سقط سهواً!!

بقلم/الياس بجاني

 

لم يعد خافياً حتى على البلهاء أن أهلنا أمسوا ضحايا لأطماع ومخططات أباطرة جدد متوهمين بقدراتهم، ومتعامين على خلفية مرضية عن وجود وقدرات وتاريخ ونضال شطر آخر في البلاد لا يستهان به.

 

طاقم يعمل باندفاع "جاموسي - دولاراتي" بغيته الإمساك بمقاليد السلطة اللبنانية كاملة ضارباً عرض الحائط الأسس التوافقية والأعراف كلها التي يقوم عليها الحُكم في وطننا الغالي.

يستهتر، يستخف، ويُسخف القوانين، كما أنه يهين بتقزز الكرامات ويُغفل دروس التاريخ والتجاريب والعبر.

يستغل المال ببشاعة وكفر، يتهافت على الثروات، والامتدادات الخارجية.

 

يمارس القمع والإرهاب الفكريين بأصولية فاقعة وغرائزية جامحة معتمداً على ما يملك من أسلحة سفسطائية ووسائل إعلام.

تُسيرُه قوة دفع مستوردة من خارج الحدود وقودها الأساس مخزون متأجج من الهوس بالسلطة والتسلط. لِذا نسلِّط الأضواء عليه من دون المبادلة بلسان سليط.

تتحكم بممارساته القمعية وبنواياه المنحرفة عقلية دكتاتورية استعار مكنوناتها والمناهج من على رفوف أقبية عنجر وقصر المهاجرين وذهنية الميليشيات.

 

يهاجم أجهزة المخابرات السورية وصنيعتها اللبنانية، في حين أنه وعلانيةً متبني معايير وفلسفة "كنعانها ورستمها وعازارها والسيد"، فكراً وأسلوباً وممارسات، ثم يجهد ليلاً نهاراً لتقليدهم والسير على خطاهم والتيمم والتبارك بتراب قبور جماعية هي من انجازاتهم والمفاخر.

 

على هذه الخلفية المنحرفة المَقيتة يهدف هؤلاء الأباطرة إلى تفعيل وسائل إعلامهم التلفزيونية والصحافية متبعين الأسلوب الانتقائي و"الاستقطاعي" الموروب إياه وبملحق قائلين: "سقط سهواً!!

 

إعلام فقد مصداقيته والموضوعية، وارتضى صاغراً التآمر المكشوف والناطح حصن الحق وأصحابه.

ولنا في منهجية وسجل محطتي المؤسسة اللبنانية للإرسال والمستقبل مضابط وثائقية كاملة ومتكاملة تبين جرم الأداء "الكوبولتسي" للأباطرة الجدد هؤلاء ولوقاحة مالهم والفجور.

أما الأمثلة والوقائع فحدث ولا حرج.

 

من منا يمكنه إغفال حذف تلفزيون المستقبل مؤخراً مقطع كامل من ورقة تفاهم التيار الوطني الحر وحزب الله حول قضية التحقيق باغتيال الحريري، ومن ثم التبرير الإبليسي بلازمة "سقط سهواً"؟

 

وهل يغيب عن البال لعب المؤسسة اللبنانية للإرسال على كلام الرئيس عون وتحويره لجهة موقفه من انتخابات بعبدا الفرعية بعد ساعات معدودة على إعلان وفاة النائب ادمون نعيم، وتطول قائمة الكذب والمخادعة والدجل!!

 

وأمس انضمت صحيفة السفير عمداً، أو سهواً لا فرق إلى قافلة مشوهي الحقيقة ومجتزئي الأقوال "ومودرتها".

شوهت الصحيفة مضمون حديث أجرته مع غبطة البطريرك صفير لجهة موقفه من العماد عون والعسكر ورئاسة الجمهورية وعنونته "بكلشيهات" مفبركة ليست واردة في مضمون الحدث والمواقف.

 

أدت قسطها خدمة لمسعى الأباطرة في تشويه صورة الرئيس عون، كما استجداء وتركيب مواقف لغبطة البطريرك تعارض وصول الرجل إلى سدة الرئاسة.

نشرة أخبار منتصف ليل أمس من المؤسسة اللبنانية للإرسال غاصت واستفاضت حول الموقف المنسوب لغبطة البطريرك مستنتجة أن غبطته ضد العماد والعسكر.

 

إلا أن الصحيفة عينها اضطرت بعد ساعات قليلة وعبر نفس المحطة نشر التوضيح التالي وأيضاً متلحفةً اللازمة إياها "سقط سهواً: "سقط سهوا من مقابلة البطريرك الماروني الكاردينال نصر الله صفير جزء من إجابته على أحد الأسئلة المتعلقة برأيه في وصول العسكر إلى الرئاسة في معرض الحديث عن النائب ميشال عون، مما أدى إلى تحريف في المعنى. وتوخياً للدقة، يهم "السفير" أن توضح أنه لدى سؤال البطريرك عما إذا كان متمسكا برأيه من وصول العسكر إلى الرئاسة ، قال أنه ليس مما يغيرون رأيهم، "ربما كان من الأجدى ألا يكون عسكريا وهذا القول ذهب مع الريح ... ثم سئل: "هل ينطبق ذلك على اليوم؟ في إشارة إلى النائب ميشال عون فأجاب "نعم هذا رأيي اليوم ولكن الفرق أن هناك من يقول أنك إذا أردت العسكري فقد ذهب مع الريح وبقي المواطن المدني".

 

الخوف كل الخوف أن يُسقط منطق هذ الـ "سقط سهواً" الوطن وناسه في شباك الأباطرة الجدد مصَّاصي دماء العباد والعماد، فحذاري من شرهم والمكائد.

 

22 شباط 2006