العماد عون: شُكر إيران على ماذا؟
الياس بجاني*

نقلت العديد من المواقع الالكترونية يوم أمس باللغة الانكليزية عن وكالة أنباء مهر الإيرانية وتحت عنوان: " ميشال عون يشيد بالدور البناء الذي تقوم به إيران في لبنان"، الخبر التالي، وقد ترجمناه حرفياً:

 ("بيروت في  31 أيار 2008/طهران تايمز/أشاد زعيم التيار الوطني الحر ميشال عون بالدور الإيراني الايجابي والبناء في مساعدة لبنان على حل أزمته. ففي مقابلة له مع مراسل وكالة أنباء مهر من بيروت بالتزامن مع انتخاب ميشال سليمان رئيساً للبنان الأسبوع الماضي قال عون: "من المؤكد انه كان لإيران دور ايجابي وبناء في مساعدة اللبنانيين على تحقيق الوفاق، ونحن نشكر هذا البلد على دوره الايجابي،" وأضاف عون: "عندي رسالة صداقه وأخوة للإيرانيين، وأنا أرى فيهم محبي للبنان". وردا على سؤال حول الشرق الأوسط الجديد المقترح من قبل الولايات المتحدة قال عون: "نحن دائما في الشرق الأوسط الجديد، ولكنه ليس الذي تتحدث عنه دائما وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس")

 

 نعم، نعم، إنه هو العماد ميشال عون بلحمه وشحمه، أنه هو نفسه البطل المغوار الذي حمى حقوق المسيحيين في مؤتمر الدوحة واستردها من مغتصبيها بالكامل.

أطال الله بعمره، وزاده وزنات ونعماً وخيرات، فقد برهن بالفعل عن شجاعة وفروسية في مواقفه الأخيرة، وها هو "يُكمل النقر بالزعرور".

 

 الرجل يعترف بالجميل، ويقدر الفضائل، ولا ينسى تحت أي ظرف من يمد له يد المساعدة في الأوقات الصعبة والحرجة، وخصوصاً إن هي أتت عن طريق دويلة الضاحية الجنوبية العزيزة على قلبه، مروراً بقصر الشعب السوري المشرعة أبوابه "وشبابيكه والطاقات" لاستقباله يوم يقرر دولته زيارة الشام.

 

والعماد بالطبع مسرور جداً لأن المساعدة الإيرانية هذه عرَّجت بعد الشام على معسكري الإخوان "بني بعث" في بقاعنا الغالي، حلوة وقوسايا، الساهرين بأخوة منقطعة النظير على أمن وسلامة حدودنا، وعلى وحدة المسار والمصير والمقاومة والممانعة، وباقي كل ما في القاموس العكاظي من مفردات تتناسب مع حالنا والواقع الذمي والهرطقي الناخر لعظامنا، والواقع على رؤوسنا والصدور والأكتاف!!

 

 العماد، وإن جاء شكره لإيران متأخراً بعض الشيء، إلا أنه قام بالواجب وأكثر مع الإخوان في عاصمة الأمويين، وهو وبعد عودته من المنفى أعطاهم وعلانية صكوك براءة "بالجملة" من كل الجرائم والاغتيالات وعمليات الخطف والقتل والسرقات والانتهاكات التي ارتكبوها ضد شعبنا طوال حقبة احتلالهم الغاشم لوطننا.

 

عفواً، عفواً، لم نقصد احتلال، لا نريد إغضاب دولته، فهو وحزب الله سموه في ورقة تفاهمهما "تجربة". (وصفت "ورقة التفاهم" مرحلة الوصاية السورية أي الاحتلال، في القاموس العوني القديم، بـ"التجربة السابقة" التي علقت بها أخطاء وثغر وشوائب)

 

 لم يوضح لنا العماد عون إن كان شكره لإيران هو موقف شخصي، أم أنه جاء نيابة عن اللبنانيين، وعن 80% من المسيحيين الذين لا يزال يصر بأحلامه وأوهامه أنه يمثلهم، كون الأمر مختلف ومتناقض بين الموقفين.

 

بالواقع كلبنانيين، لا توجد أي فضيلة يمكن أن نشكر إيران "ولاية الفقيه" عليها، فكل أفضالها والعطايا عندنا هي دموية وانتحارية واحتلالية وتخوينية وتمويلية  وتهجيرية واستعلائية وتهديد بفقر البطون ونحر الرقاب وقطع الأيدي.

 

 فهل نشكرها على احتلال 40 % من مساحة وطننا بقوة السلاح، وعلى إقامة دويلة لجيشها، (حزب الله) عليها، وعلى تسليح وتمويل واحتضان مرتزقة ومأجورين مكلفين زرع الفتنة وإلارهاب في نفوس أهلنا؟

 

 أو نشكرها على مصادرتها قرار حرب وسلم دولتنا وتقويض مؤسساتها وفرض مبدأ الذمية على كل اللبنانيين، وجر البلد إلى الحلف السوري الإيراني رغماً عن أرادة أهله؟

 

 أم ترى نشكرها على ثقافة الموت والانتحار ورفض الآخر التي تربي عليها الأجيال الواقعة تحت سلطتها ونفوذها؟

 

 أو نشكرها على الحرب المدمرة التي شنتها على إسرائيل سنة 2006 وتسببت بما تسببت به من خسائر وفقدان أرواح؟

 

 أو نشكرها على تهجير أهلنا الأشراف من الجنوب وإجبارهم على اللجوء إلى إسرائيل ونعتهم بالخيانة والعمالة؟

 

 أو نشكرها على احتلالها بيروت ومحاولتها احتلال الجبل، وتطول القائمة وتطول.

