وثوائق تتناول مذابح الشعب السرياني الكلدوأشوري

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=17803
http://beth-nahrin.ahlamontada.com/montada-f3/topic-t2.htm
http://www.freesuryoyo.org/index.php?option=com_content&task=view&id=29&Itemid=2
http://www.freesuryoyo.org/index.php?option=com_content&task=view&id=32&Itemid=2&PHPSESSID=4715cd46072925901de4c0cab547cefe
http://www.freesuryoyo.org/index.php?option=com_content&task=view&id=45&Itemid=2&PHPSESSID=4715cd46072925901de4c0cab547cefe

 

----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

مطالبة الاتراك والاكراد بالاعتذار عن مذابح السريان

بيث نهرين :: مذابح الشعب السرياني الكلدوأشوري

شمعون دنحو

الأحد ديسمبر 16, 2007

تعرض الاشوريون الكلدان السريان الى إبادة عرقية ومذابح فظيعة ومروعة من قبل الاتراك بالتعاون مع الكثير من العشائر الكردية، اثر اعلان الدولة العثمانية قرارها باقتلاع الارمن من أراضيهم التاريخية في 24 نيسان 1914. صحيح أن حملات الابادة، التي وصلت ذروتها في صيف عام 1915، حملت اسم الارمن كعنوان عريض وبارز، الا ان حقيقة الامر لم تكن كذلك البتة. فمن الناحية العملية، وعلى ارض الواقع، كانت الدعوة واضحة الى ابادة كل المسيحيين في تركيا بدون التفريق او التمييز ما بين سرياني "كلدوآشوري" أو يوناني او ارمني.

 

وقبل هذه الحملات الدموية، تغاضى العثمانيون عن حملات التطهير العرقي التي الحقها الزعيمين الكرديين المعروفين محمد الرواندوزي وهو امير امارة سوران (1831 – 1836)، وبدرخان بك امير بوتان (1843 – 1846) بـ قرى السريان الاشوريين بمناطق هكاري وطورعبدين وزاخو ونوهدرا وسهل نينوى واربيل وغيرها. وكان من أهم نتائج حملات التطهير العرقي التي ارتكبها العثمانيون والاكراد على مر قرن كامل من الزمان، تغيير الخارطة الاثنية واللغوية والدينية لعموم اعالي الرافدين (شمالي العراق وجنوب شرقي تركيا) لصالح الاكراد. ولعل المفارقة هنا هي أن أغلبية المناطق والاراضي التاريخية السريانية أو الارمنية قد تكردت ولم تتحول الى مناطق ذات اغلبية تركية أو عربية...!؟ فحينما وقع ضحية شعارات "الجهاد" والتطرف الديني والقومي، مليون ارمني ونصف مليون شهيد سرياني كلدوآشوري، لم يتجاوز عدد الاكراد في تلك الغضون - حسب أغلبية المؤرخين والمستشرقين سوى ( (2.5مليون نسمة على ابعد تقدير في كل بلاد فارس واراضي الامبراطوريتين العثمانية والروسية!؟ فالمستفيد الأول والاخير من عملية ازاحة السريان والارمن عن مناطقهم التاريخية كان الاكراد. هذه الحقيقة التي تدعمها معطيات الواقع الجغرافي والسكاني الحالي لأعالي ما بين النهرين، كانت حقيقة غائبة أو تم تجاهلها من قبل صانعي القرار في الباب العالي سابقا وكذالك في بغداد ودمشق لاحقا! مسؤولية تركية أم كردية! تثير مسألة الابادة العرقية التي تعرض لها السريان في مطلع القرن الفائت، جدالا واسعاً ما بين السريان أنفسهم من جهة، والاكراد والاتراك من جهة أخرى، حينما يتعلق الامر بتحديد الطرف المسؤول عن تلك الحملات الدموية. فكلا الطرفين (التركي والكردي)، يرميان المسؤولية على الطرف الآخر. وهنا لا بد من توضيح نقطتين أساسيتين في هذه القضية الحساسة، علما أن المسؤولية القانونية تتحملها الدولة العثمانية التي كان عليها واجب ومسؤولية حماية مواطنيها "رعايها" من اعتداءات الاكراد وليس زيادة الطغائن وصب المزيد من الزيت على النار المشتعلة!؟

 

أولاً: الدور التركي: اراد الاتراك عن طريق الفرق الحميدية الدموية التي شكلها السلطان عبد الحميد (1842 – 1918)، القضاء نهائياً على غير الاتراك، وخاصة المسيحيون منهم (السكان الاصليون)، بهدف تحقيق حلم سلاطنة آل عثمان (تركيا الكبرى)، وخلق (تركيا الجديدة) خالية من الأقوام "الغريبة"، والأهم من كل هذا ضمان ديمومة السيطرة على منابع النهرين العظيمين دجلة والفرات، مما فسح المجال للاتراك، بعد مرور عقود طويلة، باستخدام ورقة المياه الرابحة ضد سوريا والعراق كلما تطلبت الحاجة!؟ وفي تلك الغضون تحالف ابناء الرافدين (السريان) - اثر اندلاع شرارة الحرب العالمية الاولى عام 1914 – مع قوات التحالف ضد العثمانيين، على أمل تحرير الارض السورية من نير العثمانيين. فكان الرد التركي على مطالب السريان السوريين بالتحرر والانعتاق هو اقتلاعهم نهائيا من اراضيهم التاريخية، وأصبح الاكراد المتحالفين مع العثمانيين أفضل اداة قاتلة بيد الباب العالي، ولو لا المساهمة الكردية في مذابح السريان لما استطاع الاتراك تطهير المنطقة من السريان!؟! وبعد ان انتصر العثمانيون في حروبهم على الشعوب المسيحية المحلية الضعيفة، تحولت المناطق والقصبات التي تكردت (منطقة الجزيرة)، من جراء المذابح، الى محور رئيسي للنزاع الذي ما زال قائما ما بين الاتراك المنتصرين على السريان والارمن، والاكراد الطامعين في نزع هذه المناطق من الاتراك لضمها الى مشروع (كردستان الكبرى)!؟

 

ثانيا: الدور الكردي: عندما نتحدث عن المذابح التي اقترفها الاكراد بحق السريان في اعلي ما بين النهرين، فإننا نتحدث في واقع الامر عن مذابح بدأت مع حملات التصفية العرقية التي ارتكبها محمد الرواندوزي امير سوران في عام 1831 حتى مذبحة عامودا في الجزيرة السورية التي جرت عام 1937. فخلال اكثر من مائة عام لم تتوقف المظالم والمذابح وحملات الابادة التي الحقها الاكراد بالسريان المسيحيين! والجدير ذكره، انه عندما قاما محمد الرواندوزي وبدرخان بك باقتلاع الاف السريان الاشوريين لم يكونا خاضعين للاتراك، بل كانا قد اعلانا استقلالهما، أي بمعنى اخر، كان لهما حرية القرار واستقلاله، ومن هنا نحملهما مسؤولية ذبح الاف السريان وبالتالي تكريد القرى والبلدات العراقية والسورية! أما بخصوص اشتراك الاكراد بمذابح (1914 – 1919) الى جانب العثمانيين ضد السريان، كان بهدف التخلص من السريان واقتلاعهم من مناطق هكاري وطورعبيدن والعمادية وسهل نينوى وضواحي اربيل وقرى السريان في الجزيرة السورية، لأن أجزاء من الاراضي السريانية كانت تحول دون التحاق والتحام مناطق الاكراد مع بعضها البعض. فمثلا شكل الاشوريون السريان في جبال هكاري سورا منيعا وحصينا وعقبة في طريق عملية التواصل الجغرافي والسكاني ما بين اكراد اذربيجان (مناطق اورميا وسلامس واورامر) مع المناطق التي تحولت الى كردية في جنوب شرقي تركيا. وشكلت جبال طورعبدين، التي ضمت قبل حملات التطهير العرقي اكثر من 250 الف سرياني، بقعة سريانية متراصة منعت الانتشار الكردي باتجاه الغرب نحو نهر الفرات. وكان للاكراد الى جانب الحكومة التركية دورا واضحا في طرد السريان من هذه الجبال التي أصبحت ذات اغلبية كردية بعد مذابح 1914 – 1919. وينطبق هذا الكلام على الجيوب السريانية في سهل نينوى وضواحي اربيل والقرى السريانية في الشريط الممتد من منطقة نوهدرا (دهوك) في اقصى شمال غربي العراق ونزولا الى اطراف مدينة الموصل.

