منسيون وكفر

الياس بجاني

مسؤول لجنة الإعلام في المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

 

يفترض أن يمثل 126 نائباً لبنانياً أماني وتطلعات الناس وأوجاعهم، وحده غسان مخيبر رفض منح الثقة لحكومة الرئيس ميقاتي إن لم تدرج في بيانها بند خاص يتناول بوضوح قضية المعتقلين من أهلنا اعتباطاً في السجون السورية، ولما تجابنت ولم تفعل حجب الثقة عنها، وبذلك استحق بركات روح عمه رحمه الله، شيخ المعارضين النائب الراحل البير مخيبر، وتبارك بدعاوات أهالي المعتقلين الموجوعين له بطول العمر.

 

لماذا لم يتبنى نواب المعارضة هذه القضية التي تتقدم على قضايانا جميعها ؟ إنها في الدرجة الأولى إنسانية وضحايها هم من كل المذاهب وكل المناطق، لماذا هذا التخلي المشين غير المبرر في وقت أصبح بإمكانهم رفع الصوت عالياً وتسمية الأشياء بأسمائها ؟ هل ما زالوا تحت الخوف من الشبح أم تحرروا من الوصاية والتبعية وكلمات السر؟ كيف أجازوا لنفوسهم والضمائر التغاضي عن عذابات ومآسي أهلهم وكيف سيواجهون الناس يوم الانتخابات وبأية ذرائع !!

 

لا، لا عُذر للنواب الذين جاءوا على ذكر المعتقلين في كلماتهم رفعاً للعتب ليس إلا. لقد سقط هؤلاء في أول امتحان إنساني وأخلاقي ووطني بعد رحيل عسكر الاحتلال البعثي، ومن حق الناس محاسبتهم انتخابياً بقساوة ونحن نحث أهلنا على هذه المحاسبة لأن من لا يتبني قضية كقضية المعتقلين هذه فهو بالتأكيد لا يمكن أن يؤتمن على قضية شعب ومصير وطن  .

 

لم يبق لأهالي المعتقلين والمخطوفين والموقوفين إلا الاعتصام والبكاء، وهم لم يوفروا حتى الآن وسيلة لعرض قضيتهم: عرائض ورسائل ومؤتمرات، وكل مرة يقابلون بإهمال وإنكار ولا مبالاة. أمس أرادوا تسليم عريضة لمجلس النواب فكان نصيبهم الضرب والأهانات والإذلال فإلى متى الكفر والجحود!!

لم يعد عندهم ما يقولوه فالقضية باتت معروفة واضحة، ولم يعد بمقدورهم الاحتمال أكثر مما تحملوا، يريدون فقط معرفة مصير أحبائهم.

 

قدّموا الأدلة والشهود مرة تلو المرة دون جدوى، واليوم وبعد أن تحرر لبنان لم يعد مقبولاً ولا جائزاً التعاطي الرسمي بهذه الخفة مع قضية إنسانية بهذا الحجم والقرار 1559 لا يجب أن يعتبر قد نفذ، ولا الانسحاب السوري اكتمل، ولا السيادة استعيدت، إلا بعد حل رموز وعقد ملف أهلنا المعتقلين في السجون السورية، وأي نائب، مسؤول، سياسي أو رجل دين مهما علا شأنه لا يجب أن يبقى في موقعه إن لم يتبنى هذا الملف جهراً دون أية مواربة وتحايل.

 

أليس من حق الأهالي أن يلجئوا إلى الأمم المتحدة ولجنة حقوق الإنسان فيها، وإلى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والقضاء الدولي وكل الجمعيات والمرجعيات الدولية التي تعنى بحقوق الإنسان بعد أن صمت أذان المسؤولين في لبنان؟ فإذا كان المعتقلون مجرمين، فيجب أن تتم محاكمتهم على الأراضي اللبنانية، لا على الأراضي السورية.

 

فيا أهل حكم لبنان الجدد لن تكون لكم أية مصداقية، ولن يكون بينكم وبين من سبقكم إلى الكراسي بظل الاحتلال أي فرق إن لم  تتعاملوا مع ملف المعتقلين طبقاً لشرعة حقوق الإنسان والقوانين المرعية الشأن السارية المفعول.

 

إن قضية المعتقلين من أهلنا هي في طليعة القضايا التي لا تموت مهما بُذل من جهود وفنون لقتلها، ومهما كان أصحابها من المسالمين الطيبين، أو حتى الخائفين، ومن عند آذان فليسمع لأن ساعة الحساب لم تعد ببعيدة بل تدق على الأبواب.

29/4/2005