تكويعات النائب جنبلاط المقلقة

بقلم/الياس بجاني*

 

النائب وليد جنبلاط في 28/6/2008 طبقاً الوكالة الوطنية للإعلام: (أصبحنا اليوم في التزمت والتقوقع وشعارات الكيانية الضيقة. لبنان اولا؟ لا معنى للبنان دون عروبة. لا معنى للبنان دون فلسطين. لا معنى للبنان دون الوحدة العربية الكبرى. مع الأسف عدنا إلى الأحياء، إلى التعصب، إلى المذهبية. سنرى كيف سنستمر ونعلم الأجيال المقبلة، إننا لم نتعلم على أن لبنان اولا. تعلمنا على العروبة، الأفق الواسع الكبير، ولبنان جزء من هذا الأفق الواسع الكبير)

 

لا يمكن ترك كلام النائب وليد جنبلاط المستغرب والشاذ والعدائي والمستفز هذا أن يمر مرور الكرام واعتباره مجرد زلة لسان على قاعدة أن كلام الليل يمحوه النهار، كما نعتقد صادقين بأن الوفاء لشهداء ثورة الأرز الأحياء والأموات منهم على حد سواء، وفي مقدمهم النائب مروان حماده، يستوجب صدور توضيح شاف وكاف عن السيد جنبلاط نفسه، ومن الحزب الذي يرأسه، وأيضاً من كتلته النيابية المكونة من نواب ينتمون إلى مذاهب متعددة.

 

هذا ونتمنى من القلب أن يكون الجنوح والشرود الجنبلاطي هو آني وعابر ومزاجي ولفظي فقط، وليس عنواناً لتوجه سياسي ووطني جديد ينوي البيك السير في ركابه بعد احتضانه عودة الرئيس بري المستنكرة إلى رئاسة مجلس النواب، وانفتاحه اللامشروط على حزب الله، واجتماعه المطول مع أمينه العام، ونعته القرار الدولي 1559 "باللعنة"، وقوله إن "لعبة ومصالح الأمم" كانا وراء إصداره.

 

في حال أن كلام جنبلاط "العروبي" الجديد القديم لم يأتِ في سياق "النتعة" أو المزاجية، وفي حال غابت النوايا الطيبة والتبريرية للمراقب، فعندها لا بد من ربط هذا الكلام الشارد بمسار جديد تأتي في سياقه "التكويعي" الرسالة "العكاظية" التي وجهها جنبلاط قبل أيام إلى عرب الـ 48 في إسرائيل، وقوله انه يتفهم موقف "حزب الله" الذي يملك هواجس معروفة ويجب مراعاتها في البيان الوزاري، مثلما يجب مراعاة هواجس الآخرين، ومطالبته في نفس التاريخ الحكومة اللبنانية، "التنازل عن احتلال المقعد العربي في مجلس الأمن في العام 2010، لأن لبنان يكون أمام مهمة مستحيلة وأمام فخ كبير". (نهارنت 27 حزيران/09)

 

الغيارى على كيان ورسالة ومستقبل وطن الأرز من كل التلاوين الإثنية والحضارية التي يتكون منها المجتمع اللبناني، والضنينين في نفس الوقت على كينونة ولبنانية ودور ومصير وحرية الشريحة اللبنانية الكريمة التي يمثلها جنبلاط في وطن التعايش، لا يحق لهم في هذا الظرف العصيب أن يتغاضوا عن "نتعة" البيك التي قد تكون جاءت في ساعة غضب أو تجلي أو إيحائي لا فرق، لأن محتواها خطير جداً وهو يتناقض مع كل ثوابت ومرتكزات ونضال وتضحيات وتوجهات ثورة الأرز التي تحمل 14 آذار لواءها، وجنبلاط هو من أهم أركانها، وكان له الفضل الكبير في ثباتها، وفي رص صفوف قادتها، وفي تحقيق العديد من أهدافها.

 

السيد جنبلاط ويالتأكيد الجازم يعلم أن أية تطمينات ووعود وعهود يعطيها له حزب الله هي آنية وغير ملزمة لا عملانياً ولا عقائدياً لقادته المحليين، ولا لمرجعيتيه الإيرانية والسورية، وهي تأتي على خلفية تفسير "ولاية الفقيه" المذهبية لهذا الحزب لمفهوم، "دار الحرب ودار السلم". كما أننا لا نعتقد أن جنبلاط قد نسي "غزوة مجاهدي" حزب الله للجبل السنة الماضية والمخطط الذي كان يقضي باحتلال قصر المختارة وتولي وئام وهاب إذاعة البيان "التحريري والمقاوماتي" رقم واحد منه.