 

وفي خضم القلاقل والفوضى التي انتشرت عقب اندلاع الحرب الكونية الاولى، استثمرت واستغلت تركيا مشاعر الاكراد الدينية، وحرضتهم على الحرب المقدسة ضد (الكفرة: السريان والارمن). ونفذت بعض الفصائل والعشائر الكردية بامانة وطيبة خاطر مخطط العثمانيين الذي تضمن التخلص نهائيا من السوريين السريان. ولم يتضامن اكراد تركيا مع العثمانيين فحسب، بل استجاب كذلك اكراد ايران والعراق لنداء الباب العالي وهو دعوة صريحة للقضاء ليس على مسيحيي تركيا فقط بل واقتلاع السريان الاشوريين من شمالي العراق الحالي وبلاد فارس. فقامت الكثير من العشائر الكردية باقتلاع السريان الكلدواشوريين في قصبات برور وزاخو والعمادية وغيرها من المناطق العراقية. وعلى سبيل المثال، يذكر الاب جوزيف نعيمة، في كتابه (ايجب ان تموت هذه الامة، طبع عام 1920)، وهو من عاين بام عينيه اثار المذابح ووثق شهادات الكثير من الضحايا، ذكر ان اكراد العراق قد اشتركوا بحملات التطهير العرقي ضد مسيحيي العراق (الكلدان) ويقول: (خلال فترة احتلال جيوش الحلفاء في شهري حزيران وتموز من عام 1919، تعرضت مقاطعتين كلدانيتين وهما العمادية وزاخو القريبتين من الموصل واللتين كانتا آمنتين نتيجة الجهود المضنية لبطريرك بابل الى هجوم القبائل الكردية التي قتلت الرجال وسلبت الممتلكات وعبثت بكل شيء ثم اختطفت النساء والفتيات..). ما عن اشتراك اكراد ايران في حملات اقتلاع المسيحيين تلبية للنداء العثماني، فقد لخصها الباحث الروسي باسيلي نيكيتين في كتابه (الكرد، ص 340 – 341) فيقول: (وخلال الحرب العالمية الأولى رفعت جميع العشائر القاطنة جنوبي بحيرة اورمية، رغم ما أقره البرلمان الايراني بشأن الحياد وعدم التدخل الى جانب أي من طرفي النزاع، راية الجهاد المقدس بتحريض المشايخ وأحيانا خلافا لرغبة رؤساء العشائر أنفسهم. ... لم تكن استجابة الكرد، رغم أنهم ليسوا مسلمين متعصبين، لنداء الجهاد الى الحرب المقدسة المعلن من قبل القسطنطينية، أقل من استجابة الترك... فالكرد حتى في ايران، تبنوا القضية التركية وشكلوا وحدات المتطوعين الأساس تحت راية الجهاد المقدس، لأنهم كانوا يرون فيه، قبل كل شيء، مناسبة سانحة لإظهار قابليتهم الحربية، على حساب المسيحيين. ليست مهمتنا هنا نقد الجهاد المقدس الذي تسنت لنا الفرصة المؤلمة لرؤيته من موقع مسؤوليتنا في القنصلية الروسية في أورمية). ويضيف الباحث نيكتين في موضع اخر (إن تعطش الرحل[1][1] الكرد للدم يفوق تعطش غيرهم من الرحل كما تثبت ذلك المذابح المتكررة للمسيحيين التي يتحدث عنها بعض الرحالة).

 

مواقف كردية مشرفة ! من أجل سحب البساط من تحت اقدام البعض من المغالين الاكراد الذي يبدو أنهم مستعدون للهجوم على كل من ينتقدهم نقول، اننا عندما نتحدث عن حملات التصفية العرقية التي الحقها الاتراك بابناء الرافدين من السريان الكلدان الاشوريين، والدور الكردي فيها، فإننا لا نتهم كل الاكراد، ولا كل الاتراك. ونحن ممن يقولون ان هناك الكثير من الامثلة والوقائع التي تشهد أن جموعا غفيرة من الاكراد والاتراك لم تشترك في تلك الحفلات الدموية. ويذكر نيكيتين – على سبيل المثال - في كتابه[2][2] (الكرد) عن شخصية كردية (الملا سعيد) وقفت ضد حرب الجهاد المقدسة، لكن هذه الاصوات الخيرة وللاسف الشديد، لم يكن لها المقدرة على وقف المذابح او الحد من الحملات التكريدية! يقول نيكيتن عن الملا سعيد: (كان الملا سعيد واحداً من بين الكثيرين من الكرد المثقفين، وقف دون خوف او وجل ضد صيحات الجهاد المقدس. وقد أوقف بسبب من مواقفه تلك من قبل السلطات التركية وقدم للمحاكمة لأنه أفتى بعدم شرعية نعت تلك الحرب بالجهاد المقدس. وقد قال في معرض دفاعه عن نفسه أمام المحكمة: "إنني لست مسؤولا بموجب أحكام الشريعة ولا بموجب القوانين الوضعية لأنني لم أجد في شريعتنا ما يأمر بقتل أناس أبرياء لا يؤذون أحداً. .. فإني أعتقد أن تقوى شيخ الإسلام وعلمه وكذلك عدالة الخليفة ورحمته واسعة، وهي أوسع من أن تسمح بإصدار فتوى تأمر بقتل الفقراء من الرعايا (المسيحيين النسطوريين) ونهب أموالهم، والذين لم يرفعوا منذ بداية الإسلام وحتى الان السلاح بوجه المسلمين، ولم يعلنوا حرباً ضدهم"). معاناة السريان بعد قيام الجمهورية التركية وولادة حزب العمال الكردستاني! لم تنته معاناة السريان (الكلدوآشوريون) في جنوب شرقي تركيا (جبال هكاري وطورعبدين ونصيبين وامد وماردين والرها ...) بعد توقف حملات التطهير العرقي ضدهم خلال أعوام 1914 - 1919. ولم ينعم السريان بالسلام والطمأنينة حتى بعد تحول تركيا في اذار 1924 الى دولة علمانية في عهد كمال اتاتورك، وظهور احزاب كردية معاصرة عوضاً عن الآغاوات والاقطاعيين الاكراد ؟

 

فتركيا لم تعترف بحملات التطهير العرقي التي اقتلعت الاف السريان من مناطقهم التاريخية، ولم تقر دستوريا بوجودهم التاريخي في أعالي ما بين النهرين. وعوضا عن ذلك قامت بتتريك أسماء أغلبية المناطق السريانية في جنوب شرقي تركيا لمحو اثار أبناء الرافدين، ومنعت تركيا تدريس لغة سوريا القديمة (السريانية) او التحدث بها، كما قامت عام 1985 بتشكيل ميليشيات تتكون من الاكراد سميت بـ (حراس القرى)، على غرار الفرق الحميدية التي شكلها السلطان عبد الحميد عام 1890 م لضرب السريان والارمن. وكان هدف تركيا واضحا من وراء تشكيل ميليشيات كردية (حراس القرى)، وهو ضرب الاكراد ببعضهم البعض من جهة، وطرد ما تبقى من السريان من جنوب شرقي تركيا من جهة أخرى. أما عندما طفا حزب العمال الكردستاني على السطح بشدة منذ أن اعلن الكفاح المسلح بوجه الحكومة التركية عام 1984، مارس هذا الحزب التحرري شتى صنوف الضغط على القرى السريانية (وكذلك الكردية) لتقدم لأعضائه ومناصريه المال والمأوى والمأكل والملبس! وعندما كان يستجيب السريان لهذه المطالب خوفا من القتل والانتقام، كانت تأتي دبابات وقطعات الاتراك العسكرية لهدم القرى السريانية واتلاف أراضيها ومحاصيلها الزراعية كعقوبة لتقديمها الدعم للمتمردين الاكراد، كما حدث في التسعينات من القرن الماضي في قرى حسانا وميدون وديرو دو صليبو وقرية دير قوبا وغيرها. والعكس صحيح، مثلما حدث في قرية بنيبيل السريانية عندما اغتال حزب العمال الكردستاني عام 1990 أربعة من خيرة رجالات القرية، بذريعة تعاونهم مع الحكومة التركية، بينما الحقيقة كانت أن هؤلاء قد وقفوا بعزم ضد الهجرة السريانية المدمرة من طورعبدين، فكانت الغاية من قتلهم هي ترويع وتخويف أهالي القرية واجبارهم على انتقاء خيار الهجرة حلاً لخلاصهم. والانكى من هذا وذاك، ان حزب الله "الكردي" قام بدوره بتصفيات جسدية مرعبة استهدف النخب السريانية المثقفة، وأناس واطفال ابرياء بحجج دينية واهية لا تمت الى الدين الاسلامي بصلة. كل هذه الخروقات والمضايقات ادت الى طرد اكثر من 150 الف سرياني من جبال طورعبدين منذ اندلاع ثورة حزب العمال الكردستاني ضد الحكومة التركية، هذا عدا الهجرة الجماعية للسريان من مدينة الرها (اورفا) التي حدثت عام 1924 بسبب الظلم التركي والكردي، حيث بنى هؤلاء المهجرين في حلب الى جانب أبناء جلدتهم السريان المسيحيين والمسلمين، حيا خاصا بالرهاويين سمي بأسمهم حتى يومنا هذا حي السريان.

