السيد حسن نصرالله: تقية وإسقاط وإستكبار

بقلم/الياس بجاني*

 

لم نفاجئ أبداً برزم اتهامات العمالة البالية والببغائية والانتقائية التي نعت بها السيد حسن نصرالله قادتنا وأحزابنا المسيحيين الشرفاء والمقاومين الأصليين في خطابه الأخير حيث أن الرجل بفكره وثقافته ونهجه ومرجعيته وطرق تعاطيه مع الآخرين لا يختلف بشيء عن اقرانه من القادة المذهبيين والإرهابيين والمستكبرين والنرجسيين والمنسلخين عن الواقع والذين يتوهمون أنهم من غير أصناف البشر، علماً أن نهاية هؤلاء كانت دائما تعيسة ومأساوية ولنا في حالات القذافي وصدام وستالين وهتلر خير مثال.

 

منذ سنين والسيد نصرالله ينصب نفسه بالقوة والإرهاب والتسلبط وعن طريق الاغتيالات والغزوات قاضياً وحاكما وولياً ومرشداً ويقوم بنمط فوقي مقزز بمناسبة ودون مناسبة حيث يصنف اللبنانيين قادة ومواطنين وتجمعات على هواه بين وطنيين وعملاء، وأشراف وانجاس، ومقاومين ومستسلمين، وقد تمادى واسترسل في غيه حتى انه صنف المال الإيراني بالنظيف والحلال.

 

فلو كان معيار تصنيفات السيد ثابتاً ومعروفاً بمتدرجاته ومقاييسه ومرتكزاته لكنا على الأقل اعتبرنا أن الرجل مقتنع بما يقوله رغم أننا نخالفه كلياً ولا نتوافق معه على أي شيء بالمرة لأن خطابه وثقافته واهدافه هم نقيض لكل ما هو لبناني على كافة الصعد والمستويات وفي جميع المجالات دون استثناء. إلا أن الواقع المعاش مغاير كلياً، فلا تبات عنده على أي تصنيف، ومن يراجع خطاباته وتصريحاته الموثقة منذ العام 1982 يدرك ذلك بوضوح.

 

السيد وعلى خلفية مفهومه المذهبي "لدار الإسلام ودار الحرب" هو على استعداد دائم لتغيير وتبديل وتعديل تصنيفاته، وكذلك تحالفاته وأوراق التفاهم والمعاهدات والاتفاقيات والعهود والوعود حسبما تقتضيه الحاجة الآنية والمرحلية، وذلك خدمة لتحقيق مشروع الملالي الفارسي الهادف إلى إقامة دولة ولاية الفقيه في لبنان، وبالتالي فإن كل تعاطيه مع الآخرين هو آني وغير ثابت وغير ملزم ويتم الانقلاب عليه وضده عندما تنقضي الحاجة إليه. من هنا نرى جلياً أن كل الآخرين الذين تحالف معهم في لبنان هم تغيروا وتبدلوا وتلونوا وهو بقي كما هو. ولنا في هذا السياق التحالف الهجين والمذل الذي عقده مع العماد ميشال عون من خلال ما عُرف، "بورقة التفاهم" حيث برهنت الأيام والأحداث أن عون لم يأخذ أي شيء بل تخلى عن نفسه وتاريخه وكل شعاراته وعلومه العسكرية وأمسى ملحقاً وتابعاً لحزب الله ولمشروعه الإيراني.

 

ولتوضيح مبدأ التقلبات في ثقافة حزب الله وفي ممارسات قادته نشير إلى أن ميشال عون الحليف الأول اليوم لحزب الله والوطني والمقاوم بامتياز كما يصنفه الحزب كان بنظر السيد حسن نصرالله عميلاً اسرائيلياً سنة 1989 وفي أسفل البرهان من خلال مقطع من كلمة للسيد حسن نصر الله ألقاها باسم المقاومة الإسلامية في احتفال تأبيني أقيم في حسينية الرمل في برج البراجنة في الذكرى الأولى للمقاوم عبد الله عطوي (الحر العاملي) سنة 1989 ، كما نشرتها حرفياً جريدة النهار بتاريخ 6/11/1989:

