تحدث عن قداس "المكتب المركزي للتنسيق" في ذكرى 13تشرين الأول

عزام لـ "المستقبل": من يسرق المناسبات هو من يمشي عكس الحقيقة

المستقبل - الاربعاء 11 تشرين الأول 2006 - زينة يوسف – المستقبل

 

لم يترك "المكتب المركزي للتنسيق الوطني" تاريخه، وإن كان قد ترك العماد ميشال عون.. لسبيله.

وفي تاريخ هذا المكتب الذي كان الإطار المدني الذي ينظم جمهور قائد " حرب التحرير" يكتسب يوم 13 تشرين الأول معاني خاصة. فيه يتجسد حضور جميع شهداء القضية التي ناضل من أجلها "العونيون"، وانتهت بصفقة أميركية ـ سورية.

بالأمس كان "المكتب" وحلفاؤه يتركون إحياء الذكرى لرمزها العماد عون، اليوم تغيروا. بالنسبة إليهم إن القضية التي خسرت في صفقة في العام 1990 ستكون في خطر إن تركت بيد عون، لأنه بصفقة، يبرمها هو بالذات مع النظام السوري، يريد إجهاض انتصار تحقق لأهل القضية في 14 آذار 2005.

لتبقى الذكرى في مكانها قرر المكتب التأمل في معانيها، وإحياء قداس على نية أرواح شهدائها.

روجيه عزام مؤسس المكتب وأحد من أحيوه، والقيادي الجديد في قوى الرابع عشر من آذار، يقدم في حديث إلى "المستقبل"، وعلى طريقته، 13 تشرين الأول بين الأمس واليوم.

* ماذا يعني لك تاريخ 13 تشرين الأول؟

ـ هو الاتفاق المبرم بين هنري كيسنجر وحافظ الأسد والذي استمر مع جورج بوش الأب، لتسليم لبنان الى سوريا مقابل أن تضبط الأخيرة الوضع الفلسطيني داخل الأراضي اللبنانية.

13 تشرين، هو تاريخ قاهر بالنسبة إلى الشهداء الذين ماتوا جراء عمليات إجرامية، الشهداء ال 117 الذين قضوا برصاصات الجيش السوري التي أصابت رؤوسهم. 13 تشرين هو المجزرة التي جرت في بسوس، وحصيلتها 14 مواطناً. 13 تشرين هو رمز للخلط بين المصلحة اللبنانية والمصالح السياسية الشخصية الضيقة التي تحصل من خلال السمسرات. في 13 تشرين هجموا باتفاق سوري ـ أميركي ووعدوا جعجع بـ30 في المئة من الحكومة، الثلث المعطل. في الماضي نسق جعجع مع السوريين، أما اليوم فعون يقوم بذلك.

إن افتعال العملية الطائفية هو الغطاء الدائم الذي تستعمله قوى إقليمية ودولية منذ 1840 لاستغلال لبنان كمعبر إلى الشرق الأوسط. الطائفة الشيعية كانت الوحيدة التي لم تستغل في السابق، إلا أنها اليوم تستغل من إيران والحكم العلوي السوري الذي ضعفت قيادته.

المعركة لم تنته بعد

* ألا تعتبر أن المعركة مع النظام السوري انتهت؟

ـ إن سوريا التي انبنت بصدفة تاريخية مع حافظ الأسد توارت مع جثمانه. نحن نعيش انحلال هذه السوريا التي عرفنا منذ 1969 الى اليوم، بدأ مع تولي بشار الذي أصبح وكما هو ملاحظ، منفذاً للإرادة الإيرانية. لا سلطة لبشار الأسد على أي موقع إقليمي أو دولي، بينما كان والده يؤثر على السياسات الإسرائيلية والأميركية. بشار هو " وكيل إرث".

سوريا اليوم، تحاول إقامة حكومة وحدة وطنية، لكي تستطيع من خلالها إيقاف تكملة مسيرة تاريخ 14 آذار، النقطة التاريخية في لبنان الحديث والتي شارك فيها كل الناس، وقد طفح كيلهم بعدما حيّت جماعة 8 آذار الإجرام السوري.

