوامر مباشرة من أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله الذي طلب منهم العمل على تهدئة خواطر أهل الجنوب وتطمينهم والتأكيد لهم بأن حزب الله لن يفتعل حرباً مع إسرائيل كما فعل في تموز/يوليو 2006 مهما كانت الأسباب.

ويأتي هذا التحرك بعدما اعترى الخوف الشديد سكان الجنوب من تكرار حرب 2006 وخاصة ان نصرالله كان قد توعد إسرائيل بحرب مفتوحة في أعقاب اغتيال المسؤول الأمني الأول في حزب الله عماد مغنية. الأمر الذي دفع بالغالبية العظمى من أهالي الجنوب إلى التهافت على مراكز الأمن العام اللبناني لإصدار جوازات سفر للهجرة خارج لبنان في حال تنفيذ نصرالله لتهديداته.

بعض المراقبين في الجنوب علق على ذلك بالقول بأن ما حدث شكل فضيحة لحزب الله بعدما تبين على رؤوس الاشهاد ان الغالبية العظمى من أهل الجنوب اللبناني ليسوا مع ثقافة الموت التي يروج لها حزب الله ليل نهار ويدعي بأن معظم أهل الجنوب معها، ولم ينفع معهم ما يروج له مشايخ الحزب منذ سنوات وفي طليعتهم الشيخ عبد الكريم عبيد، حينما يخطبون في الناس في المناسبات المختلفة مرددين هذه الجملة باستمرار: ((هل هناك شيء في الدنيا أجمل وأروع من أن يتم تدمير بيوتكم على رؤوسكم فتموتوا شهداء؟‍)).

================================================================================================

تفاهات في دمشق بعاد التنسيق بين ايران وسوريا د المصالح العربية

تحت هذا العنوان كتب رئيس تحرير مجلة/جريدة ((روز اليوسف)) عبدالله كمال مقالاً رئيسياً احتل عنوانه عرض اعلى الصفحة الاولى من الجريدة، واتبعه بمقال مفصل على الصفحة الثالثة ننشره بكامله، وننشر معه انفراد ((روز اليوسف)) بالدعوة الغريبة التي اطلقها مفتي نظام عائلة الاسد احمد حسون، بطلب ((شهادة صحية)) من كل مسؤول عربي تبرر غيابه عن القمة المقرر عقدها في دمشق يومي 29 – 30/ 3/ 2008، كما ننشر مقالاً  عن هذه الدعوة في الجريدة نفسها للكاتب الصحافي محمد حمدي، مع رسم كاريكاتوري للفنان عمرو سليم عن القمة العربية.

 تفاهات في دمشق

أبعاد التنسيق بين ايران وسوريا ضد المصالح العربية

 التظاهرات ضد مصر خرجت في توقيت واحد امام سفارتينا في دمشق وطهران

بقلم: عبدالله كمال

مع اقتراب موعد انعقاد القمة العربية، في يوم 29 مارس/آذار الجاري، أي بعد اسبوع من الآن، تتصاعد وتيرة التوتر الاعلامي والسياسي داخل سوريا، بعد ان تبين لنظام الرئيس بشار الاسد، ان القمة ستكون شكلية.. تنعقد لمجرد الالتـزام بمبدأ دورية الانعقاد.. ومن دون حضور عدد ليس بالقليل من القادة العرب الرئيسيين.. الذين رغبوا في توجيه رسالة متعددة المعاني الى سوريا.. مفادها انه لا يمكن ان تستقيم الامور حين يكون الهدف هو العمل العربي المشترك فيما الدولة التي تقود القمة ومن المقرر ان تصبح رئيستها تعمل ضد العمل العربي المشترك.

ومع انقضاء الايام يوماً تلو آخر، واقتراب المشهد المزعج.. حين تصور الكاميرات القمة العربية خالية من اغلب الملوك والرؤساء اصحاب الكلمة والمؤثرين في القرار العربي.. تتـزايد معدلات الحرج السوري.. اذ كيف يمكن ان تبرر للرأي العام داخل سوريا وخارجها هذا الغياب الجماعي.. وكيف تشرح لشعبها ذلك.. بينما هي تدعي انها راعية مصالح الأمة.

الدولة التي استطاعت الى اليوم ان تجد تبريراً لسكونها طوال 40 عاماً عن احتلال الجولان منذ سيطرت عليه اسرائيل في عام 1967.. لم تجد امامها سوى بعض اللغو الراغب في ازاغة الانظار عن المشكلات الحقيقية.. واتاهة الأبصار عن انها وقفت ضد العمل العربي المشترك.. ومن ثم راحت ابواق سوريا تروج لأقاويل ممجوجة.. بلا قيمة.. لعل هذا يقنع الرأي العام العربي بصواب موقفها وصحة سياستها.. التي من بين مقوماتها تعطيل اعمال السيادة في دولة عربية جارة.. هي لبنان.

