الأمة
المارونية في
ذكرى أبيها
القديس مارون
بقلم/الياس
بجاني
نحتفل
نحن الموارنة
اليوم في
لبنان وبلاد
الانتشار
بالذكرى
السنوية لأبي
كنيستنا وشفيعنا
القديس مارون.
إنها مناسبة
عطرة وفرحة وهي
عصارة ونتاج واستمرارية
1600 سنة من
النضال
والإيمان
والصبر
والعطاء من
تاريخ أمتنا
وشعبنا
وكنيستنا المشرقية
السريانية.
في
هذه المناسبة
نرفع الصلاة
إلى المصلوب
خاشعين
طالبين منه
تقوية إيمان
وصبر وعزيمة
أفراد شعبنا
ورعاتنا، والمديد
من السنين
لغبطة
البطريرك مار
نصرالله بطرس
صفير سيد
بكركي التي
أعطي لها مجد
لبنان، ونسأل
المصلوب
بشفاعة أمه
سيدة لبنان أن
يقي وطن الأرز
وأهله شر
الحروب
والصراعات
والاضطرابات
وأن يبقيه
وطناً لرسالة
المحبة والتسامح
والتعايش
المساواة
والإخاء.
أبونا
مار مارون هذا
الناسك الذي
عاش في القرن
الرابع في
جبال قورش
شمال إنطاكية
ما زال حيّا
في قلوبنا
وعقولنا
والوجدان نحن
أبنائه
الموارنة، واليوم
نحتفل بذكراه
ليس فقط في
لبنان حيث مركزنا
الديني
والوطني بل في
كل أنحاء
العالم حيث
تقيم
جالياتنا
وتنتشر.
يجب ألا
ننسى تحت أي
ظرف أن حياة
أبيا القديس مارون
كانت حياة
تقشف فكان
يكتفي
باليسير مما
يحتاج إليه
الناس في
دنياهم من
قليل الطعام
والشراب
واللباس،
ولهذا سلك طرق
التقوى
والإيمان
والجهاد وقد
حرم نفسه ما
كانت تشتهيه،
وهذه هي الطرق
الوعرة التي
سار عليها
الأبرار
والقديسون
كافة. كان
محور حياته
مركزا على
الصلاة
والتعبد والتأمل
والإماتة.
لذلك اعتزل
الدنيا وأقام
تحت خمية من
شعر تقيه حر
الصيف وبرد
الشتاء.
كان
الناس يأتون
إليه ليسألوه
صلاته وبركته،
فيصرف
أفكارهم عنه
ليوجهها إلى
الله مصدر كل
خير وينبوع كل
صلاح، وهذا هو
نمط الأبرار
فلا يجتذبون
الناس إليهم
ليطروا
صفاتهم الحسنة،
ويمتدحوا
أعمالهم
الباهرة، بل
ليحملوهم على
الإقبال على
الله.
لقد قاوم
وتحدى أبونا
القديس مارون
مغريات العالم
وأباطيله
فشاع صيت
قداسته، فكتب
إليه القديس
يوحنا فم
الذهب من
منفاه يقول
له: "إن روابط
المحبة
والمعزة التي
تشدني إليك
تجعلني أراك
كأنك حاضر
أمامي, وفي
الواقع إن ما
تتميز به نظرة
المحبة، إنما
هو اجتيازها
المسافات
ومرور
السنوات لا
يضعفها وددت
لو أني راسلتك
بتواتر لكن
المسافات شاسعة
والمسافرين
قلائل, لكني
أريد أن تتأكد
أني لا أفتأ
أذكرك، لأنك
تحتل في قلبي
مركزا رفيعا
فلا تبخل علي
بإخبارك،
والأنباء عن صحتك
تفرحني جدا
على الرغم من
بعد الشقة,
وتعزيني في
منفاي ووحدتي
وتسر نفسي
سرورا كبيرا
بمعرفتي انك
في صحة جيدة,
واعز طلب عندي
أن تصلي من
اجلي هكذا
يخاطب
القديسون
القديسين،
فيما هم
يتراسلون".
طبعت
روحانية
أبينا القديس
مارون
وشهادته كنيستنا
المارونية
فتبنت باسمه
ونبتت مثل
السنبلة من
حبة القمح.
إنها كنيسة
أمة وقضية
ورسالة، وقد
احتضنت شعبها
المؤمن منذ 1600
سنة وشهدت ولا
تزال
لروحانية
أبيها في
الوحدة
والشركة على
تقليد
إنطاكيا، وهي
كانت ولا تزال
وسوف تبقى
منفتحة على
الشعوب والحوار
ومتمسكة
بتراثها
السرياني
المشرقي
العريق
وبهويتها
المميزة.
ما
أحوجنا نحن
الموارنة إلى
الوعي
الإيماني والوحدة
والتضامن في
هذه الأيام
الشديدة الوطأة،
وما أحوجنا
إلى نبذ
الأحقاد
والابتعاد عن
الأنانية
والأنا، ما
أحوجنا رعاة
وقادة وأفرادا
أن نأخذ من
أبينا مارون
الأمثولة،
وهي ألا يعيش
كل منا لنفسه،
بل أن يفكّر
في غيره من
الناس ويبادر
إلى
مساعدتهم،
وكم حولنا من
أناس نكبتهم
الأيام، فلم
يقووا على
مواجهة
النكبة، وهم
في اشد الحاجة
إلى من يمد
لهم يد العون
لينهضوا من
كبوتهم.
