حزب الله ميليشيا، ونقطة على السطر!!

بقلم/الياس بجاني

 

مَن مِن أهلنا ينسى كلفة "فاصلة" "إتفاق الطائف" المرتفعة الثمن التي أصر دولة الرئيس ميشال عون على إضافتها إلى نص ذلك الاتفاق المشؤوم كشرط وحيد للقبول به، إتفاق الآخرين على لبنان.

 

فاصلة تضع جدولاً لانسحاب القوات السورية الغازية من لبنان، فلم يستجب الأخضر الإبراهيمي، أو بالأحرى لم يكن مسموحاً له الاستجابة رغم تعاطفه مع الطلب والمنطق.

وفي حين تجاهل رعاة الاتفاق العرب الثلاثة الطلب، وكعادتهم اكتفوا يومها بإعطاء تعهد لفظي شفهي لم يصدقوه هم أنفسهم. أصرَّت القوى التي فرضت الاتفاق على تمريره بالقوة العسكرية وأسقطت الحكومة اللبنانية العسكرية آنذاك ببنادق ودبابات بعث الشام معطوفة على استنعاج وطأطأة رقاب صبيانهم اللبنانيين، وتحت نظر حُكام إسرائيل وحماية طائراتهم، وبالطبع بمباركة الإدارة الأميركية، وبصم كل الدول العربية بعد أن تم تحييد الدول الأوروبية رغماً عنها.

 

كلفتنا "الفاصلة" خمسة عشرة سنة من الاستعباد والاستبعاد، الاضطهاد والاستشهاد، السجن والنفي، التهجير والتجنيس الاعتباطي، الإفقار والديون، السطو على مقدراتنا والصلاحيات، وقتل كل ما هو حريات وديمقراطية ومؤسسات، وتطول قائمة المآسي والعذاب يطول.

 

تُرى هل يُعيد التاريخ نفسه على وقع المبادرة العربية الجديدة التي يحملها إلينا المخابراتي اللواء المصري عمر سليمان ولو بسيناريو مختلف نوعاً ما ويُعلق مصيرنا مجدداً على مقصلة فاصلة حزب الله ووعود العرب إياها!!!

 

"الفاصلة" المفصلية الأصولية والجهادية العقدة، هي مفردة "المقاومة" التي يُصر حزب الله ومن هم بصفِّه في الداخل والجوار وجوار الجوار للحصول عليها من حكومة الأكثرية الدفترية بدلاً من مفردة "الميليشيات" التي وردت في "اتفاق الطائف" كصفة ومسمى وحيدين في توصيف وضع كل القوى المسلحة غير الشرعية لبنانية وفلسطينية وغيرها.

 

وطبقاً "لطائف الطوائف" إياه يتوجب على الدولة اللبنانية تجريد كل الميليشيات من سلاحها، نشر جيشها على الحدود مع الدولة العبرية والتقيد باتفاقية الهدنة معها، وبسط سلطتها بواسطة قواها الذاتية على كامل الأراضي اللبنانية.

 

لقد أخرج القرار الدولي رقم 1559 الجيش السوري من لبنان بدعم دولي منقطع النظير رغماً عن أنف حكام الشام.

إثر الانسحاب الهزيمة حاولت سوريا زرع العراقيل هي وفيالقها اللبنانية من جهادية وأصولية، ومن ذوات وذوي المسار والمصير والجهاد والتحرير والقوميات، إلا أنهم جميعاً ورغم التشنجات والبلبلة حصدوا الخيبة.

 

وما القرار الدولي 1559 إلا نصاً واضحاً لنفس البنود التي وردت في "الطائف" وتكراراً لضرورة تجريد كل الميليشيات من سلاحها لمصلحة الدولة وشرعيتها وقواها النظامية.

هنا تكمن شطارة إخوان التحرير والجهاد الذين "حردوا" وخرجوا من الحكومة على خلفية رفضهم المحكمة الدولية، وهم الآن يرفضون الاستقالة منها ولا يريدون العودة إليها إلا وفي حقائب العودة "فاصلة" المقاومة المراد منها مسح "فاصلة" الميليشيات والحلول مكانها.

 

فهل سيحصلون الآن في ظل الاستقلال الجديد والحكم اللبناني الصرف على المبتغى الذي لم يحصلوا عليه من العرب في "اتفاقية الطائف"، ولا من حكام البعث خلال حقبة استعبادهم للوطن الجار، ولا من المجتمع الدولي ومعه الأمم المتحدة ومجلس أمنها في أي من القرارات المتعلقة بلبنان وفي مقدمها الـ 1559؟

نقول بالتأكيد أن لا مهادنة مع الصراعات الشرسة على مائدة السياسة المربكة المُشْرِعة أبوابها على آفاق المجهول.

 

إنه وفي حال رضخ أهل حُكم الأكثرية لضغوطات الوساطات ولفعل أسلحة ربع الترهيب والترغيب والفتاوى والتكاليف الشرعية، وتسللت "فاصلتهم" عبر مجلس الوزراء،  فهي "من غير شر" ستُلغي كل مفاعيل بنود "الطائف" الواردة أعلاه، وتضع لبنان في مواجهة الشرعية الدولية وتنزع مخالب كل قراراتها التي قد تطاول سلاح حزب الله ودويلاته وتحديداً القرار 1559.

عندئذ يبقى الحال الميليشياوي على وضعه الشاذ في الجنوب وعلى الحدود مع إسرائيل وفي الضاحية من بيروت والبقاع والناعمة والمخيمات الفلسطينية كافة، وساعتها الله يرحم الدولة والقانون والمؤسسات، وللأكثرية وحكومتها طول العمر والبقاء!!

 

ترى هل يبقى أي معنى أو فحوى لتلهي الربع والإخوان والمجموعات والتجمعات بمن فيهم قوم الـ 14 و8 أذار وباقي الحواشي بالعزف الناشز على مطلب الحوار الداخلي لتنفيذ ما تبقى من بنود في القرار 1559، أو التغني بضرورة تنفيذ كل بنود الطائف، في حال تمت هزيمة ودفن "فاصلة" "المليشيات" جهادياً بعثياً "وقمّياً" لمصلحة شقيقتها "المقاومة"؟!

مهما تبدلت المفردات يبقى حزب الله وطبقاً للمعايير كافة "ميليشيا"، ونقطة على السطر!!

 

وليتذكر من يعنيهم الأمر أن التاريخ لن يرحم أي مسؤول، سياسي كان أو مرجع أو قائد، رسمي أو مواطن يساهم في ضرب سلطة الدولة اللبنانية وتقويض دعائمها والتآمر على سلطتها والدستور، سواء كان هذا بالقول أو بالسكوت، بالممارسة المباشرة أو المواربة، في السر أو في العلن.

 

والأكيد أن هؤلاء سيُلعنون ويرذلون إلى يوم الآخرة مع كل شروق وغروب ومع وجع وإذلال كل مواطن شريف.

يبقى أن الزمن هو زمن مواقف وإباء، وعلى كل إنسان أن يتحمل وزر خياراته والمواقف.

 

1/2/2006

عنوان  الكاتب البريدي: phoenicia@hotmail.com