"نابليون" الرابية والرتبة الجديدة!

بقلم/الياس بجاني

 

نشرت جريدة الأنوار أمس الخميس تحت عنوان:عباس هاشم: العماد عون نابليون العصر الحديث الخبر التالي:

الأنوار 9 آب 2007/وصف عضو (تكتل التغيير والإصلاح) النائب عباس هاشم رئيس التكتل العماد ميشال عون بـ (نابليون العصر الحديث) وقال في تصريح له أمس: "أما وقد انتهت الانتخابات الفرعية في المتن الشمالي، فماذا بعد، وما هي القراءات الموضوعية لهذه النتائج بغض النظر عن ردود فعل الخاسر؟

بداية في ما يتعلق بالأرقام، الهزيمة النكراء التي تعرضت لها مجموعة الإعلام التي تدعي السيادة وهي غارقة في التبعية والاستلحاق من الكتائب، القوات، الوطنيين الأحرار، الكتلة الوطنية، الجيش الأسود، الإقطاع المالي والإقطاع العائلي، فلو وضعنا لكل منها رقم اثنين في المئة لما كونوا جميعاً 3/1 مما حصل عليه الجنرال عون منفرداً. ثانياً: العبرة في النتائج ولن يتذكر المتنيون سوى اسم الفائز، وعنيت به الدكتور كميل خوري.

ثالثاً: جرت العادة أن يكون الزلزال بعد مدة، فبالأمس كانت هناك استحالة لترشيح أحدٍ ما ضد أمين الجميل، فأصبحنا اليوم أمام أمر واقع أن الدكتور كميل خوري ابن العائلة المتواضعة هو الذي هزم الرئيس أمين الجميل الملقب بالعنيد والمعروف بتسلطه وعنجهيته، فإذا كانت نتيجة الهزيمة، هذا الكم من التغطرس، فكيف يكون الحال لو كان فائزاً في الانتخابات...! أضاف هاشم: مما لا شك فيه أن الخيار الوطني اثبت عن ديمقراطية حقه، قبل الانتخابات وإثناء الانتخابات وبعد الانتخابات. حيث إن مظاهر الابتهاج بالنصر العظيم لم تتعدَ الفرح الداخلي لأنه أمر عادي استناداً إلى قول الشاعر الكبير المتنبي: (تكبر في عين الصغير الصغائر، وتصغر في عين الكبير الكبائر). وتابع هاشم: في المضمون السياسي لقد اثبت العماد الرئيس ميشال عون انه رمز من رموز المعارضة والمؤهل فعلياً لإعادة تكوين السلطة بإرادة أبنائها من دون وصايات قريبة أو بعيدة داخلية أو خارجية.

رابعاً: انطلاقاً من زعامته المسيحية عبَّر العماد عون عن حالة وطنية عامة عابرة للطوائف ترتقي بالإنسان إلى مستوى المواطن، وبالتالي يحقق العدالة الاجتماعية التي ترفع المؤسسات وتصغر الأشخاص. خامساً: بداية انهيار التقليد السياسي لمصلحة التجدد المطلق عبر نخب مثقفة تؤمن بلبنان السيد الحر المستقل والاهم المستقر بتفاعل الجماعة، ولكن انطلاقاً من الفرد، ولنأخذ العبرة والأمثولة من التاريخ، فقد سقط نابليون بونابارت أمام مواجهة الإقطاع السياسي والمالي والعائلات والكنيسة، أما الجنرال عون فقد نجح بمواجهة كل هؤلاء، إضافة إلى الموروثات والتقاليد والعادات، انه نابليون العصر الحديث".

 

النائب عباس هاشم زار الديمان أمس الخميس وأصدر بياناً من هناك نفي فيه وصفه رجال الكنيسة المارونية "بالجيش الأسود"، ولكنه لم يعترض على باقي ما جاء في تصريحه المنشور أعلاه. من اللافت أن جنرال الرابية وأعضاء كتلته وربع بطانته من "القناديل" والأصهر والأقرباء والودائع، يمتهنون نفس النط الإعلامي البعثي، بمعنى أنهم يلتزمون بما يملى عليهم من "فرمانات" سورية وإيرانية و"إلاهية مقاوماتية"، ويدلون بها حرفياً كما تصلهم، ومن ثم يعملون بوقاحة على نفيها ولوم وسائل الإعلام على ما يسمونه "تحريفا" وتجزئة. هذا وقد وصل الأمر بالعماد عون بعد انتهاء الانتخابات الفرعية في المتن إلى اتهام اللبنانيين "بالغباء" قائلاً أنهم بطيئون وغير قادرين على اللحاق بمواقفه المتطورة، وهو بالتالي سيعمل على شرحها لهم أكثر وأكثر.

