ساعة الخلاص من نظام الأسد آتية لا محالة

بقلم/الياس بجاني*

 

للمرة الثانية منذ أن تأسست الجامعة العربية سنة 1945 تأخذ قراراً صائباً وشجاعاً ووطنياً لمساندة شعب من شعوب أعضائها ضد حكامه البرابرة والمجرمين بممارساتهم المافياوية ومفاهيمهم الشيطانية وغطرستهم المقززة وانسلاخهم المرّضي عن الواقع ومعاداتهم لكل ما هو كرامة إنسان وقيم ومبادئ وحضارة وعدل وحقوق.

 

القرار الأول كان ضد الرئيس الليبي معمر القذافي حيث تبنت من دون مساومة وإصرار الطلب من مجلس الأمن الدولي التدخل عسكرياً لإسقاط الطاغية القذافي وقد ساهم علنية بعض أعضائها في الحملة الأطلسية العسكرية كما في أمور تسليح وتمويل وتنظيم وقيادة الثوار الليبيين (السودان وقطر والأردن), فسقط وقتل القذافي وتحررت ليبيا.

 

وفي 12 نوفمبر/تشرين الثاني/11 جاء القرار الثاني بطرد نظام الأسد البعثي من عضويتها مع فرض عقوبات اقتصادية عليه والطلب من جيشه عدم تنفيذ أوامر قتل أهله والتنكيل بهم. نأمل أن تكمل الجامعة خطوتها وتطلب من مجلس الأمن الدولي أو حتى من الحلف الأطلسي مباشرة إسقاط نظام الأسد عسكرياً كما فعلت في ليبيا.

 

كلبنانيين عانينا وما زلنا نعاني من جور وظلم وهمجية وبلطجة ووحشية النظام السوري الأسدي، كم كنا نتمنى لو أن الجامعة العربية هذه قد تصرفت بشجاعة وعدل مع قضيتنا اللبنانية بدءاً من العام 1958 وحتى يومنا هذا، لكانت حقيقة وفرت علينا صعاب ومآسي كثيرة، ومئات الآلاف من الشهداء، وبلايين الدولارات، وهجرة ما يزيد عن مليونين من أهلنا. إلا أننا وعلى خلفية إيماننا الراسخ بالله وبعدله نحن فرحون بعودة الجامعة إلى الطريق القويم والقيام بواجباتها والمهم برأينا أن يأتي الفرج متأخراً أفضل من ألا يأتي أبداً حتى ولو أنه لم يشملنا بنعمه.

 

كلبنانيين أحرار وسياديين وعشاق قانون وانفتاح وسلام نهنئ أبناء الشعب السوري الثائرين ضد حكامهم القتلة والمجرمين والمرتزقة والشبيحة والعصابات والإرهابيين ونقول لهم نحن نعرف جيداً ما تتعرضون له وما تعانون منه فهذا النظام  البوليسي حكم بلدنا بالحديد والنار ولم يترك نوعاً من الإجرام والهمجية إلا ومارسه ضدنا على كل الصعد وفي مختلف المجالات، كما أن سلطته الدكتاتورية وسطوته الإرهابية ونفوذه اللامحدود على حكام وحكومة لبناننا لا تزال على حالها رغم خروج جيشه الرسمي مجبراً من بلدنا سنة 2005.

 

من هنا فإن الحكومة اللبنانية الحالية التي يرأسها نجيب ميقاتي وتتكون من وزراء هم بمعظمهم أتباع وانتهازيون وشبيحة تابعون كلياً للنظامين السوري والإيراني هي حكومة لقيطة خانعة وراكعة ومفروضة على لبنان واللبنانيين بقوة السلاح وبواسطة كل وسائل الإرهاب والمافياوية والبلطجة والغزوات "والقمصان السود"، ولا تمت للبنان بصلة ولا تُعبر عن إرادة اللبنانيين, وبالتالي فإن وقوفها في الجامعة العربية ضد قرار طرد نظام الأسد هو موقف لا يمثل وجدان وضمير وحضارية وثقافة ورسالة وأماني اللبنانيين.

 

يا أبناء الشعب السوري الحر تأكدوا أن لبنان الحرية والسيادة والاستقلال والكرامة والرسالة والقانون هو معكم قلباً وقالباً، وأعلموا أن تحرير لبناننا المحتل من قبضة الأسد ومن هيمنة ملالي إيران وإرهاب عسكرهم المسمى "حزب الله" يعتمد على انتصار ثورتكم وإزاحة نظام الأسد والتخلص من سطوة أجهزة مخابراته ووحشية شبيحته. 

 

وفي هذا السياق نستنكر بشدة ومثلكم تماماً مشاركة جيش حزب الله مع شبيحة الأسد التصدي لثورتكم وإعدام أحراركم والتنكيل بهم. كما نعلمكم أن مواقف البطريرك الماروني بشارة الراعي المؤيدة للأسد تمثله هو فقط لأنها مغربة وغريبة عن الموارنة وعن ثوابت صرحهم البطريركي الذي أعطى له مجد لبنان.

 

إن نظام الأسد المستبد والظالم ومعه حكام إيران الملالي وحزب الله وكل جماعات الشبيحة والمرتزقة وتجار المقاومة ودجالي الممانعة ومهرطقي التحرير الذين يقتلون الشعب السوري ويتحكمون بمصيره ويصادرون قراره ويمنعون عنه الحرية ويهينون كرامته ويعتدون على أطفاله وشيوخه وينتهكون كل المحرمات، هم أنفسهم ومنذ منتصف السبعينات يمارسون نفس الإجرام والارتكابات ضد شعبنا اللبناني بكل شرائحه. من هنا فإن ثورة الشعب السوري هي ثورتنا، وانتصاره هو انتصارنا، وفرحته بعودة الجامعة العربية إلى مساندة ثورته ضد نظام الأسد هي فرحتنا.

 

في الخلاصة، نقول للقيمين على الثورة السورية: ما نتمناه لكم من القلب هو أن تنتصر ثورتكم وأن يكون الحكم البديل لحكم عائلة الأسد والبعث هو حكم عادل ومدني ومنفتح على العالم وبعيد عن المذهبية والأصولية والتعصب. حكم ديمقراطي وحر يحترم شرعة حقوق الإنسان ويتعامل مع كل شرائح الشعب السوري على أساس مبادئ المساواة والقانون وأن يصون حرية المعتقد الديني من دون إرهاب وفرض ثقافة رفض الآخر كما هي الحال للأسف في السواد الأعظم من دول الشرق الأوسط.

 

*الكاتب معلق سياسي وناشط لبناني اغترابي

*عنوان الكاتب الالكتروني

phoenicia@hotmail.com

*تورنتو/كندا في 15 تشرين/11