"في خضم الأحداث في لبنان تبرز مشكلة اسمها اتفاق الطائف، ومشكلة اسمها ميشال عون وليس صحيحاً أن من يرفض اتفاق الطائف هو مع ميشال عون. إن اتفاق الطائف مشكلة لأنه يكرس النظام الطائفي ولا إصلاحات، بل زيادة في عدد النواب، وقد أعطيت صلاحيات لمجلس الوزراء وبقي رئيس الجمهورية القائد الأعلى. إن مشكلتنا في لبنان هي النظام الطائفي الذي سيبقى في ظله الحرمان، والبديل كما قال (مرشد الجمهورية الإسلامية أية الله علي خامنئي) إن النظام يجب أن يسقط والناس هم يحددون صيغة النظام الجديد. وما نتمناه أن يختار الناس والشعب في لبنان النظام الذي يريدونه بعيداً عن الضغوط ونحن مع حق الشعوب في تقرير مصيرها(...) أما أن ميشال عون مشكلة، فلأنه حالة إسرائيلية صدامية وتدميرية ولا يرى إلا مصالحه الشخصية ومصالح طائفته. فهو النهج الماروني العنصري في الشرقية".)

(إضغط هنا لمشاهدة صورة التصريح كما جاء في جريدة النهار) http://www.10452lccc.com/elias.arab06/annahar61189.jpg

 

وفي نفس سياق التبديل والتغيير الانتقائي والمصلحي البعيد عن الثوابت والمصداقية فقد كانت حكومة الرئيس السنيورة سنة 2006 في خطاب نصرالله حكومة المقاومة ومن ثم أمست حكومة الأميركيين والإسرائيلي.

 

نحن لا نتفق مع حزب الله، على أي شيء إطلاقاً، لا في السياسة، ولا في الثقافة، ولا في المعايير الوطنية والاجتماعية والمعيشية، ولا في الإيديولوجية، ولا في مفهومه لحرية الإنسان والمجتمع المدني والأمم المتحدة وشرعة حقوق الإنسان، ولا في رؤيته لمستقبل لبنان لا من قريب ولا من بعيد، لكننا نعترف ونقر بأن هذا الحزب واضح جداً في طروحاته وأهدافه، وهو لا يخفي البتة مشروعه الإيراني، مشروع إقامة دولة ولاية الفقيه في لبنان، كما أنه يجاهر بفخر واعتزاز بتبعيته المطلقة للمرجعية الدينية الخمينية في إيران، وهو يقسّم طبقاً لمعاييره الأصولية والمذهبية القيادات اللبنانية والعربية إلى فئتين واحدة تواليه وتتقيد بمشروعه وتنفذ فتاويه، وهذه وطنية، وأخرى تعارضه وتقف في وجه مشروعه وهي عميلة وخائنة وإسرائيلية وأميركية. والخطير هنا أن تصنيف الحزب للبنانيين يتغير ويتبدل طبقاً لمصالح إيران ولمواقف الآخرين من هذه المصالح.

 

في أسفل مقتطفات من أقوال وتصاريح للسيد حسن نصرالله، وهي من مصادر مختلفة. هي موثقة وتحكي مشروعه ورؤيته للبنان وكلها لم تتغير ولم تتبدل في جوهرها كون كل ممارسات حزب الله وخطاب قادته يؤكدون صحتها.

 

1- "لا نؤمن بوطن اسمه لبنان، بل بالوطن الإسلامي الكبير." (النهار/أيلول 1986).

 

2- "إن لبنان وهذه المنطقة هي للإسلام والمسلمين، ويجب أن يحكمها الإسلام والمسلمون." (السفير/12 تموز 1987).

 

3- "دعانا الإمام لإقامة الحكومة الإسلامية في أي بلد نعيش فيه وهذا ما يجب أن نعمل له وان نفهمه تكليفاً شرعياً واضحاً، وأن نعمل له في لبنان وفي غير لبنان، لأنه خطاب الله منذ أن خلق آدم." (العهد/23 حزيران 1989).

 

4- "الدنيا، في فكر الحزب فانية محدودة . نحن قوم ينمو ويكبر بالدمار، ودماؤنا نقدمها قرباناً، وهدفنا تحرير القدس وإزالة إسرائيل من الوجود". (السفير3 تموز عام 1991).

 

5- "إن حزب الله أمة في لبنان لم تخرج من أجل سلطان ولا مال. هذه الأمة وجدت أن الحق لا يعمل به، فخرجت تصلح في هذه الأرض، كل الأرض، لتقيم فيها حاكمية العدل الإلهي التي تتواصل وتتكامل بظهور صاحب العمر والزمان (السفير/16 أيلول 1986 )

 

6- "قتال إسرائيل ليس هدفا بل وسيلة للوصول إلى الله، والأفق السياسي والمبدأ الاستراتيجي يقوم على إزالة إسرائيل من الوجود... لهذا علينا أن نبني مجتمع المقاومة ونهيئ أنفسنا للحرب الحقيقية وأن نبني الجيش العظيم الذي دعا إليه الإمام الخميني (النهار/6 أيار 1989).