في سوريا الآن بدأت الصحف، وكلها رسمية، في ترديد  رسالة من ثلاثة بنود:

1-ان مجرد انعقاد القمة العربية في دمشق هو انتصار للارادة العربية.. على اعتبار ان الولايات المتحدة قد دعت الى مقاطعتها.. كما تقول تلك الصحف.

2-ان المواقف الصادرة عن دمشق انما هي مواقف قومية للصالح العربي.. فيما الآخرون، أي من اشقاء سوريا العرب، يسعون الى فرض الاجندة الاميركية.

3- ان المقاطعين بالتبعية عملاء للولايات المتحدة. وعلى حد علمي فإنه لن يقوم وفد عربي بمقاطعة القمة المقررة في دمشق، لكن عديداً من الوفود العربية لن يقودها رئيس او ملك.. وسوف يقتصر التمثيل عند حدود وزير الخارجية في اغلب الاحوال.. وربما اقل من ذلك في حالة دولة واحدة.. او اكثر. ولدى كل دولة اسبابها.

دول كثيرة  وجدت ان دمشق انما تقف ضد إعمال القانون في لبنان.. وتضع العراقيل امام تطبيق المبادرة العربية.. فاتحة الباب امام التدخل الاجنبي في شؤون المنطقة.. وبما يعنيه ذلك الموقف المتعنت من طعن مباشر في سيادة دولة عربية.. تماماً كما فعل صدام حسين ضد الكويت.. وان كان قد استخدم وقتها القوة العسكرية.. فيما سوريا تستخدم اتباعها ومن تحركهم مستغلة التركيبة اللبنانية الطائفية الهشة.

دول كثيرة منـزعجة تمام الانـزعاج مما توافر لديها من معلومات حول تحقيقات قضية اغتيال رئيس  الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري.

وهذه الدول ايضاً اكثر انـزعاجاً من عدم قبول سوريا اية صيغة يمكن ان تغلق ابواباً قد تفتح احتمالات رهيبة.. على خلفية تلك الامور شديدة التعقيد.

وهناك دول ترى ان الاوضاع الامنية في دمشق ليست على ما يوحي بالطمأنينة.. فقد وقع حادث رهيب الدلالات قبل اسابيع.. حين اغتيل عماد مغنية في قلب دمشق.. وهو رئيس استخبارات حزب الله الذي كان يخضع لرعاية سورية – ايرانية مشتركة.. فإذا كان قد اغتيل من خارج الدولة فإن هناك مشكلة كبيرة في اجراءات الامن.. وان كان قد اغتيل كما تقول احتمالات اخرى لأسباب محلية فإن هذا ينبىء عن وجود صراعات وعدم استقرار.

وهناك دولة او اكثر لم تمرر حتى الآن تطاول رئيس سوريا على عدد من الزعماء العرب قبل اشهر حين وصفهم بأنهم من اشباه الرجال.. فكيف يجلس من وصفهم بأشباه الرجال معه.

وهناك دول معنية بالأمن القومي العربي في شموليته ومفهومه ومكوناته المعقدة.. ترى ان التحالف السوري – الايراني ضد الامن العربي.. وان الاصرار على توافق السياسات بين دمشق وطهران انما يقوض العمل العربي المشترك في ضوء الألعاب الايرانية في اكثر من ملف عربي.. والألعاب تمتد من العراق الى لبنان الى فلسطين.. وما خفي تحت الارض كثير جداً.

هناك اسباب كثيرة.. لكنني اتوقف عند السبب الاخير.. فهو الأخطر على الاطلاق.. ومنه تنبع بقية الامور.

لقد تراجعت سوريا عن دعوة الرئيس الايراني احمدي نجاد الى حضور القمة والقاء خطاب فيها.. حين تعددت ردود الأفعال العربية (القرفانة) من هذا السلوك.. لكن الرئيس نجاد حاضر بشكل او آخر في دمشق.. ولا اقصد هنا حضور وزير الخارجية الايراني ((متقي)) فقط.

خذ عندك مثلاً، تلك التظاهرة التي نظمت امام السفارة المصرية في دمشق في بداية الشهر الجاري.. وظلت مستمرة عدة ساعات.. توجه السباب لمصر ولسياسة مصر.. هل السماح بفعل مثل ذلك فضلاً عن ترتيبه يصب في صالح العمل العربي المشترك؟.. وهل هذا يخلق اجواء مواتية لحضور القمة العربية من زعيم الدولة التي تم التظاهر ضدها.

دعك من ذلك، ما الرأي إذن في ان تلك التظاهرة تـزامنت مع تظاهرة اخرى نظمت في التوقيت نفسه امام السفارة المصرية، او للدقة مقر رعاية المصالح المصرية في طهران، حيث تم ترديد الشعارات والمعاني نفسها.. والاهانات والشتائم.

