ساكن صرحنا البطريركي الماروني يعطل دوره

الياس بجاني

20 آب/15

مما لا شك فيه أننا نحن الموارنة نعيش اليوم في لبنان، كما في معظم جاليات بلاد الانتشار حالة بؤس ومحل وقرف وفتور إيماني على مستوى القيادة الدينية والزمنية على حد سواء.

إنها حالة غريبة ومغربة عن قيمنا وأخلاقنا وعن رسالتنا وحضارتنا ومسؤولياتنا والواجبات.

إنها حالة غريبة وعجيبة وغير مسبوقة في تاريخنا العريق والمُشّرِّف والمتجذر في تربة لبنان المقدسة.

نعم ودون تقية أو خداع للذات وبشجاعة نقول إن هذا هو واقعنا المأساوي على خلفية المثل القائل “من لا يعترف بعلته، علته تقتله”.

نسأل بأسى وحسرة وغضب محق، أين نحن الموارنة اليوم من دورنا “الضمير” و”الحارس” “والوجدان” و”الرسالة” “والمحبة” “والسلام” و”الانفتاح” “والمثال” للبنان وللبنانيين؟

غائبون ومغيبون ومهمشون، نعم للأسف هذا هو واقعنا الحالي.

إن المسؤولية عن حالة البؤس والمحل هذه تتوزع على كل ماروني انعم عليه الرب بوزنات ومواهب ولم يستعملها أو استعملها في غير وجهتها.

في مقدمة من تقع على عاتقهم مسؤولية المِّحل هم غبطة سيدنا الراعي، والنائب ميشال عون وغيرهما كثر.

هؤلاء، أي أصحاب الوزنات والمواهب الذين انحرفوا عن طرق الإيمان ووقعوا في تجارب إبليس، قد تحولوا إلى تجار هيكل فعبدوا المال وأنفسهم والغرائز ورفضوا الارتقاء إلى إنسان العماد بالماء والروح القدس، الإنسان “الجديد”، وسجنوا ذواتهم في الإنسان “العتيق”، إنسان الخطيئة والعبودية.

هنا لا نساوي بين الجميع بالتأكيد، لأن الخمائر الإيمانية والوطنية لا تزال وفيرة وفاعلة في كنيستنا والرهبانيات وفي مجتمعاتنا داخل لبنان وخارجه، وهي بإذن الله سوف تخمر عجنة الوطن لتعيده إلى ذاته المقدسة طال الزمن أو قصر.

إن المسؤولية في مفهومنا الإيماني هي على قدر الوزنات والمواهب، كما هو الحساب يوم الحساب الأخير، حيث إما يكون الفرح والعودة إلى المساكن السماوية، أو إلى  جهنم التي لا تنطفئ نارها ولا دودها يهدأ، وحيث البكاء وصريف الأسنان.

نحن نرى بصدق وضمير أكثر من مرتاح أن ساكن صرحنا البطريركي غبطة سيدنا الراعي لا يقوم بدور الرعاية والقيادة كما هو مُوكل إليه، وعملياً افقد صرحنا الذي أعطي له مجد لبنان، دوره وشوه صورته وشتت رعاياه.

هذا الكلام ليس تجنياً أو افتراءً أبداً، ونحن نكرره دون ملل أو كلل بعد عدة أسابيع فقط من انتخاب سيدنا الراعي لسدة البطريركية، وحالنا في الإصرار عليه رغم كل الانتقادات والتشكيك والتخوين والعزل هو كحال الأرملة والقاضي الظالم!!

ما نشير إليه وننتقده ونطالب بتغيره هو واقعاً معاشاً وملموساً وموثقاً بالصوت والصورة منذ اليوم الأول لسيدنا الراعي كبطريرك.

إن كل مواقف سيدنا في كافة المجالات، كما تحالفاته، وشخصيات مستشاريه، وثقافة من اختارهم ليكونوا مقربين منه وفي “خدمته” من مدنين ورجال دين ومساعدين، إضافة إلى كل ما تناوله وسوّق له خلال جولاته السندبادية مع مسؤولين وحكام وقادة لبنانيين وغير لبنانيين، كلها تؤكد حقيقة تخليه عن دوره وتبني إما مواقف فاضحة ومكشوفة دعماً لمحور الشر السوري-الإيراني ووهم “حلف الأقليات”، أو مواقف فاترة لا هي باردة ولا هي حارة تساوي الخير بالشر، والأشرار بالأخيار.

حقيقة ما نتمناه ونصلي من أجله هو أن يتحنن ويلتفت لحالنا الرب سبحانه وتعالى وينعم علينا برجل دين تقي ومتواضع وشجاع ويخاف يوم الحساب الأخير ليسكن صرحنا البطريركي الذي أعطي له مجد لبنان، لأن ساكنه الحالي هو للأسف يعيش في غربة كاملة عنه وعن كل مقومات الإيمان والتواضع إضافة إلى أنه عملياً وتحالفات ومستشارين وخطاب هو 100% يناقض كل ثوابت الموارنة التاريخية.

نحن بالطبع عاجزين عن استبدال سيدنا بغيره، ولكن لا شيء كبير أو عصي على ربنا سبحانه وتعالى.

في الخلاصة، إن كل ما هو مطلوب من المؤمنين من أهلنا هو واجب الصلاة بخشوع وصدق والطلب من الله، بشفاعة أمنا مريم العذراء، وكل قديسنا الأبرار، أن ينتشل برحمته وطننا الحبيب لبنان من حالة البؤس والمحل التي أوقعه فيها قادة زمنيون وروحيين معظمهم موارنة لم يستثمروا في وزناتهم عطايا ونّعّم الخير والإيمان والمحبة والعطاء والفداء..

**الكاتب ناشط لبناني اغترابي

عنوان الكاتب الألكتروني

Phoenicia@hotmail.com