------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

مذابح السريان 1915

العالم كله يلتقي في طور عبدين صورة مُركَبة حول معاملة المسيحيين الغير أرمن

البروفيسور دافيد غاونت

ترجمها عن الانكليزية: رعد ملكي

السويد تشرين الأول 2004

اعمال اجرامية, مذابح ونهب بدأت في شهر حزيران في مناطق طور عبدين (مدياد سنجاق) 1 . منذ شهر ايار وصلت الى هذه المنطقة بعض الاخبار عن ماكان سيحدث عن طريق اشخاص كانوا قد نجوا وهربوا من دياربكر, حيث اعتقالات وتهجير المسيحيين كانت قد بدأت في ذاك الشهر. منطقة طور عبدين مكونة من قرى كبيرة على الأغلب سريانية أو كردية , مع بعض التواجد العربي بشكل قَبَلي. هذه المنطقة لم تكن غريبة عن الحروب فكان هناك بعض من هذه القرى التي

اُستُخدمت كقلاع مسبقاً لذلك بدأ السريان بترميمها و تحسينها, بتقوية الجدران وتموين الطعام و تعبئة فوارغ الرصاص و صنع البارود. بدأ عدد قليل من سكان هذه القرى السريانية باللجوء الى هذه القرى المحصنة نوعاً ما.

 

القرى المحصنة كانت آزخ (لم تكن بعيدة من الجزيرة) و عين وردو (قرب مدياد) و دير الصليب التي تقع حوالى 30 كم شمال شرق مدياد و حاح التي تقع حوالى 20 كم شمال شرق مدياد و باسبرين الواقعة25 كم شرقي مدياد و بيت ديبـي (الواقعة في جبل إزلو قرب نصيبين)2. بالإضافة الى ذلك فكانت بعض الاديرة الكبيرة قد اُستُخدمت كقلاع ومنها مار ملكي في جبل إزلو, دير الزعفران خارج مردين, ودير مار كبرئيل قرب مدياد. اغلب القرى المحصنة نجحت في صد الهجمات الأولى والتي كانت معظمها هجمات قبائل كردية, و لكن القرويون بقوا في قراهم طوال الصيف ولم يفلحوا اراضيهم ولا رعوا مواشيهم.عوضاً عن ذلك بدأ بعضهم بالهجوم على القرى الكردية ليلاً للحصول على الطعام, هذه الهجمات ادت حتما الى قتل بعض الأكراد وإيصال اخبار الوضع المتأزم في طور عبدين الى السلطات العثمانية التي قررت القدوم بالجيش.

بحكم وفرة الوثائق لدينا سنُرَكز هنا على قرية آزخ التي كانت كبيرة ومعظمها من السريان الغربيين3 واقعة في ميسوبوتاميا العليى ويسكنها حوالى الف شخص, قرب بدأ المذابح إلتجئ حوالى مائة عائلة سريانية من القرى المجاورة الى آزخ. حسب القصة الشفهية عن طريق حنّو في بداية الحصار تجمع كبار المنطقة بقيادة المطران بهنام عقراوي لاختيار قائداً للدفاع. هذا تم بالقرعة ووقع الخيار على يشوع حنا كورية [يشوع حنا كبري] بسحبه الورقة التي كان مرسومٌ الصليب عليها. هو بدوره اختار مساعدين له وتعاونوا على بناء تحصينات وحفروا خنادق سرية, مجموعة منهم صنعت طلقات لبواريد الفلينتلوك حسب اقوال حنّو حلف هؤلاء المقولة التقليدية: 4 "لا تمت في الخزي والعار, كلنا سنموت يوماً".

 

في 1 حزيران حاصرت قبائل كردية قرية آزخ, ومباشرة حرقوا حقول الزرع و كروم العنب والفاكهة. بذلك بدأ اطلاق النيران وسقط ضحايا في كلا الطرفين, تراجع بعدها الأكراد. في الثاني من الشهر ذاته, بعد يوم واحد, عاود الأكراد الهجمات ولكن هذه المرة بعدد اكبر من القبائل و نجحوا في التقدم الى السور الخارجي لآزخ ولكنهم أُجبروا الى التراجع بعد خصائر كبيرة. على هذا المنوال استمرت الهجمات سبعة ايام, في اليوم الثامن انسحبت بعض القبائل الكردية ولكن الباقون منهم استمروا في حصار و مهاجمة القرية ليلاً ولمدة اربعون يوماً. خلال تلك الفترة كانت بعض القبائل الكردية قد رحلت.بسبب الحصار الطويل لم يبق في آزخ إلا القليل من الماء والطعام مما أَجبَر الآزخيون الى مهاجمة القرى الكردية المجاورة باستغلال عتمة الليل ونهب الطعام لتقاسمه بالتساوي فيما بعد 5.

 

هاجمت القبائل الكردية في المنطقة المذكورة قرى اخرى ايضا هذه الهجمات كانت قوية وقاسية على بلدة الجزيرة, حيث بدأت عدة موجات من المذابح الكبيرة في شهر آب, هذه المذابح كانت منظمة من قِبَل كبار المسلمين والسياسيين و وجهاء ديار بكر عاصمة المنطقة. على إثر مذابح الجزيرة بدأت السطات بمناقشة عمل مُرّكز للتعامل مع مسيحيي طور عبدين, اللذين لم ينجوا فقط من الحصار وانما بدئوا بالسطو على القرى للحصول على الطعام.يقول حنو: ان زعماء المنطقة "ارسلوا تقريراً إلى الحكومة يتهمون فيه السريان بكونهم مقاتلون أرمن ويتهمونهم ايضا بتدمير القرى في المنطقة. فور وصول هذا التقرير الى السلطات, ارسلت تلك فرقة بقيادة عمر ناجي مكونة من 8000 عسكري كامل العتاد إلى آزخ, هؤلاء العساكر انضموا الى المقاتلين الأكراد من قبائل الأكراد في نصيبين و شرناق و تل عفر. حاصرت هذه القوات آزخ في 1 تشرين الأول 1915" 6 .

