رفات الأبطال وعار الرعاع

الياس بجاني

مسؤول لجنة الإعلام في المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

 

أرفتة لثلاثة عشر جندياً من جنودنا الأبطال، جماجم جميعهم مهشمة عُثر عليها مدفونة في ملعب وزارة الدفاع- اليرزة. جنود ميامين قتلوا وتم التنكيل بهم وهم عزَّل بعد إعلان وقف إطلاق النار في 13 تشرين الأول سنة 1990. قتلهم عسكر الغازي البعثي التيمورلنكي الباغي بوحشية وسادية لا ترحم بعد تعذيبهم بمساعدة همجية خوارج الداخل عندنا من الماجوج والياجوج الذين طبلوا وزمروا ورقصوا طرباً بانتهاك حرمات الوطن وتدنيس المقدسات والتنكيل بالأحرار.

 

عمليات الحفر في ملعب الوزارة لم تبدأ إلا بعد أن أثار دولة الرئيس العماد ميشال عون في ذكرى 13 تشرين الأخيرة مأساة الجنود الذين بقي مصيرهم مجهولاً لدى اجتياح قصر الشعب والمناطق الحرة سنة 1990.

 

هذا ويبقى مصير العديد من الجنود ومعهم اثنين من الرهبان الأنطونيين مجهولاً، كما مصير المئات من أهلنا المغيبين اعتباطاً منذ سنين طويلة في غياهب وسراديب معتقلات بعث الشام.

 

ترى ماذا نقول لأجيالنا غداً عن مصير هؤلاء الضحايا الأبرار؟  ماذا نقول لأهلهم وأحبائهم والأهل؟ لماذا قُتلوا ومن ربح من قتلهم سوى ذالك السفَّاح الجنكيزخاني المسير بغريزة الوحوش والضباع!!!

 

ورغم انكشاف جرائم قوى الظلم والاستبداد من مدعى القربة وارتكابات صبيانهم من طرواديي الداخل لا زال البعض حتى قيام الساعة يحمل لواءهم ويهدد بسيفهم ويسوق لمخططاتهم الهدامة. والسؤال إلى متى تحكم البعض من شرائح وطننا منازع الخوف والتخوين والانشقاقات، أما تلك هي غرابة ؟

 

إذا كنا نريد فعلا بناء وطن أسوة بأوطان الازدهار والعمران، علينا من الآن البدء بمحاسبة المجرمين والسفاحين والسارقين والمرتشين والخونة الذين سببوا مقتل جنودنا وكانوا وراء تدمير وطننا وتهجير أُناسنا وتبوير حقولنا وتشريع حدودنا لشذاذ الأفاق ومصادرة سيادتنا وتهميش استقلالنا وتزوير تمثيلنا. علينا بتسمية الأشياء بأسمائها والشهادة للحق والتعالي على سياسات القبائل وذهنيات المستزلمين والزاحفين إلى تبويس النِعال.

 

"إن نفسي حزينة حتى الموت" لأن بين ظهرانينا مجموعات يصفر الكافر فيها تغنِّي أناشيد الفرح على الهوى، والظرف مآتم وكآبات لا رقص وابتهاج، والطقس مكفهرّ والفضاء مُلبَّد بالغيوم والطبيعة زمهرير عاصف مكفهر قاصف وضواري الغاب أشداقٌ ونهَم على الجوانب الأربعة وعويل الذئبان انتظار لتشليع أبدان الغنم.

لا لم يعد مقبولاً السكوت عن هرطقات وتعديات زعماء إقطاعيين وسياسيين خيبريين وقادة مسوخ ونواب نوائب لا ينوبون عن أحد. حضورهم غياب يثيرون الضجيج ويفتعلون الضوضاء، يحيكون المؤامرات وينصبون الكمائن، يبثون السموم ويسوقون للفحشاء.

 

كفى سكوت فقد رفضهم الناس وقالوا لهم لا مدوية في الانتخابات الأخيرة وخذلوهم شر خذلة في الجامعات والنقابات.

 

نحمل هؤلاء المغرورين النكرات المسؤولية الكاملة لكل ما حل بأهلنا من مصائب وأصاب وطننا من كوارث على مدار الثلاثين سنة الماضية، كما نحملهم مسؤولية مقتل الجنود المكتشفة جثثهم في ملعب وزارة الدفاع.

 

إن العدل والحق يفرضان على حكام لبنان وسياسييه وقادته ورعاته الأشراف فتح وفضح كل ملفات إجرام قوى الاحتلال وارتكابات خوارج الداخل وانتهاكاتهم التي طاولت أهلنا والوطن والهوية والتراث على مدار ثلاثين سنة عجاف من الاحتلال والعبودية والإذلال ورفع الأمر برمته إلى الأمم المتحدة والمحاكم الدولية، وإلا فلن ترتاح نفوس جنودنا والشهداء وستحل لعنة السماء على كل متخاذل ومساوم ملعون.

 

نطلب  لنفوس جنودنا الأبطال أن يغمرهم الرحمان بأجنحة الحنو وينزلهم بين الأمناء ويسكب على قلوب ذويهم بلسم الصبر والسلوان.

 

16/11/2005