هل يعتذر الجنرال عون من القاضي عضوم!!

بقلم/الياس بجاني*

 

من الطبيعي جداً، أن يدافع حزب الله، ومعه حركة أمل وباقي جماعة "شكراً" سوريا عن الضباط الأربعة المعتقلين في سجن روميه على خلفية جريمة اغتيال الرئيس الحريري، وأن يشككوا بمصداقية القضاء اللبناني، ومعه القضاء الدولي، ولكن من المستغرب والمحزن جداً أن ينضم العماد ميشال عون وأقرب المقربين إليه من أنسباء ونواب وقياديين إلى جوقة "الربع الصنجي" هذا المدافع عن الضباط بتوتر وعصبية وببغائية، إما إذعاناً وتنفيذاً لفرمانات الإخوة الأشقياء حكام الجارة الجائرة، أو بسبب خوف ذاتي قاتل من أن يطاول سيف العدالة الدولية رقابهم لما اقترفوه من تعديات وانتهاكات وإجرام.

 

أما المؤسف جداً في هذا السياق فهو أن تتساوى الرؤوس، ويتساوى خطاب الجنرال عون لجهة المصداقية والجدية مع خطاب ربع دربه "الشامية" الجدد المتميزين: الأساتذة كريم بقرادوني، واميل رحمة، ووديع الخازن، وفارس بويز، وإيلي فرزلي، ووئام وهاب، وناصر قنديل، وعبد الكريم مراد!!  حرام والله حرام!!

 

إنه وطبقاً لمعايير الجنرال عون الوطنية والسياسية التي استجدت بعد ورقة تفاهمه مع حزب الله، وحجه المبارك إلى الشام وطهران، وقبوله فرحاً ارتداء العباءة الأخوية إياها في الشام، وبعد أن تبنى  قضية الدفاع عن الضباط الأربعة، وحتى بالفعل يكون منصفاً وعادلاً بحق كل أعداء وخونة ويوداصيي الأمس طبقاً لمعاييره "الأخوية" والإلهية" الملهم بها إليه، نقترح عليه أن يستدعي إلى داره في الرابية القاضي عدنان عضوم بعد أن أحيل إلى التقاعد، وأن يعلن صراحة اعتذاره الشديد من هذا الرجل صاحب السجل المميز في تطبيق العدالة "العضومية" والانتقائية طوال سنين من حقبة الاحتلال السوري لوطن الأرز، وهو الذي خص في شق كبير من عدالته "العضومية" هذه، المعتقلين من أبناء شعبنا اعتباطاً في السجون السورية، وأهلنا اللاجئين في إسرائيل، وطلابنا، وقادتنا الأحرار، كما أنه كان خص الجنرال نفسه مع المئات من المناضلين السياديين بأوسمة اتهامات مستوردة من عنجر وقصر المهاجرين. هذا وكان الجنرال في العشرات من مقالاته ومقابلاته قال في عدل وشفافية ومناقبية العضوم ما لم تقله الكتب المقدسة كافة في الأبالسة والشياطين!!

 

للجنرال عون نقول: عيب والله، وألف عيب هذا التلون الحربائي الفاقع، وعار ما بعده عار هذا النمط "التكويعي والإرتدادي والإنحداري في كل ما يخص الثوابت والركائز الوطنية والقيمية والممارساتية، ومشينةٌ هذا الوقاحة في قلب الحقائق وتسمية الأشياء بغير أسمائها، وكارثة أخلاقية وحضارية كبيرة هي جهود التسويق لثقافة رفض الآخر وتخوينه، وفبركة الأكاذيب حوله، على خلفية من ليس معنا وتابع لنا وراكع وخانع "على عماها"، فهو مرتشي وعدو ومحلل دمه!!

 

نطمئن خفافيش الليل البرتقاليين هؤلاء أكانوا في الوطن الأم، أو في بلاد الانتشار إلى أن هكذا أساليب رخيصة وصبيانية وتافهة ترتد دائماً على أصحابها، ومع النبي إشعيا نقول لهم: "ويلٌ لكَ أَيُهَا المُخْرِبُ وأنت لم تُخَرَبْ، وأَيها الناهِبُ ولم ينهبُوكَ، حين تنتهي من التخريب تُخْرَبُ، وحينَ تَفْرَغُ من النهبِ ينهبُونكَ" (إشعيا 33-1).