 

هناك وثائق تُثبت بعض هذه التفاصيل في القصة الشفهية المحكية. فالشهادات الشفهية تدلو وبصحة اسم القائد العسكري عمر ناجي, كقائد للقوات العثمانية هذا الشخص بالذات له اهمية خاصة لعلاقته السياسية مع القيادات السياسية العليى. كان منذ فترة طويلة عضو لجنة التوحيد والتقدم. ينحدر من اصول جركسية قوقازية, التي جعلته محترماً في أوصات الدعوى التركية, لعب دوراً كبيراً كمتحدث مُحمِّس في إنقلاب الباب العالي في 23 كانون الثاني 1913 الذي سهل الطريق امام ديكتاتورية أنور باشا و طلعت باشا. ودُلَّ عليه ايضاً كعضو في المنظمة الخاصة (التشكيلات المحسوسة) التي كان دورها تنفيذ السياسة "الضد أرمنية". خدم ايضاً كجاسوس في ايران قبل الحرب 7 . و وردَ ا سمهه على قائمة الفرنسيين كمشتبه مجرم حرب وكان سيُعتقل بعد انتهاء الحرب ولكنه مات في بداية سنة 1916 ولذلك لم تتم محاكمته  8. بالصدفة كانت فرقة ناجي مارة من قرب طور عبدين في مهمة خاصة الى ايران بصحبة فرقة ضباط المانية, كلهم كانوا تحت قيادة الجنرال كميل باشا قائد الجيش العثماني الثالث المتمركز في إرزيروم. الجيش الثالث كان المقر الأعلى التنظيمي للتشكيلات المحسوسة في شرق اناطولية  9. عمر ناجي تلقى أوامر من قيادته بالتوقف للإشتراك في العمليات ضد المسيحيين في طور عبدين.

 

على كل حال القصة الشفهية المحكية فيها تفصيل واحد خاطئ و هو ان تاريخ حصار آزخ لا يمكن ان يكون 1 تشرين الأول بل على الأغلب 1 تشرين الثاني . حملة عمر ناجي بي غادرت إرزيروم في بداية تشرين الأول وحسب التعليق الذي كتبه احد الضباط الالمان المشتركين في الحملة, بأنهم بدئوا الأنتقال على مياه دجلة على طوافات خشبية مصنوعة من جذوع الأشجار في 25 تشرين الأول و وصلوا الى الجزيرة بعد ثلاثة ايام 10, لذلك العمليات ضد آزخ يجب ان يكون بَدأ تنظيمها في اواخر تشرين الأول و تم تنفيذها في بدايات تشرين الثاني. مُفكَرة يوسف شاهين سجلت ايضاً قدوم الجيوش في بداية تشرين الثاني.

 

في صفوف القوات الالمانية المسافرة مع عمر ناجي, كان هناك شخص تَشَّكره فيما بعد آدولف هتلر في ماين كامب وهو "ماكس فون شيوبنر-ريختر" كان ضابط من جذور بلطيقية-المانية, خدم كنائب قنصل في إرزيروم في ربيع 1915, وبحكم منصبه ارسل عدة تقارير على المعاملة القاسية للأرمن, التي لم يؤيدها هو, وبالرغم من هذه التقارير التي نُشر البعض منها في مجموعة الوثائق التي حررها يوهانيس ليبسيوس والتي تُظهِر ماكس كمفكر عنصري. ماكس كان ضد إبادة الأرمن في اناطولية, و صار بعد عودته الى المانية سياسي يميني كبير, مات حرفيا يداً بيد مع هتلر في محاولة ميونخ بوتش الانقلابية سنة 1923. نُقل قبره سنة 1933 الى مقبرة النازيين الرسمية التي تكرم كل اللذين ماتوا في تلك المحاولة 11.

كان هناك الكثير من المقاومة المسيحية في تلك المنطقة مما إدعى الجيش التركي لتشكيل عملية ضخمة من عدة حصارات منفصلة يشارك فيها آلاف العساكر. لكن آزخ و عين وردو و نوعاً ما جبال سنجار كانت نقاط محرق اساسية. آزخ تبعد40كم عن عين وردو كانتا تقعان في مناطق الأغلبية السريانية الأرثوذوكسية في طور عبدين.

 

تطلق المصادر التركية العديد من الاسماء على الاهداف العسكرية, أحياناً تتكلم فقط عن آزخ و أحياناً تتكلم بشكل عام عن "انتفاضة مدياد". لأن آزخ و عين وردو اظهرتا مقاومة شديدة, ارتبطت الجيوش العثمانية لزمن طويل في المنطقة مما اوصل القضية الى اعلى حلقات السلطات السياسية و العسكرية.

الجنرال كولمار فون دير غولتس, اكبر جنرال الماني تلقى اوامر من جمال باشا قائد الجيش الرابع بأن يأخذ فرقة من الجيش الثالث لإسترجاع الأمن 12.

والي الموصل حيدر بي كان قد نُصِّب مؤقتاً كقائد رسمي على حملة ناجي-شيوبنر و لذلك متورطاً بقرار حصار القرى. ارسل وزير الحرب أنور باشا وواحد من الشخصيات السياسية القيادية برقيات للإستفسار على الوضع 13. في النهاية تم الإتفاق على وقف اطلاق النار والقوات التركية انسحبت بعد الفشل في كسر المدافعين. في 24 تشرين الثاني 1915 أرسل السفير الألماني برقية الى وزارة الخارجية الالمانية تنص بأن الأزمة منتهية تقريباً لأن قسم من المدافعين كان قد انزل السلاح والباقي يُنتَظَر أن يُنزل السلاح بعد إنتهاء المباحثات 14.

 

القصة التالية تعتمد على وثائق من ارشيف تاريخ الجيش التركي. تحرك الكولونيل عمر ناجي جنوباً باتجاه الموصل مع الحملة العثمانية-الالمانية وارسل برقية بتاريخ 29 تشرين الأول الى القيادة العليى, بأن السريان المسيحيين قد رفعوا السلاح بانتفاضة في ديار بكر و (الجزيرة) 15 و مدياد وهم حالياً يذبحون المسلمون في تلك المناطق. إقترح عمر ناجي بأن يذهب هناك بقواته لمعاقبة الثوار. هذه البرقية أُرسلت الى حيدر بي والي الموصل والوالي بدوره ارسلها الى القيادة العليى للجيش التي تدعى بالتركي:  (Osmali Orduy-i Humayun Başkumandanliği Vekaleti)

 

في القسطنطينية, لذلك البرقية يمكن الحصول عليها في ارشيف تاريخ الجيش التركي. نص البرقية: " انا في الجزيرة مع المقاتلين المُرسلين لايران, في مناطق ديار بكر و مدياد و الجزيرة اللواتي تقعن على بعد ساعة واحدة. يذبح السريان المسيحيون مسلمو المنطقة بفظاعة. ساذهب هناك بقواتي لمعاقبة الثوار اللذين حسب التقارير لديهم حوالي 4000 مسلح, لكن إن ذلك العدد مبالغ فيه. قواتي مكونة من 650 من عساكر المشاة و الخيالة و لدينا مدفعين جبليين. اَطلُبُ كتيبة من الفرقة 51 التي وصلت الى الجزيرة وعدداً من المدافع الجبلية ان تلتحق بقواتنا. نسخة عن البرقية أعطيت الى قائد الجيش السادس." نستطيع ان نستنتج من هذه البرقية, بان عمر باشا لم يكن مقتنعاً بان الثوار في القرى المدافعة كانوا أرمن. لكنه طلب تعزيزات من والي الموصل و قائد الجيش السادس المتمركز في الموصل تحت قيادة خليل بي , عم أنور باشا 16 . خليل و جنوده كانوا مسبقاً التقوا ب عمر ناجي عندما كان الإثنين ينتقلون جنوباً من بيتليس.

 

إتصل عمر ناجي ب شيوبنر-ريختر لطلب اشتراك الالمان. باول ليفركوهين يصف الوضع و ردة فعل شيوبنر ريختر: " في الجبال جنوب دجلة كان الأرمن الهاربون قد حصنوا انفسهم, و في بعض القرى السريانية المسيحية كان السكان قد رفضوا طلب الجيش التركي بإرسال مواد غذائية للجيش. لذلك طلب عمر ناجي من القسطنطينية بأن تأمر جيوشه وجيوش شيوبنر بإحتلال هذه القرى. ارسل عمر ناجي ايضاً برقية الى شيوبنر يطلب منه أن يضع قواته و القوات الألمانية تحت تصرفه.وَجدَ شيوبنر نفسه في موقفٍ حرج, فلم يكن بشكل من الأشكال مقتنعاً من وصف السطات التركية لخلفيات الوضع, ولم تكن نظرته للوضع على انه انتفاضة حقيقية, بل اعتبره دفاعاً مشروعاً من شعب كان يخاف أن يلقَ حتف الأرمن. فإذا اشترك الألمان فلن يتورع الأتراك عن ترويج الدعاية بأن الألمان هم الذين قادوا الأعمال الإجرامية ضد مسيحيي تركيا... لهذه الأسباب وضع شيوبنر الخيالة الأكراد والقوات التركية تحت قيادة عمر ناجي, وأمر ليفركوهين و ثَيل و شليمِّة (الضباط الألمان) للقدوم فوراً الى الموصل. 17 "

 

باعتبار الموضوع "كقضية تركية داخلية", بذلك رَخَصَ شيوبنر للقوات التركية والخيالة الكردية التي كانت تحت قيادتهِ للإشتراك بشكلٍ كامل تحت قيادة الأتراك. و وافق الجنرال فون دير غولتس على هذه الخطوة. أما القوات التركية فعبَّرت عن خيبة أملها في عدم إشتراك القوات الألمانية بينما شيوبنر كان قد اعبرها محوالة لتوريط الألمان في القضية الأرمنية."