أنا أحيي موقف المطارنة الموارنة الوطني والبعيد عن المواقف الصغيرة والضيقة. قبل ال2000 لم أكن أوافق على مواقف البطريرك صفير، ومنذ ذلك التاريخ أصبحت مواقف بكركي وطنية وصارت تلتقي مع مواقف البطاركة الذين ناضلوا من أجل السيادة واستقلال لبنان كالبطريركين عريضة وحويك.

ان بقاء الحكومة ضروري كما إنشاء محكمة دولية، لأن فضح حقيقة اغتيال الرئيس الحريري، سيؤدي الى كر المسبحة التي تبدأ بالطفلة جمانة عبد الحميد الأحدب والصحافي سليم اللوزي، وصولاً الى المرافقين الأربعة للمقدم سمير شحادة.

مكتب التنسيق

* ما هو مكتب التنسيق، وإلى أي مدى يؤثر على جمهور عون؟

ـ في حزيران 1989 أسست المكتب المركزي للتنسيق الوطني مع مجموعة مسؤولين في مجموعة من التنظيم (حركة مقاومة لبنانية)، وكان بينهم أيضاً المرحومان الشيخ فريد حمادة والمحامي عاطف جبران. وكانت مهمة المكتب تنظيم الاعتصامات والتظاهرات للوفود التي كانت تقصد بعبدا تأييداً للجنرال عون في معركة التحرير، وتنظيم المواضيع وتجنيد المناطق. وفي 26 تشرين الثاني دعينا الى اعتصام، رداً على قول الرئيس الهراوي انه خلال 72 ساعة يريد الانتهاء من عون، وكان دوري شمعون أول المشاركين. ولم يكن باستطاعته القضاء على الجنرال عون إلا بالاستعانة بالجيش السوري.

يرفض مكتب التنسيق الهيكلية الحزبية، لأن للحزب برنامجا وأفكارا ينفذها ما إن يصل الى الحكم، إلا أننا نبدأ بتنفيذ برنامجنا من خلال مجموعات المجتمع المدني من إعلاميين وصناعيين واقتصاديين ومجموعات تعمل في القضايا الاجتماعية. والتنسيق بين هذه المجموعات يؤمن القوة السياسية التي تستطيع أن تكون فاعلة على الساحة الوطنية. لذا لن ننتظر لنصبح نوابا أو وزراء حتى نفعل.

الشهداء يطالبون بالحقيقة

* هل سامح العونيون السوريين على 13 تشرين؟

ـ ليسامحوا يجب أن يكون الشهداء كلفوهم بذلك. من له الحق بالنطق باسم 150 ألف شهيد؟ وهل طلب المجرم السماح؟ ممنوع السماح لأغراض سياسية وشخصية ومصلحية. وفي حال عدم السماح ممنوع الانتقام والحقد. لكننا ملتزمون بالعدل والحقيقة تجاه شهدائنا، ولا عدالة أو عدل من دون حقيقة. نحن كلبنانيين ملتزمون بتحقيق العدل والعدالة لكل الشعب اللبناني وليس فقط للشهداء.

* ماذا في برنامجكم ليوم 13 تشرين؟

ـ إنه برنامج مختصر وواضح. قداس وصلاة عن أنفس شهداء الجريمة السورية، وبعد القداس يتلى بيان للمناسبة من مسؤول المكتب. وهي دعوة لكل اللبنانيين والأصدقاء وقوى 14 آذار، وليس مهرجاناً.

* ألا تعتبرون في وضعية من "يسرق" مناسبة خاصة بالعماد عون؟

ـ على كل اللبنانيين واجب المشاركة في ذكرى الشهداء، وواجب التفتيش عن الحقيقة. من يسرق المناسبات هو من يمشي عكس الحقيقة. نحن نضع النقاط على الحروف، وذكرى الشهداء لا علاقة لها بالاستغلالات السياسية. وبالتالي الشهداء ليسوا حكراً على شخص أو حزب أو تنظيم.

* هل وصلتكم رسالة بالتراجع عما تخططون له؟

ـ لا أحد يجرؤ على مخاطبتنا بهذه الطريقة، لأننا لا نعمل بالسياسة ذاتها التي يعمل بها الباقون.

