فوزي صلوخ وزير خارجية لدويلة حزب الله!!

بقلم/الياس بجاني*

 

معالي وزير الخارجية والمغتربين في حكومة الرئيس السنيورة فوزي صلوخ انزعج وتكدر كثيراً من عدم طلب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور جون كيري مقابلته أو مقابلة الأستاذ نبيه بري خلال زيارة هذا الأخير إلى بيروت الأسبوع الماضي، ورأى في تصريح غاضب له أن الزيارة تجاهلت ألف باء الدبلوماسية، ومما جاء في احتجاجه (الوكالة الوطنية للإنباء 19/2/2009):

("من المؤسف جدا أن زيارة السناتور كيري إلى لبنان تجاهلت ألف باء الدبلوماسية، لذلك لا أعتبرها زيارة رسمية بل هي زيارة شخصية، وهذه الزيارة ليست الزيارة الأولى الشاذة عن الدبلوماسية، بل هناك أكثر من مناسبة تصرفت الإدارة الأميركية فيها مع لبنان، كما كانت تتصرف في وقت قبل أتفاق الدوحة وانتخاب رئيس الجمهورية وتأليف حكومة الوحدة الوطنية، ومن المؤسف إننا بتصرفاتنا نشجع هذه الإدارة وغيرها على تجاوز الأحكام والأعراف والقوانين المرعية الإجراء". "كنا قد لفتنا نظر مديريات المراسم في المؤسسات اللبنانية بأن تحيل طلبات المواعيد من الرؤساء والوزراء إلى مديرية المراسم في وزارة الخارجية كما هو متعارف عليه، ولكن هذه المديريات قليلا أو نادرا ما تتجاوب مع ذلك، ما جعل بعض رؤساء البعثات الدبلوماسية تشذ عن الأعراف والقوانين وتتصرف كما تشاء، هذا مع العلم بأن وزارة الخارجية طلبت من جميع البعثات الدبلوماسية في لبنان أكثر من مرة أن تتصرف بناء على معاهدة فيينا الدبلوماسية لعام 1961 التي هي المرجع الأساس للعمل الدبلوماسي، ولكن الخروقات لهذه الاتفاقية ما زالت مستمرة في لبنان").

 

وفي نفس السياق جاء اعتراض العضو في حزب الله، النائب حسين الحاج حسن الذي سأل: "إلى متى السكوت والتجاوزات الدبلوماسية الأميركية، وهل يمكن اعتبار ما يجري سكوتاً من قبل بعض المراجع الرسمية، أم شراكة متعمدة في هذه التجاوزات، ومحاولة للاستقواء بالأميركي؟" (القناة 20/2/2009) 

 

ترى لماذا هذا التهجم الانتقائي غير المبرر دبلوماسياً ودستورياً ومنطقياً من قبل حركة أمل وحزب الله على الشق اللبناني من جولة كيري، وتجاهل لقاءاته كلياً في كل من دمشق وعمان والقاهرة والرياض وغزة وباقي عواصم دول المنطقة؟

 

الجواب يكمن في الخلفية الانتقائية والمزاجية لخطاب وثقافة تجار المقاومة وأبطال الانتصارات "الإلهية المولوخية" (نسبة إلى الإله الفينيقي مولوخ) عندنا، وهم الربع الرافض للأخر، والمتنعم بالمال الإيراني الحلال، والمتمرس وراء ترسانة "السلاح السوري-الإيراني الطاهر"، داخل دويلته في الضاحية وباقي متفرعاتها الجنوبية والبقاعية، والمعطل باستمرار وبالقوة والإرهاب لكل محاولات ومساعي قيام الدولة واستعادة لبنان سيادته واستقلاله ودوره المميز.

 

زعامات وقيادات وأبطال وأباطرة الربع ومرشديهم من تجار المقاومة القرداحيين والملاليي الهوى والنوى، يرون بعين واحدة فقط، ويكيلون بمعيارين مختلفين، ويتصرفون على قاعدة المحلل والمحرم طبقاً لمعايير وأطر يفصلونها هم على قياس مصالحهم، وطبقاً للفرمانات السورية والإيرانية.

 

منطقهم الأعوج والشيطاني والمخادع هذا يحلل كل شيء للسوري والإيراني ولملحقاتهما الميليشياوية والمافياوية في لبنان، ويحرمه على الدولة اللبنانية وعلى باقي كل شرائح الوطن.

