عودة لبنان إلى لبنان

الياس بجاني

مسؤول لجنة الإعلام في المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

 

يعود لبنان اليوم إلى لبنان مع عودة الرئيس ميشال عون والوزيران عصام أبو جمرة وادغار معلوف وعدد لا يستهان به من ضباط الجيش وناشطي التيار السياسي بعد إبعاد قسري ظالم منذ العام 1990. إبعاد ترافق مع حملات تجني منظمة، انتهاكات فاضحة للحقوق، اتهامات باطلة، تعديات سافرة، مصادرة أملاك كيدية، وسرقة رواتب، تعتيم إعلامي وقح، وفبركة ملفات قضائية ملفَّقة.

 

يعودون والجبين مرفوع والرأس شامخ ومعهم تعود الشرعية المسروقة بعد أن اغتصبها المحتل البعثي وزنادقته المحليين في الثالث عشر من تشرين الأول سنة 1990 تاريخ اجتياح الجحافل البربرية والتيمورلنكية للمناطق المحررة وإسقاط الحكم الشرعي بالقوة العسكرية.

 

مع عودة المبعدين الأبطال تعود إلى وطن القداسة والرسالة أصالته والكرامات. أصالة أفشلت المحتل وصبيانه واقتلعت جذوره بالصبر والعمل والجهاد من المنافي والمشارد بفضل كرامات بقيت وستبقى أبية تناطح النجوم رغم  المآسي والصعاب.

 

العائدون اليوم هم أنا وأنتم وكل لبناني شريف رفض قبول الأمر الواقع الاحتلالي، قال لا لقوى الشر وآلياتها والأدوات، قاوم الإغراءات بأنفة، لم يرضخ للتهديد والوعيد، لم يركع، لم يساوم، لم تخفه الاعتقالات ولا أرعبته المضايقات، جاهد وناضل بعزيمة صلبة، رفض الاستسلام لليأس ولم يفقد يوماً رجاء قيامة الوطن من قعر الهاوية وانبعاثه مجدداً كطائر الفينيق.

 

مع العائدين اليوم تعود أرواح أباء وأمهات وإخوة وأخوات. أرواح طاهرة قدم أصحابها الميامين أنفسهم قرابينً على مذبح لبنان الإنسان ذوداً عن الهوية والتراث والحريات. تعود أرواحهم بعد هيام وحزن طال خمسة عشرة سنة عجاف لتستقر راضية مرضية في رحاب سماء الوطن ولترقد على رجاء القيامة في ترابه المجبول بدم وعرق الأباء والأجداد منتظرة قدوم النافخ بالبوق إيذاناً بعودة المخلص إله الفداء.

 

مع العائدين يتجدد الأمل بفك أسر أهلنا المعتقلين اعتباطاً في السجون السورية وعودة مشرفة للمبعدين من أهلنا قسراً إلى الأراضي المقدسة والبلاد الأخرى.

العائدون اليوم بشخص العماد عون ورفاقه هم كل الذين حملوا بعناد وجلد مشعل الحرية والسيادة والاستقلال وبشروا بالقول والفعل بأحقية وعدل قضية التحرير وسوقوا لها في لبنان والمحافل الدولية.

 

العائدون اليوم بشخص العماد عون ورفاقه هم كل الذين رفعوا صوت لبنان الحق صارخاً مدوياً فصلُّوا ولم يملوا أو ييأسوا رغم  العناء والاضطهاد والتجارب والضنا والاختناق، وفي طليعتهم الأب الفاضل المناضل سيمون عسّاف الذي قدم لقضية أهله والوطن الوقفات المقدسة دون كلل أو حساب ولا زال يتاجر بالوزنات ما حباه الله من علم وثقافة وبلاغة وهدى وتقوى وإرشاد وصبر وسعة اطلاع.

 

العائد اليوم ليس فقط العماد والوزيران والضباط والناشطين، بل كرامات وعزة وعنفوان اللبنانيين الأحرار جميعا مكللة بالنصر المبين الذي استحقه أهلنا عن جدارة بعد عيشهم بإيمان وعناد حقبة سوداء عانوا خلالها جَوْرَ وكفر احتلال وحُكم دُمى.

 

إننا مدينون لكل لبناني مقيم ومغترب ناضل بضمير حر وقاوم الإحباط بشجاعة ولا أجرأ. تحصن بالقيم والأخلاق، تسلح بالإيمان والتقى. أعطى قضية التحرير طوال سنين الغربة ما بالمقدور دون مقابل ولم يسمح للاستسلام التسلل إلى تفكيره والقناعات.

لمثل هؤلاء من النخبة أكاليل الغار والعرفان وكل واجبات التقدير والامتنان.

 

لنفرح ونهلل اليوم بعودة الوطن إلى أناسه وعودة إنسانه إليه.

فلنشكر الرب على عطاءاته ونمجد ونسبح رافعين الصلوات والترانيم كي تدوم النعم.  

 

7 أيار 2005