تنسيق لا يخفى على أي ساذج.. رسائله واضحة.. ومعانيه لا تقبل الشك.. ويضفي على القمة كما قال الكاتب اللبناني حسن صبرا في مقال له في ((روز اليوسف)) قبل ايام.. اجواء فارسية.

التنسيق ايضاً ممتد الى موقف الدولتين الداعم لمجموعة من المنظمات العاملة ضد الشرعية في دولها.. ومن ذلك حزب الله في لبنان.. وحركة حماس في فلسطين.. كما لو ان سوريا تساند كل من يقف ضد شرعية الدول.. إما انقلاباً بالقوة كما فعلت حماس.. او بالعرقلة والسطوة المسلحة كما يفعل حزب الله.

أي عمل عربي مشترك في مثل تلك الاجواء.. وأي بحث لأمور مصيرية اذا كانت سوريا تقف مع من يعطلون المصالح العربية لصالح المصالح الفارسية.. واي مناقشة للتحديات المشتركة اذا كانت الملفات المعقدة قد ازدادت تعقيداً من خلال التدخلات الايرانية.. بالتعاون مع سوريا.. التي قبلت ارتهان الملفات العربية في قبضة طهران.. ثم تأتي لكي تتحدث عن المواقف العربية الشريفة التي يتغنى بها القوميون في دمشق.

ليس على بائعي اللغو الاعلامي والتفاهات في دمشق ان يروجوا تلك الحكايات الفارغة عن وطنية من سيحضر القمة.. وعن عمالة من سوف يقاطعها.. واذا كانت سوريا تريد حقاً ان تثبت انها مع المصالح العربية المشتركة، فلتتوقف عن تلك الامور التي يمكن ان تزيد الشقاق.. وتجعل الرتق يتسع على محاولات أي راتق.

ولعلها سنة كبيسة سوف تمر على العمل العربي.. تبدأ من اللحظة التي سوف تتولى فيها دمشق رئاسة القمة العربية.. رئاسة بلا مصداقية.. مقطوعة الصلة مع كل الدول العربية الاساسية في القرار العربي.. سنة الله اعلم كيف ستمر.. فإن توقف الأمر عند حدود الجمود المتوقع في العمل العربي المشترك سوف يكون ذلك هو اقل الخسائر الممكنة.. ويا له من مكسب.

ان للمسألة ابعاداً اخرى.. ومن ثم لا اظن ان ذلك سوف يكون تعليقي الاخير على هذا الملف، فالتداعيات فظيعة.. وتزداد فظاعة كلما نطقت تلك الابواق السورية مبررة الفشل السوري المروع بأن وراءه مخططاً اميركياً.

================================================================================================

حرام عليك يا شيخ حسون

بقلم: محمد حمدي

بموجب فتوى مفتي سوريا يجب على أي زعيم عربي لا يريد المشاركة في القمة استخراج شهادة صحية مختومة من وزارة الصحة في بلده تثبت مرضه

الشيخ احمد حسون مفتي سوريا خرج علينا بفتوى هي الأغرب على الاطلاق حين اعتبر كل قائد عربي يتخلف عن القمة العربية في سوريا بدون عذر صحي ((آثم)).

والحقيقة ان هذه الفتوى من فضيلة مفتي سوريا هي من المضحكات الباكيات لأنه بموجب الفتوى يتوجب على أي رئيس او ملك عربي لا يريد المشاركة في القمة استخراج شهادة صحية مختومة من وزارة الصحة في بلده تثبت مرضه مرضاً لا يتمكن معه من الحركة ويعوقه عن الحضور لسوريا.

ولأن الموضوع جاد جداً فقد يكلف الأخ المفتي عدداً من الاطباء المحايدين لتوقيع الكشف الطبي على الرؤساء المعتذرين خشية ان يكون من بينهم من يدعي المرض وفي هذه الحالة ستعلق اسماء الزعماء المتمارضين خلف المنصة الرئيسية للقمة المقبلة ليعرف كل قاص ودان من غاب بعذر طبي يقبله مفتي سوريا ومن تغيب لأسباب سياسية فوقع عليه الإثم.

لكن فضيلة المفتي لم يقل لنا ما هو جزاء الآثمين ومن سيوقع عليهم الجزاء وينفذ عليهم الحدود هل هو فضيلته ام انه سيأخذ بأضعف الايمان ويترك امر الحكام لله.

الغريب ان فضيلة المفتي يقيس على القاعدة الشرعية ((درء الضرر مقدم على جلب المنفعة)) قياساً خاطئاً على اعتبار ان القمة العربية المقبلة في دمشق ستمنع ضرراً يقع على الامة بينما الغياب عنها سيمزق الأمة وهو كلام غريب لأن القمم العربية  تعقد منذ اكثر من خمسين عاماً ويحضر الرؤساء او ينيبون آخرين عنهم او يقاطعون ولم يخرج علينا احد ليأثم الغائب ويمنح صكوك الغفران للحاضر.