 

المطلوب من السيد جنبلاط أن يقرأ جيداً في ما جرى من أحداث إجرامية مؤلمة أول من أمس في منطقة عائشة بكار حيث نفذت ميليشيا حركة أمل التي يرأسها بري "غزوة" تحذيرية مصغرة، كانت عبارة عن رسالة نارية وجاهلية للرئيس المكلف، سعد الحريري من سوريا وإيران.

 

إن إعادة بري لرئاسة مجلس النواب خلافاً لكل وعود وعهود وثوابت وتفاهمات أركان 14 آذار، والتي كان الفضل الأول فيها "لتكويعة" جنبلاط، لم تثني "الإستيذ" بري عن إرسال "زعرانه" الملثمين إلى منطقة عائشة بكار للانتشار الهمجي في شوارعها وترويع سكانها وإرهابهم والاعتداء عليهم وقتل السيدة زينة ميري (30 سنة ولديها 5 أولاد)

 

تحت عنوان، "لبنان أولاً وأولاً وأولاً يا وليد بك"، كتب سلمان العنداري على موقع ذ4 آذار أمس يقول: "الكلام الأخير لزعيم التقدمي، واحد أهم أقطاب 14 آذار وانتفاضة الاستقلال، مرفوض كلياً من جماهير وشعب ثورة الأرز، فلبنان بلد عربي الهوية والانتماء وهذا أمر واضح من خلال التضحيات الكبيرة التي يقدمها هذا البلد في سبيل العروبة وخدمة هذه القضية، إلا أن لبنان لا يمكن أن "يهب" حياته ومستقبله ويرهن كل قدراته من اجل انتصار هذه القضية المتأرجحة والضائعة والمنفصمة في شعاراتها وافرقائها وفرقائها، ولهذا لا يمكن تقديم العروبة على شعار "لبنان اولاً" لأننا مللنا من أن نكون مجرد أحجار دومينو تتحرك على الرمال المتحركة الإقليمية والعربية، ونعتقد أن الوقت قد حان لتأكيد هذا الخيار وتثبيته في الثقافة الوطنية".

وتحت عنوان "وليد جنبلاط و"دَبْش العروبة" كتبت أمس ميرفت سيوفي في جريدة الشرق تقول: إما أنّ وليد بك جنبلاط "كبَّـر الحجر" وإمّا أن الرجل "حجرو طاش"، لم يستطع اللبنانيون عموماً وتحديداً جمهور 14 آذار الذي تظل يده على قلبه من "قلبات" وليد بك فهمه، فالرجل يقلب في السياسة أكثر مما قلبت بيروت بالزلازل!! ولا نعرف إن كان تكريم موظف متقاعد من أبناء الطائفة الكريمة، التي تدلّ كلّ الأحاديث المسرّبة لوليد بك أن شعاره "الطائفة أولاً" فيما هو يتهم الآخرين بالـ "كيانية" و "الأحيائية" و"التعصّب" والأفق الضيق، لأنهم وضعوا وطنهم أولاً!! نعم، لبنان أولاً وأخيراً، أما العروبة التي استيقظ عليها فجأة وليد بك، كأنه كان "آخد سهوة" عن ذكرها، وفلسطين، و"الوحدة العربية الكبرى" ـ شو قديمة هالخبريّة ـ فلا نقول لك إلا "أنظر حولك" لترى أن ما قلته ليس أكثر من شعارات "بعثية" أكل الدهر عليها وشرب!! للحظة وأنا أستمع إليك، ظننتُ أن وئام وهاب "يفقعنا" واحدة من خطبه العصماء "الخرندعية"!! هل يستحق اللبنانيون منك هذا الرشق بـ"دبشٍ" استقربت وتناولته من مقالع العروبة المُبادة والتي لم يبقَ منها إلا "رَسْمٌ دَرَس" وأشباح أنظمة قمعيّة تزايد بها على دماء الشعوب وتفكّر في نفس الوقت كيف "بدها تدبّر راسها"!!).

 

من المسف جداً أن البيك قد "جرب المُجرب" مع "الإستيذ"، وهذا منحى إن استمر لن يساعد البتة في استعادة الاستقلال وصيانة الكيان وتغليب مفهوم الدولة على هرطقة الدويلة.

**اضغط هنا لقراء مقالتي سلمان العنداري وميرفت سيوفي  http://www.10452lccc.com/arabic09/walid.tw029.6.09.htm

 

*الكاتب معلق سياسي وناشط لبناني اغترابي

*عنوان الكاتب الألكتروني phoenicia@hotmail.com

*تورنتو/كندا في 30 حزيران/2009