ميشال عون "ما قبل السقوط" يرد على وقاحة العطري!!

بقلم/الياس بجاني*

 

مما لا شك فيه أن رزمة سموم الوقاحة المقززة، وقلة التهذيب الشوارعية، وعنجهية الاستكبار الفارغ، والجهل المدقع، والاستخفاف بذكاء وعقول الناس الممجوج، ورفض الاعتراف بالآخر الفاضح، التي تجلت بوضوح في مقابلة رئيس الوزراء السوري ناجي العطري مع جريدة الراي الكويتية هي كلها أعراض سرطانية من نتاج ثقافة بالية تعود إلى حقبات ما قبل القرون الحجرية. إنها للأسف الثقافة المدمرة التي تُُميز تصرفات وخطاب ومفاهيم وعلاقات كل حكام سوريا دون استثناء.

 

العطري هذا الذي فاحت من كلامه عطور الحقد والكراهية ومركبات النقص والغيرة هو في هرمية وتركيبة النظام السوري الأقلوي والدكتاتوري والمخابراتي مجرد موظف صغير بمسمى رئيس وزراء ينفذ الأوامر والفرمانات. موظف مأمور، مُسير وليس مُخير، لا حرية ولا قرار ذاتي له أو عنده مثله مثل كل أفراد الطاقم المعُيّن من قبل الحاكم الأوحد وبطانته، وبالتالي ما "استفرغه" (تقيئه) من كلام مستنكر لا قيمة ولا وزن ولا مصداقية له في ما عدى أنه رسالة وقحة من الآمر والناهي الرئيس الأسد للبنانيين الشرفاء والسياديين الذين يرفضون رغم كل تهديداته مبدأ العبودية والخنوع، وهم أنفسهم الذين اجبروا جيشه الغازي والمحتل على الخروج من وطنهم سنة 2005 رغماً عن أنفه وهو يجرجر معه الخيبة والانكسار والذل.

 

إن الردود الفورية والغاضبة على تفاهات العطري السورية الصبيانية جاءت كافية ووافية من عشرات السياديين في لبنان الذين لم يتركوا لنا ما نقوله. إلا أن عند العماد ميشال عون "القديم" أي عون قبل السقوط في تجارب إبليس، وقبل أن يصبح اسخريوتياً، عنده ما يكشف ويعري ويفضح ويُسخِف نوبة إسهال العطري الكلامية. لهذا السبب عدنا إلى الأرشيف وغصنا في ماضي عون الذي أمسى يخجل من حاضره واقتطعنا الردود التالية مفترضين أن عون لا يزال في باريس ولم ينفضح أمره ولم يظهر للعلن خبث وطروادية صهره العجيبة بعد:

 

أولاً: هذا افتراضياً ما كان سيقوله عون لجماعة الصنوج والطبول والأبواق اللبنانيين (عون الساقط وأفراد كتلته من ضمنهم) الذين كالببغاوات انبروا للدفاع عن كلام العطري المهين:

"من التحولات الأساسية السلبية في ظل الدكتاتورية السورية المهيمنة على لبنان هي تدجين السياسيين اللبنانيين وإفقادهم حسّهم النقدي من التعاطي مع الأحداث بعد أن تلبسوا حالة التبعية للفكر الواحد الذي يجسده الحاكم. فهم "زلمه" يمدحونه بدون شروط ويهجون خصومه دون حدود، فهو من سلالات الآلهة ولا يجوز النظر إليه إلا بتهذيب وخشوع بصرف النظر عما إذا كان خلوقاً أم كان لصاً محترفاً أو سفاك دماء، فهو دائماً على حق". (المآثر السورية في لبنان 24/09/2000)

 

ثانياً: وافتراضياً أيضاً كان سيتكلم عون عن ممارسات الإذلال والفرض بالقوة والإرهاب التي يمارسها الحكم السوري ومرتزقته عندنا:

"إن ما يفرضه النظام السوري على اللبنانيين والسوريين من إذلال معنوي يفوق ما فرضه النازيون على اليهود خلال الحرب العالمية الثانية لأنهم على الأقل لم يطلبوا منهم الشكر على الجرائم التي ارتكبوها بحقهم ووجوب اعتبارها طريق خلاصهم، كما لم أقرأ أن يهودياً واحداً فعل ذلك". (المآثر السورية في لبنان 22/09/2000)

 