ثم لو عقدت القمة في أي عاصمة عربية اخرى غير دمشق هل كان الشيخ حسون سيخرج علينا بفتواه الخطيرة والمهمة، ام انه تلقى تعليمات من حكومته لاسخدام ورقة الدين في غير موضعها، وأين كان فضيلته في قمم سابقة لم يعلق عليها ثم من يتحمل مسؤولية الجدل الذي سيندلع بين الفقهاء ورجال الدين في الفضائيات والصحف حول هذه الفتوى السياسية؟

هذه الفتوى نموذج واضح لاستغلال الدين في العمل السياسي بشكل يسيء للدين ولمن يتقلد منصباً دينياً رفيعاً يفترض ان يخصصه للدفاع عن الشريعة وتوضيح حقائق الدين للبسطاء لا ان يقحمهم ويقحم نفسه في معركة سياسية لا تليق بمقام مفتي دولة عربية كبيرة ومهمة مثل سوريا.

لا اعرف لماذا فعل فضيلة المفتي بنفسه وبنا هذه العملة، وأرجو ألا تجد هذه الفتوى صدى عالمياً وتصبح منهجاً تأخذ به المنظمات الدولية، وإلا سنجد مفتشين من منظمة الصحة العالمية يفتشون على صحة الحكام ويقررون عزل بعضهم لأسباب صحية، اما من يرفض منهم فربما تتدخل الامم المتحدة وتأمر بتجريد حملة عسكرية دولية لخلع الحاكم المريض الغائب بدون شهادة صحية عليها توقيع امين عام الامم المتحدة

===============================================================================================

القمة العربية/ ايرانية

انـزلق الوضع السياسي الفلسطيني الى ما يشبه الوضع اللبناني، ان لم يصبح اشد تعقيداً وأضحى الوقت لعبة مستحبة لدى حركة حماس اقتداء ((بحليفيها)) الاقليميين الفاعلين ان لم يكن استجابة كاملة للروزنامة المشتركة بينهما، فالعامل الايديولوجي هو المحرك للموقف النهائي بمعنى ان سيطرة حماس على قطاع غزة ليست خطوة يمكن التراجع عنها ولا التفاوض بشأنها، وان أي حوار بشأن هذا الوضع يجب ان ينتهي الى الاقرار بشرعيتها ومشروعيتها، وتأتي لعبة الوقت المستحبة من تلك الاستجابة اللفظية لكل انواع الوساطات منذ ان وافقت حماس على اتفاق مكة ووقعته، فهي بعد هذا الاتفاق لم تعمد الى الغاء خططها بشأن الاستيلاء على قطاع غزة وفرض سلطتها الخاصة وايجاد هذه الازدواجية القائمة حالياً بين سلطتين فلسطينيتين احداهما في غزة والأخرى في رام الله.

إذاً كان التوقيع على اتفاق مكة تكتيكاً سياسياً لاستكمال خططها، ولذلك حين شعرت بامكان نجاح الانقلاب اقدمت عليه آخذه في طريقها مئات الضحايا من الفلسطينيين الذين كانوا يدينون ادارياً وأمنياً بالولاء لسلطة الرئيس محمود عباس، وحين دخلت مصر على خط التهدئة لم يكن يعني قيادة حماس الا ان يكون الوضع الجديد هو المحرك لأي خطوة مستقبلية ولن تكون هناك أي وساطات عربية ناجحة الا انطلاقاً من هذا الواقع، لان الخطة البعيدة المدى لحركة حماس هي تآكل السلطة الفلسطينية بكل مكوناتها وانتشار عدوى السيطرة من قطاع غزة الى الضفة الغربية، وهو الموقف نفسه الذي يحكم سلوك حزب الله في لبنان، فإغلاق الضاحية الجنوبية بوجه الدولة هو نقطة الارتكاز للوثوب على الدولة كلها، واحتلال هذه المساحة الحيوية من وسط مدينة بيروت هو امعان في تحدي سلطة الدولة، وارهاقها باعتباره دلالة رمزية على تمدد سلطة حزب الله وخطوة نحو الانقلاب الكامل للإمساك بكامل الوطن، وابقاء باب الوساطات مفتوحاً هو مجرد خطاب لفظي محكوم بلعبة الوقت المستحبة لدى ايران في كل القضايا الشائكة وأولها مشروعها النووي.

