هل تلدغ 14 آذار مجدداً من جحر حزب الله!!

بقلم/الياس بجاني*

 

(من نشرة أخبار تلفزيون أم تي في ليوم الأحد 14 حزيران 2009: "أكد الشيخ محمد يزبك، عضو شورى حزب الله أن الحزب لن يُفرِط بقوته مهما حلمت أميركا وغيرها بسلاحه وقال:" من لا يملك السلاح لا يستطيع العيش في هذا العالم"، وأشار إلى أن الآخرين دخلوا خلال فترة الانتخابات البيوت ليخيفوا الناس من ولاية الفقيه، ومن أن إيران ستأتي إلى لبنان لتحوله إلى ساحة لها، مضيفاً: "إلى هذا المستوى وصل الحقن والتجييش المذهبي والطائفي. وجاء العالم بأسره لإيهام الناس بأنه في حال فوز المعارضة سيتحول لبنان إلى غزة. الشيخ يزبك وخلال رعاية حفل العرس الجماعي الذي نظمه أهل البيت الثقافي في مدينة الزهراء في سوريا شدد على أن الإرادة والاستفتاء كانا على المقاومة التي تحولت من سلاح إلى ثقافة ومجتمع. وقال: "إننا لن نُفِرط بهذه القوة مهما حلمت أميركا وغيرها بسلاحنا. فإن سلاحنا مرهون بحياتنا لأننا نرى أن من لا يملك سلاح ولا يملك قوة لن يستطيع أن يعيش في هذه الحياة. فإذاً علينا أن نفرض وجودنا من خلال القوة التي نملكها. لذلك نحن اليوم أفضل من أي وقت مضى. اطمئنوا أيها الشرفاء إننا نحن الغالبون بإذن الله لأننا نطالب بحق ولا نعتدي على أحد.")   اضغط هنا للإستماع لكلمة الشيخ محمد يزبك

http://www.clhrf.com/audio09/yabek.weapons14.6.09.wma

 

نُذكّر من يعنيهم الأمر من قادة وزعماء وسياسيين وحزبيين ومفكرين في تجمع 14 آذار أن غالبية الشعب اللبناني قد منحتهم ثقتها في صناديق الاقتراع، وأوكلت إليهم مهمة الحفاظ على الدولة وإنهاء حال الدويلة واستعادة سيادة الدولة الناجزة على كافة الأراضي اللبنانية وحصر السلاح وقرار الحرب بها دون سواها.

 

الشعب اللبناني العظيم قال كلمته بقوة وعنفوان وشجاعة رغم كل أساليب وتلاوين الإرهاب والضغوطات والتضليل والرشاوى والفتاوى والإرتكابات والقمع والاغتيالات والخطف  والغزوات الجاهلية التي مارسها ويمارسها حزب وجيش إيران في لبنان.

 

قال الشعب اللبناني بصوت مدوٍ وعال، لا لحزب الله، ولا لمشروع ولاية الفقيه الذي يحاول هذا الحزب فرضه على وطن الأرز بالقوة والإرهاب، وقال نعم للدولة اللبنانية ولدستورها. قال لا وألف لا لسلاح منفلت خارج عن كنف الدولة، ولا لمقاومة مذهبية تعمل بإرادة وتمويل واديولوجية مستوردة من خارج لبنان.

 

هذه هي الوكالة الحصرية التي أعطاها الشعب اللبناني لنواب الأكثرية، ومن هنا لا يحق لهم قانوناً أن يعملوا في غير أطرها. ليس من حقهم لا أفرداً ولا جماعات أن يعيدوا ارتكاب أخطاء وخطايا اتفاقهم الرباعي مع حزب الله سنة 2005 الذي شرع دويلة وسلاح وهرطقات هذا الحزب مما تسبب بمنع قيام الدولة وبتعطيل عمل كل مؤسساتها، كما أنه عار وخزي عليهم أن يعيدوا استنساخ سيناريو سنة 2006 مع نفس الحزب. فهم يومها حالوا دون وضع القرار الدولي 1701 تحت البند السابع من شرعة الأمم المتحدة ليعود الحزب بعدها ويلتف عليهم ويتهمهم بالخيانة والعمالة ومن ثم يقوم بغزوتي بيروت والجبل تحت شعار شيطاني هو "السلاح يحمي السلاح".

 

لا يمكن لحزب الله أن يقبل بتسليم سلاحه للدولة وأن يتخلى عن دويلته في حال لم تواجهه السلطة اللبنانية بقوة وعناد وتتمسك بموقف واضح وعلني ومباشر. المساومات لا تجدي نفعاً مع المنظمات الإرهابية والأصولية منها تحديداً لأن هذه المجموعات لا تجيد ولا تفقه سوى لغتي القوة والردع، وكل ما عداهما تراه طبقاً لمفاهيمها العنفية ضعفاً وجبناً واستسلاماً.

 

المطلوب من 14 آذار وهي تمد اليد إلى حزب الله بعد أن هزمه لها الشعب اللبناني في الانتخابات، وعرى زيف وضحالة تمثيل أتباعه والمرتزقة في الطوائف الأخرى، المطلوب ألا يغيب عن فكر قياداتها ولو للحظة حرب تموز 2006 المدمرة، وغزوة بيروت الإجرامية، واحتلال الأسواق، وإغلاق وسط العاصمة، وتعطيل مجلس النواب، وقطع الطرقات، وعمليات الخطف، والاغتيالات، والصدامات المسلحة مع الجيش وإسقاط مروحيته في سجد وغيرها الكثير من الارتكابات.

