إلى الوزير السابق ميشال اده: هل المؤتمر المسيحي المشرقي في أميركا عمل رسولي أم مؤامرة ضد المسيحيين

الياس بجاني

 

"لا تخافوهم. فما من مستور إلا سينكشف، ولا من خفـي إلا سيظهر". (متى 10/26)

عزيزنا الوزير السابق ميشال اده، تحية وبعد،

قرأنا اليوم ما كتبته بالفرنسية في صحيفة Lorient Le Jour التي تملكها، ولم نستغرب أبداً اعتذارك غير المبرر (أقله بمفهومنا الإيماني والوجداني) من الممولين والقيمين على المؤتمر المسيحي المشرقي المقرر انعقاده في الولايات المتحدة ما بين 09 و11 من الجاري على خلفية تقرير كانت نشرته صحيفتك وأثار رزماً من الاعتراضات والردود والتعليقات والتساؤلات، وتمت للأسف معاقبة كاتبه بالطرد كما علمنا ولكن دون أن نتأكد من الخبر!!

تقرير كشف بجرأة وصدق أجندة المؤتمر الحقيقية وفضح أهداف مموليه وغايتهم المستترة، كما ارتباطاتهم السياسية والمصلحية والتجارية المحلية والإقليمية والدولية.

هذا وكان طبيعياً جداً تنويهك بشخص ممول المؤتمر وهذا حق لك نحترمه وإن كنا لا نشاركك الرأي فيه.

نعم كما ذكرت في مقالك فأن دول الغرب كافة أمست أنظمة الحكم فيها علمانية ولم تعد مسيحية، في حين أن بعضها قد شرع ومستمر في تشريع العشرات من القوانين المعادية للمسيحية.

إلا أن ما لم تشير إليه في مجال انتقاداتك، هو أن هذه الدول العلمانية لا زالت دول ومجتمعات حرة وديموقراطية تحترم شرعي حقوق الإنسان، كما العدل والمساواة، وهي تؤمن لمواطنيها دون تفرقة كل مستلزمات الحياة الكريمة، وذلك بعكس الدول الدينية كافة ودون استثناء التي ترفض الآخر المختلف ولا تحترم قيمة وكرامة وحرية الإنسان، وتفرض بالقوة معتقد ديني مذهبي واحد على جميع مواطنيها وتضطهد وتقتل وتهين وتهجر مواطنيها من أصحاب المعتقدات الدينية والمذهبية المختلفة، كما هو الحال في إيران وغيرها من الدول الدكتاتورية.

ونعم دول الغرب وخصوصاً الولايات المتحدة لم تعد حامية لا للمسيحيين في دول الشرق الأوسط، ولا لغيرهم من الأقليات في كل دول العالم.

ونعم الرئيس أوباما أعيد انتخابه لولاية رئاسية ثانية على أساس وعده بانسحاب جيوش بلاده من العراق وأفغانستان وغيرها من الدول حيث العسكر الأميركي متورطاً في حروب.

ونعم دول الغرب وفي مقدمها الأم الحنون، فرنسا، تشجع المسيحيين المشرقيين على الهجرة من بلدانهم بدلاً من أن ترسل جيوشها للدفاع عنهم ليبقوا فيها.

ولكن هل كل هذه المتغيرات الكبيرة والجذرية في مفاهيم وثقافة وأولويات دول الغرب، كما التبدل في تعاطيها مع المسيحيين المشرقيين يبرر لنا نحن الموارنة ولرعاة كنيستنا الأجلاء تحديداً، ومعنا باقي المذاهب المسيحية المشرقية أن نتخلى عن إيماننا وهوياتنا وتاريخنا وجذورنا ودماء الشهداء، وعن قيمنا المسيحية ونضرب كل تعاليم السيد المسيح عرض الحائط ونطلب الحماية الذمية والمذلة من أنظمة ومنظمات دينية وقمعية ودكتاتورية وإرهابية ونعقد المؤتمرات للتسوّيق لها ولحمايتها المزعومة؟

من هنا تحديداً جاءت أطنان المخاوف والتحذيرات من منحى وأهداف المؤتمر المسيحي المشرقي موضوع رسالتنا الذي تدافع حضرتك عنه في مقالتك وترسم صورة جميلة لمموليه وللمشاركين فيه.

