النائب نبيل نقولا: قنديل عوني يجسد جحود وحقد معلمه

الياس بجاني*

 

مما لا شك فيه أن ناكر الجميّل هو إنسان جاحد ومجوف، سطحي وأناني، سوداوي القلب والوجدان، لا خير فيه، ولا خير يرجى منه.

 إنه إنسان لا يؤتمن له جانب، ولا يوثق به، وينطبق على أقواله وأفعاله، وعلى حربائيته "ونطنطته" البهلوانية، وعلى مواقفه المتحركة كرمال الربع الخالي، قول الإمام علي: "أسوأ الناس حالاً مَن لم يثق بأحد لسوء ظنه، ومن لم يثق به أحدٌ لسوء فعله".

 

الجاحد هذا، هو مخلوق مجرد من إنسانيته والإيمان، وصولي وزنديق، وقناص فرص تستهويه رائحة الجيف، وتشده وتُسيل لعابه مناظر الغلال الوافرة التي لم يشارك لا في حراثة أرضها وزراعتها، ولا في حراستها، ولا في ريها.

 

إنه مخلوق أعمى بصر وبصيرة وحاقد لا وفاء عنده، يتطاول بالسوء والأذى على الأيدي التي مُدت له للمساعدة في شدته ويتنكر لها بوقاحة وخدار ضمير.

إنه بشري ترابي مفرغ من إنسانيته ومن أبسط قواعد التهذيب واللياقات الاجتماعية والأخلاقية.

 

في هذا السياق الجحودي استوقفني يوم أمس وأنا أتصفح موقع لبنان الآن الألكتروني خبر منسوب للنائب في التكتل العوني نبيل نقولا جاء تحت عنوان:

(نقولا: كلام الأسد منطقي وساركوزي يحبّ الاستعراض". ورد في الخبر، (وعن زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى بيروت، رأى نقولا أن "ساركوزي عوّدنا على الاستعراض، فهو وفريق عمله يحبون هذا النوع من الاستعراض وربما هو آتٍ إلى بيروت للقيام بذلك". ورحب نقولا من جهة ثانية بكلام الرئيس السوري بشّار الأسد عن التمثيل الديبلوماسي بين بيروت ودمشق، واصفاً إياه بالكلام المنطقي والذي يصب في خانة الهدوء بين البلدين")

(موقع لبنان الآن، الخميس 5 حزيران 2008)

 

نسأل بسذاجة الأطفال كيف يسمح العماد ميشال عون لنائب في كتلته، وعضو في حزبه، ومقرب منه لحد التوأمة، أن يتطاول على رئيس فرنسا بهذا الكلام الصبياني الأخرق الذي هو بالواقع عداء مجاني لا يقدم ولا يؤخر بشيء؟

 

هل يُعقل أن يرد العماد عون جميل فرنسا وكرم شعبها عليه بهذا الشكل السخيف؟ أين هي الأخلاق وأين هي الثقافة المارونية المتجذرة في تربة وطن الأرز والمنحوتة في صخور جباله والمجسدة في خلود أرزه؟

 

أليست هي قمة الجحود أن ينسى العماد عون ما قدمت له فرنسا طوال فترة نفيه فيها، وهي التي ربط رئيسها ميتران شرف بلاده بقضية إطلاق سراحه وخروجه من السفارة الفرنسية؟

 

كيف يطاوع العماد ضميره، هذا إذا بقي له ضمير، ويتعامى عن تسخير الأسطول الفرنسي وبحارته لنقله من السفارة الفرنسية في الحازمية إلى فرنسا أمناً معززاً ومكرماً؟

 

كيف يسمح العماد لنفسه ومن خلال لسان "النقولا" السليط "القنديلي والوهابي" أن يتطاول على رئيس فرنسا وهو القادم مع وفد رفيع المستوى لزيارة لبنان في هذا الظرف الصعب والحرج عربوناً لما تكنه بلاده من محبة ودعم لوطن الأرز؟

 

نُذكّر العماد هنا ومعه "النقولا" بما جاء في الإنجيل المقدس حول اللسان: (رسالة القديس يعقوب فصل3/8 و9) "إنه بلية لا قرار لها، ملؤُه سَمٌ زُغاف، به نبارك ربّنا وبه نلعن الناس"

 

أنسي العماد أن مرجعيتنا المارونية، بكركي التي أعطي لها مجد لبنان، تقدم قداساً سنوياً على نية فرنسا ومنذ عشرات السنين اعترافاً لها ولشعبها بالجميل؟

 

المشكلة عند العماد والربع أنهم جميعاً يزعمون أنهم في النور، فيما هم بالواقع المعاش، أفعالاً وأقوالاً، قابعون في غياهب الظلام والظلامية، وقد فقدوا نعمتي المحبة والغفران. وصح في حالهم المحزن والمأساوي قول القديس يوحنا:

(رسالته الأولى الفصل 2/10 و11): " من أحب أخاه كان مقيماً في النور ولا خوف عليه من العثار (السقوط)، أما من لا يحب أخاه فهو في الظلام يخبط في الظلام لا يدري إلى أين يَسير لأن الظلام أعمى عَينيه")

 

إن أقل ما تقتضيه اللياقات والواجبات والأصول، كما العرفان بالجميل، ومعهم التاريخ والثقافة المارونيتان، لمن يصر على تمثيل 70% من المسيحيين أن يتقدم باعتذار رسمي وبسرعة إلى فرنسا ورئيسها وحكومتها وشعبها، ومن ثم يعمل على لجم لسان النقولا وألسنة أقرانه من الأتباع.

 

يبقى أنه ومهما تكن مبررات "النقولا" ومعلمه أكانت جهلا، أو حقدا أو أخطاء وخطايا، فالنتيجة المشينة واحدة.

 

كفانا كذب وكفانا أخطاء، ونختم بقول مأثور للمفكر الراحل شارل مالك، فلعل وعسى:

"الفرق بين الخطأ والكذب أن الخطأ قد يكون عن جهل، أما الكذب فبتعمد وسابق معرفة. إن الكذَّب لعنة، لكن الخطأ ألعن منه"

 

*الأمين العام للمنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

*تورنتو: كندا في 6 حزيران 2008

*عنوان الكاتب الألكتروني phoenicia@hotmail.com