لبنان دولة محتلة، ونقطة على السطر!!

بقلم/الياس بجاني*

 

إشعيا 03/11و12: "ويل للأشرار من شرهم لأنهم يجازون بأعمال أيديهم. شعبي ظالموه أولاد وحاكموه نساء. آه، يا شعبي! قادتك هم يضللونك ويمحون معالم طرقك".

 

يتصرف قادة حزب الله باستكبار وفوقية وكأنهم هم حكام لبنان والقيمين على مصير شعبه وأمنه، كما أنهم لا يأخذون بعين الاعتبار في أي موقف من مواقفهم الإيرانية والسورية التوجه أو في أي كلام من كلامهم الهرطقي والواهم و"الإلهي" وجود الدولة ولا يحافظون حتى على ماء وجه المسؤولين كافة.

 

في هذا السياق الشيزوفريني الوهمي أعلن مسؤول حزب الله في جنوب لبنان الشيخ نبيل قاووق يوم الجمعة في 21 أيار/10 أن حزبه طلب من الآلاف من عناصره البقاء في جهوزية تامة في مواجهة مناورة إسرائيلية للدفاع المدني تبدأ الأحد. وقال إن عناصر الحزب وضعوا في جهوزية تامة في مواجهة المناورة الإسرائيلية التي تجري الأحد في إسرائيل وتتزامن مع الانتخابات البلدية المقررة في جنوب لبنان. وأضاف أن آلاف الشباب لن يذهبوا إلى صناديق الاقتراع الأحد وهم في حالة جهوزية منذ اليوم. واعتبر أنه في حال حدوث أي عدوان جديد على لبنان، لن يجد الإسرائيليون مكاناً في فلسطين يهربون إليه.

 

يشار هنا إلى أن إسرائيل تجري مناورة سنوية للدفاع المدني تستغرق أسبوعاً تهدف إلى التأكد من الاستعدادات الميدانية لأجهزة الإنقاذ والإغاثة في حال حصول هجوم بالصواريخ على الدولة العبرية. وأعلن نائب وزير الدفاع الإسرائيلي ماتان فيلناي الأسبوع الماضي أن هذه المناورة مقررة منذ وقت طويل ولا علاقة لها بالوضع على الحدود الشمالية. وأفاد أن بلاده عمدت كما في السنوات الماضية، إلى نقل رسائل إلى جيرانها، لا سيما سوريا لطمأنتهم حول نواياها.

 

السؤال البديهي الذي لا بد وأن يسأله أي مواطن لبناني يحترم نفسه بعد أن سمع كلام قاووق، أين هي الدولة اللبنانية ولماذا تسمح لقادة حزب الله بالإدلاء بهكذا تصاريح، ولماذا لم يصدر عن الحكومة ووزارة الدفاع أي موقف؟ بالطبع لا حياة لمن تنادي لأن الدولة مغيبة بالكامل والمسؤولين فيها بمعظمهم من قمة الهرم حتى القاعدة لا يتمتعون لا بالجرأة ولا بالمصداقية ولا بالحس الوطني وقد أرتضى عدد كبير منهم الصمت والتبعية والتبجيل المبتذل لما يسمى زوراً وبهتاناً "مقاومة"

 

من المعروف أن عديد أفراد الجيش اللبناني يزيد عن 75 ألف عنصر وهو يكلف خزينة الدولة مبالغ طائلة في حين أن دوره مهمش ومعطل وقائده الأسبق ميشال عون، بطل التبعية والإسخريوتية، لا يرى فيه غير شرطي للأمور الداخلية والمخيمات الفلسطينية، وقد شاهدنا تصرفات هذا الجيش المستهجنة خلال غزوتي بيروت والجبل في أيار 2008 حيث اكتفى بدور ساعي البريد وشرطي المرور.

 

أين هي المشكلة ولماذا هذا التغييب الكلي للدولة ومؤسساتها لمصلحة جيش إيران في لبنان؟

المشكلة الأساس وللأسف هي أن الحكم وعلى كل المستويات لا يحكم بل هو محكوم ومشلول وفاقد لحرية قراره، في حين أن معظم مؤسسات الدولة بالواقع المعاش هي مربعات نفوذ وهيمنة تابعة لقوى الأمر الواقع الميليشياوي الذي يفرضه على البلد بالقوة والإرهاب حزب السلاح والغزوات بعد أن تسلم موقع المحتل والمستبد عقب انسحاب الجيش السوري مجبراً سنة 2005.

 

فوزارة الخارجية على سبيل المثال لا الحصر بشخص وزيرها علي الشامي هي مربع دبلوماسي سوري إيراني بامتياز وبالتالي لا تمثل لبنان بنهجها وتوجهاتها وطريقة تعاطيها مع دول العالم لا من قريب ولا من بعيد، والشامي "فاتح على حسابه" وعلى المكشوف دون خجل أو حرج ولا يقيم وزناً لا لمجلس الوزراء ولا لرئاسة الجمهورية ولا للدستور اللبناني ولا لمجلس النواب ولا لأي التزام أو قرار دولي.

