تصريح المطران حداد إخبار برسم الدولة

بقلم/الياس بجاني*

 

السؤال الأساس هنا هل في لبنان دولة وأجهزة أمنية وقضاء؟ وإن كانت فعلا موجودة هل هي في حالة وعي ولو جزئية أم أنها تنعم بغيبوبة كاملة انتقائية لا تريد الاستفاقة منها؟

 

صرح المطران إيلي بشارة الحداد راعي أبرشية صيدا ودير القمر للروم الملكيين الكاثوليك لتلفزيون التيار العوني يوم الاثنين 19 تشرين الأول/09 بما يلي: "نحن في تواصل مع مرجع ديني، اتصل بنا قبل مدة، وأبلغ إلينا أن جوزيف صادر ما زال حياً، وطلب أن نطمئن عائلته. غير أن المشكلة تكمن في أن المرجع المذكور يشير حيناً إلى أن جوزيف له علاقة بشبكات التجسس الإسرائيلية، ويؤكد حيناً آخر أنه بريء وسيسلّم إلى الدولة. تمضي الأشهر ولا يحدث شيء، فنسأله مجدداً، وعندها يشير إلى أن جوزيف ربما يكون شاهداً على أمر له علاقة بالتجسس." "المرجع الديني الذي يتواصل معي طالبني بإثارة الموضوع إعلامياً، فالخاطفون منقسمون هل يطلقونه أم يتركونه للمزيد من التثبت من براءته لجهة التعامل مع شبكات التجسس"

 

وجاء في نص التقرير الذي نشره موقع العونيين الألكتروني حول تصريح المطران الحداد: أن "حزب الله ليس الخاطف، والشك قطعه يقين تعاون سائر مسؤوليه لكشف الخاطفين، هذا ما يشدد عليه المطران حداد، مؤكداً أن حزب الله أثبت بتعاون مسؤوليه وصدقهم أنه ليس من يحتجز صادر، والشكوك التي ذهبت نحوه كان سببها أن جوزيف خطف في الضاحية الجنوبية"

 

وجاء في نص التقرير أيضاً: "وتعليقاً على ما أدلى به المطران حداد، أشارت مصادر رسمية للـ OTV إلى أن الأجهزة المعنية تبلغت ما ذكره المطران حداد قبل مدة، مؤكدة أن التدقيق في المعطيات تم عبر الاتصال بالمرجع المذكور. غير أن المصادر الرسمية لفتت إلى أن من ذكره المطران حداد ليس ذا مصداقية، نظراً إلى تقدمه في السن، وفقدانه التوازن العقلي. ولفتت المصادر الرسمية إلى أنها في صدد إرسال كتاب إلى كل من المطران حداد والمرجع الذي ذكره لطلب المزيد من التفاصيل حول الرواية التي يتناقلانها عن خطف صادر.

وفي رد على ما أدلت به المصادر الرسمية، شدد أحد المعنيين الأساسيين بمتابعة ملف صادر إلى أن الكلام على عدم مصداقية المرجع الذي ذكره المطران حداد سياسي وليس تقنياً، إذ لا مصلحة خاصة للمرجع الذي بادر إلى الاتصال بالمطران حداد تدفعه إلى الإدلاء بما قاله. وأضافت المصادر أن الرواية الرسمية لجهة أن المرجع الذي ذكره المطران حداد كبير في السن ولا يتمتع بكامل قواه العقلية ليست صحيحة، فهو شاب يتمتع بكامل قواه العقلية، ويمارس مهنته بناء على ذلك".

 

زوجة المخطوف سلوى جوزيف صادر في حديث عبر MTV أفادت أن العائلة تعيش حالة انتظار، كاشفةً عن معلومات وصلت إلى المطران ايلي حداد تُفيد بان صادر موجود وحي وهو بصحة جيدة و"الأمر قصة وقت". وتساءلت "المخابرات اللبنانية تكشف دائماً عمليات خطف، إذا لدينا جهازاً امنياً فعالاً لكن لماذا قصة جوزيف صادر صعبة عليهم؟"، وأضافت: "نحن متأكدون من براءته". مطران صيدا ودير القمر وتوابعهما للروم الملكيين الكاثوليك ايلي بشارة الحداد كشف أن المعلومات التي وردته هي من رجل دين شيعي، مشيراً إلى أن المعلومات التي أعطاها إنسانية بدافع ديني وهي أن صادر لا يزال على قيد الحياة. وأعلن حداد أن صادر هو مع إحدى التنظيمات المسلحة غير الرسمية.

