البطريرك المعوشي في رسالة الى النواب الاعزاء: كركي اضطرت الى التدخل لمصلحة الوطن

23 كانون الثاني 2008

 

وزعت "رابطة سيدة ايليج" امس نص مذكرة حصلت عليها من الارشيف،وهي صادرة عن البطريركية المارونية خلال ايام البطريرك المعوشي موجهة الى من تصفهم ب "أبنائها النواب الاعزاء" بتاريخ 5 نيسان 1966.

 

وجاء في المذكرة التي نصها انذاك المطران نصرالله بطرس صفير امين سر البطريركية:

 

ان البطريركية المارونية التزمت خلال العشرين سنة الأخيرة من حياة لبنان الاستقلالية، موقفاً حيادياً ازاء معظم القضايا العامة، على الرغم مما القاه على عاتقها الميثاق الذي اقرّه المؤتمر الوطني المنعقد في بكركي بتاريخ 25 كانون الأول 1941 من مسؤوليات، في ما أولاها من ثقة غالية لتحقيق الأهداف الاستقلالية، والسهر على سلامة الأسس التي تراضى اللبنانيون عليها لبناء صرح الاستقلال.

 

واذا كانت البطريركية اضطرّت الى التدخل في بعض الظروف، فلأنها وجدت نفسها أمام حالات خطيرة، تتعلّق اما بسلامة البلاد أو بمصير الحكم، وهي في مواقفها هذه لم تستلهم سوى مصلحة الوطن، ولم تسترشد الا بخطوط الميثاق الوطني وما يفرضه من التزامات لتعزيز وحدة سليمة بين المواطنين.

 

وتقيداً بروح هذا الميثاق وبنوده، ورغبة في إعطاء الدليل على مدى الوفاء للعهود المقطوعة، خرجت هذه البطريركية، في ظروف معينة، على واقعها الطبيعي لأنها آمنت بأن الوحدة الوطنية، اذا توافر لها التكافؤ، تكون أنجع الضمانات لسلامة هذا الوطن العزيز واستقراره وازدهاره، وكانت البطريركية في هذا المجال تأمل ان يقدّر المؤمنون قيمة تضحياتها، وأن يدرك الناقمون حقيقة أهدافها بحيث يلتقي الجانبان على صعيد واحد من الأخوّة الحقيقية وفي مجالات الصدق بالتعاون والاخلاص للوطن.

 

والبطريركية في ادراك مسؤولياتها، تستوحي تقاليدها التاريخية العريقة وتتجه بأنظارها دوماً الى الغاية السامية المنشودة، وهي صيانة لبنان وكرامته ومصالحه العليا، في إطار واقعه التاريخي، ومبررات وجوده، وكل إنحراف عن هذه القاعدة الأساسية من شأنه ان يسبب فقدان التوازن التقليدي بين الفئات اللبنانية ويثير القلق والإرتياب.

 

فالبطريركية، مع تقديرها خطورة الموقف، تودّ مخلصة أن تظلّ أمينة لعهودها، وتتمنى أن تتاح لها الفرص للمحافظة على رسالتها، بتعزيز الوحدة والالفة والمحبة والخوّة، في أسمى المفاهيم الوطنية وأصفاها.

 

وقد رأت من واجبها، في هذه الظروف الدقيقة، أن تلفت أنظاركم الى خطورة الحالة، وتناشدكم تحمّل مسؤولياتكم إزاء وطنكم وضميركم، في مستوى الرسالة الوطنية الملقاة على عاتقكم، بإعتباركم الرقيب المباشر على الشؤون العامة، وهي واثقة من أنكم، في ما تتخذونه من خطوات عاجلة، ستكونون عند حسن الظّن، وأهلاً للحفاظ على الأمانة الغالية الموضوعة في عنقكم، ولن تفرطوا بها، فتعملوا بكل شجاعة وتجرّد على صيانتها، في جميع الحالات من كل خطر أو عبث أو تلاعب.

وأبواب البطريركية مفتوحة للتعاون المثمر في سبيل قيام وحدة شريفة وعادلة، تصون حقوق الجميع ومصالحهم، والله يرعاكم بعنايته ويحفظ لبنان.