ضمن هذه اللعبة جاءت موافقة حماس على المبادرة اليمنية، وبدأت المماحكات الكلامية التي برع فهاي الطرفان الاقليميان في لبنان/ سوريا وايران/ وأشرباها لحزب الله وحلفائه لدى تفسير المبادرة العربية واتهام عمرو موسى بالجهل باللغة العربية، فالبند الاول في المبادرة اليمنية هو عودة الاوضاع الى ما كانت عليه قبل تنفيذ حماس انقلابها في قطاع غزة وكان تفسير حماس لهذا البند مرتكزاً على ان ذلك يعني الوضع الحكومي وليس الوضع الاداري والأمني، أي ان يعود اسماعيل هنية رئيسا للحكومة ويستلم محمود عباس مقر الرئاسة في مدينة غزة، اما الموضوع الامني والادراي فليس فيه عودة الى الوراء، وان ما قامت به حماس من هيكلة الاجهزة الامنية الخاصة بها هي التي يجب ان تكون الاجهزة الشرعية للسلطة، بمعنى آخر يجب على محمود عباس ان يعترف بازدواجية السلطة الفلسطينية، او يبقى الوضع على ما هو عليه، ولذلك لم تستطع الوساطة اليمنية ولا التدخل الشخصي اكثر من مرة من الرئيس علي عبدالله صالح ان يغيرا أي شيء مما في ذهنية حماس لانها ليست في وارد فك ارتباطها العضوي بطهران عبر دمشق.

ان اخطر ما يواجه جامعة الدول العربية اليوم هو هذا الاصرار الايراني على دور الجامعة السالب، فطهران تصر على ابقاء الوضع الفلسطيني في المجال العربي لا الدولي وتستفز مصر مرة وتسترضيها مرة اخرى، وتنذر بأوخم العواقب على ألسنة اتباعها ان تم اللجوء الى غير الجامعة العربية كما هو الامر في لبنان، وفي الوقت نفسه تريد من عمرو موسى ان ينخرط في روزنامتها او فإن الفشل هو الذي ينتظر تحركه، وقد تم نصحه بزيارة طهران بشأن لبنان، لكنه لم يقع في الفخ، كما انه لم يبح بما كان قد ألمح اليه من انه سيسمي المعرقلين للحل في لبنان بأسمائهم، وها هي قمة العرب في دمشق في 29 و30 آذار/مارس لن تكون قمة عربية بالمعنى السياسي للكلمة، وانما هي قمة ايرانية بوفود عربية، لأن الازمات العربية المدوّلة لن يتم التطرق اليها كأزمة السودان والصومال، اما الازمات العربية التي يرجى من العرب دور فيها كالعراق وفلسطين ولبنان، فليس ما يشير الى ان لها بوابة حل غير البوابة الايرانية، وليس هناك ما يشير الى ان لإيران مشروعاً غير مشروعها الفارسي.

ابراهيم احمد

================================================================================================

ناصر شرارة

الحرب الامنية المفتوحة بين اسرائيل وحزب الله   (2 ) :

((ساعة ليلية)) جديدة اغتيال نصرالله!؟

((ساعة ليلية))، هو الاسم السري لعملية اغتيال الامين العام السابق لحزب الله السيد عباس الموسوي التي جرت في شباط عام 1992 .

ويتم الآن استرجاع ظروف هذه العملية لعدة اسباب لها صلة بالحرب المفتوحة الناشبة في هذه المرحلة بين حزب الله واسرائيل. وأهم هذه الاسباب :

اولاً - لأن  اغتيال السيد الموسوي جرى بأوامر مباشرة وبتخطيط من رجل هو  الآن على رأس القرار الامني - السياسي في اسرائيل، وهو وزير الدفاع الحالي ايهود باراك الذي كان آنذاك رئيساً لهيئة الاركان. حينها اشرف على العملية ثلاثة رجال ، هم بالاضافة لباراك، قائد سلاح الجو افياهو بن نون، وقائد الاستخبارات اوري ساجي.

وتتم الآن عملية مطابقة بين هذا الثنائي الذي احاط باراك نفسه به عام 1992 لتنفيذ قرار اغتيال الموسوي، بالثنائي الذي يحيط  الآن بباراك استعداداً لاغتيال السيد حسن نصرالله، ويتألف من رئيس الاستخبارات ( الموساد ) الحالي مائيير دوغان الذي يقال على مستوى واسع في اسرائيل ان تجديد مهمته في موقعه لعام اضافي، هو مكافأة لنجاحه في اغتيال الهدف الاصعب في حزب الله عماد مغنية. ورئيس هيئة الاركان غابي اشكنازي المحسوب داخل المستوى الامني في اسرائيل انه مختص بالملف الامني اللبناني، وبالتحديد بالصراع مع حزب الله، وذلك نظراً لمواكبته فترة احتلال الجيش الاسرائيلي للشريط الحدودي حيث كان مسؤولاً عن جهاز 504 الملقى على عاتقه ادارة الضربات الامنية لنشطاء حزب الله. 