 

غير معروف, إلى أي مدى كان الأرمن مشتركون في المقاومة في طور عبدين. لم يأت ذكرهم كثيراً في القصة الشفهية للسريان, لذلك فهم لا يمكن أن يكونوا قد لعبوا الدور الأساسي. ورد في مذكرة يوسف شاهين أن القرويون اووا الـ80 أرمنياً اللذين التجأوا إلى آزخ هرباً من قوافل التهجير, هؤلاء كانوا على الأرجح نساءً و أطفالاً.

وجود ملتجئين أرمن أعطى حجةً للمسؤولين العثمانيين لتضخيم دورهم في التقارير التي أرسلوها إلى قيادتهم المركزية, للفت إنتباه قيادة لجنة التوحيد والتقدم. استخدم ناجي دائماً كلمة السريان في برقياته. لكن بعض المسؤولين العثمانيين حاولوا تعتيم الأسباب الحقيقة بتسميتهم السريان بالأرمن أو باستخدام كلمة متمردون. فعندما وصل الجنرال خليل بي إلى الجزيرة, أرسل البرقية التالية إلى القيادة العسكرية العليا: "بوصولي إلى الجزيرة وجدتُ حوالى 1000 أرمنياً مسلحاً تجمعوا في قرية هزار (آزخ), 50 كم غرب الجزيرة وإبتدؤا بالإعتداء على القرى المسلمة المجاورة و ذبحوا اهلها و قطعوا خطوط البرق بين الجزيرة و ديار بكر. وطالما لا يوجد هناك قوة لردعهم ومعاقبتهم فهذه الاعتداءات ستستمر.

 

ناجي بي من الجيش الثالث و تحت قيادته فرقة, هم في طريقهم إلى إيران, وحالياً موجود في الجزيرة, لا أتصور أن لديه واجبات مستعجلة وسوف ينتظر الأوامر الرسمية. إذا لا يمكن الإعتماد عليهم, فعندها يكون من الأنسب أن تُأمر فرقة من الجيش الـ52 لمعاقبتهم ( المتمردين ). نسخة عن هذه البرقية أُرسلت الى قيادة الجيش السادس.”18

 

كان رد فعل قيادات الجيوش سريعاً. بعد يومٍ واحد من طلب ناجي , أرسلت القيادة العليا الى الجيش الثالث برقية, فحواها التالي: ” أخبرنا عمر ناجي بي بوصوله إلى الجزيرة مع مجموعة جنود, وهم في طريقهم الى إيران و عددهم حوالى الـ650 جندي و معهم مدفعين جبليين. و هو يطلب كتيبةً و عدداً من المدافع الجبلية من الفرقة 51 التي سوف تصل الى الجزيرة لتلتحق بهم لضرب المتمردين السريان في منطقة مَردين ومعاقبتهم لتخريبهم قرى المسلمين و ذبح أهلها...أُعطي أوامر لإرسال عدد من المدافع الجبلية مباشرةً, حسب الطلب الذي كان قد وصل الى ديار بكر...”19.

 

تحرك القوات هذه كله كان يجب ان يتم عن طريق مركز القيادة العثمانية والقوات كانت مضطرة لإنتظار الأوامر الرسمية. هذا يعني أن القيادات العسكرية و السياسية كانت على علم بما يجري, وهناك أيضاً الفرق الخاصة التشكيلات المحسوسة التي لم تكن دائماً جزءاً من الجيش.

كان حيدر والي الموصل يترأس بعض وحدات المتطوعين اللذين كانوا يُدعون "بالمجاهدين" الأسم الذي كان يُستخدم للمحاربين في سبيل الإسلام. أرسل حيدر رسالة الى القيادة العسكرية العليا, يقترح فيها استخدام هذه الوحدات.

 

أنا أقترح استخدام الـ500 مقاتل المنظمون تحت قيادة قائد الميليشيا أدهم بي و اللذين يستطيعون التحرك بخلال يومين"20. كُتِبَ على البرقية بخطٍ آخر: ” هذا سيناقس مع نظير باشا”. في اليوم التالي أرسل طلعت باشا من مكتب وزارة الداخلية و مديرية الأمن العام في الباب العالي, برقية الى مركز القيادة العسكرية العليا يؤكد فيها أنه كان قد أمر الـ500 مجاهد بالإلتحاق بقوات عمر ناجي. ” وصلت أيضاً برقية من قضاء الموصل مؤرخة تاريخ 7 تشرين الثاني 1915, ورد فيها بأن 500 مقاتل تنظموا تحت قيادة أدهم بي لمساعدة عمر ناجي و سيتحركون خلال يومين”21.

 

صدر أمر رسمي من القيادة العسكرية العليا من أنور باشا بعد اسبوع واحد من الإنتظار. وأُرسِل إلى قائد الجيش الثالث في إرزيروم , [عمر ناجي كان جزءاً من الجيش الثالث]. ” جاء في تقارير عمر ناجي بي بأن السريان بين الجزيرة و مدياد قد إتحدوا مع الأرمن و قطعوا خطوط البرق وهاجموا المسلمين لكبتهم. وقد تحركت كتيبة عمر ناجي بي وكتيبة مشاة أخرى مع مدفعين جبليين من أورفة باتجاه الجزيرة وحسب معلوماتنا فقد حصلت قيادة الجيش السادس أيضاً على هذه المعلومات. الأماكن التي هاجمها و يعيش فيها المتمردون تقع في المناطق التابعة للجيش الثالث[ كتابة غير واضحة ], ولذلك يجب أن يُنظم الجيش الثالث هذه التحركات. حتى ولو ترك المتمردون السلاح... ,ولو وافقوا على ترحيلهم إلى مناطق تختارها الحكومة لهم. حتى ولو لم يكن هجومهم و ذبحهم للمسلمون حقيقة [كتابة غير واضحة] خبِّر قضاءات ديار بكر و الموصل بأني أنا أيضاً موافق على التحقيق في هذا الأمر. ويبدو أننا نستطيع استخدام ميتروبوليت الموصل لهذا الشأن. أَعلِمنا بما يحدث”22. استخدام الضمير "أنا” يدل على أنور باشا هو كاتب البرقية.

 

يطلقُ أنور اسم السريان على المتمردين, ويبدي أيضاً بعض الشكوك حول حقيقة إنهم قاموا بالجرائم التي إتُهموا بها. حتى عمر كان يشك في الإتهامات هذه في بداية العمليات العسكرية. تَذكُر قصة حنو الشفهية أنه عندما وصلت جيوش عمر ناجي, طُلِب من السريان مقابلة القائد. عمر سمح لمطران السريان و بعض كبارهم بالقدوم إلى خيمته. فجاؤا هم ومعهم هدايا و طعام للجنود. ” شرح السريان بأن الإتهامات الموجهة لهم زائفة و لا أساس لها, وأنهم ليسوا باعداء الدولة و لا بخونة و أنهم مستعدون لتقبل أوامره و إحترامها”23. يبدو أن السريان أقنعوه, ولكن حسب قصة حنو اعطاه الأكراد من المناطق المجاورة قصة أُخرى و غيروا رأيه مرة أخرى. فلم يستقبل عمر ناجي السريان عندما أتوا لمقبالته مرة ثانية و فهموا بذلك أن هجوماً كبيراً عليهم لا محال منه.