 

حلال أن يستقبل الرئيس السوري وكبار أركان حكومته بحفاوة لافتة السناتور كيري، وحلال أن يفاوض السوريون مباشرة ومواربة الإسرائيلي ويشترطون الرعاية الأميركية لهذه المفاوضات، وحلال أن تتنازل سوريا عن لواء الإسكندرون، وحلال تسليم الجولان للدولة العبرية وعدم إطلاق رصاصة مقاومة سورية واحدة منه على إسرائيل منذ عام 1976، وحلال أن يسعى ملالي إيران للتفاوض مع الأميركيين لتأمين اكتمال قنبلتهم النووية، وعلى ما يعتبرونه اعتباطاً دورهم وموقعهم في الشرق الأوسط، وحلال أن يزور حليفهم الأمير القطري إسرائيل ويستقبل قادتها في بلاده، وحلال أن يفاوض حزب الله "الصهاينة" ويعقد معهم صفقات تبادل الأسرى والجثامين، وحلال أن يبقى السلاح السوري في لبنان في معسكرات الناعمة وقوسايا والحلوة، وحلال إبقاء الحدود اللبنانية السورية مشرعة "وفالته"، وحلال أن يتم اغتيال الرجل الثاني لحزب الله، عماد مغنية في سوريا، وتطول القائمة وتطول. وحرام ومحرم على لبنان أن يقوم بأي عمل هو من ضمن سيادته وحريته ودستوره حفاظاً وصوناً لكرامة ومصير شعبه!!

 

لم نسمع أي اعتراض سوري أو إيراني رسمي على زيارة كيري للبنان أو لغير لبنان، بل على العكس كان هناك ترحيباً مميزاً بها. أما ما أزعج الوزير صلوخ وإخوانه في حركة أمل حزب الله فهو قول كيري الصارخ:

*"أريد أن أكون واضحا انه مع تغيير الحكومة في واشنطن، نبقى بحزم ملتزمين بسيادة واستقلال العملية السياسية في لبنان".

*"من المهم أن يبقى لبنان دولة واحدة، لا أن يكون فيه دولة داخل دولة. لذا هذه الإنتخابات مهمة ويجب أن تحترم ويجب أن تكون منفتحة وتحترم التنوع والتعددية في البلاد".

*"أؤكد لكم إن ما من شيء سيحصل على حساب علاقتنا بلبنان ودعمنا لحكومة تعددية وديموقراطية فيه".  

*وتصريحه من قصر بعبدا بعد لقاءه الرئيس ميشال سليمان:  "نريد من سوريا أن تحترم استقلال لبنان السياسي، ونريد من سوريا أن تساعد على نزع سلاح حزب الله وتطبيق القرار 1701".

 

هذا وشدد كيري، بعد لقائه النائب سعد الحريري على انه لن تكون هناك أي تسوية على حساب المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس الحريري مؤكداً أنها: "مسألة مستقلة عن أي موضوع للنقاش بين الولايات المتحدة وسوريا وعن أي موضوع متعلق بعملية السلام مع إسرائيل".

 

وبمعرفة السبب يزول العجب، وبالتالي هل يعقل أن لا ينزعج من هذه المواقف الواضحة والصريحة الوزير فوزي صلوخ؟ وهو الذي تُبين كل ممارساته وأقوله على أنه عملياً وزير خارجية لدويلة حزب الله، وليس للدولة اللبنانية.

 

من المؤكد أن الوزير صلوخ لم ينسى بعد أنه كان تصرف على خلفية تبعيته المطلقة للمحور "السوري-الإيراني" الذي لا يمت للبنان الدولة والقانون بصلة، يوم رافق الرئيس ميشال سليمان في زيارته إلى بلاد "الإستكبار والشيطان الأكبر"، بلاد العم سام. من هنا من المفروض لياقة وذوقاً بمعالي الصلوخ أن يراجع مدى تقيده هو شخصياً بالأبجدية الدبلوماسية قبل أن ينتقد أمر تجاهله من قبل السناتور كيري، "وكما تراني،أراك يا جميل".

 

يشار هنا إلى أن زيارة كيري اللبنانية والتي استمرت لعدة ساعات فقط اقتصرت على لقاءات أجراها مع كل من الرئيس ميشال سليمان، ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة، ورئيس كتلة المستقبل النيابية النائب سعد الحريري، ومستشار العلاقات الخارجية في حزب القوات اللبنانية ايلي خوري.

 

إن اللبناني الحر والوطني والشريف المحب للسلام والمؤمن بالانفتاح وبثقافة قبول الآخر، ينتظر بفارغ الصبر زوال دولة حزب الله وانكفاء سلاحها ومسلحيها، والانتهاء إلى غير رجعة من الواضع الأمني الشاذ المفروض بالقوة والإرهاب على وطن الأرز.

 

يبقى أنه مهما طال زمن الكفر والهرطقات والخزعبلات المقاومتية فإنه لن  يصح في النهاية إلا الصحيح.

 

*الكاتب معلق سياسي وناشط لبناني اغترابي

*عنوان الكاتب الألكتروني phoenicia@hotmail.com

*تورنتو/كندا في 23 شباط/2009