مين أنت وشو بيطلع من أمرك؟

الياس بجاني

17 حزيران/15

إنه ومهما حاولنا التخفي وراء عباءة الانفتاح والتحضر والمعرفة وإنكار حالتنا الثقافية التعيسة كلبنانيين، أكنا في وطننا الأم المحتل، أو في بلاد الانتشار الواسعة حيث لم نترك بلداً واحداً في العالم إلا واستوطناه، فإننا نفشل دائماً ولا ننجح وباستمرار تعرينا وتفضحنا ثقافة “التزلم” “والتترك” “والانغلاق” حيث منطق وأسلوب تعاطينا مع الغير المختلف عنا وبشكل خاص سياسياً يفضح بربريتنا.

هذا التعاطي البالي الذي يغرف من خوابي الجهل والغباء والأنانية ومفاهيم “الغنمية” نعبر عنه بعبارات ومفردات “ولازمات” نكررها كالببغاوات من مثل، من أنت، وكم عدد من هم معك، وشو بيفهمك، وشو بيطلع بإيدك، وتحسس رقبتك، وانتبه ع حالك، وروح تضبضب، والخ من “نتاق وهرار” نتاج هذه العقلية البالية التي تعشعش في عقول ومفاهيم وثقافة وممارسات وخطاب من هم منا أتباع غنميون لزعماء وقادة وأحزاب وسياسيين ورجال دين وعلى “عماها”.

من المحزن أن غالبية من يتوهمون منا باطلاً أنهم يتعاطون الشأن السياسي هم أتباع للشخص “المعبود” وليس لأي قضية أو ثوابت أو مشاريع أكانت سياسية أو وطنية أو دينية.

ففي تعاطينا مع أهلنا من الذين ينتمون لأحزاب تحديداً نجد أن الغالبية العظمى من هؤلاء يعبدون الشخص، أي صاحب “الشركة الحزب” ويرفعونه إلى مصاف الآلهة وينزهونه عن الخطأ ويسيرون خلفه ومعه كالأغنام إلى إي وجهة يأخذهم إليها دون اعتراض أو حتى سؤال واستفسار. واللافت هنا أن كل من يجازف ويتجرأ على أن يترك أي من أحزابنا الشركات التجارية والعائلية أو يتخلى عن الاستتباع لأي زعيم أكان زمنياً أو دينياً في حال استفاق من وضعية “التزلم” وسعى للتحرر من العيش في الزرائب، فهو بنظر ومفهوم وخطاب ومعايير صاحب الحزب وأغنامه  خائن وعميل ومأجور “وما بيطلع من أمره شي”، ” وعم يقبض” من هذا او ذاك.

هذه العقلية النتنة في التعاطي مع الغير المختلف هي نرسيسية وجاهلة وغبية وغنمية وتعود إلى ما قبل العصور الحجرية ونحن نجدها بنسب مختلفة في كل الأحزاب اللبنانية بشكل عام، إلا أنها بشكل خاص ومحدد متأصلة ونافرة ومقززة في عقول أتباع حزبي عون ونصرالله ومن يدقق في خطاب هؤلاء وفي طريقة تعاطيهم مع الغير المختلف يدرك إلى أي درك قد انحدروا وإلى أي حد قد تغربوا عن العقل والمنطق وعن كل ما هو قبول للأخر.

من هنا فإن الحوار مع هؤلاء لا يجدي نفعاً، “وفالج لا تعالج” لأن العقول في إجازة وكذلك البصر والبصيرة.

*الكاتب ناشط لبناني اغترابي

عنوان الكاتب الألكترونيPhoenicia@hotmail.com