 

كان الألمان أيضاً على علمٍ بما يجري. كتب في 12 تشرين الثاني السفير نيوراث لبيثمان-هولفيغ بطلب من الجنرال فون دير غولتس .” طلب مني المرشال فون دير غولتس بحكم مهمته في مسرح الحرب في شرق أَنَطوليا أن أُوريه نسخٌ عن سجلات السفارة حول قضية الأرمن لإطلاعه على موقفنا منها. فأَرسلتُ له المذكرات المرفقة. طلب المرشال كان نتيجة الحملة المخطط لها منذ زمن بعيد ضد السريان اللذين بالتحالف مع الأرمن حصَّنوا انفسهم في مناطق وعرة بين مردين و مدياد لتجنُب المذابح التي نظمها والي ديار بكر على المسيحيين. طَلب المرشال فصيلة من الجيش الثالث لإعادة النظام في المنطقة, لأن القوات المخصصة منذ البداية لهذه المهمة أي الجيش الرابع لكمال باشا كانت بعيدة جداً. و بينما كان قنصل الموصل من جانبه قد أشار بأن هذا التمرد ليس تمرداً حقيقياً و بَيَّنَ أن والي الموصل يريد التفاوض مع المحَاصَرين و الأطراف الأخرى وهي السيد فون شيوبنر-ريختر ,وقواته المشتركة في هذه المهمة. كان المرشال حقيقة لا يريد للضباط الألمان التورط في هذه القضية, ولذلك أعطى أوامر بأن لا تشترك قوات شيوبنر بالحملة المذكورة. بالمناسبة لقد سمعت أن قيادة القوات العسكرية التركية أصدرت أوامر للفصائل في مدياد بأنه لو كان ممكننا بتسوية الأمر بالتعاون مع الوالي”24.

 

حالما رأت قيادة آزخ خطر هجومٍ عسكريٍ, أتصلوا بميتروبوليت الموصل الياس شاكر و طلبوا منه المساعدة. هو بدوره اتصل بعمانوئيل بطريرك الكاثوليك في الموصل و ذهبا معاً لزيارة الوالي حيدر بي لإعلامه بأن أهل القرية ليسوا بأرمن وهم عاشوا دائما هنا بسلام و ولائهم هو للدولة, وإنهم كانوا مجبرين على الدفاع عن نفسهم من الهجمات. يقول حنو أن حيدر بي " إستمع إلى القيادة الدينية و بعث برقية إلى القائد العسكري في آزخ يأمر فيها بفتح ملفات الكنيسة أو القرية, للتحقيق فيها و التأكد من أن سكان آزخ هم حقاً سريان. بعد هذا التحقيق ارسل القائد تقريراً بأن سكان آزخ أصلاً و تاريخياً هم من السريان"25.

من الصعب التحديد زمن إجراء هذا التحقيق لأنه ورد في برقية أخرى من القيادة العسكرية العليا لاحقاً بأن: ” يعتقد والي الموصل بأن هؤلاء المتمردون الآن في مدياد يمكن أن يكونوا ... أرمن ”26.

 

بدأت الكنائس السريانية بتحريك الرأي العام الأجنبي للتدخل. وكتب السفير الألماني نيوراث إلى رئيس الوزراء الألماني حول مساعي السريان هذه: ” أرسل بطريرك أنطاكية السرياني الجالس في بيروت رئيس السريان المتوحدون مع روما... رسالة إلى مطران كولون والبابوي نونسيو في ميونخ... للتدخل عند الحكومة الإمبريالية [الألمانية] ” من أجل التمييز ما بين السريان الكاثوليك و الأرمن اللذين لا علاقة لهم ببعض " لا بالعرق ولا بالعقيدة"27.

 

إدعى قائد الجيش الثالث في بداية تشرين الثاني بأن التمرد قد انتشر من مدياد إلى القرى و البلدات المجاورة وحتى الى اليزيديين في جبال سنجار وبان هذه المجموعات المتمردة يقال أنها على إتصال مع بعضها البعض وأكد ايضاً بأن الكتيبة التي أُرسلت لضبط النظام قد وصلت. تقرأ البرقية: “ عندما طلب عمر ناجي من المتمردين في مدياد و الجزيرة بترك السلاح, اجابوا هم بإطلاق النار وردوا على طلبٍ آخر لترك السلاح بالهجوم على قرى مسلمة و ذبح أهلها, وعلى طلبٍ ثالث للتفاهم بسلام [ غير واضح ] بأنه ليس مقبولاً حسب ما فهمنا من رسائلهم الرسمية مع قضاء ديار بكر. وفي قضاء الموصل توحد الأرمن الذين التجأوا إلى جبال سنجار مع اليزيديين وإتصلوا بالمتمردين يحثونهم على الإستمرار في التمرد [ غير واضح ] لتشجيع المتمردين في سنجار. [نحن نطلب] أمراً لكي نستطيع عمل اللازم لمعاقبتهم وقمع التمرد, و معروفٌ أن فصيلاً من الجيش الرابع مؤلف من كتيبة و مدفعيين جبليين قد غادر مردين لتنسيق العمل مع فصيلة عمر ناجي بي"28.

وصل عدد القوات العثمانية مجتمعةً الى عدة آلاف, منها جيش خليل باشا الثامن عشر المتمركز في بغداد انذاك, فرقَتهِ الثانية والخمسون و كتيبةً من فرقة من الجيش الواحد والخمسون, ووحدة مدافع جبلية و حملة ناجي-شيوبنر دون الضباط الألمان هؤلاء كلهم نزلوا لطور عبدين بالإضافة إلى التعزيزات المكونة من خمسمائة من المجاهدين بقيادة أدهم بي التي وصلتهم قادمة من الموصل. تقديرات عدد العساكر حسب الرواية السريانية وصلت إلى ثمانية الاف عسكري 29.

يبدو أن الحكومة بدأت تفقد السيطرة على الوضع لذلك أُرسلت تعزيزات مكونة من كتيبة من الجيش الرابع الذي كان متمركزاً في سورية و فلسطين. غادرت القوة الرئيسية الجزيرة حسب أوامر الجنرال فون غولتس و تقدمت نحو مناطق التمرد.

كانت مباحثات الهدنة تجري مابين المعارك و طوال فترة الحصار. و قابل عمر ناجي زعماء آزخ أثناء فترات وقف إطلاق النار ما بين الهجمات.كانت شروط العثمانيين أنذاك بأن يلق المتمردون سلاحم و يستسلموا ويوافقوا على أن يُرَحَلوا إلى مناطق إختارتها الحكومة لهم. لكن المدافعون عن آزخ رفضوا مجرد التفكير بالترحيل وكانوا مستعدين لترك سلاحهم (بواريد الفلينتلوك الغير فعالة) بشكلً تدريجي في ثلاثة مرات بدت وكأن وقف إطلاق نار أو هدنة هي على وشك أن تنجح ولكن كانت تُرفض. كانت التعزيزات للجيش الحكومي تصل طوال فترة الحصار وتعبئة الجيوش كانت مستمرة. بالنهاية فشلت كل المباحثات في تاريخ التاسع من تشرين الثاني مما أدى إلى صارمة جديدة.

 

وقع هجوم العثمانيين الأول على آزخ حسب حنو في الثالث من تشرين الثاني سنة 1915 إشتركت فيها الجيوش النظامية و القبائل الكردية, عانى الأكراد فيها من خسائر جسيمة ولكن قُتِل محاربون من كل الأطراف. يقول حنّو بأن الهجمات تجددت في اليوم التالي, الرابع من تشرين الثاني. وبشكلٍ من الأشكال إستمرت يومياً لمدة 24 يوماً و في ليلة اليوم الرابع و العشرين غيَّر السريان تكتيكهم فأرسلوا مجموعة من خمسون محارباً عبر أحد الأنفاق لساحة المعركة, هؤلاء لاحقوا و أجبروا القوات العثمانية على الهروب من مواقعهم الدفاعية مع قائدهم عمر ناجي بي. القوات السريانية ارجعت الجنود والقبائل الكردية إلى الوراء. "وقتلوا حوالى الخمسمائة من الأعداء و أخذوا اسلحتهم و رجعوا"30.

نَصَب الباقي من الجيوش العثمانية مخيماً جديداً أبد من سابقه و واجه عمر ناجي فشلهُ بإضطراره لإرسال برقية إلى خليل بي قائد الجيش الثامن عشر يُعلِمه فيها بالهزيمة, وحسب حنّو كان خليل بي على وشك إرسال قائداً جديداً أسمه سامي بي ومعه 15.000 عسكري.

