حزب الله جيش إيراني في لبنان وليس ميليشيا أو مقاومة وكفى ذمية!!

بقلم/الياس بجاني

 

نشر الموقع الألكترونبي للعربية نت من دبي اليوم تحت عنوان: أيام لاختبار صواريخ "تغطي أية نقطة داخل إسرائيل" "حزب الله" يجري أضخم مناورة عسكرية بتاريخه تحضيراً لحرب شاملة"، الخبر التالي: "في أول خطوة من نوعها، نفذ الآلاف من عناصر "حزب الله" اللبناني أضخم مناورة عسكرية في تاريخ الحزب، استمرت ثلاثة أيام، تحت أعين الإسرائيلين، وقوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان. وتشير المعلومات، إلى أن المناورة شملت عملية دفاعية شاملة بوجه حرب إسرائيلية على لبنان، مع دراسة ارتفاع منسوب الخطر إذا شنّت إسرائيل هجوماً على سوريا. وأخذت في الاعتبار مجموعة من الأمور، أولها الانتشار العسكري الجديد للقوات الإسرائيلية، الذي أعقب وقف العمليات العسكرية في يوليو 2006، وكذلك الانتشار الكثيف لقوات الطوارئ الدولية في منطقة جنوب الليطاني، والآلاف من جنود الجيش اللبناني."

 

السؤال الأول هو اين كانت حكومة الرئيس السنيورة، ولماذا لم تتخذ أية اجراءات رادعة لمنع تطاول دويلة حزب الله الفاضح هذا على سلطة الدولة اللبنانية، ولماذا لم يصدر عنها ولو أقله بيان تستنكر فيه هذه المناورة العسكرية الإيرانية – السورية؟ والسؤال الثاني هو أين كان الجيش اللبناني، وأين كانت القوات الدولية؟؟

 

إن المطلوب اليوم مواقف واضحة وعلنية وصريحة من الأطراف اللبنانية كافة، ومن الأمم المتحدة ومجلس الأمن فيها، ومن كل القوى الدولية المعنية بالشأن اللبناني لأن ما قام به حزب الله، حزب ولاية الفقيه في لبنان، وطبقاً للتقرير السالف الذكر هو ليس أمراً اعتيادياً وسابقة خطيرة جداً غير مسبوقة.

 

من هنا فإنه لم يعد مقبولاً تحت أية ذريعة وطبقاً لمعايير القوانين والأخلاق واحترام الذات كافة، لأي لبناني في أي موقع كان، ومهما كان وضعه الاجتماعي أو انتماؤه الطائفي، أن يبقى مستسلماً وصاغراً لهرطقات وطنية وأخلاقية، وراضخاً دون حراك لوضعية الرهينة المفروضة عليه من قِبل جماعات الإرهاب والأصولية.

 

لم يعد مقبولاً لأي لبناني أن يرضى مساكنة حالات الخوف والخنوع وخداع الذات وتزوير الحقائق وشهادة الزور، ويستمر بلعب دور الطريدة المتهاوية وهو يتلطى وراء مفردات لغوية خشبية وعكاظية بالية. كما أنه لم يعد مقبولا السكوت وغض الطرف عن جنوح جنون قادة وسياسيين أدبياتهم وخطاباتهم وممارساتهم مقننة ومجيرة بالكامل خدمة لمصالحهم الشخصية وأرصدتهم البنكية وهوس السلطة والنفوذ "المعشش" في عقولهم ونفسياتهم المريضة، وذلك كله على حساب الوطن ومقوماته وكيانه، ولقمة عيش وكرامة وحرية اللبنانيين.

 

في مقدمة هذه الهرطقات تبرز وضعية حزب الله ومسمياته الملتبسة، وانجازاته المزورة والمفبركة، ودوره الهدام ومخططاته الإيرانية السورية التوسعية والتعديات بأشكالها كافة. فهذا الحزب الذي أوجدته إيران برعاية وحماية سورية منذ سنة 1982 وأوكلت إليه مهمات القتل والاغتيالات والإرهاب وتطويع أبناء ملته وتقويض النظام اللبناني وتفكيك مكوناته، هو بالتأكيد ليس ميليشيا ولا هو مقاومة، بل جيش أيراني نظامي في لبنان طبقاً لكل الحقائق والوقائع المعاشة على الأرض وعلى الأصعدة كافة.

