توما هوك ناصر قنديل وعلامات استفهام برسم جنرال الرابية

الياس بجاني

الأمين العام للمنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

 

محزن جداً، ومقزز أكثر، هذا الوهم الرئاسي القاتل الذي أعمى بصر وبصيرة العماد ميشال عون حتى أوقعه في أوحال شامية شباطية متحركة وشيطانية، ورمى به مع من بقي معه من المناصرين المغرر بهم والطفيليين والحالمين، في بحر جارف من المفارقات والتناقضات السياسية والوطنية والأخلاقية، راحت أمواجه "النجادية والأسدية وإلاهية" تتقاذفه دون مقاومة أو اعتراض، حتى انتهى به الحال المذري مقطعاً إرباً إرباً في ترسانة صواريخ الضاحية الجنوبية، ورهينة ثانوية في حاضنة المفاعل النووي الإيراني، ومادة إعلامية سجالية يتسلى بها صنوج وأبواق الفرس وقصر المهاجرين، من أمثال وئام وهاب وناصر قنديل وباقي طاقم زجالي "المال الحلال والانتصارات الربانية" من المداحين والقداحين بالإجرة.

 

حال العماد الانحدارية وعلى كافة الصعد لم تعد خافية حتى على الأطفال والسذج. كيف لا، وهو لم يجد من يرافقه من كتلته النيابية ومن المناصرين والحزبيين إلى اللقاء الرباعي الأخير الذي عقد في مجلس النواب مع عمر موسى سوى الصهر "وسندة الظهر"، جبران باسيل والنائب العلماني الفذ جداً جداً نبيل نقولا.  

 

حقيقة أن حال العماد الذي لم يعد يُعتمد على أقواله وتحالفاته والأفعال لم تعد تستأهل غير الشفقة والحسرة.

الشفقة على من لا يزال من "العونيين" واهماً ومنتظراً العوسج العوني المزروع في الضاحية الجنوبية أن يثمر عنباً وتيناً،

والحسرة على وزنات كثر انعم الله فيها على العماد فبددها هدراً ومراهنة ولم يستثمرها في خدمة كرامة ومستقبل أهله، واستقلال وطنه، وفي الحفاظ على مصير وهوية ملته.

 

حرام والله وألف حرام أن تكون نهاية هذا الرجل الذي رأينا فيه مع معظم اللبنانيين في يوم من الأيام نموذجاً سياسياً، ورمزاً وطنياً وقيمياً فارقاً ومختلفاً وواعداً، فإذا به وعند أول قطوع وتجربة يسقط وبسرعة قياسية فريسة لإطماعه وأنانيته وغرائزه وحب السلطة والنفوذ.

 

إهانة فاضحة لكل وطني لبناني ساند القضية والشعارات التي رفعها العماد طوال 20 سنة أن تكون حياته قد أصبحت اليوم، في هذا الزمن الأغبر، مادة إعلامية رخيصة يتناولها بشكل تافه ومبتذل وصبياني ناصر قنديل. هذا أمر لا يشرف أبداً لا العماد شخصياً، ولا الذين كانوا يؤيدونه يوم كان في خدمة القضية والحق، ولا الذين لا يزالون رغم كل التناقضات والضلال في التحالفات والممارسات و"التكويعات السماوية" مصرين على مساندته ومتعامين عن رزم ورزم من الحقائق والوقائع المشينة واللاطمة واللابطة بفجورها والجحود.

 

ومن مجلدات التناقضات والتكويعات نشير إلى أنه إذا أراد العماد أن يسامح الحكم السوري على كل ارتكاباته والإجرام، كما قال لمرسال غانم في إطلالته التلفزيونية الأخيرة عبر برنامج كلام الناس، فهذا شأنه على المستوى الشخصي فقط، علماً أنه كان وفي كلمة له موثقة أمام البرلمان الأوروبي قبل عودته من المنفي، أكد بقوة على ضرورة ملاحقة الاحتلال السوري قضائياً ودولياً مهما طال الزمن على كل جرائمه التي لا تسقط بفعل الزمن كونها جرائم ضد الإنسانية.

 

إن العماد المتسامح هذا لا يحق له ولا يجب أن ينسى من هو ناصر قنديل وكيف أخرجه هذا البوق المأجور عن طوره بالتعاون مع أخيه الذي انتحل يومها اسماً مستعاراً في تلك المقابلة الفريدة مع تلفزيون الجزيرة والتي غضب خلالها العماد وانتفض ولم يكملها وخرج من الإستديو الفرنسي هائجاً. نعم هذا هو قنديل نفسه الذي يغار اليوم على حياة العماد، وهو بالمناسبة أيضاً كان اتهم العماد بالعمالة لإسرائيل وفبرك يومها الزيارات والاتصالات حول هذا الأمر.

 

الغريب أن "التيار العوني" لم يُصدِر بعد أي رد رسمي فيما يتعلق بكلام ناصر قنديل عن مؤامرة أميركية بتحريض من النائب وليد جنبلاط والدكتور سمير جعجع تهدف إلى اغتيال العماد ميشال عون بواسطة صاروخ من نوع توما هوك تطلقه البوارج الأميركية على منزل العماد. إن السكوت هو علامة من علامات الرضى، فهل فعلاً قبض العماد وتياره كلام وخوف وتحذيرات قنديل؟

 

السؤال المهم هو هل أن كلام قنديل قد إستُنبط من بنات أفكاره وخياله فقط، أما أنه يحمل رسالة ما من المخابرات السورية إلى من يعنيهم الأمر في الرابية والداخل والخارج، وذلك تمهيداً وتحضيراً لعمل سوري مخابراتي تفجيري قد يستهدف مصير وشخص العماد على نسق ومن نوعية المصير اللاغي الذي واجهه عماد مغنية؟

 

تورنتو – كندا في 7 آذار 2008

عنوان الكاتب الألكتروني phoenicia@hotmail.com