لبنان الرهينة ومتلازمة ستوكهولم

الياس بجاني

17 كانون الأول/14

مؤسف ومحزن أن يصل حال وطننا الأم لبنان إلى هذا الدرك الميليشياوي والفوضوي والمأساوي والخطير على كل الصعد وعلى مختلف المستويات، حيث أصبح بحكمه وحكامه وغالبية مسؤوليه وسياسييه ورجال أديانه ومؤسساته غريباً عن أهله ولم يعد يشبههم بشيء ولا عاد على صورتهم ومثالهم بعدما تفشى سرطان حزب الله الإيراني القاتل في مؤسساته الحكومية والمدنية والدينية ونخر عظامها وحولها إلى هياكل لا حياة ولا روح فيها.

مؤسف والحال على ما هو عليه من خطورة بالغة أن نرى اللامبالاة العربية مستمرة بأبشع صورها، وأن نعيش عصر التردد الغربي المخزي وخصوصاً الأميركي، وكأن لبنان المحتل والرهينة يمكنه وحيداً ودون مساعدة فاعلة أن يفك أسره وينهي حاله الإحتلالية وينتصر على خاطفيه ومحتليه ويستعيد حريته واستقلاله وسيادته من محور الشر الإيراني والسوري وملحقاتهما الميليشياوية والطروادية.

الحقيقة التي لا لبس فيها هي أن لبنان رهينة مخطوفة وبحاجة إلى من يحرره وهو بالتالي عاجز وغير قادر على تحرير نفسه دون مساعدة جدية وفاعلة.

نسأل من بإمكانهم مساعدة لبنان، هل من رهينة واحدة في أي مكان من العالم تمكنت من تحرير نفسها دون مساعدات كبيرة ومباشرة من المنقذين؟

ونسأل أين هم هؤلاء القادرين على عملية الإنقاذ، وأين هو الغرب وأين هي الدول العربية؟

ونسأل ماذا ينتظرون ولماذا لا يتدخلون عسكرياً ليحرروا وطن الأرز وشعبه من وضعية الرهينة ويقفلوا دويلات ومعسكرات الإرهاب والأصولية السورية والإيرانية والفلسطينية المنتشرة في العديد من المناطق اللبنانية وهم بالتأكيد عن طريق مخابراتهم واقمارهم الصناعية يعرفون جيداً أن خطر هذه البؤر الأمنية لم يعد يقتصر على لبنان بل هو عملياً يهدد الأمن والاستقرار والسلام ليس في دول الشرق الأوسط فقط، بل في العالم كله. فهل من يسمع ويتعظ؟

لبنانياً وعلى مستوى غالبية رجال الدين والسياسيين والمسؤولين والأحزاب فإن أمور خداع الذات ولحس المبارد والذمية والتقية والأنانية والجنوح نحو المصالح الذاتية والمنافع لم تعد تجدي هؤلاء نفعاً كون الوطن بكامله واقع تحت نير الاحتلال الإيراني بواسطة جيشه المسمى حزب الله، هذا الحزب المعسكر والدموي الذي لا يعرف غير شريعة القتل ورفض الأخر والإرهاب وهو ينفذ أجندة إيران المذهبية والتوسعية في لبنان الهادفة إلى إقامة جمهورية إسلامية فيه على شاكلة جمهورية الملالي الإرهابية القائمة في إيران، إضافة إلى دوره العسكري الإجرامي والإرهابي في سوريا وباقي الدول من إقليمية ودولية.

نرى أنه واجب وطني يقع على عاتق كل المسؤولين والسياسيين ورجال الدين اللبنانيين السياديين فكراً وشجاعة وضميراً وإيماناً والذين لم يصابوا بعد ب "متلازمة ستوكهولم، أن يطلبوا فوراً من مجلس الأمن ورسمياً اعتبار لبنان دولة محتلة ومارقة طبقاً لشرعة الأمم المتحدة التي تعطي مجلس الأمن حق التدخل في شؤون وشجون أي دولة عضو في الأمم المتحدة تصبح مفككة ومارقة وفوضوية وخطرا على السلم العالمي كما هو حال لبنان.

ولفهم أسباب دفاع معظم القادة والسياسيين ورجال الدين والأحزاب وشرائح كبيرة من المواطنين في لبنان عن الخاطف والمحتل، حزب الله، علينا أن نفهم ما يسمى في علم النفس ب "متلازمة ستوكهولم"(Stockholm Syndrome)، وهي عبارة عن ظاهرة نفسية مرّضية تصيب المختطفين بحيث يبدأون بالتعاطف مع الخاطفين ويقتنعون برؤاهم ونظرتهم للأمور حتى لو كان هؤلاء الخاطفون قد عرضوا المختطفين لأبشع صور التعذيب والتنكيل والتحقير والإذلال. من هنا فإن الأمل مفقود كلياً من السواد الأعظم من قادة لبنان الذين يعانون من متلازمة ستوكهولم هذه وهم بالواقع بحاجة إلى علاج نفسي يوم يتحرر وطننا من الاحتلال الإيراني، وهو علاج مضني وصعب ويحتاج فيه المريض لوقت طويل ليتعافى من مرضه.

المطلوب اليوم وليس غداً اللجوء إلى مجلس الأمن والطلب منه التدخل عسكرياً ليتسلم زمام حكم وطننا المريض والمخطوف مباشرة وتأهيله ليصبح في المستقبل قادراً على حكم نفسه.

أما في حال استمر الوضع على غاربه في ظل قادة مرضى ب "متلازمة ستوكهولم" فالسلام على لبنان وعلى كل مقوماته من حرية وثقافة وانفتاح ورسالة وتعايش.

**متلازمة ستوكهولم Stockholm Syndrome

متلازمة ستوكهولم:  يعود سبب التسمية هذه لحادثة حصلت في 23 أغسطس سنة 1973 في السويد حينما حاول السجين الهارب، جان إيريك أولسون سرقة بنك يقع في وسط مدينة ستوكهولم. قام أولسون باحتجاز أربعة موظفين كرهائن لمدة 6 أيام متواصلة وعند محاولة إنقاذهم, قاوموا رجال الأمن الذين كانوا يحاولون مساعدتهم ورفضوا أن يتركوا خاطفيهم، وبعد تحريرهم ورغم ما عانوه على يد خاطفيهم، إلا أنهم دافعوا عن الخاطفين وعن مبادئهم بل وجمعوا التبرعات للدفاع عنهم أمام القضاء.

 

الكاتب ناشط لبناني اغترابي

عنوان الكاتب الألكتروني

phoenicia@hotmail.com