 

وإلى الذين شح زيت إيمانهم، وغرقوا في أفخاخ التجارب، وانحرفوا عن طرق الحق، وأصابهم داء عمى البصر والبصيرة، نطمئنهم جميعاً إلى أن الأحرار من أبناء شعبنا، ما فقدوا الرجاء يوماً منذ 7000 آلاف سنة رغم ثقل وأوجاع سنين عجاف من الاحتلال والاضطهاد، ورغم كفر وتعديات رعاة وحكام وسياسيين مضلين ومضللين.

 

نذكرهم جميعاً أن شعبنا كان على مدار الأزمنة والعصور، ولا يزال دائم الثقة بحتمية إحقاق عدل السماء، وقيامة وطنه المقدس تراباً وإنسانا من قبر الظلم، ودحرجة حجر التعدي عن صدره في مواجهة كل ضيق وشدة. شعبنا لم يخفه الظلم، ولا ردعه نزع الحق والعدل في يوم من الأيام، لأنه واثق وبإيمان قوي، أن فوق العالي عالياً يلاحظ، ويرعى ويحاسب، وهو يُمهل ولا يُهمل.

 

نسأل طبقاً لأي شرعة، أو سلم معايير قانونية أو قيمية، يتم الدفاع عن الضباط الأربعة من قبل الجنرال عون، وذلك بعد أن وقعوا بشر أعمالهم، والتفت حول رقابهم حبال القانون والعدل والمحاسبة، وحول أيديهم أصفاد العقاب؟

 

ترى، هل نتجبر بعد أن أتت الساعة وشاهدنا الرموز الأربعة هؤلاء يجرجرون قسراً إلى المحاكم حيث بإذن الله سيكون بكاؤهم وصريف أسنانهم والحساب العسير على ما اقترفته أيديهم  من أعمال مشينة في حال أدينوا، وما خططت له عقولهم الرسبوتينية من ارتكابات وانتهاكات؟

 

لا، لا لن نشمت، ولن نستكبر، ولن نتشفى. إننا نصر على معاملتهم برحمة، والتزام كامل بالقوانين والشرائع، وتأمين محاكمات عادلة لهم، تدينهم، إن وجدوا مرتكبين، وتعتقهم، في حال ثبتت براءتهم. ولكن من المعيب جداً لتاريخ ونضال ومصداقية الجنرال عون أن يجند نفسه للدفاع عنهم، وهو الذي تحرق بجمرهم أكثر من غيره!

 

إننا طلاب حق، مبشرين بشرعة حقوق الإنسان، ودعاة سلام ومساواة، إلا أننا شاركنا ونشارك فرح الناس الذين هللوا يوم تم اعتقال الضباط الأربعة، وسوف نشاركهم أيضاً الفرحة يوم يهللون أكثر عندما يتم نقل الضباط هؤلاء إلى خارج لبنان ليواجهوا العدالة الدولية.

 

نلف من يدافع دون وجه حق عن استمرار اعتقال الضباط الأربعة المحتجزين على ذمة التحقيق، وفي مقدمهم الجنرال عون، إلى أن الله لا يرضى عن القائلين للشر خيراً، وللخير شراً، الجاعلين الظلام نوراً، والنور ظلاماً، الجاعلين المر حلواً والحلو مراً.

 

وويل للقادة والمسؤولين الذين ظلموا ولا يزالون يظلمون شعبنا اللبناني. فهؤلاء لا سمعاً سمعوا، ولا فهماً فهموا، ولا هم أبصروا ونظروا. لقد غَلُظَت قلوبهم، وتكلست آذانهم، وأغمضت عيونهم، وأصابهم الغرور، وحملوا نير الظلم والاستكبار. لقد هجرت الرحمة من قلوبهم، وتخدرت ضمائرهم، واقترفوا الأخطاء والخطايا بضمائر ميتة.

 

أما الذين يلفقون الأكاذيب ويسوّقون الهرطقات بحقنا وبحق غيرنا من الأشراف والأنقياء، فهؤلاء مخلوقات مرذولة حناجرهم قبور مفتوحة وألسنتهم ما عرفت غير المكر والنميمة، وهم لا يعرفون سبل السلام، وليست مخافة الله نصب أعينهم، وسم الاصلال على شفاههم.

 

" لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء بل أعطوا مكانا للغضب.لأنه مكتوب لي النقمة أنا أجازي يقول الرب (رومية 12/19)". فطوبى للذين ظُلموا، لكنهم صبروا ولم يفقدوا لا الأمل ولا الرجاء، فهؤلاء سينالون أكاليل الحياة التي بها وعد الرب من يحبونه.

 

 

*الكاتب معلق سياسي وناشط لبناني اغترابي

*عنوان الكاتب الألكتروني phoenicia@hotmail.com

*تورنتو/كندا في 17 آذار/2009