خليفة بطرس بين أبالسة السياسة في لبنان

بقلم/الياس بجاني*

 

يوحنا 14/27: "سلاما أترك لكم، وسلامي أعطيكم، لا كما يعطيه العالم أعطيكم أنا. فلا تضطرب قلوبكم ولا تفزعوا".

 

قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر في لبنان حاملاً بإيمان ورجاء وشجاعة وتواضع وشفافية رسالة المسيح التي في جوهرها هي المحبة بكل مضامينها ومكوناتها من عطاء وفداء وتسامح وأخوة وقبول للآخر ومخافة من الله، وتعلق بقيم ومبادئ وحقوق.

 

فالله في مفهوم المسيحية هو رب وأب كل البشر دون تفرقة أو فروق، ومحبته لهم لا حدود لها، ومن أجل خلاصهم وإعتاقهم من نير عبودية الخطيئة تجسد ولبس جسدهم البشري وقدسه وولّد جسداً من رحم مريم العذراء ليتصالح من خلالها معهم ويصالحهم بعد ما تسببت به حواء في جنة عدن من أضرار، وما أوقعه على الجنس البشري إغوائها المميت لأدم بنتيجة مركبات الطمع والأنانية.

 

فمن خلال إمرأة (حواء) كانت القطيعة بين الله والبشر، ومن خلال امرأة (مريم العذراء) تمت المصالحة والصلحة. نعم، نعم، إن مريم العذراء أم الله المتجسد هي شفيعة لبنان واللبنانيين، وهي كانت اليوم حاضرة بقوة في سماء لبنان، وفي جباله ووديانه، وفي كل منزل من منازله، وداخل كل كنيسة من كنائسه، وفي عقل ووجدان وضمير كل مؤمن.  كانت اليوم العذراء حاضرة في حريصا تستقبل خليفة بطرس وتمنحه بركاتها وتبارك مساعيه الخيرية وتغدق على أهلنا، كل أهلنا المؤمنين نعمتي الرجاء والإيمان.

 

إلى لبنان، بلد القديسين والقداسة حمّل اليوم خليفة بطرس صليب المسيح وكل ما في المسيحية من قيم وانفتاح ومحبة وتجرد وعلم ومعرفة، حملهم برجاء وحط رحاله في هذا الوطن المعذب والمحتل، ولكن أيضاً البلد المميز الذي باركه الرب يسوع يوم شفى ابنته الكنعانية، ويوم بارك الماء وحوله إلى خمر في عرس قانا.

 

اليوم حل خليفة بطرس ضيفاً كريماً ومباركاً على كل اللبنانيين ليجدد العهد معهم، عهد المحبة والتعايش والمساواة، وليؤكد للعالم أجمع على رسالة لبنان الخالدة التي هي التعايش وقبول الآخر. فأهلا وسهلاً بهذا الضيف الذي استقبله لبنان، كل لبنان، وكل اللبنانيين من كافة مذاهبه بحفاوة وكرم. نعم هذا هو لبنان النموذج والمثال، لبنان القديسين والبررة والشهداء.

 

لقد فرض اليوم شعب لبنان المحب للسلام والوريث حضارات العالم القديم كلها، فرض على أبالسة السياسة وتجار الدم والعرق، وجماعات الإرهاب، فرض عليهم جميعاً أن يكونوا مثله، ويتصرفون باحترام وخشوع. فرض الشعب اللبناني اليوم على القيادات السياسية والدينية أن يكونوا على صورته، وليس على صورتهم البشعة، صورة العابثين بكل ما هو إنسان وإنسانية، وحق وحقوق.

 

المطلوب من شعبنا اللبناني العاشق للحرية والسلام والتعايش أن يتابع الإنجاز الكبير الذي فرضه اليوم على طاقمه السياسي والديني والرسمي العفن والنتن، وأن يبدأ دون توقف أو كلل أو إحباط في عملية رذل هؤلاء وإنتاج قيادات ومرجعيات جديدة تشبهه هو وتكون على مثاله وصوته، ولا تشبه أو تكون على مثال وصورة الأبالسة الذين يتحكمون اليوم في كل مواقع القرار والمسؤولية في لبنان في المجالين السياسي والديني.

 

بالقول والفعل والفكر أثبتت الغالبية العظمى من أفراد الطاقم السياسي والديني والرسمي اللبناني، ما عدا قلة من أمثال الكبير غبطة البطريرك صفير، حماه الله وأطال بعمره، ومعه قلة من السياسيين الشرفاء، أثبتوا أنهم طاقم طروادي بامتياز لا يختلفون بشيء عن عهر ومكر وشيطانية أعتا الكتبة والفريسيين والإسخريوتيين والملجميين.

 

أهلا بخليفة بطرس في وطننا لبنان، وتحية من القلب لكل اللبنانيين الرافضين بشجاعة وإيمان ورجاء نير العبودية وثقافة الغنمية والتبعية، وتحية كبيرة أيضاً للمعارضين دون خوف لكل هرطقات ونفاق وكذب تجار المقاومة والممانعة والتحرير.

 

في الخلاصة، لأن الله هو الخير، ولأن الشر هو الشيطان، فلبنان القداسة والخير باق، وكل أبالسة السياسة فيه مع رجال أديانه الكفرة إلى جهنم وبؤس المصير.
إن الشر الذي هو الشيطان ومهما توهم بقوته الزائلة والمحدودة والترابية لا يمكنه أن ينتصر على الله الخير الذي هو الله.

وفي النهاية من كان الرب نصيره فلا غالب له.

 

*الكاتب معلق سياسي وناشط لبناني اغترابي

*عنوان الكاتب الألكتروني

phoenicia@hotmail.com

*تورنتو/كندا في 15 أيلول/2012