وئام وهاب وراء هجوم الخازن على عون

بقلم/الياس بجاني*

 

محزن أن نشهد خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً هذا الهبوط الصاروخي لهالة ومصداقية ودور ووضعية العماد ميشال عون التمثيلية والوطنية والقيمية. فكما كان صعوده سريعاً وجارفاً هكذا جاء انحداره مدوياً إلى درك سفلي هو تحت ما تحت التحت، وذلك بعد انتقاله الإسخريوتي إلى القاطع السوري - الإيراني وتخليه بوقاحة الأبالسة عن ملته وناسه ومجتمعه ووعوده،  ونقضه كل ماضيه النضالي والسيادي والمؤسساتي حتى بات هذا الماضي يخجل من حاضره,

 

بالواقع إن ما رشق النائب السابق فريد هيكل الخازن به عون وصهره علناً من اتهامات مريبة لم تكن مفاجئة لأحد لأن ما يتم تداوله في هذا الشأن بين المواطنين يفوق بمئات المرات ما أُعلن. أما الخازن الذي ادعى العفة وكاد "يطحش" وسط هتاف مؤيديه على الطاعة والفقر رافعاً نفسه إلى مصاف المترهبين، هو يعرف قبل غيره أنه ليس في وضعية امرأة قيصر، وأن كازينو لبنان ومشروع الطريق البحري عند موقع نهر الكلب وغيرهما من ساحات الوغى كثيرة.

 

المؤسف أن ما قاله عون وما رد به الخازن سيبقى في نطاق السجال الإعلامي البحت، ولن يصل إلى القضاء، وبالتالي لا مساءلة ولا تحقيق ولا إحقاق للعدل. والمؤسف أيضاً أن المتباريين الآن بسلاح "الصحاف وأحمد سعيد" الزجلي لأسباب ليس لها علاقة بالوطن والمواطن والقضية، هما من ضمن طاقم سياسي فاسد ومفسد عمل ويعمل بجهد على ضرب المؤسسات ومنع قيام الدولة ويسوّق لمفهوم المحسوبية والأتباع والمنافع، ولسياسة مد اليد على الآخرين وعلى ممتلكاتهم.

 

فرح معارضو عون فرحاً عظيماً بهجمة الخازن وكاد بعضهم أن يرفعه إلى مصاف الأبطال، في حين تم توزيع كلامه الهجومي عبر الإنترنت "واليو تيوب" كما وُضِع بشكل لافت على العديد من المواقع الالكترونية. لا شك أنه من حق هؤلاء أن يستفيدوا من الفرصة الذهبية هذه ويسددوا في مرمى عون وصهره ويردوا لهما بعضاً من فضائلهما الاتهامية والتخوينية، وما أكثرها، إلا أنهم اغفلوا أهداف الهجوم "الخازني" الحقيقي، وتعاموا عن الجهة التي أعطت الضوء الأخضر والأمان له.

 

الحقيقة هي أن وئام وهاب هو وراء الهجوم على عون وقد جاء على خلفية إشكالات تصريحه من الرابية الذي طالب فيه الرئيس سليمان بالاستقالة. فكما يعلم الجميع إن التصريح الوهابي أُطلق بعد اجتماع مطول بين وهاب وعون، وبقي عون بعد ذلك لعدة أيام صامتاً هو صهره لا تأييداً ولا استنكاراً، فيما كانت تصاريح نواب كتلة الإصلاح والتغيير متناقضة وغير مقنعة ومرتبكة. إلا أنه ولأسباب لم تعلن عاد عون وتبرأ من كلام الوهاب، فانزعج هذا الأخير وقال لوسائل الإعلام بأنه عاتب على عون وأضاف بما معناه: "طبعا حكينا بالموضوع، شو كنا عم نحكي بالطقس".

 

وئام وهاب المعروف بموهبة اقتناص الفرص واستغلالها تربطه علاقة وطيدة بالخازن، وكان هذا الأخير ومعه النائب الآن عون وجبران باسيل وفادي عبود وناصيف قزي من ضمن الشخصيات المارونية التي دعاها وهاب للمشاركة في لقاء الجاهلية. كما أن الخازن في مقابلة له مع تلفزيون المر أجريت معه مؤخراً ادعى بتباهي أنه يقرأ جيداً المتغيرات وهو بالتالي في الوسطية أي من الذين يرغبون بالانفتاح على سوريا.

 

وئام وهاب وعلى خلفية الانتقام من عون قام بوضع سيناريو الهجوم وزود صديقه الخازن ببعض المعلومات المتعلقة بعون وصهره، وأعطاه بمباركة الشقيقة الأمان ليقول ما قاله بتلك النبرة العالية ومن خلال المفردات النابية والسوقية التي تفوه بها. نشير هنا إلى أن عون كان تحدث عن "مجبلة باطون حراجيل" بتاريخ 16 من شهر آذار الجاري، في حين جاء رد الخازن الناري "والمسورن" بتاريخ 24 آذار، أي بعد سبعة أيام. أما كلام عون عن التعدي على أملاك الدير بتاريخ 23 آذار فلم يرد فيه اسم الخازن.

 

بالخلاصة هذا هو للأسف مستوى عون الآن بعد قبوله التبعية لسوريا ولعبه دور بوقها وصنجها وكيس الرمل. لقد فقد الرجل حريته وقراره وهالته ومصداقيته وأصبح أسيراً لتبعيته، وبعد أن تنازل عن كل ما كان عنده باتت سوريا تعامله كما تعامل أقل وأصغر سياسي في لبنان ولا تقبل أن يتخذ ولو موقفاً صغيراً دون علمها وبركتها.

 

ما يجب ألاّ يغيب عن حسابات عون هو أنه مهما تقرب من رموز النظام السوري فأنه لن يصبح عندهم في منزلة الرئيس سليمان الذي كان لصيقاً بهم منذ ما قبل 1990 وأُوكلوا إليه موقع قيادة الجيش لمدة تسعة أعوام متتالية، ومن ثم سهلوا له دخول قصر بعبدا، ومع ذلك كُلفوا الوهاب التهجم عليه ورميه بأبشع التهم خدمة لمصالحهم وربما بعلمه المسبق وموافقته!!

 

يبقى أنه في أوحال وفخاخ التبعية لا كبير ولا حرية ولا كرامة، بل انصياع وخنوع كاملين ودائماً "حاضر سِيدي"!!

 

*الكاتب معلق سياسي وناشط لبناني اغترابي

*عنوان الكاتب الألكتروني phoenicia@hotmail.com

*تورنتو/كندا في 29 آذار؟2010