ثانياً – لأن عملية اغتيال السيد عباس الموسوي جرت في مناخ يحاول باراك استعادته في هذه المرحلة لتكرار هذه العملية ضد السيد حسن نصرالله.

ويجدر في هذا المجال استعادة ظروف قرار اغتيال السيد الموسوي، ففي البداية كانت الخطة الاصلية المسماة ((ساعة ليلية ))، ترمي الى اعتقال الموسوي عبر خطفه لمساومة حزب الله باطلاق الطيار الاسرائيلي رون اراد. ولكن الاغتيال جاء بعد فشل عملية الاختطاف وبتأييد قوي آنذاك من وزير الامن موشي ارينـز.

والقرار السياسي والامني اليوم باغتيال السيد نصرالله، يعتمد على جهد امني منسق بين الثلاثي : باراك ودوغان واشكنازي. اما الغطاء السياسي شديد القوة فهو يأتي هذه المرة من رأس الحكومة ايهود اولمرت .

ثلاثة عناصر

وبحسب  مصادر امنية فان القرار باغتيال السيد نصرالله له ثلاثة عناصر يجب توفرها:

 الاول هو بناء قوة ضغط داخل المستويين الامني والسياسي في اسرائيل يؤيد العملية، وهذا الامر متوفر الى حد بعيد نظراً للمعطيات التالية :

يقول تقرير بثته القناة الثانية في التلفزيون الاسرائيلي ان اولمرت – مقارنة مع كل سابقيه من رؤساء الحكومات في اسرائيل – يستسهل القيام بعمليات امنية سرية ((جريئة))، ولهذا فهو ينتظر ان يوقع على عملية ((تصفية نصرالله)) من دون ان يتمعن بنتائج هذا التصرف. اما دوغان فقد حول جهاز الموساد الى مؤسسة تحقق الانجازات على مستوى الاغتيالات(!! ). وهذا ما دفع باراك الى التمسك به لعام اضافي. كما يعتبر اشكنازي رجلاً لديه ثأر من نصر الله، وهو معني بتصفية حساب يعود الى ايام نزاله الامني مع حزب الله خلال فترة وجوده كمسؤول عسكري اول في الشريط الحدودي ايام احتلاله من قبل اسرائيل. وبهذا المعنى يبدو ان باراك نجح في انشاء لوبي سياسي وامني داخل القرار الحاكم في اسرائيل لمصلحة تنفيذ عملية امنية ضد السيد نصر الله. ولكن هذا الامر مع اهميته لا يبدو كافياً لوحده لتمرير سيناريو الاغتيال.

جدل حول اغتيال نصر الله

العنصر الثاني الذي يجب توفره، هو تحجيم قوة المعارضة السياسية داخل الحكومة والامنية داخل المستوى الامني في اسرائيل لهذه العملية. وفي هذا المجال يلاحظ ان وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيـبي ليفني لم تكن متحمسة لقرار اغتيال نصر الله، على عكس موقف اولمرت ووزراء شاش وآخرين. فبعد توقف حرب تموز عام 2006 ، دار جدل داخل الاتجاهات السياسية في حكومة اولمرت، ادت الى التوافق على خلاصات والاختلاف على اخرى، وكان موضوع اغتيال نصر الله احد اهم مواد هذا الجدل.

تقول ((معاريف)) في وصفها لهذا الجو، انه مع حلول شهر ايلول/سبتمبر عام 2006 تراجعت اسرائيل عن قرارها: اغتيال نصر الله، بعد ان كانت طالبت طوال الفترة التي اعقبت وقف ((الاعمال العدائية))  باغتياله، خلافاً لموقف شعبة الاستخبارات العسكرية . ولكن فجأة  تم الأخذ بنصيحة شعبة الاستخبارات التي قالت في تبرير عدم تأييدها للاغتيال، بأن المجتمع الدولي لن يقبل هذه العملية، وانها قد تؤدي الى تجدد الحرب بشكل أعنف.

وظل هذا القرار سائداً حتى يوم 21/1/2008 عندما انعقد مجلس الوزراء الاسرائيلي في توقيت تزامن بعد يوم واحد من خطاب السيد نصر الله بذكرى عاشوراء، والذي اعلن فيه عن وجود اشلاء في حوزة الحزب لجثث جنود اسرائيليين قتلوا في حرب تموز/يوليو 2006 . ولقد استفز هذا الكلام المستويين الامني والسياسي في اسرائيل، ونظروا اليه على انه اهانة يوجهها نصر الله لمعنويات الشعب الاسرائيلي في تطوير غير مسبوق  لحربه النفسية ضدهم، وحصل في تلك الجلسة الحكومية اجماع على ضرورة  ((تصفية نصر الله)) . ويلاحظ في تلك الجلسة انه تم وضع اغتيال نصر الله في اطار آخر ابعد اثراً من كونه عملية امنية. فبعض الوزراء المتطرفين اعتبروا ان قتل نصر الله يجب ان يتم لاسباب اخلاقية تخص الذاكرة الجماعية اليهودية، وذلك لكونه استعمل في خطابه الذي تحدث فيه عن وجود اشلاء جنود اسرائيليين في حوزته، مصطلحات قاسية حيث سمى هذه الاشلاء بعبارات من نوع  ((ارجل)) و ((ايدي)) و ((رؤوس)) الخ .. وبعض هؤلا الوزراء شبهه بـ  ((هتلر))  للدلالة على افعال الاخير القاسية بحق اليهود.