 

مَنْ مِنَ اللبنانيين لا يعرف تمام المعرفة أن ممولي حزب الله ومفبركي إيديولوجيته وصنّاع قراره ورعاته وحماته هم في إيران، ولاية الفقيه، وليس في لبنان، كما أن كل قادته المحليين تُعينهم وتعزلهم إيران وولاؤهم المطلق بالتالي لها ولإرشاداتها وتوجيهاتها والتكاليف الشرعية التي تصدر عن حكامها ورجال الدين فيها. ليس عند هؤلاء من الولاء للبنان ومؤسساته ودستوره ومجتمعه ولو مقدار حبة خردل.

 

لبنان بمفهوم وأدبيات وإيديولوجية حزب الله المذهبية والأصولية وفي مفهوم أسياده في طهران ودمشق هو دار حرب لا أكثر ولا أقل، وواجب الحزب الجهادي الإلهي المعلن على رؤوس الأشهاد يقضي تحويل لبنان وبأية وسيلة إلى دولة تابعة لولاية الفقيه ولصورة مستنسخة عن النظام الأصولي للملالي المفروض بقوة  الإرهاب على الشعب الإيراني.

 

لقد احتضن المحتل السوري حزب الله الإيراني طوال حقبة احتلاله للبنان وتحديداً منذ سنة 1982، وقدم له كل المستلزمات اللوجستية الضرورية للهيمنة عسكرياً وثقافياً ودينياً على كل مناطق تواجد بني ملته، ولإقامة مربعاته الأمنية في الجنوب وبيروت والبقاع. أما إيران نظام "الملالي" فهي التزمت  ولا تزال التمويل والتسليح والتدريب والتأهيل والإدارة والتوجيه والقرار.

 

لم يكن هناك أي نوع من الإجماع على دور حزب الله "المقاوماتي" في أي يوم من الأيام، لأنه أصلاً لم يكن مقاومة ضد إسرائيل كما يُسوِّق لنفسه، علماً أن انسحاب الجيش الإسرائيلي من الجنوب سنة 2000 لم يكن بنتيجة "مقاومة" هذا الحزب، ولكن بناءً على قرار علني تبنته حكومة إسرائيل منذ 1985 للانسحاب من لبنان لأسباب ومعطيات محض إسرائيلية تتعلق بالإسرائيليين أنفسهم وبوضعهم الداخلي في ذلك الوقت ولم يفعل حزب الله بقتاله المزعوم سوى تأخير هذا الانسحاب مدة 15 سنة لأن وجود الجيش الإسرائيلي على أرض لبنان يناسب السوريين والإيرانيين.

 

إن مسمى وعنوان "الإجماع" على "مقاومة" حزب الله كان وطوال حقبة الاحتلال السوري للبنان هو "جمعا" بالقوة والإرهاب وليس إجماعا بأي شكل من الأشكال، أما "قميص" مزارع شبعا "المقاومتية" التي ألبسها حكام دمشق لحزب الله سنة 2000 فكانت من ابتكارهم وحياكتهم وبنات أفكارهم الشيطانية. فبركوا قضية المزارع اللبنانية هذه علماً أن سوريا كانت تحتلها منذ الخمسينات واحتلتها إسرائيل مع الجولان سنة 1976 ، وهي شملت من يومها بالقرارين الدوليين 242 و338 واعتبرت من وجهة النظر الدولية أرضاً سورية.  سوقوا لهذه الكذبة بهدف الاستمرار في تبرير احتلالهم للبنان ولإبقاء وضعية التوتر على الحدود اللبنانية الإسرائيلية قائمة.

(اضغط هنا لقراءة الدراسة الخاصة بملف شبعا والتي تكشف كذب ودجل كل ما يسمى مقاومة وتحرير).

(أضغط هنا لقراءة القرار 242 بنصه الإنكليزي)   (أضغط هنا لقراءة القرار 338 بنصه الإنكليزي)

 

يشار هنا إلى أن اتفاق الطائف الذي أقر بتاريخ 5/11/1989 لم يأتِ على ذكر أي مقاومة، وهو اعتبر كل سلاح غير سلاح الشرعية اللبنانية سلاحاً ميليشياوياً يجب تسليمه للدولة، وطالب بحل كل الميليشيات. كما نص على استمرارية العمل بالهدنة مع إسرائيل، "التمسك باتفاقية الهدنة الموقعة في 23 آذار 1949". " الإعلان عن حل كل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وتسليم أسلحتها إلى الدولة اللبنانية خلال ستة أشهر تبدأ بعد التصديق على وثيقة الوفاق الوطني وانتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة الوفاق الوطني وإقرار الإصلاحات السياسية بصورة دستورية".