 

يجب ألا يغيب عن فكر قادة 14 آذار أن حزب الله ربط مصير سلاحه بمصير الإنجيل والقرآن، وأنه هدد ولا يزال يهدد بقطع رقاب وأعناق، وبتر أيدٍ، وبقر بطون كل الذين يحاولون الاقتراب من هذا السلاح، كما أنه يقول علانية إن من يحاول نزع سلاحه هو صهيوني وأميركي وهو كان خاض الانتخابات الأخيرة تحت شعار شرعنة دويلته وسلاحها. وها هو الشيخ محمد يزبك وبعد فشل 8 آذار في الحصول على الأكثرية النيابية يجدد كل تلك العنتريات ويربط مصير السلاح بالحياة نفسها.

 

جميل جداً أن يتحول فجأة النائب وليد جنبلاط، إلى واعظ وداعية ومرشد، وإلى غاندي يحذر من "لعبة الأمم" ويقول إن القرار الدولي 1559 هو لعنة. هذا التحول يبقى دون مفاعيل أذى إن لم يتعد حدود وأطر الكلام، الذي هو للكلام فقط. ليقل حضرة النائب ما يشاء ولكن المهم ألا ينسى أن قوى الشر هذه كانت حللت دمه وقامت بمحاولة اغتيال اقرب المقربين إليه النائب مروان حمادة ومن ثم نفذت سلسلة من الاغتيالات التي طاولت قيادات ومفكرين ونواباً، ومن ثم قامت بغزوة بيروت وحاولت احتلال الجبل. 

 

المهم ألا يغيب عن بال النائب جنبلاط وعن بال غيره من قيادات 14 آذار أن قوى الشر الأصولية التي يقودها حزب الله هي أدوات عسكرية إيرانية يمسك بقرارها حكام النظامين السوري والإيراني، وأنها وفي حال شعرت بضعف وتضعضع واسترخاء من يعارض مشروعها في لبنان الذي يقضي بإحلال الدويلة مكان الدولة، فهي لن تتردد ولو للحظة بافتراس الوطن وتدمير مؤسساته وفرض اديولوجيتها المذهبية بالقوة وتعليق المشانق في الساحات لكل من يقف في وجهها. وما يحدث في شوارع إيران اليوم خير دليل على ذلك

 

جريدة السفير، نسبت للنائب سعد الحريري قوله عن موقع سلاح حزب الله في البيان الوزاري للحكومة المقبلة: "ليكتب حزب الله ما يريده في البيان"، وحتى الآن لم يصدر عن الحريري ما يؤكد أو ينفي هذا الخبر، وهو موقف للأسف يبقي الأمور في الضبابية والمجهول، وهذا تصرف لا يطمئن البتة.

 

النائب الدكتور مصطفى علوش الذي ضحى بنيابته وارتضى طوعاً ألا يترشح للانتخابات حفاظاً على نجاح 14 آذار وحصولها على الأكثرية، حذر من عواقب التراخي بما يخص البيان الوزاري، وقال إن ظهور بيان حكومي لا يحافظ على ثوابت 14 آذار يحبط الجمهور (١٥ حزيران ٢٠٠٩ /موقع 14 آذار: أكد عضو كتلة "المستقبل" النائب مصطفى علوش، "إن ما جرى في انتخابات إيران هو نقيض ما رأيناه في الديموقراطية اللبنانية". واعتبر "أن الشعب اللبناني صوّت لمن يحمي ديموقراطيته، وهي الرسالة التي حملها إلى رئيس كتلة "المستقبل" النائب سعد الحريري، المرجّح أن يتولى رئاسة الحكومة". وأشار إلى انه "مع التقدير للحكمة التي تجلت في أحاديث رئيس كتلة "المستقبل" النائب سعد الحريري، فإن احتمال ظهور بيان حكومي لا يحافظ على ثوابت جمهور 14 آذار قد يؤدي إلى إحباط جديد لدى هذا الجمهور وربما يكون قريبا من الشعور بالخيانة".)

 

يا جماعة 14 آذار إن كنتم فعلاً ضنينين على الوكالة التي أعطاكم إياه الشعب، وإن كنتم حقاً صادقين في إيمانكم بلبنان السيد الحر والمستقل، لا تستنسخوا خطاياكم القاتلة التي اقترفتموها سنة 2005، وسنة 2006  وما بعدها، ولا تتمثلوا بتجربة العماد ميشال عون الذي أنهى زعامته بسبب خيانته وكالة الشعب له.

 

لا تسمحوا لحزب الله أن يوقعكم في فخاخه، فمن يجرب المُجرب كان عقله مخرب.

اجتهدوا وكونوا من المؤمنين، لأن المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين.

 

*الكاتب معلق سياسي وناشط لبناني اغترابي

*عنوان الكاتب الألكتروني phoenicia@hotmail.com

*تورنتو/كندا في 17 حزيران/2009