ثالثاً: كان لا بد لعون من أن يُذّكر العطري بدور بلاده الإرهابي على كافة الصعد ويقول:

"الإرهاب ليس منظمات، الإرهاب هو دول في المنطقة، ولا توجد منظمات إرهابية مستقلة عن الدول. يقولون إن حزب الله  منظمة ارهابية، علماً أنه امتداد لسياسة دولتين في لبنان هما إيران وسوريا، وأعماله هي تحت مراقبة هاتين الدولتين. نحن نرفض أن نقول إن المسؤولية تقع فقط على المنظمة الإرهابية لكنها تعود إلى دول. على مستوى الولايات المتحدة يجب معالجة هذه الدول وليس مواجهة الأشخاص والأفراد الإرهابيين لأنه إذا ما تعالجت الرؤوس تشفى الأعضاء. ووقت تتعالج سوريا يزول حزب الله من لبنان. ولكن إذا ضُرِب حزب الله في لبنان، سوف تستمر سوريا تُورد لنا حزب الله تاني، وثالث، ورابع، وخامس. الإرهاب متبنى سورياً وهناك نوعين من الإرهاب (سوري وإيراني)، وسوريا هي خط منهما، وسوريا من دون الإرهاب لن يكون لها، لا وجود دولي، ولا وجود إقليمي. سوريا ليس عندها القوة العسكرية أو السياسية بل عندها كل شيء هو إرهاب، وطالما الإرهاب مقبول دُولياً، سوريا تنوجد على الخريطة. ولذلك يحب أن يُحارب الإرهاب حتى تعود سوريا لحجمها الطبيعي. إننا نكن كل صداقة للشعب السوري، ونتمنى له الخلاص من نظام إرهابي لأن هذا الشعب كان أول ضحية للإرهاب. لا ننسى أن مدينة حماة هي أول نموذج "لممارسات" الإرهاب، ففي 24 ساعة قتل النظام السوري ما يزيد عن 30 ألف من مواطنيه لأنهم معترضين على حكمه.  نظام كهذا لا أعتقد سوف يعطي العالم نموذج خير ووفاق ومجتمع سلام. ونحن نعمل للوفاق والخير والسلام بين البشر". (من كلمة ألقاها عون في مدينة ديتروت الأميركية في تجمع اغترابي بتاريخ 7 أيلول سنة 2002)

 

رابعاً:عون الثائر قبل السقوط في التجربة كان سيسمي العطري شتاماً وما ما كان ليدع رده العنيف والسيادي على كلامه يمر دون كشف حقيقة معلقات المديح لسوريا وما يسمى دجلاً مقاومة على ألسنة الصنوج من أمثال القنديل والوهاب ونبيل نقولا وحكمت ديب وجنرال الرابية وعباس الهاشم وربع حزب الله وأمل وباقي المداحين والقداحين بالأجرة، وكان سيقول:

"حرية الرأي مؤمنة للشتامين فمن يجيد الشتيمة يحتل الشاشات والمتفوق بين الشتَّامين يرتقي إلى أعلى المراكز الإعلامية وانطلاقاً منها يقصف كل الضمائر الحرة. أما قذائفه فهي من كافة العيارات التقليدية وتتدرج من العمالة الخفيفة إلى الصهيونية الثقيلة مروراً باليهو-مسيحية، والخطيئة التي لا تغتفر هي المس بمصالح الشقيق الأكبر الذي يتمتع بحق طبيعي في ابتلاع الشقيق الأصغر دون اعتراض". (المآثر السورية في لبنان 26/09/2000)

 