إن ما نشر وكشف عن المؤتمر حتى الآن أكان في لبنان أو بلاد الانتشار لا يبشر بالخير، وبالتأكيد لا يفيد قضية المسيحيين ووجودهم في دول الدول المشرقية ولا يخدمها، حيث أفيد، (وهذا أمر لم يتأكد بعد بالمحسوس والملموس والوثائق) أن تركيز المؤتمر في بيانه الختامي سوف يقتصر على جانب انتقائي واحد من الإرهاب، وهو الإرهاب التكفيري والجهادي السني الممثل بالنصرة وداعش وبغيرهما من جماعات النحر والغزوات وقطع الرؤوس التي كما يعرف القاصي والداني هي كوكتيلات مخابراتية غربية وإيرانية وسورية وتركية وعربية لا تمت للأديان بصلة.

انطلاقاً من هذه المخاوف المحقة وجهنا رسالة مفتوحة قبل يومين لغبطة سيدنا البطريرك الراعي تمنينا فيها عليه عدم المشاركة في المؤتمر إياه لما يثيره هذا التجمع من أسئلة وشكوك ومخاوف وأجندات ظاهرها حق وباطنها باطل.

باختصار إن لم يحاكي المؤتمر ويسمي كل الإرهاب في بيانه الختامي ومن ضمنه الإرهاب والقمع والإجرام الإيراني والسوري بشفافية وصدق ودون مسايرة وذمية، وأيضا وفي نفس قوة والمفردات إرهاب النصرة وداعش وقمع كل الأنظمة والمنظمات التي تضطهد المسيحيين وغيرهم من الأقليات في كل دول العالم فلن يكون مؤتمراً يستحق حمل المسمى المسيحي لأن المسيحية عدل ومساواة وشهادة للحق وفداء ومحبة.

إن غداً يوم صدور بيان المؤتمر سيكون لناظره قريب، وعندها يظهر القمع من الزوءان.

عزيزنا الوزير السابق ميشال اده، نتمنى لك الصحة والعافية وطول العمر، ونذكرك بفخر وإيمان أننا نحن الموارنة قد أعطي لصرحنا مجد لبنان، وأننا أصحاب وزنة إلهية لا تقدر بثمن.

وزنة الشهادة للبنان الإنسان والرسالة والحريات والتعايش وقبول الآخر بمحبة وصدق.

عزيزنا، هذه الوزنة تلزمنا عدم عبادة الأفراد كائن من كانوا، وعدم مسايرة مقامات البشر، وعدم التذلل لأصحاب المال، والشهادة للحق مهما كنت الصعاب ومهما كانت العواقب.

نختم رسالتنا مع ما جاء في رسالة القديس يهوذا/الفصل 1/17-22/ تحت عنوان تنبيه وتوجيه: "فاذكروا، أيها الأحباء، ما أنبأ به رسل ربنا يسوع المسيح، حين قالوا: سيجيء في آخر الزمان مستهزئون يتبعون أهواءهم الشريرة. هم الذين يسببون الشقاق، غرائزيون لا روح لهم. أما أنتم أيها الأحباء، فابنوا أنفسكم على إيمانكم الأقدس، وصلوا في الروح القدس وصونوا أنفسكم في محبة الله منتظرين رحمة ربنا يسوع المسيح من أجل الحياة الأبدية. ترأفوا بالمترددين، وخلصوا غيرهم وأنقذوهم من النار، وارحموا آخرين على خوف، ولكن ابغضوا حتى الثوب الذي دنسه جسدهم".

ولك منا كل محبة وتقدير

الياس بجاني

03 أيلول/14

 

الكاتب ناشط لبناني اغترابي

عنوان الكاتب الألكتروني Phoenicia@hotmail.com

 

 

في أسفل رابط مقالة الوزير السابق ميشال اده في جريدة Lorient Le Jour
http://www.lorientlejour.com/article/884103/les-chretiens-dorient.html

اضغط هنا لقراءة مقالة الوزير اده في Lorient Le Jour