محاولات

وشهدت تلك المرحلة نوعاً من عملية ((جلد الذات)) في اسرائيل، وذلك لكون الجيش الاسرائيلي توافرت له غير فرصة بعد وقف القتال في تموز العام 2006 لقتل نصر الله ولكنه فشل او لم يفعل .

وفي هذا السياق كشفت اسرائيل عن عدة محاولات جرت او انه تم الامتناع عن تنفيذها . الفرصة الاولى لاغتياله توافرت حسب الصحافي العسكري الواسع الاطلاع ، الون بن ديفيد، عندما ظهر نصر الله في مهرجان النصر، ولكن اسرائيل امتنعت حينها عن  ((تصفيته)) خوفاً من ان يستدرج ذلك رد فعل على نحو اطلاق صواريخ على مستعمرات الجليل، وهو امر لم تكن ترغبه اسرائيل غير الراغبة في اعادة  انزال المستوطنين الى الملاجئ بعد فترة وجيزة من خروجهم منها، خاصة وان العملية كانت ستجري عشية راس السنة العبرية.

ولكن شاي مزقاني مراسل القناة العاشرة العسكري في التلفزيون الاسرائيلي يعطي سبباً اضافياً لعدم تنفيذ هذه العملية، وهو ان اسرائيل تفضل اغتيال نصر الله بهجوم جوي عن بعد وعلى نحو لا يترك بصمات واضحة، وهو امر ما كان سيتوفر في عملية يوم النصر . ويكشف مزقاني انه بعد 14 آب/اغسطس  2006 بعدة ايام، وصلت معلومات الى احد اجهزة الامن الاسرائيلية تفيد بأن نصر الله سيظهر علناً في احتفال ما في احدى البلدات الشيعية . وعندما رفع الجهاز هذه المعلومات الى المستوى السياسي في اسرائيل اعطى الاخير الامر بتصفيته، لكن عدم ظهوره علناً في هذه المناسبة احبط العملية.

وتعود فكرة اغتيال نصر الله في اسرائيل الى العام 2002 ، والقرار بشأنها اتخذه رئيس الحكومة انذاك ارييل شارون الذي كان يؤمن بأن الحرب ضد حزب الله هي حرب مركبة امنية وسياسية واقتصادية بأكثر مما هي عسكرية صرفة تعتمد على المواجهة. كانت الفكرة عند شارون تعتمد على تفكيك حزب الله امنياً وعزله عن قاعدته الشعبية وتجفيف مصادر تمويله وتسليحه. ويقول ضابط اسرائيلي يهودي من اصل روسي منشق عن الموساد، يدعى ميشقية بن ديفيد، في كتاب الفه مؤخراً ان خلية من الموساد توجهت في العام 2002 الى بيروت لتنفيذ مهمة اغتيال نصر الله، لكن العملية فشلت وسط فضيحة امنية كبيرة، اذ ان عناصر الخلية استطاعوا الهروب من بيروت بصعوبة، مما اضطر شارون الى اقالة الضابط المسؤول عن العملية . وحاول هذا الاخير بعد عام على فشله ان يذهب الى ببروت لتنفيذ العملية بشكل شخصي لكن الضابط المسؤول عنه منعه من ذلك حتى لا تتكرر الفضيحة.

وكانت ايضاً جرت محاولة ثانية في العام 2002، حيث خططت اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية، لاغتيال نصر الله خلال يومي السادس او السابع من شهر حزيران/يوليو من ذاك العام اثناء حضوره المؤتمر القومي الاسلامي في بيروت، لكن نصر الله في اللحظة الاخيرة لم يحضر المؤتمر. وحتى الآن يسود جدل في اسرائيل عن سبب عدم مجيئه، فهل الامر يتعلق باحترازات امنية نفذها امنه، ام انه اصيب، كما تقول بعض التقارير، بانفلونزا طارئة مما انقذه من انفجار سيارات ملغومة في موكبه كانت وزعت على كل الطرق التي يجب عليه سلوكها للوصول الى مقر المؤتمر. 