 

لا، لا، نحن لا يحق لنا شكر إيران، وإلا نكون نرتكب الذنوب والخطايا المميتة، بل واجبنا يحتم علينا أن نطالبها بتركنا وشأننا وسحب جيشها وحرسها من عندنا والكف عن التدخل في شؤوننا.

 

 من هنا فشكر العماد للفرس وإدعاء أخوتهم لا يعني السواد الأعظم من اللبنانيين، كما أن شكره لسوريا وتبرئتها من أفعالها الشنيعة طوال فترة احتلالها لوطننا هو عمل مدان ومستنكر، غير أنه غير مستهجن أو مستغرب كون العماد وربعه باتوا يبدلون مواقفهم بالبساطة التي يبدلون فيها ملابسهم.

 

 يقول العماد إن سوريا خرجت من لبنان وبالتالي "لماذا كل ما حدا نضرب كف منتهم سوريا؟".

 

لو عدنا إلى أقوال الرجل الموثقة قبل عودته من المنفى الباريسي لوجدنا فيها مئات الأقوال المعاكسة والناقضة كلياً لهذا الخطاب العوني "المصلحي" الغافر والنافر.

 ففي مقالة كتبها العماد في 2/10/2002 تحت عنوان :"المآثر السورية في لبنان"، قال:
"وما أشبه اليوم بالأمس حيث تعود الغوغائية سيدة الموقف ليبرر السوري استمراره باحتلال لبنان. وتعود بي الذاكرة إلى أحداث الحرب الأليمة، إلى بداياتها، إلى شمال لبنان، وبالتحديد إلى بيت ملآت وتلّ عباس ودير عشاش ودير جنين ومنجز ورحبة، حيث قتلت عناصر الصاعقة "الفلسطو-سورية" العشرات من الأهالي والرهبان وحرقت الكنائس وهجّرت القرى. وبعد أن أضرم النظام السوري النار في حجر لبنان وفي بشره، في ظل أجواء إعلامية مشابهة تماماً لما يحاول أن يفعله اليوم، دخل إليه إطفائياً بطلاً لينقذه من نفسه. ليس المهم بالنسبة لنا أن يفتعل النظام السوري الذرائع ليبرّر احتلاله للبنان، ولكن ما لا أستطيع قبوله أن يفرض على اللبنانيين تبنّي جرائمه، ويجعل من نفسه قاضياً فيها. جرائم ضد الانسانية لا تسقط مسؤوليتها مع مرور الزمن."

اضغط هنا لقراءة مقالة العماد كاملة http://www.10452lccc.com/general%20aoun/aoun2.10.02.pdf

 

من المحزن والمؤسف أن مصداقية العماد عون لم تعد قابلة للصرف، وهي أمست تُزايد في سطحيتها والتهويل على مدرستي أحمد سعيد والصحاف.

 

*الأمين العام للمنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

 

تورنتو/كندا في 1 حزيران 2008

عنوان الكاتب البريدي phoenicia@hotmail.com

 

في أسفل الخبر موضوع مقالتنا الذي نشرته طهران تايمز باللغة الإنكليزية:

 

Michel Aoun praises Iran’s constructive role in Lebanon

Tehran Times Political Desk/31/05/08

TEHRAN – Lebanon’s Free Patriotic Movement leader Michel Aoun has praised Iran for its “positive and constructive role” in helping resolve the Lebanon crisis.

“Iran surely had a positive and constructive role in helping Lebanese to achieve an accord and we thanked this country for this positive role,” Aoun told.

He made the remarks in an interview with the Mehr News Agency reporter in Beirut concurrent with the election of Michel Suleiman as Lebanon’s president last week.

Aoun said, “I have a message of friendship and brotherhood for Iranians and I see them as Lebanon lovers.”

Under Arab League auspices, rival Lebanese leaders clinched a deal in the Qatari capital Doha to end the political feud between government and the Hezbollah-led opposition.

Under the Doha agreement, which defused a crisis that had caused the worst civil strife since Lebanon’s 1975-1990 war, Lebanon’s parliament on Sunday elected army chief Michel Sleiman as new president.

Aoun, who also heads the Change and Reform Bloc, expressed hope that the election of Michel Suleiman would help end the crisis and open a “new era in Lebanon”.

He called on all “foreign friends and parties” to respect Lebanon’s “independence and sovereignty” and avoid blocking efforts to resolve the problems.

Aoun also advised Lebanese to make decisions “independently and in line with their national interests”.

Asked about a new Middle East proposed by the U.S., he said, “We are always in the new Middle East, but not the one (U.S. Secretary of State Condoleezza) Rice talks about.