 

وعن رئاسة الجمهورية فحدت ولا حرج فهي غارقة في بحار العيون والجفون والرموش كرمى للمقاومة، والرئيس "المقاوم" بمناسبة ومن غير مناسبة يجدد دعمه "الكلامي" وتبنيه لسلاح حزب الله، ومن يسمعه يتكلم عن "العدو الصهيوني" يترحم على الصحاف وأحمد سعيد.

 

كما أن وزير الدفاع في الظاهر رصين وجدي، ونادراً ما نشاهده يبتسم، هو باستمرار واعظ في الشأن المقاوماتي ويدعي العفة والوطنية والحياد علماً أن المحكمة العسكرية المفترض أنه مسؤول مع قائد الجيش عن مصداقيتها لم تترك مواطناً جنوبياً واحداً لجأ إلى إسرائيل سنة 2000 أو غادر عن طريق إسرائيل إلى بلاد الله الواسعة دون حكم مفبرك وجائر. كما أنه صامت كصمت "أو الهول" عن كل انتهاكات حزب الله وما أكثرها، كما أنه يغض الطرف عن تنامي نفوذ هذا الحزب على الجيش.

 

وعندما يصل الأمر إلى وزير الرياضة علي العبد الله فالرجل مقاوماتي عنيد على خطى معلمه "الإستاذ" ومصر على إزالة إسرائيل شرطاً لنزع سلاح حزب الله وقد اتخذ قراراً استراتجياً لا عودة عنه يقول إن سلاح حزب الله باق طالما بقيت إسرائيل. وبالطبع هنا لا بد من شكر الإستاذ بري لأنه ملتزم مع المقاومة بالقرار 1701 ولهذا لم يقم شباب المقاومة حتى الآن بتحرير مزارع شبعا كما تكرم وأعلمنا مؤخراً. نسأل لماذا لم يقم شباب الإستاذ بتحرير شبعا قبل العام 2005 وكان جيش الإخوان لا يزال في لبنان ولم يكن بعد صدر القرار 1701؟

ونسأله أيضاً لماذا مجلسه وسوريا وكل ربع المقاومة وتجار التحرير و"مقاطعجية" الوطنية لماذا لم يستفيقوا من غيبوبتهم على كذبة احتلال مزارع شبعا قبل العام 2000؟

 

أما قمة الهرطقة فهي أن تقوم الدولة بتكريم الغزاة والاحتفال بهم ومعهم بما سُمي "عيد التحرير" الذي فرضه المحتل السوري على اللبنانيين خلال حقبة احتلاله لوطنهم، فيما رئيس الجمهورية الذي وعد في خطاب قسمه باستعادة أهلنا اللاجئين في إسرائيل "لأن حضن الوطن يتسع للجميع"، تخلى عن وعده وفي عهده لم تترك المحكمة العسكرية فرداً واحداً من هؤلاء إلا وأصدرت بحقه حكماً جائراً ومفبركاً لمنعه من العودة إلى وطنه.

 

إن قضية عودة أهلنا من إسرائيل بما يحفظ كراماتهم ويقر بأحقية نضالهم وبتضحياتهم ليس فقط مطلباً محقاً وعادلاً وإنما واجب مقدس على كل لبناني قيادي ومسؤول وصاحب ضمير، وعلى حكام ونواب وسياسيي لبنان أن يسعوا إلى تحقيق هذه العودة دون تردد أو خوف. إن أضاليل حزب الله وميشال ون وكل من يلف لفهما لجهة وجود مرتكبين وأبرياء بين أهلنا فهذا هو الجحود والكفر بعينه.

 

نسأل منذ متى يقرر القتلة والإرهابيون والعملاء والمرتزقة من هو المجرم ومن هو البريء، ومن هو الوطني ومن هو العميل؟

إن أولادنا اللاجئين في إسرائيل هم أبطال قدموا الغالي والنفيس من أجل أرضهم ووطنهم وأهلهم والهوية فليخجل قادة لبنان ومنهم المسيحيون تحديداً ويتوقفوا عن التخاذل والذمية وليرفعوا الصوت عالياً ويشهدوا للحق ويعملوا على إنهاء هذه المأساة. إن جيش لبنان الجنوبي هو جيش أبطال حارب كل زمر الإرهابيين الفلسطينيين والإيرانيين وغيرهم وقدم مئات الشهداء فليعامل إفراده بما يستحقون من تقدير واحترام وتكريم، ونقطة على السطر.

 

 

*الكاتب معلق سياسي وناشط لبناني اغترابي

*عنوان الكاتب الألكتروني phoenicia@hotmail.com

*تورنتو/كندا في 23 أيار/2010