العنصر الثالث الذي يجب توفره لنجاح مهمة اغتيال نصر الله، يتمثل في انجاز ملف معلوماتي كامل عنه وعن حركته وعن سلوكه اللاواعي . وهذا امر ليس متوفراً لدى اجهزة الامن الاسرائيلية حتى الان، كما يقول وزير الدفاع الاسرائيلي السابق عمير بيرتس الذي يضيف (( ان اسرائيل لا تملك ملفاً عن نصر الله .ولقد تم تكليف طاقم من الاستخبارات العسكرية بعد حرب تموز باعداد هذا الملف، وما يزال هذا الطاقم يعمل حتى الآن . وقبل اكتماله لن يكون اغتياله ممكناً)) .

ومن مجمل المتابعات للنقاش الاسرائيلي منذ العام 2002 وحتى الان، يلاحظ ان اغتيال نصر الله يشكل هدفاً جوهرياً في الحرب الامنية المفتوحة ضد حزب الله . فهذا الهدف على صلة بتحقيق نظرية تفكيك هذا الحزب، وهو ايضاً على علاقة باضعاف مستوى التحكم بين القيادة وبين قاعدة الحزب، كما انه يعطي الجمهور الاسرائيلي شعوراً بأن صدقية اسرائيل اقوى من صدقية حزب الله . وهذا امر في غاية الاهمية لأنه يتصل بالجهد الاسرائيلي الاستثنائي لتدعيم الجبهة الداخلية التي اخذت النظرية العسكرية الاسرائيلية الجديدة تعتبرها الخاصرة الرخوة في اية حرب جديدة بين العرب واسرائيل.

تكرار سيناريو ((ساعة ليلية))

ويعتبر باراك ان هذا الهدف هو تحد شخصي بالنسبة اليه، فنجاحه في تأكيد شخصيته الامنية، سيكرس موقعه الحالي كآخر  ((ملوك اسرائيل)) بعد شارون. والطريق الى ذلك يمر بنجاحه في اغتيال نصر الله، ولكن بشرط ان لا يستتبع ذلك حرباً، خاصة اذا لم تكن مخططة اسرائيلياً سلفاً. وانطلاقاً من الاعتبارات الآنفة جميعها يدور تكهن قوي في اسرائيل بان باراك يخطط لتكرار تنفيذ سيناريو  ((ساعة ليلية)) التي ادت الى اغتيال السيد الموسوي . فالعملية الاخيرة وضعت في مسودتها الاولى هدف خطف الموسوي لمقايضته بـ أراد، ولكن صعوبة تحقيق هذا الهدف جعل باراك يطورها ليصبح المطلوب اغتياله من دون ضحايا مدنيين . وعلى هذا فان باراك اعطى تعليماته صباح يوم احد ايام شباط/فبراير 1992 لاربع مروحيات من طراز اباتشي بالانتظار في حالة تأهب في مطاري محانيم وفي مهبط بيتست . وكان على هذه الطائرات ان تنتظر ثلاث ساعات قبل ان يأتيها الامر بالانطلاق لمطاردة موكب الموسوي الذي كان عائداً من مهرجان في بلدة جبشيت. كان الموكب مؤلفاً من سيارت سوداء متشابهة ومن سيارة جيب للحراس  وسار الموكب بسرعة . وتعرفت طائرتا اباتشي المكلفتان بالهجوم على سيارة الموسوي ، ولكنهما اضاعتاها بعدما بدأت سيارته تغير موقعها بين سيارات الموكب. وهنا صدرت الاوامر بأن يتم قصف كل الموكب حتى لا تضيع فرصة اغتيال الامين العام السابق لحزب الله .

ويلاحظ هنا ان باراك اضطر لان يجري تعديلاً ثانياً على الخطة، وهو قتل جميع من في مسرح موكب الموسوي، بعد ان كان استبدل هدف الخطف بهدف الاغتيال .

والتعديلات نفسها يجريها اليوم باراك على خطة اغتيال نصر الله . ففي البداية تم التراجع عن هذا الهدف، ولكن باراك اعاد احياءه مستغلاً خطاب نصر الله عن اشلاء الجنود الاسرائيليين الذين بحوزة حزب الله من مخلفات حرب تمور. وكانت الخطة المتجددة بقتل نصر الله في نسختها الاولى بعد حرب تموز تلحظ ان لا يتم اغتياله وسط حشود جماهيرية حتى لا تبدو العملية بمثابة مجزرة حقيقية، ولكن باراك نظراً لصعوبة ايجاد الهدف وحيداً، خاصة مع غياب ملف خاص عنه، قرر ان يتم اغتياله لحظة توفر الفرصة، حتى لو ادى ذلك الى قصف مجمع سكني على رؤوس كل سكانه او ضربه وسط حشد جماهيري كثيف . المهم ان تتم العملية من الجو وعن بعد لان اغتياله بهذه الطريقة يجعله من دون بصمات اسرائيلية واضحة ..

 

==================================================================================================