بري طباخ مبادرات! صحيح، ولكن لمصلحة من؟

بقلم/الياس بجاني

 

ليس سراً على أحد أن رئيس مجلس النواب ورئيس حركة أمل السيد نبيه بري هو ودون أدنى شك الحليف الأول لحكام سوريا البعث في وطن الأرز. كما أنه وبالتأكيد ليس له من منازع في هذا المجال الذي أمسى متخصصاً فيه بامتياز، وقد عرّف أيضاً بالأستاذ وهو لقب استحقه الرجل عن جدارة، لنوعية ممارساته والتنفيعات، كما مسرحياته والخدمات ودائماً البعثية، وذلك طوال سنوات حقبة الاحتلال البعثي الستاليني العجاف، وهو حافظ على دوره السوري، بل على أدواره بنجاح منقطع النظير حتى بعد أفول نجم أولئك البعثيين الأشقاء الأشقياء وانحسار دور مخابراتهم والأجهزة في أعقاب انتصار ثورة الأرز واندحارهم، وهم بالأكيد، أي الأخوان، الذين كانوا أوصلوه إلى مراتبه ونيابته ووضعه القيادي والسلطوي الحالي.

 

أنه رجل سوريا الأول في لبنان، أنه الأستاذ المتخصص والمتمرس في فنون وأساليب احتواء كل تحرك لبناني صرف وتجويفه ودفنه ودائماً لمصلحة الحكم السوري، ولنا في مؤتمر الحوار الشهير وجلسات التشاور التي تلتها خير دليل واثبات وبرهان.

 

كان الأستاذ من طباخي الاتفاق الثلاثي، وهو هندس بدقة متناهية التحالف الرباعي خلال الانتخابات الأخيرة وعن طريقه وببركات وتعليمات الإخوان تمكن بدهاء يشهد له من العودة إلى رئاسة مجلس النواب. من يومها وهو لا يترك سانحة إلا ويمتطيها لاهثاً جاهداً لإعادة الأوضاع إلى ما قبل خروج الجيش السوري.

يلعب على حبال المتغيرات والتطورات المحلية والإقليمية، كما المذهبية والطائفية بجدارة كبيرة وهو يُسمِّع كل فريق ومجموعة ما يريدون سماعه.

 

هو حليف حزب الله والناطق باسم أمينه العام، وأيضاً الموثوق به من قبل معظم أفراد تجمع 14 آذار، وقد نجح لفترة طويلة في أدائه المتقلب والمتلون هذا، إلا أن دوره انكشف الآن كلياً ولم يعد بقادر على التلطي أو التحجج. سقط القناع، بل الأقنعة فأمسى "لا مع ستي بخير ولا مع جدي بخير"، فهل يتمكن مجدداً من ترميم ما تهدم وستر عورات ما كشف وأنكشف.

 

طلب منه أسياد قصر المهاجرين إقفال مجلس النواب وتعطيل كل جلساته لمنع إقرار مشروع المحكمة الدولية ففعل، جاءته التعليمات الشامية والفارسية بسحب وزرائه من حكومة السنيورة فنفذ دون تردد أو اعتراض. خطف مجلس النواب وعطل دوره التشريعي ولم تنفع معه لا العرائض ولا البنود الدستورية ولا حتى الطائف.

 

شارك الانقلابيين في اعتصامهم الفلكلوري وبعد أن استشف فشل هؤلاء ووقوعهم في شر أعمالهم والأفخاخ التي نصبوها للبنانيين والكيان حاول تمرير مبادرة ملغومة ففشل. وها هو الآن يحاول مجدداً تمرير مبادرة أخرى تهدف إلى احتواء فشل الانقلابيين وتحويله إلى نجاح.

 

نتمنى على نواب الأكثرية وعلى جميع أفراد ثورة الأرز التوقف في تعاملهم مع الأستاذ عند هذا الحد وكشف كل عوراته والأوراق. هذا وبات لزاماً على السياديين إسقاط هالة الأستاذ الوطنية التي بالواقع لم تكن موجودة في يوم من الأيام.

 

إن الأستاذ وكما أثبتت الوقائع والشدائد مؤخراً هو منفذ فرمانات دمشق وطهران وعلى هذا الأساس يجب التعامل معه وقد أصاب في تشخيصه السيد وليد جنبلاط الذي أشار قبل فترة قصيرة إلى أن بري يتصرف وكأن هناك مسدساً مصوباً على رأسه.

 

إن من يجرب المجرب يكون عقله مخرب، وكل ما نرجوه أن ألا تعود الأكثرية مرة أخرى إلى هذا المجرب، وإلا فهي ستتحمل عواقب قراراتها والأفعال.

 

عنوان الكاتب البريدي phoenicia@hotmail.com

16 كانون الثاني 2007