إذا نظرنا إلى تاريخ الثالث من تشرين الثاني و الهزيمة التركية الأخيرة التي وقعت 25 يوماً بعده فنحصل على تاريخ الثماني و العشرين من تشرين الثاني. على كل حال البرقيات العسكرية التي تمس هزيمة عمر ناجي تشير إلى أن المعركة كانت في تاريخ السادس والسابع والعشرون من تشرين الثاني. كانت المعارك في آزخ قد أوقعت خسائر عثمانية جسيمة, ولكن الرسائل الرسمية إلى القسطنطينية كانت تخفف من أحجام هذه الخسائر, فأشارت تقارير نائب والي ديار بكر بدرالدين الى عدة قتلى(بإستخدامه المصطلح الديني "شهداء")و ضابطين والعديد من الجرحى. فيما يلي النص الكامل للبرقية:

طُلب من الجميع في أحداث معاقبة المتمردين في منطقة مدياد بأن يلقوا بسلاحهم. ولا أحد كان يستطيع التنبىء بصعوبة المناطق الوعرة في باسبرين و آزخ, حيث كانت أعداد المتمردين كبيرة جداً. كانت قريتن أو ثلاثة من القرى المحاصرة قد استسلمت مسبقاً ولكن أُجبروا على إلقاء سلاحم و بثقة غير تامة سلّموا اسلحتهم الغير فعالة إلى الحكومة و خبؤا الباقي منها. وفي أماكن أخرى استجابوا للطلب ذاته بإطلاق النار و السطو على القرى المسلمة وذبح أهلها و تحصنوا في قرية آزخ و حصنوا القرية بسورٍ و خنادق حولها. سُلِّم ناجي عمر قائد قوات الحملة الإيرانية مهمة معاقبة الـ 10.000 متمرد و تم إقتراح السلام معهم ومطالبتهم بإلقاء سلاحم بعد محاصرة القرية بالجنود والقوات الأخرى, لكنهم كانوا وقحاء ولم يستجيبوا لهذا العرض. هؤلاء السفلة الذين أظهروا تلك الجرأة و الواقاحة لم يُقدروا عطف و حنية ناجي..."31

رُفِّع بدرالدين فيما بعد إلى منصب والي في ديار بكر, وأُعتقل بعد الحرب و سُجن في مالطا بتهمة جرائم حرب32.

أَرسَل الجنرال كميل باشا قائد الجيش الثالث وقائد عمر ناجي في إرزيروم عدة برقيات إلى القيادة العسكرية العليا تحتوي تقريباً على ذات المعلومات التي أُرسلت من قضاء ديار بكر. في إحدى البرقيات التي حُفظت بنسختين مفترقتين في أرشيف الجيش التركي كتب كمال باشا:

هؤلاء الذين تمردوا في مدياد و الجزيرة ليسوا بأرمن بل الغالبية منهم سريان. وَرَدَ في رسائل عمر ناجي بي الرسمية المشفرة و المؤرخة في 11 تشرين الثاني والتي وصلت الى قضاء ديار بكر, بأن 10.000 من السريان الذين تجمعوا في قرية آزخ و رَدُّوا على عمر ناجي بالنار حينما حاول تنفيذ أوامركم المرسلة لديار بكر بأن تصفى القضية بسلام. النتائج سوف ترسل لاحقاً"33.

 

وفي رسالة رسمية أخرى بعد ثلاثة أيام, إدعى قائد الجيش الثالث كميل باشا بأن محاولات حل القضية سلمياً قد فشلت. هذا نص البرقية: " التمرد قد انتشر من مدياد إلى القرى و البلدات المجاورة وحتى الى اليزيديين في جبال سنجار وبان هذه المجموعات المتمردة يقال أنها على إتصال مع بعضها البعض وأكد ايضاً بأن الكتيبة التي أُرسلت لضبط النظام قد وصلت. تقرأ البرقية: “ عندما طلب عمر ناجي من المتمردون في مدياد و الجزيرة بترك السلاح, اجابوا هم بإطلاق النار و ردُّوا على طلبٍ آخر لترك السلاح, بالهجوم على قرى مسلمة و ذبح أهلها, وعلى طلبٍ ثالث للتفاهم بسلام [ غير واضح ] بأنه ليس مقبولا,ً حسب ما فهمنا من رسائلهم الرسمية مع قضاء ديار بكر. وفي قضاء الموصل توحد الأرمن الذين التجأوا إلى جبال سنجار مع اليزيديين وإتصلوا بالمتمردين يحثونهم على الإستمرار في التمرد [ غير واضح ] لتشجيع المتمردين في سنجار. [نحن نطلب] أمراً لكي نستطيع عمل اللازم لمعاقبتهم وقمع التمرد, و معروفٌ أن فصيلاً من الجيش الرابع مؤلف من كتيبة و مدفعيين جبليين قد غادر مردين لتنسيق العمل مع فصيلة عمر ناجي بي"34.

 

رد فعلِ أنور باشا على برقيات كميل باشا كان بأرسال أوامره هو في السابع عشر من تشرين الثاني إلى قائد الجيش السادس المتمركز في الموصل, نصها: "يقول قائد الجيش الثالث بأن المتمردين من قرية آزخ في مقاطعة مدياد هاجموا فصيلة عمر ناجي عندما إقترح عليهم بتسليم أسلحتهم. وعلى حوالى بعد 100 كم غرب تلك المنطقة, إتحد الأرمن و اليزيديين معاً وهم في حالة تمرد. رداً على ذلك [غير واضح] يجب أن يقوى فصيل عمر ناجي الذي أُرسل من الجيش الرابع إذا إدعت الحاجة لقمع التمرد في منطقة مدياد. وبما أنه لم يصلنا معلومات إضافية على الوضع في سنجار. لذلك أطلب إذا إدعت الحاجة بأن يُحقِق مكتبك العالي في الأمر و أن تبقوني على علم بالنتائج "35. أَرسَل أيضاً في اليوم ذاته برقية الى قائد الجيش الثالث يعطي فيها أوامر خاصة:" نتيجة للظروف التي كَتبتُ اليك بشأنها, في حال عدم موافقة الآزخييون أخلي القرية وأقمع التمرد. لا زالت فصيلة عمر ناجي وكتيبة المشاة مع المدافع الجبلية من الجيش الرابع في منطقة مدياد في جوار آزخ [غير واضح] ومن الموصل قوات أخرى من الجيش السادس التي تحتاجونها, وإذا إدعت الحاجة سوف تُرسل قوات من منطقتكم لدعم العمليات في آزخ وأَخبرونا بالنتائج"36.

 

في الوقت ذاته كان أنور باشا قد أمر بإرسال تعزيزات جديدة و عمر ناجي كان يعاود مباحثات الهدنة, وكان متفائلاً بالنجاح هذه المرة. فكان أخبر جودت بي قائد الجيش الثاني عشر في السادس من تشرين الثاني حول رغبة المدافعين للمساومة على بعض التنازلات:” إتصلتُ بالمتمردين حسب الأوامر التي وصلتني وأعلمتهم بضرورة التخلي عن عدوانيتهم وإلا سيعاملون بطريقة أقسى. كان ردهم بأن السريان[الأورثوذوكس و الكاثوليك] ولاؤهم للدولة و سيبقوا موالين لها وسلمونا أيضاً قليلاً لايذكر من أسلحتهم. ووعدوا بتصليح خطوط البرق التي كانوا دمروها وبدفع الضرائب للحكومة ووعدوا أيضاً بإرسال وفد إلى المتمردين في مناطق أخرى من مدياد لتنظيم استسلامهم بالطريقة ذاتها. أنا أتوقع بأننا بالتعاون مع والي ديار بكر [غير واضح] يمكننا إطفاء هذا التمرد, بما أنه يبدو ممكننا وإذا كان هذا هو الهدف الذي تصبو له الحكومة. أطلبُ أيضاً السماح لي بالمغادرة إلى إيران إلى الهدف الأساسي لفصيلنا أطلب منكم أن تناقشوا الأمر مع السلطات المعنية"37.