 

7- "سيصل منهج ياسر عرفات السياسي إلى حائط مسدود، وسيأتي يوم يصبح فيه قتال إسرائيل وإبادتها الثابت الوحيد، وعلى أساس هذا التطور فإن المنطقة لا تسير نحو التسوية (مجلة "الوحدة الإسلامية/شباط 1989) ".

 

8- "نحن لا نطمح إلى تدمير المجتمع المسيحي بل إلى تدمير المؤسسات التي تحكمنا باسم أميركا وإسرائيل." (النهار/نيسان 1989 )

 

9- "سنستمر في المقاومة من أجل العزة والكرامة ومن أجل الإسلام." (الديار/شباط 1989).

 

10- "القتال تكليف شرعي في مقاومة إسرائيل" (السفير1987)

 

11- "القتال هو طريق الأمة، فلا يجوز أن يحسب حساب لعديد الشهداء، وبذلك نصنع المستقبل." (النهار/1987).

 

12- "كلنا في لبنان حاضرون للتضحية بأنفسنا وبمصالحنا وبأمننا وسلامتنا وبكل شيء لتبقى الثورة في إيران قوية متماسكة." (النهار/9 آذار 1987).

 

13- "نحن نعيش في كربلاء مستمرة". (النهار 14 تشرين الأول 1987).

 

14- "تعلمنا من شهدائنا أن لا ننتظر الحلول والاتفاقات بل أن نسعى للتحرك بحمل البندقية وأخذ القرار من قيادتنا الشرعية المتمثلة بالإمام الخميني." الذي لولاه لما كان السادس من شباط (الانتفاضة على السلطة اللبنانية على عهد الرئيس الأسبق أمين الجميّل." (الحقيقة/10 شباط 1986)، و(السفير/9 شباط 1986).

 

15- "الأولوية في صراع حزب الله محكومة بأساسين: تحرير القدس وإزالة إسرائيل من الوجود، وحفظ الثورة الإسلامية في إيران." (السفير/16 حزيران 1986).

 

 16- "إن من لا يعرف إمام عصره مات ميتة جاهلية... لأن الإمام الخميني جسّد في شخصه أمة واستطاع أن يجعل من كل رجل أمة وهذا ما لا يستطيعه إلا الأنبياء." (السفير/تموز 1986).

 

 17- "إن الجمهورية الإسلامية في إيران مسؤوليتنا جميعا وليست مسؤولية الشعب الإيراني المسلم وحده، وعلى المسلمين أن يخدموها ويساعدوها لأنها قلب الإسلام النابض وقرآن الله الناطق." (العهد/ 23 حزيران 1989).

 

18- "القدس هي قضية كل مسلم، تحريرها واجب شرعي، ومن يتخلف عن هذا الخط ليس بمسلم. إنها واجب شرعي كالصلاة والصوم، تاركها تارك للصلاة والصوم." (النهار/ أيار1989).

 

19- "يجب أن نبقي جبهة الجنوب مفتوحة للمقاومة حتى لو سدّت كل الجبهات العربية." (السفير/آب 1987).

 

20- "مشروعنا هو إقامة مجتمع المقاومة والحرب في لبنان. (السفير/تشرين الثاني 1987).

 

21- "نحن لسنا قادرين الآن على إقامة حكم الإسلام، لكن هذا لا يعني تأجيل فكرنا ومشروعنا إلى المستقبل. نحن نطرح هذا الشعار لكي يخرج المسلمون من مرحلة الخجل ... ونحن لا نملك اليوم مقومات حكم في لبنان والمنطقة، لكن علينا أن نعمل لنحقق هذا. ومن أهم الوسائل تحويل لبنان مجتمع حرب." (السفير/نيسان 1986).

 

22- "على المسلمين أن يسعوا إلى إقامة الحكومات الإسلامية في بلدانهم، ولا عجب أن ندعو في لبنان إلى إقامة الدولة الإسلامية من أجل إقامة السلام العادل الذي يعمل من أجله الإمام المهدي." (النهار/ نيسان 1988)".

 

ترى هل بعد كل هذا الكلام الواضح للسيد نصرالله يعود هناك أي شك في مشروع حزب الله الإيراني الهادف إلى ضرب الكيان اللبناني وإقامة دولة ولاية الفقيه مكانه!!

 

*الكاتب معلق سياسي وناشط لبناني اغترابي

*عنوان الكاتب الألكتروني phoenicia@hotmail.com

*تورنتو/كندا في 16 تشرين الثاني/2012