مؤامرة خصي القوات الدولية بعد خصي الجيش

بقلم/الياس بجاني*

 

تعددت وتنوعت قراءة المحللين للأهداف والمخططات الحقيقية التي من أجلها حرك حزب الله ما يسميهم زوراً "الأهالي" في قرى وبلدات ودساكر الجنوب اللبناني المحاذية للحدود مع دولة إسرائيل حيث تتواجد القوات الدولية، وتكليفهم رسمياً مهمة مضايقة هذه القوات وتقيد حرية تحركاتها والاعتداء على أفرادها واهانتهم واتهامهم بالتجسس لمصلحة إسرائيل، وتكاد تكون كل التحاليل في شأن الأهداف والمخططات صحيحة بنسب معينة، ولكن أهمها وفي مقدمها تأتي محاولة خصي القوات الدولية وتحويلها إلى فريق كشفي لكتابة التقارير دون فاعلية عسكرية أو سلطة أو قرار.

 

الكل يعرف في لبنان وخارجه أن لا وجود "لأهالي" بالمعنى المجاز الذي يمظهره فجور واستكبار وإرهاب خطاب حزب الله وكل وسائل إعلامه، بل في تلك البلدات الحدودية مجموعات منظمة ومدربة من أفراد عسكر ومخابرات الحزب يرتدون ثياب مدنية وأسلحتهم غير ظاهرة يحتلون الجنوب بكامله عن طريق الفتاوى والقوة والمال والإرهاب ويهيمنون على قرار وتحركات ولقمة عيش وأمن سكانه.

 

حاول حزب الله من وراء همروجة "الأهالي" المسرحية وبأوامر مباشرة من دولتي محور الشر سوريا وإيران استنساخ مؤامرته الشيطانية على الجيش اللبناني التي تُوِّجت بخصيه من خلال سلسلة ممنهجة ومدروسة من المواجهات والأحداث المفتعلة من مثل أحداث الشياح وغزوتي غرب العاصمة والجبل واحتلال الأسواق التجارية وقطع الطرقات ومحاصرة مجلس النواب ومقر مجلس الوزراء ومنع انتخاب رئيساً للجمهورية، واغتيال وإقالة وعزل قادة عسكريين شرفاء وإسقاط طائرة الضابط سامر حنا وقتله بدم بارد عن سابق تصور وتصميم، وغيرها الكثير من الأحداث الدموية المفتعلة التي يحتاج سردها لمجلدات.

 

لقد تجلى هذا الخصي الذي بدأ بشكل جاد منذ العام 2005 في المهمات الهامشية التي قام بها الجيش خلال الأيام القليلة الماضية في الجنوب مقزماً سلطته إلى دور "الوسيط" و"شيخ القبيلة، تماماً كما كان دوره الخجول والمستنكر خلال غزوة بيروت حيث اقتصر على مهمات ساعي البريد وشرطي السير. يومها خيب الجيش آمال أهله ولم يدافع عنهم ولا هو حماهم، بل فاخر قادته بأنهم سهلوا دخول القوات الغازية وأمنوا لها مسالك وطرق خروجها وإيصال رسائلها الإرهابية.

 

فبدل أن يأخذ الجيش خلال تعديات "الأهالي" على القوات الدولية دور القيادة ويلتزم ببنود القرار 1701 ويلجم تحركات المعتدين التابعين مباشرة لحزب الله ويواكب تحركات القوات الدولية، عمل للأسف كوسيط، مجرد وسيط مستنبطاً هرطقة تشكيل لجان واجتماعات بين حزب الله والقوات الدويلة، ومن ثم وعلى طريقة شيخ القبيلة رتب "صلحة عشائرية" بين الأهالي والقوات الدولية.

 

مؤسف جداً تعطيل دور الجيش "وخصيه" في عهد الرئيس ميشال سليمان كما في فترة قيادته الطويلة له، هذا ويتبين يوماً بعد يوم أن مجمل ممارسات وخطاب ومواقف ونهج الرئيس سليمان لا تختلف في المضمون والجوهر عن تلك التي اكتوى لبنان وأهله بنيرانها وقزميتها وتبعيتها خلال عهدي سلفيه الرئيسين الياس الهراوي واميل لحود.

 

إن المشكلة الأساس في لبنان المحتل من قبل حزب الله ورعاته السوريين والإيرانيين لم تعد مقتصرة فقط على هرطقات وتعديات وانتهاكات هذا الجيش الإيراني على المستويات كافة وفي كل المجالات والحقول، بل أمست أيضاً في عقلية ما يسمى حكام ومسؤولين وسياسيين تخلوا عن مسؤولياتهم وقبلوا التبعية العمياء لقوى شيطانية تسعى إلى تدمير الكيان اللبناني واقتلاع هويته وتهميش حضارته واستعباد إنسانه وإعادته إلى غياهب وثقافة القرون الحجرية.

 

من المؤسف والمحزن أن فجور واستكبار حزب الله هما في تصاعد مستمر، كما جرم قضمه وافتراسه الممنهج والتدريجي والإرهابي للكيان والمؤسسات، في حين أن جماعة 14 آذار، أو بالأحرى من بقي منهم هم بتراجع مستمر وبرحلة تنازلات لم نعد نعرف متى ستتوقف. أما الحكام والمسؤولين فحدث ولا حرج، وأين منهم ومن صمتهم "أبو الهول" الفرعوني!!

 

إنه وعلى ضوء ما نشرته الدولة العبرية عن تحديدها الدقيق لمواقع مخازن أسلحة حزب الله في 165 قرية وبلدة جنوبية يتبين للقاصي والداني أن حزب السلاح والغزوات "والأيام المجيدة" "الأهالي" أكياس رمل وأكباش فداء في مهماته الإيرانية –السورية التدميرية وهو لا يضع في سلم أولوياته لا سلامتهم ولا أمنهم، وبالتالي في أي حرب مقبلة مع إسرائيل سيدفعون هم الثمن من أرواحهم وممتلكاتهم كما كان حالهم المحزن خلال حرب عام 2006 فيما قادة الحزب الأبطال يقبعون في جحورهم.

 

يبقى أن لكل ظالم نهاية والذين يظلمون لبنان وشعبه سوف، "يأكلون من لحمهم ويسكرون من دمهم كالخمر" (اشعيا 49/26)

 

الكاتب معلق سياسي وناشط لبناني اغترابي

*عنوان الكاتب الألكتروني

phoenicia@hotmail.com

*تورنتو/كندا في 09 تموز/2010