 

السؤال الأساس هنا هل في لبنان دولة وأجهزة أمنية وقضاء؟ وإن كانت فعلاً موجودة هل هي في حالة وعي ولو جزئية أم أنها تنعم بغيبوبة كاملة انتقائية لا تريد الاستفاقة منها؟

 

فمن المعروف أن وزير الداخلية بارود هو من اختيار رئيس الجمهورية شخصياً ومحسوب من حصته في الوزارة، وكذلك وزير الدفاع المر، والثلاثة أعلنوا مراراً وتكراراً خلال الستة أشهر التي انقضت على خطف صادر من أمام مطار بيروت الدولي وبوضح النهار وتحت سمع وبصر القوى الأمنية، أعلنوا بأنهم يتابعون قضية صادر ويجهدون لكشف مصيره. هذا وكان الوزير بارود قال مؤخراً بأن لا معلومات لدى المراجع الأمنية عن مكان وجود صادر أو عن الجهة التي قامت بعملية الخطف.

 

القانون اللبناني صريح وواضح ولا لبس فيه، فهو يعتبر قانونياً تصريح المطران حداد إخباراً رسمياً يوجب على رئيس الجمهورية الذي بعهدته الشخصية وزارتي الدفاع والداخلية أن يأخذ تصريح المطران على محمل من الجد والمسؤولية وأن يتصرف كحامي فعلي للدستور بأقصى سرعة ممكنة ويعطي القضاء والقوى الأمنية الحماية اللازمة مع الغطاء الضروري للقيام بما يلزم لمعرفة الجهة الميليشياوية التي تحتجز صادر واعتقال أفرادها ومحاكمتهم,

 

إن عدم قيام الدولة اللبنانية بتنفيذ القانون وترك المواطنين اللبنانيين فرائس تنهشها قوى الإرهاب والمافيات والجماعات الأصولية سيقوض كل مرتكزات وهيبة وسلطة الدولة لمصلحة شريعة الغاب التي يُسوّق لها حزب الله ويعجل بسقوط الهيكل على رؤوس الجميع، ولنا في ما حدث يوم السبت الماضي بتاريخ 17 تشرين الأول/09 في جونيه خير نذير شؤم. فقد قامت مجموعة مسلحة تابعة لجيش دويلة حزب الله يزيد عدد أفرادها عن الثلاثين مجنداً جهادياً بغزوة جديدة مستعملة السواطير والخناجر والسكاكين والعصي مستهدفة مواطنين عزل في قلب عاصمة كسروان كل ذنبهم أنهم لم يتسلحوا للدفاع عن أنفسهم وعن مناطقهم وآمنوا بالدولة التي تبرهن يوماً بعد يوم أنها غير موجودة إلا لملاحقة الضحايا ومحاكمة القتلى ومكافأة المجرمين والمرتكبين.

 

ترى هل بات لزاماً فيما تتمدد وتنفلش دولة حزب الله السرطانية وتمعن في غزواتها البربرية والإجرامية أن تقوم كل مكونات المجتمع اللبناني بالتسلح لحماية أمنها وأمن مناطقها؟

سؤال هو برسم القيمين على الدولة وخصوصاً رئيس الجمهورية ووزيري الدفاع والداخلية وقائد الجيش، وأيضاً برسم السياسيين غير الأعضاء الرسميين في حزب الله  وفي مقدمهم العماد ميشال عون ونواب كتلته الذين يغطون كل ارتكابات وغزوات وجرائم هذا الحزب.

 

*الكاتب معلق سياسي وناشط لبناني اغترابي

*عنوان الكاتب الألكتروني phoenicia@hotmail.com

*تورنتو/كندا في 18 تشرين الأول/2009