خامساً: بالتأكيد عون صاحب الصوت العالي يومها كان سيُسخِّف كلام العطري ويفضح خطط وتبعية أسياده ومعلميه القابعين في قصر المهاجرين ويبين دورهم في تعميم الفوضى في لبنان والمنطقة تحت شعارات واهية وكاذبة ويقول في رده المدوي: "ما يشهده لبنان اليوم من فوضى سياسية واقتصادية وأمنية ليس سوى فصل من مسرحية النظام السوري في لبنان. فتسعير الخطاب السياسي المذهبي، وإغراق لبنان في العجز والديون، وإحراق جنوبه بمقاومة تخلى عنها العرب مجتمعين، عمليات إجرامية لقتل لبنان وجعله جثة هامدة، والنظام السوري، الذي يفتقر إلى الديموقراطية والحرية والازدهار والعدالة التي تستقطب الجماهير، يعتمد الأساليب السلبية لإخضاعها، كالمزايدة والابتزاز والارهاب، من هذه المنطلقات وحدها نستطيع ان نفهم كل ما يجري، ليس في لبنان وحسب، بل في سوريا أيضاً، ولما زايدت سوريا بحماية الثورة الفلسطينية قامت بضربها، وعايش اللبنانيون هذه المرحلة، وإذا ما ما غالت بعروبتها فلأنها تتحالف مع إيران، وإذا ما استفاضت في مقاومة إسرائيل فلأن الأمن يخيّم على حدودها معها، وإذا ما بالغت في قلقها على لبنان فلأنها تريد ابتلاعه لا حمايته، وإذا ما دعت إلى الوحدة الوطنية في لبنان فلأنها تريد تفتيتها لا صونها، وإذا ما ضغطت سوريا على أبواقها للردّ على الزعماء اللبنانيين فلأن لديهم ملفّات وقد تورطوا معها ومع غيرها ولا يستطيعون الرفض، وهكذا تسهل قيادتهم كالثيران المنخورة الأنوف تجرّ بخيط وحلقة". إن الإرهاب السوري، سواء جاء مباشراً أو غير مباشر على لسان أبواقه في لبنان، لن يخيف أحداً. ونحن اللبنانيين، الذين تعوّدنا الشهادة للحق، لن ننزلق إلى متاهة الخطاب المذهبي الذي ترعاه سوريا في لبنان وسنردّ وطنياً، دوماً وأبداً، ولن نساير في قول الحقيقة وإن جرحت". (من مقالة للعماد عون تحمل عنوان: "سوريا تفترس لبنان بالمزايدة والابتزاز والإرهاب" 5/9/1997)

 

سادساً: قال العطري في مقابلته مع الراي: "لو فكرت إسرائيل أن تعتدي يوما على لبنان أو سوريا‏ فإن الرد سيكون مؤلما بكل ما تعنيه الكلمة".

عون أيام زمان بالطبع كان سيهزأ من هذا الكلام الفارغ من أي معنى لأن سوريا لم تحارب إسرائيل بغير البيانات الكاذبة وكان سيرد قائلاً: "خلال ثلاث عمليات كبرى، أمعنت فيها إسرائيل بتدمير لبنان، "تصفية الحسابات" و"عناقيد الغضب" والثالثة دون اسم، وسوريا المعنية الأولى، وفقاً لمعاهدات الدفاع المعقودة ونسبة لتلازم المسارين وانطلاقاً من ممارستها الفعلية للسلطة في لبنان تتهرب من المواجهة مع إسرائيل وتختلق لنفسها الأعذار. بالأمس كانت تدعي بأنها هي التي تحدد زمان ومكان المعركة، ولن يستدرجها إليها أحد، وأما اليوم فقد أصبح السلام خيارها ولن يستدرجها إلى الحرب أحد" (مقطع من مقالة لعون عنوانها "لبنان بين المطرقة الإسرائيلية والسدان السوري". 02/07/1999)

 

وكان عون سينهي رده بتذكير العالم بأولوية النظام السوري وثابته الوحيدة ويقول: "ليس لدى النظام السوري سوى ثابتة واحدة، وهي المحافظة على استمراره ومهما بالغ في المزايدة في مواقفه السياسية والقومية فهي تبقى مادة للبيع بالثمن الأقصى الممكن الحصول عليه" (من مقالة لعون تحت عنوان: "الانقلاب السوري"، 11/11/2000)

 

يبقى أن عون الذي افترضنا أنه كان سيرُد الصاع صاعين للعطري لم يعد له وجود وقد انتهى إلى غير رجعة. أما ذاك العون القابع في الرابية فهو لا يمت لعون النضال والمقاومة والتيار الوطني الحر بصلة، وذلك منذ أن وقع ورقة التفاهم مع حزب الله سنة 2006 وارتضى بموجبها ادوار التابع والمقطور والملجمي والإسخريوتي والطروادي الذين يمارسهم ببغائياً بوقاحة الأبالسة وبضمير مخدر منذ ذلك التاريخ.

 

*الكاتب معلق سياسي وناشط لبناني اغترابي

*عنوان الكاتب الألكتروني

phoenicia@hotmail.com

*تورنتو/كندا في 25 تشرين الأول/2010