(اضغط هنا لقراءة اتفاقية الهدنة) (أضغط هنا لقراءة اتفاق الطائف)

 

علماً أن القرار الدولي رقم 1559 الذي صدر عام 2004 (اضغط هنا لقراءة القرار 1559") بنصه الإنكليزي)، هو بالواقع تجسيداً دولياً تاماً وكاملاً لاتفاقية الطائف وقد كرر وبوضوح ليس فيه أي لبس كل ما جاء في الطائف لجهة حل كل الميليشيات وجمع السلاح الفلسطيني واللبناني غير الشرعي وبسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها بواسطة قواها الذاتية.

 

فيا رعاة وسياسيي وقادة لبنان السياديين، ويا أيها اللبنانيون الشرفاء كفى خداعاً للذات وللغير، وكفى هرطقات وتقية وطأطأة للرؤوس. أعلنوا من على السطوح والمنابر وكل وسائل الإعلام دون خوف أو مواربة أو تملق أو وتقية أو ذمية إن حزب الله لم يكن مقاومة أو ميليشيا في أي يوم من الأيام، طبقاً لكل معايير هذين المسميين الدوليين والقانونيين، بل جيش إيراني نظامي في لبنان بكل ما للكلمة من معنى ومن وقائع وحقائق وممارسات على الأرض مرئية ومعاشة. من هنا فإن كل من ينسب لهذا الحزب أي دور مقاوماتي أو تحريري في أية حقبة من الحقبات وينافق ويدعى أنه مقاومة وأن سلاحه مقدس إنما يرتكب جريمة بحق الحقيقة ويتعدى اعتداءً فاضحاً على لبنان إنساناً وكياناً وتاريخاً وكرامةً. أما الذين يقترحون دمج مقاتلي حزب الله في الجيش اللبناني فيجب أن يدركوا أن هكذا عمل يجعل من هذا الحزب الأصولي والمذهبي مهيمناً بالكامل على جيش دولة الأرز، وبالتالي يحول الدولة اللبنانية إلى دولة لحزب الله، فحاذروا الوقوع في هذا الشرك القاتل.

 

إن أي مرشح لرئاسة الجمهورية لا يتعاطى مع هذه الحقائق بجرأة وفروسية وصراحة علنية سيكون في حال وصوله إلى سدة الرئاسة ألعوبة في يد حزب الله ورهينة لأطماع ومخططات أسياده في دمشق وطهران وأداة طيّعة بيد السيد حسن نصرالله لاستكمال هيمنته على الدولة اللبنانية.

 

باختصار كامل المشكلة في لبنان اليوم هي محصورة بين مفهومين الأول هو مفهوم الدولة اللبنانية الحرة السيدة والمستقلة بمجتمعها المدني التعايشي والحريات والديموقراطية والسلام والقوانين والشرائع الدولية وقرارات مجلس الأمن، وبين مفهوم دويلة حزب الله الإيرانية – السورية التي تحاول بالتهديد والوعيد والقوة التمدد كالأخطبوط لابتلاع كل لبنان وفرض إيديولوجيتها المذهبية وأصوليتها المتحجرة وشموليتها العقائدية التي تلغي كل ما هو لبناني هويةً وتاريخاً، وكل ما هو حريات وتعايش وحضارة وسلم وشرائع وذلك باستمراره رهينة تحت مفهوم الساحة وعدم السماح له بالتفلت من هذا الوضع والانطلاق نحو التقدم والازدهار.

 

إن الخيار بين هذين المفهومين هو خيار اللبنانيين وأكثريتهم الساحقة قد اختاروا الدولة اللبنانية يوم أن نزل منهم ما يزيد عن مليون ونصف المليون مواطن إلى الشوارع في 14 آذار 2005 في حركة اعتصامية سلمية حضارية تحت راية ثورة الأرز. إلا أن الشعب اللبناني ليس قادراً بمفرده على أن يرد شر دويلة حزب الله التي هي بالواقع الملموس والمعاش قاعدة عسكرية متقدمة لدولتي محور الشر سوريا وإيران، وهو بالتالي بحاجة ماسة وربما لمساعدة عسكرية مباشرة من المجتمع الدولي في حال حصلت المواجه النهائية، وقرر حزب الله ومن ورائه سوريا وإيران تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية هذا الشهر.

 

لتعلم كل دول العالم الحر عربية وأوروبية وأميركية وغيرها أن السماح بسقوط لبنان في مخالب دولتي محور الشر عن طريق جيشهما في لبنان، الذي هو  حزب الله، هو أمر خطير للغاية سيهدد السلام والاستقرار والحريات والحضارة، ليس فقط في الشرق الأوسط، بل في كل أرجاء المعمورة، ومن له أذنان صاغيتان فليسمع.

 

تورنتو – كندا في 5 تشرين الثاني 2007

عنوان الكاتب البريدي phoenicia@hotmail.com