ويستحيل على
الوطن، أي وطن
أن يقوم، أن لم
يضافر أبناؤه
جهودهم
لينهضوه. وقد
آن الأوان
ليقلع كل
ماروني منا
وكل لبناني عن
أنانيته
والتفكير في
مصلحته
الخاصة
الضيقة من مواقع
ومراكز
وكراسي
ونفوذ،
اعتقاداً منه
انه ينجو
بنفسه
منفرداً.
والواقع الذي
لا سبيل إلى
إنكاره، هو
أننا كما قيل
أخيراً نبحر
في مركب واحد
مثقوب، إذا
غرق غرقنا
معاً وإذا نجونا
نجونا معاً.
هذا إذا كنا
حقاً نتبع
المسيح ليس
ظاهراً فحسب،
بل حقاً
وفعلاً، مهما
كانت التضحيات
كبيرة.
ونحن
نستذكر حياة
وصفات
وعطاءات
وطهارة أبنا
مارون لا بد
وأن نسأل، هل
يعقل أن يصل
حال التخلي
عند بعض
القيادات
المارونية
الشعبوية إلى
حد يضطر معه
غبطة أبينا
البطريرك أن
يلزمهم
كنسياً
التوقيع على "وثيقة
شرف" تقول
بعدم أتباع
العنف
والفوضى والتخريب
والكفر في
تعاطيهم
السياسة مع
بعضهم البعض
ومع أبناء
شعبهم؟ أيعقل
أن يكون هؤلاء
فعلاً من
أتباع كنسية
أبنا القديس
مارون؟ إنه
بالفعل زمن
أغبر هذا الذي
وصلنا إليه
ويصح بهؤلاء
القادة ما
وجهه الله
بلسان النبي
اشعيا بقوله
لشعبه: "هذا
الشعب
يكرّمني
بشفتيه، أما
قلبه فبعيد
عني كثيراً،
فباطلاً
يعبدونني،
وهم يعلمّون
تعاليم
البشر".
نسأل
الرب أن
يؤتينا
جميعاً أن
نتفهم تعاليمه
كما تفهمها
أبونا مارون،
وان نعمل
بوحيها، فنرص
الصفوف، ونوحد
الكلمة مع
جميع إخواننا
اللبنانيين
في الوطن الأم
وبلاد
الانتشار
لنعمل
متكاتفين بمحبة
وتجرد على
إعادة وطن
الأرز
والقداسة إلى
سابق عهده في
البحبوحة
والازدهار في
ظل سلام دائم
وعادل وشامل.
نسأل
الرب بشفاعة
أبينا مارون
أن يقوي إيمان
وإدراك
رعاتنا
وقادتنا وأفراد
شعبنا ويمدهم
بنعمتي
الإيمان
والرجاء حتى
لا ترهبهم
ضغوط أو
شدائد، وحتى
ولا يضعف
ثقتهم بنفسهم
وعقيدتهم
فيغريهم موقع
أو ثروة.
نهنىء
أهلنا
الموارنة
وعموم
اللبنانيين
بهذا العيد،
ونصلي معهم
للمصلوب
لينعم علينا وعليهم
بنعم
الاقتداء
بفضائل صاحب
العيد وبكل ما
اتصف به من
خشية لله
وتجرد عن
أباطيل الدنيا
ومحبة للناس.
ونخص في
صلاتنا اليوم
من أجل التوبة
والرجوع إلى
حظائر
الحقيقة
والحق قيادات
مارونية سياسية
ذاقت على مدار
15 سنة مرارة
العزلة والنفي
والإهانة،
إلا أنها لم
تتعظ يوم تحرر
الوطن بفضل
قرابين أبناء
أمتها
وتضحياتهم،
فعادت إلى
ممارسة
المسؤوليات بطروادية
ونرجسية
مركزة وجهتها
على الكراسي والنفوذ،
لهذه
القيادات
التي منحها
الموارنة
ثقتهم فنقضت
كل العهود
والوعود
وأمسى من الضرورة
بمكان لجم
جموحها
كنسياً بـ
"ميثاق شرف"،
لهؤلاء نصلي
لعلهم يرتدون
إلى الطريق
القويم، وإلا
فحسابهم يوم
الحساب الذي
لا بد آت حيث
البكاء وصريف
الأسنان
والله يقول (رومية 12): "لا
تجازوا أحدا
عن شر بشر
معتنين بأمور
حسنة قدام
جميع الناس.
إن كان ممكنا
فحسب طاقتكم
سالموا جميع
الناس. لا
تنتقموا
لأنفسكم أيها
الأحباء بل
أعطوا مكانا
للغضب. لأنه
مكتوب لي
النقمة أنا
أجازي يقول
الرب".
وكل عيد
وانتم بخير
كندا/تورنتو
في 9 شباط 2007