بكركي في 5 نيسان 1966

امانة السر

 

زيارة سامي الجمي لمسيحيي الأطراف

الزيارة التي قام رئيس مصلحة الطلاب والشباب في حزب الكتائب الى اقصى الجنوب وتحديدا الى البلدات المسيحية في القطاع الاوسط وهي رميش وعين ابل ودبل تمثل في المعنى السياسي الزيارة الاولى التي يقوم بها قيادي مسيحي رفيع المستوى الى الشريط الحدودي منذ زمن طويل جدا، وكان اخرها استنادا الى العارفين جولة عميد حزب الكتلة الوطنية ريمون اده في ارجاء الجنوب تضامنا مع اهله ومساندة لهم في مواجهة الاعتداءات الاسرائيلية وتجاوزات التنظيمات الفلسطينية المسلحة التي عاثت فوضى في ارجاء الجنوب تحت لافتة "المقاومة الفلسطينية".

وزيارة سامي الجميل في تعبيراتها هي لأعادة وصل ما انقطع بين مسيحيي المركز في بيروت ومسيحيي الاطراف الاكثر بعدا عن بيروت والثقل المسيحي في جبل لبنان والشمال. ذلك ان الحضور المسيحي في الجنوب ارتبط تقليديا بالقيادة الشيعية المهيمنة سياسيا على الجنوب، اكانت زعامة تقليدية عائلية نظير آل الاسعد والخليل او حزبية محدثة مثل "حركة امل" و "حزب الله" اللذين انتقلا بالحال السياسية في الجنوب من حال التعددية السياسية بين الاقطاع والاحزاب المعارضة له مثل الحزب الشيوعي والحزب السوري القومي الاجتماعي الراسخ الحضور في الجنوب، الى ثنائية الهمينة السياسية على مختلف اوجه الحياة السياية وحتى الاجتماعية،والتي لم تتوقف عند حدود المدن والبلدات والقرى المسيحية في اقضية الزهراني وجزين ومرجعيون وحاصبيا وبنت جبيل، بل دخلتها بقوة لتحشد المؤيدين والانصار للحزب والحركة حتى داخل الطائفة المسيحية بمختلف مذاهبها الارثوذكسية والمارونية والكاثوليكية وحتى البروتستانتية في قرية علما الشعب مثلا المجاورة لمدينة صور.

وفي هذا الاطار يمكن الحديث عن حضور كتائبي قديم جدا في مختلف الانحاء المسيحية في الجنوب، والتي يبلغ عددها 101 بلدة وقرية مختلفة الاحجام، تشكل مجتمعة على لوائح الشطب ثاني اكبر طائفة في الجنوب بعد الطائفة الشيعية. وللكتائب حضور مهم فيها يمتد على مختلف اقضية الجنوب وخصوصا في جزين وشرق صيدا ومرجعيون، ورغم وفي قضاء النبطية مثلا تنشط الكتائب في البلدات المسيحية الست وتملك اقساما نشطة في الكفور، صربا، بفروة وعزة ولديها تاريخ طويل من العمل السياسي في هذه الانحاء وهي خاضت الانتخابات البلدية الاخيرة بقوة وتمكنت بالتحالف مع العائلات وقوى اخرى من حشد نسب مهمة من اصوات الناخبين. اما في انحاء جزين والزهراني فاللكتائب حضورها ايضا وهي تتقاسم الجمهور عينه مع حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر. وامتدادا الى مرجعيون وحاصبيا فان للكتائب حضورها التاريخي هناك رغم قوة الروابط العشائرية داخل القرى المارونية التي تدين بالولاء تقليديا الى مؤسسة الجيش والدولة اللبنانية في شكل عام على اعتبار ان رئيس الجمهورية ماروني.

يختلف الامر في انحاء بنت جبيل المسيحية حيث تخف الروابط العشائرية وخصوصا في البلدات الكبرى مثل رميش وعين ابل والتي تدين بالولاء الى مؤسسة الجيش جريا على عادة مسيحيي الاطراف،وينخرط شبابها بكثافة في المؤسسة العسكرية، في حين يتوزع المحازبون فيها تقليديا على الاحزاب المسيحية النشطة ومنها اليوم "التيار الوطني الحر"، "القوات اللبنانية" و الكتائب والاحرار. ومن هذا الباب كانت زيارة الجميل الابن في اطار جولة واسعة بدأها على كل مناطق الاطراف بدءا من رميش الى اقصى عكار وراس بعلبك والقاع، للوقوف الى جانب المسيحيين هناك واشعارهم انهم جزء لا يتجزأ من المجتمع المسيحي ولو ابتعدوا عنه في المسافة، حسب سامي الجميل الذي يرى ان الجميع يتحدث عن المسيحيين وحقوقهم والعمل في سبيل اعلاء شأنهم، لكن احدا لا يكلف نفسه عناء الاستماع الى الاهالي على ارض الواقع وما واجهوه وما يعانون منه من مشكلات اجتماعية وانسانية وحتى سياسية.