لصوص وغلال

الياس بجاني

مسؤول لجنة الإعلام في المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

 

غريبٌ هوى ونوى البعض في مغترباتنا، ومفضوحة سرعة تكويعاتهم واستبدال شعاراتهم وتلوين حربائيتهم خوفاً واستلحاقاًً. حملت جماعة "الحط والنط" المناجل وغدوا إلى الحقول حتى قبل حلول موسم الحصاد الوطني الفعلي. فما أن توقف المطر وأينعت البراعم مبشرة بعودة الاستقلال والحرية إلى وطن الأرز المذبوح حتى "تحوكموا" حول التجمعات والمؤسسات السيادية مكشرين عن أنيابهم كالذئاب الكاسرة كل يبحث عن دور وموقع وحصة.

 

طرواديون تخلوا عن الوطن يوم كان بأمس الحاجة لسواعدهم ولأصواتهم والتضحيات. عسكروا في قاطع الفسق مع الراكعين والخانعين والمخصيين من المرائين والفريسيين، مقدمين مصالحهم الخاصة على مصلحة الوطن وكرامة الإنسان فيه.

 

باعوا المواطن الكادح ولقمة عيشه بأبخس الإثمان، سكتوا على جريمة قتل مستقبل أجيالنا الطالعة بديون خيالية، شاركوا في تدنيس المقادس والمعاقل، ماشوا الذين كفروا بالقيم والكرامات، ساندوا الذين خانوا دماء وفضائل وأفضال الشهداء ولم يتركوا خطيئة وطنية وقيمية إلا وارتكبوها، وها هم بعد أفول حقبة الاحتلال البعثي وزنادقته المحليين يتهافتون على المجموعات المعارضة مزايدين دون خجل أو وجل ويعرف القاصي والداني أنهم لطالما تبجحوا مجاهرين بكرههم السياسة والعاملين فيها وببعدهم عن كل ما يمت لها بصلة عملاً ونشاطات وأفرداً وقيادات.

 

كانوا يرتجفون خوفاً ويولولون هاربين عند سماعهم كلمتي احتلال سوري ومقاومة ويؤكدون بمناسبة وغير مناسبة أن لا علاقة لهم بأي فريق أو فرد أو عمل يعارض حكم الطائف والانتهاكات وغايته فضح الاحتلال السوري أو المطالبة بالإفراج عن المعتقلين من أهلنا اعتباطاً  في السجون السورية، وقد أوصلتهم الزندقة والتقية إلى معالف عنجر وتبنه الدسم وارتبطوا علناً بتجمعات وجمعيات اغترابية تسوق لبقاء الاحتلال السوري ولضرب كل ما هو لبناني من هوية وتاريخ وحقوق وشرف.

 

على مدار 15 سنة كان همهم ومهمتهم التبشير بمحاسن البعث والأخوة، والتغني بأفضال الشقيقة ومكارمها من حماية مقاومة، ووحدة مسار ومصير، إلى شعب واحد في دولتين وتطول قائمة الكفر والإلحاد.

 

اليوم وبعد أن هُزم المحتل البعثي وانتهى عمره وانكشفت عورات رموزه اللبنانيين بفضل نضال السياديين الدؤوب وكفاحهم، نرى تسابق قافلة من الطفيليين على قلب ستراتهم بسرعة البرق، محاولين الانتقال من قاطع إلى آخر وهم بوقاحة يزايدون على ما لا يملكون وكأن الناس عميٌ وصُمٌّ وأغبياء.

لا يا سادة يا حاملي مناجل الحصاد فانتم لم تزرعوا ولم تسقوا ولم تحموا، بل كنتم إما نياما في جحوركم أو خانعين مستسلمين تكتفون بفتات موائد رموز الاحتلال المغتصبين وأذنابهم.

 

لا ليس الأحرار سذَّج إلى هذه المحطة.

نعم مقبولة هي التوبة ومستحبة ولكن فقط لمن يسعى إليها بعد تأدية المتوجب عليه من الكفَّارات، فالذاكرة الوطنية حيه وهي تحتفظ بسجلات البعض القذرة من ممارسات نكرة وهرطقات إجرامية ومواقف لا أخلاقية وأفواه فاغرة لا تشبع.

 

بالتأكيد إن من يصبر ينل. والرب يجازي كل بشري من غير ذي النفسين. فمن كد وعرق في حراثة حقله وحراسة عقله بانتظار مواسم الجنى، يدفق العاطي غلاله على بيادر البركة والله قد أنعم على المناضلين بجنى الحرية والسيادة والاستقلال، والجنى هذا هو للوطن كل الوطن، وللمواطنين كل المواطنين.

فيا حاملي المناجل، يا لصوص الغلال، بات أمركم مفضوح وغير خافي على أهلنا وكل الضمائر الحية. إنكم انتهازيون ترابيون همكم مواسم القطاف، وكالطيور الكاسرة تنتقلون من حقل إلى آخر مُلتهمين بنهم بذار الزرَّاعين، عائدين كالضواري يوم الحصاد، مدعين ملكية الغلال.

 

إنكم أقزام طُفَيليون تبحثون عبثاً عن مطارح وأدوار اكبر من قياساتكم بعد أن لفظكم الناس وكشفوا عوراتكم.

نكم عشارون مراءون بعتم الهيكل وفيه اتَّجرتم، خنتم المعلِّم وعلى القميص اقترعتم. لا دور ولا مطرح لإمثالكم فالوضع الآن يحتاج إلى مواطنين عمالقة نبلاء وأهل وفاء وإباء للقضية، للوصية، للمصير!! 

 

أجل ولت أيام السكوت واللبناني في بلاد الانتشار كما في الوطن تحرر من عُقَد الخوف والمسايرة بعد أن كفر بكم ومن خلالكم بقادة حضورهم غياب، ورعاة "أذونيون"، لا همَّ لهم ولا غمَّ، باردون ولا ساخنون، بل فاترون، يوشك النابح أن يتقيَّأهم.

 

أنتم في أفضل الأحوال قداحون مداحون بالأجرة، طفيليون تماشون الماشي وتركبون مع الراكب. أما مواقفكم فهي تتلون وتتغير طبقاً لمصالحكم والأنانيات.

 

التزموا جحوركم يا لصوص الغلال إن أمركم مفضوح، وأنتم الذين لم تزرعوا إن شئتم أن تجمعوا مع الحصادين السياديين فإلى إهراءات الوطن، وليس إلى جيوبكم وحساباتكم المصرفية، علماً أنه لن يكون لكم مطرح في صفوف الأحرار قبل تأدية ما يتوجب عليكم من كفارات وهي كثيرة.

 

21/4/2005