 

 

المصادر:

1. جبال طوروس جنوب شرق تركيا

2.Ritter, Hellmut, Turoyo. Die Volkssprache der syrianischen christen des Tur Abdin (Beirut: Franz Steiner 1967) p 331; Hinno, Farman p60ff, 109ff, 114ff, 156ff.

3.السريان الاوثوذوكس

4. Hinno, Farman p 157

5. Hinno, Farman p 158

6. Hinno, Farman p 158

7. Turfan, Naim, The Rise of The young Turks: Politics, the Military and Ottoman Collapse (London: Tauris 2000) p 209 and 280, identification as Special Organizatiom member, see Kurtcephe, Israfil, "Birici dünya savasinda bir süryani ayaklanmasi", (Istanbul Meydan Larousse 1972) vol 9, p. 756. Mentions that he did espionage in Persia before the war هذا المصدريذكر انه كان يتجسس في ايران قبل الحرب

8. Simsir, Bilâl N. Malta Sürgünleri (Ankara: Bilgi Yayinlari 1976) p. 76.

9. Akcam, Taner, Insan Haklari ve Ermeni Sorunu, (Place date) p: 224.

10. Leverkuehn, Pail; posten auf ewiger Wache: Aus dem abenteuerreichen Leben des Max von Scheubner-Richter (Essen: Essener Verlagsantalt 1938) P. 78.

11. Leverkuehn, Psten auf ewiger Wache; Laqueur, Wlater, Russia and Germany. A Century of Conflict (Boston: Encounter 1965) informs about Scheubner's political activities in Germany.

12. German National Archive, Foreign Ministry, Neurath to Brthmann-Hollweg 12 November 1915.

13. German National Archive, Foreign Ministry, Neurath to Brthmann-Hollweg 12 November 1915.

14. German National Archive, Foreign Ministry, Neurath to Nadolny 24 November 1915.

15. Cizre و Gziro, Jezire عرفت كـ

16. برقية مشفرة من حيدر بي الى القيادة العسكرية العليى29 تشرين الاول, Ataşae Arşivi (henceforth bir süryani ayaklanmasi "Osmanli Tarihi Arastirma ve Uygulama Merkezi Dergisi 1993:4 p291-296.

17. Leverkuehn, Scheubner-Richter, p.83.

18. Cipher telegram Halil Bey to Supreme Military Command 29 October 1915 GNKUR, ATASE Kol: BDH, Kls. 17, Dos 81/, Fih 27-1.

19. Cipher telegram Third Army Command to Supreme Military Command transmitted 30 October 1915 GNKUR, ATASE Kol: Bhd, Kls 17, Dos 81/, Fih 27-2.

20. Cipher telegram Haydar Bey to Supreme Military Command 7 November 1915 GNKUR, ATASE Kol: Bdh, Kls 17, Dos 81/Fih 31.

21. Cipher telegram Talaat Pasha to Supreme Military Command 8 November 1915 GNKUR, ATASE Kol: Bdh, Kls 17, Dos 81/fih 31-3.

22. Cipher telegram Enver Pasha to Third Army Command 9 November 1915 GNKUR, ATASE Kol: Bdh, Kls 17 Dos 81/ fih 32.

23. Hinno (Swedish version) p 117.

24. Neurath to Bethman-Hollweg 12 November 1915, German Foreign Office Archives.

25. Hinno, ( Swedish) p. 119.

26. Supreme Military Command to 3rd Army Command 11 November 1915, GNKUR, ATASE Kol: Bhs, Kls 17 Dos 81/ fih 32.

27. Neurath to Bethman-Hollweg 21 November 1915. German Foreign Office Archives.

 

بمناسبة ذكري مذابح السريان في تركيا: معاناة السريان بعد قيام الجمهورية التركية وولادة حزب العمال الكردستاني

شمعون دنحو

sargon.book@telia.com

الحوار المتمدن - العدد: 826 - 2004 / 5 / 6

لم تنته معاناة السريان (الكلدوآشوريين) في جنوب شرقي تركيا بعد توقف حملات التطهير العرقي ضدهم خلال أعوام 1914 ـ 1919. ولم ينعم السريان بالسلام والطمأنينة حتي بعد تحول تركيا في اذار (مارس) 1924 الي دولة علمانية في عهد كمال اتاتورك، وظهور احزاب كردية معاصرة عوضاً عن الآغاوات والاقطاعيين الاكراد.

 

فتركيا لم تعترف بحملات التطهير العرقي التي اقتلعت الاف السريان من مناطقهم التاريخية، ولم تقر دستوريا بوجودهم التاريخي في أعالي ما بين النهرين. وعوضا عن ذلك قامت بتتريك أسماء أغلبية المناطق السريانية في جنوب شرقي تركيا لمحو اثار أبناء الرافدين (السوريين والعراقيين)، ومنعت تركيا تدريس لغة الرافدين وسورية القديمة (السريانية) او التحدث بها، كما قامت بتشكيل ميليشيات تتكون من الاكراد سميت بـ (حراس القري)، علي غرار الفرق الحميدية التي شكلها السلطان عبد الحميد عام 1890 م لضرب السريان والارمن. وكان هدف تركيا واضحا من وراء تشكيل هذه الميليشيات (حراس القري)، وهو لضرب الاكراد ببعضهم البعض من جهة، وطرد ما تبقي من السريان من جنوب شرقي تركيا من جهة أخري.

 

أما عندما طفا حزب العمال الكردستاني علي السطح بشدة منذ أن اعلن الكفاح المسلح بوجه الحكومة التركية عام 1984، فقد مارس هذا الحزب التحرري شتي صنوف الضغط علي القري السريانية لتقدم لأعضائه ومناصريه المال والمأوي والمأكل والملبس! وعندما كان يستجيب السريان لهذه المطالب خوفا من القتل والانتقام، كانت تأتي دبابات وقطعات الاتراك العسكرية لهدم القري السريانية واتلاف أراضيها ومحاصيلها الزراعية كعقوبة لتقديمها الدعم للمتمردين الاكراد، والعكس صحيح أيضاً، مثلما حدث في قرية بنيبيل السريانية عندما اغتال حزب العمال الكردستاني عام 1990 أربعة من خيرة رجالات القرية، بذريعة تعاونهم مع الحكومة التركية، بينما الحقيقة كانت أن هؤلاء قد وقفوا بعزم ضد الهجرة السريانية المدمرة من طورعبدين، فكانت الغاية من قتلهم هي ترويع وتخويف أهالي القرية واجبارهم علي انتقاء خيار الهجرة حلاً لخلاصهم. والانكي من هذا وذاك، ان حزب الله الكردي قام بدوره بتصفيات جسدية مرعبة، واستهدف النخب السريانية المثقفة، وأناسا واطفالا ابرياء بحجج دينية واهية لا تمت الي الدين الاسلامي بصلة. كل هذه الخروقات والمضايقات ادت الي طرد اكثر من 150 الف سرياني من جبال طورعبدين فقط، منذ اندلاع القتال ما بين حزب العمال الكردستاني والحكومة التركية، هذا عدا الهجرة الجماعية للسريان من مدينة الرها (اورفا) التي حدثت عام 1924 بسبب الظلم التركي والكردي.

 

وحمل المهاجرون السريان من تركيا مع حقائبهم المليئة بالوجع والمرارة وذكريات الوطن الاليمة ملف حملات التطهير العرقي الي مجالس البرلمانات الاوروبية في السويد والمانيا وهولندا، ومؤخراً صوت البرلمان السويسري علي مقترح يتضمن الاعتراف بحملات التطهير العرقي التي ارتكبتها تركيا بالتعاون مع العشائر الكردية ضد السريان، ولكن لم يقر المقترح بفارق صوتين لا أكثر. وتعمل اليوم المنظمات والاحزاب السريانية (الكلدوآشورية) في اوروبا، وبشكل ملحوظ ونشط، علي اعاقة دخول تركيا في الاتحاد الاوروبي، لحين اعترافها بحملات التطهير العرقي التي ارتكبتها بحق السوريين والعراقيين (السريان)، وايضا التأكيد علي ضرورة احترام تركيا لحقوق الانسان والاقرار بالتعددية القومية والدينية للمجتمع التركي بشكلي عملي ملموس!