 

وفي نفس السياق نُذكِّر في ما كان ورد عبر وكالة "سانا" السورية الرسمية بتاريخ 26/7/2007، وهي الناطقة باسم الحكومة السورية، وعبر صفحة "شام برس" الالكترونية أيضاً، من ناحية تناولهما لتصاريح لعون، أطلقها في سياق مؤتمر صحفي عقده في برلين، غداة محادثات أجراها مع وزير خارجية ألمانيا، حيث قال: "سوريا ساعدت لبنان في الماضي وهي سوف تستمر في مساعدته، والخلاف اللبناني معها هو إعلامي فقط." وعملاً بقاعدة عون الذهبية "بعد كل تصريح تصحيح"، وبعد عودته إلى بيروت، هرول عون مع من حوله لنفي ما نشر.

 

إن هذا الأسلوب الإعلامي المخادع لعون وربعه من "القناديل" هو استهتار بذكاء اللبنانيين، وتعد سافر على ذاكرتهم وسعة اطلاعهم. كما أنه ممارسة سياسية بدائية تتميز بالحربائية والإنتهازية وانعدام المصداقية. أما النائب عباس هاشم، "الوديعة الإلهية" عند عون، وعلى ما ظهر وبان حتى للعميان، فهو مكلف مهمة نفخ "وتوريم" كبرياء العماد، ودغدغة نزاعاته التسلطية والفوقية، وتأجيج نار أوهامه الرئاسية والهتلرية. هاشم كان قبل مدة صرح بأن العماد عون هو الزعيم الأوحد عند المسيحيين، وها هو اليوم يرقيه إلى رتبة "النابليونية".

 

كلام هاشم هذا الذي لم تعترض عليه الرابية، ولا حتى حاولت تصحيحه، يؤكد أن عون أصبح بحاجة ماسة لعلاج نفسي، خصوصا وأن كل مقارباته للأمور انحدرت إلى ما تحت "الزنار"، وأمست اللغة التي يستعملها عدائية وساقطة. إن كل العوارض والمؤشرات التي تميزت بها تصرفات عون ومواقفه وممارساته وتصريحاته في الفترة الأخيرة ممكن وضعها تحت خانة مرض "انفصام الشخصية" الذي من أهم عوارضه الانسلاخ عن الواقع، والهلوسة، والأوهام، وضياع وجهة بوصلة البصر والبصيرة، واضطراب القدرة على اتخاذ القرارات بواقعية وعقلانية.

 

نلفت النائب هاشم الذي ذكرت تقارير كثيرة أنه يعمل جاهداً على شراء الأراضي في منطقة جبيل لمصلحة حزب الله إن أمره مكشوف، وأن أهداف تسويقه "النافخ لعنجهية" جنرال الرابية مفضوحة. كما، نلفته إلى إن المكان الصحيح "للنابليونات" في أيامنا هذه هو مصحات الأمراض العقلية والنفسية، ومن يزور مستشفى دير الصليب القريب من الرابية سيلتقي فيه بالعديد من هؤلاء "المرضى" الذين يتوهمون أنهم "نابليونات" وملوك ومخترعين وقادة عظماء وأنبياء والخ.

 

على من لا يزال من أهلنا أسيراً ورهينة لماضي العماد عون، الذي اعتقدنا مخطئين أنه كان سيادياً واستقلالياً ووطنياً، أن يراجع مواقفه، ويفرز منها الصالح من الطالح، والواقعي من الوهمي، والغوغائي من الحقيقي، والخاص من العام. وعلى من لا يزال يمني النفس بأكل العنب من عوسج الرابية أن يستفيق من الغيبوبة ويعدل مساراته ومواقفه والولاءات.

 

وهنيئاً لجنرال الرابية بهذه الترقية النابليونية الجديدة.!!!

كندا – تورنتو في 9 آب 2007

 

عنوان الكاتب البريدي

phoenicia@hotmail.com