ويل لشعب قادته مرتزقة وخدروا ضمائرهم

الياس بجاني

"ويل للذين يبررون الشرير لأجل رشوة، ويحرمون البريء حقه. فلذلك كما تأكل ألسنة النار القش، وكما يفنى الحشيش اليابس في اللهيب، يذهب كالعود النخر أصلهم ويتناثر كالغبار زهرهم".

(اشعيا 05/23 و24)

بحسرة وآلم نقول لمن يعنيهم الأمر من أحبارنا وطاقم السياسيين والمسؤولين والمواطنين اللبنانيين في الوطن الأم، لبنان وبلاد الانتشار، ويل لأمة حماتها وعسكرها قتلة ومجرمون ورجال أديانها تجار هياكل ومنافقون ومصاصو دماء. وويل لأمة ساستها مرتزقة وطرواديون. وويل لأمة المواطنين فيها أغنام خانعة تساق إلى الزرائب ومنها إلى المسالخ وهي صامتة صمت القبور.

لأنه وكما نكون يولى علينا، ولأننا كفرنا بكل ما هو قدوس، ولأننا ابتعدنا عن الله وتخلينا عن شريعته، ولأننا بجحود وشيطانية نقضنا تعاليم من افتدانا بدمه على الصليب، ولأننا تحولنا إلى جماعة من الإسخريوتيين والطرواديين والنرسيسيين، ولأننا تخلينا عن تضحيات وعطاءات الشهداء الذين قدموا ذواتهم قرابين على مذبح وطننا المقدس، ولأننا غرقنا في أوحال الذل والفساد وعبادة المال والرذيلة فقد أمسى كل شيء عندنا سلعة معروضة للبيع في أسواق النخاسة ولها أثمان بما في ذلك ضميرنا وكراماتنا وأرضنا ووطننا وهويتنا وقيمنا وأخلاقنا وتاريخنا.

ولأننا أمسينا في هذه السفالة وهذا الانحطاط الأخلاقي والقيمي والإيماني، فقد ولينا علينا بغباء وجحود وغنمية جماعات كافرة ونافرة من الأحبار والسياسيين والمسؤولين.

نعم ودون خجل هؤلاء الذين وليناهم هم جماعات همجية من البرابرة وتجار الهيكل الساقطين في كل تجارب إبليس، ونحن المواطنين الأغبياء والغنم تركناهم يقودوننا إلى الانتحار الذاتي في رحلة انحدارية نحو الهاوية حيث سيكون البكاء وصريف الأسنان، وحيث لن تنفع توبة ولن يجدي ندم متأخرين.

ولأننا تخلينا عن الإيمان وعن القضية وعن الوطن وعن أرضه المقدسة وعبدنا الأشخاص والمقتنيات الترابية فقد تركنا الغريب يدخل بماله وثقافته ونمط حياته ومشاريعه وأطماعه إلى بيوتنا ليحتلها فأصبحنا نحن الغرباء وفقدنا ذاتنا والهوية.

 تركنا مركبات الأنانية والشخصنة والحقد والطمع تدمر عقولنا، وماشينا الفسق والفاسقين حتى عشعشت الخطيئة في وجداننا فبتنا مخلوقات غير أدمية ومتوحشة الأخ منا ينهش لحم أخيه وأصبحت قبلتنا مقتنيات الدنيا الفانية من مال وفحش وسلطة وملذات.

بتنا للأسف تماماً كأهل سادوم وعامورة بفسقهم والعهر والفجور ونهايتنا بالتأكيد لن تكون أفضل من نهايتهم ولوطنا لا بد أنه آت ومعه النار والكبريت.

وفي سياق هرطقات المهرطقين وفجور تجار الهيكل ووقاحة المرتزقة يطل علينا بسواده القاتم مؤتمراً سمي زوراً مسيحياً سيعقد بعد أيام في بلاد العم سام. مؤتمراً طرحت أهدافه كما تحالفات واجندات مموليه والمشاركين فيه عشرات الأسئلة المشككة. مؤتمراً ظاهره حماية المسيحيين المشرقيين وأما باطنه فالتسويق لمخططات محور الشر السوري-الإيراني الذي يحتل لبنان ويدمر سوريا والعراق ويعمل علناً وبالخفاء على ضرب كل الأنظمة في بلاد العرب بهدف إسقاطها وإقامة الإمبراطورية الفارسية على أنقاضها.

بغضب ولوعة نلفت قادتنا الدينيين والسياسيين على حد سواء إلى ما جاء في سفر النبي إشعيا الفصل 9/12-20/ تحت عنوان "غضب الرب"، لعل من شذ عن طريق الحق يتعظ ويراجع افعاله ويعيد تصويبها: "لأنهم لم يتوبوا بعد إلى الرب القدير الذي عاقبهم ولا طلبوه فيقطع من بني إسرائيل الرأس والذنب، والنخل والقصب، في يوم واحد. الشيخ والوجيه هو الرأس، والنبي الذي يعلم بالكذب هو الذنب. فقادة هذا الشعب هم يضللونه، والذين ينقادون إليهم يبادون. لذلك لا يرضى الرب عن شبانهم، ولا يرحم أيتامهم وأراملهم، لأن الجميع ينافقون ويفعلون الشر، وكل واحد فيهم ينطق بالحماقة. مع هذا كله لم يرتد غضب الرب، بل بقيت يده مرفوعة عليهم. شرورهم تشتعل كالنار، فتأكل الأشواك والعليق وتحرق أدغال الغابة وتلتف كعمود من الدخان. وبغضب الرب القدير تلتهب الأرض، فيكون الشعب مثل وقود النار لا يشفق واحد على أخيه. ينهش على اليمين ويبقى جائعا، ويلتهم على الشمال ولا يشبع. يأكلون كل واحد لحم ذراعه: منسى يقوم على أفرايم، وأفرايم يقوم على منسى، وكلاهما يقومان على يهوذا. ومع هذا كله لم يرتد غضب الرب، بل بقيت يده مرفوعة عليهم."

 

الكاتب ناشط لبناني اغترابي

البريد الالكتروني Phoenicia@hotmail.com

تورنتو/كندا في 28 آب/14