عون وأتباع سوريا

* ما الذي صدمكم بالعماد عون؟ حتى قررتم تركه؟

ـ لا خلاف شخصياً بيني وبين الجنرال عون. تركته سنة 1998، لأنني لم أعد أستطيع العمل معه. وآخر لقاء بيننا كان قبل أسبوع من مجيئه الى لبنان، يومها رافقت شخصين أرادا مقابلته. كنت لا أزال في فرنسا حين فهمت أن لديه ارتباطاً بالنظام السوري. ومن خلال التحقيقات وتصرفات العماد تأكد لي ذلك. نحن نعتبر أن كل تحييد لسوريا وكل تحية للقيادة أو مديح أو صداقة معها، إهانة للشعب اللبناني وأكثر من ذلك، إهانة لل150 ألف شهيد. أنا لدي خط لبناني، وأفتش دائماً عن الحقيقة، والعماد عون خرج عن هذا الخط الوطني الواحد. أنا لم أكن يوماً عنصراً في التيار الوطني الحر ولا أحب التحزب، إنما أنا مؤسس لمكتب التنسيق والتقينا مع عون في التحرير. وكانت مسيرة بعبدا يومها صحيحة، وأثناء وجودنا الى جانبه كنا نضمن الطريق الصحيح. اليوم خرج الجنرال عون عن الخط لأسباب مركبة خلط فيها الحزبية والشخصية، أما نحن فلا نزال في خطنا، ونسير الى جانب من يسير في الطريق الصحيح.

الجنرال عون مرفوض أميركيا وأوروبيا، ولما شعر بذلك رمى نفسه بين يدي حزب الله. عون أتى لينعش أتباع سوريا، وليقف في وجه 14 آذار، وصار أتباعه يتظاهرون مع الحزب القومي وحزب البعث في طرابلس وصيدا. وبالتالي أصبح لأتباع سوريا غطاء مسيحي بلا مقابل.

الاحتضان شامل

* هل تلاقون، كحركة قررت السير عكس توجهات عون، إحتضانا في الشارع المسيحي؟

ـ نحن لا نلقى احتضانا في الشارع المسيحي فقط، إنما في غيره أيضاً. لأن موقف عون السابق احتضن كل لبنان، كما الموقف الذي يسير مع التحرير والسيادة اليوم. نحن مجموعات مهمة في طرابلس، ونتوافق مع التيار الدرزي الذي يمثله جنبلاط والذي كانت لديه الجرأة بالاعتراف بأخطاء المرحلة السابقة. أنا أفرح بهذا التلاقي الذي تخطى الطائفية. ويسألني يومياً العديد من الأشخاص، لمَ غيّر الجنرال عون خطه؟، فأجيب بأن الصفقة الشخصية غلبت على الأسس. وعلى أي حال لا لزوم لانتقاد عون، هو يهدم نفسه بيده من خلال مواقفه. ومن خلال متابعتنا لمراكز الإحصاءات، يبدو أن هناك تدهوراً لوضعه في الشارع المسيحي.

* هل تترقبون أن يستجيب اللبنانيون، وخصوصاً "العونيين القدامى"، لدعوتكم؟

ـ إن القداس ليس تحدياً، هو عمل انحناء أمام دم الشهيد عامة، وشهداء 13 تشرين خصوصاً. ونحن نرفض تحويله الى مهرجان. بدأ يصلنا التجاوب مع دعواتنا من سياسيين وأصدقاء. أما هدفنا فهو فرض احترام الشهيد بعيداً عن أي انزلاقات سياسية.

* ما هي نقطة القوة ونقطة الضعف في حركتكم؟

ـ في الحقيقة نحن نرى نقطة قوة، لا نقطة ضعف في حركتنا. أعلنا الانطلاقة الجديدة ستة أيام قبل حرب تموز، ولا نستطيع احتواء الناس القادمة، ونعمل على تنظيم أنفسنا. أما المشكلة الوحيدة فهي مع الإعلام الذي لا يسلط الضوء علينا لأن موقفنا علمي غير حزبي وغير تابع لأحد.

اليوم، لن نفتح الدفاتر القديمة، إنما من الضروري أخذ العبر من حرب لبنان، لبناء لبنان جديد على الحقيقة وليس على الأضاليل. ووضع حد لكل الحروب فلا يضطر أولادنا لمواجهة عبد الناصر، شارون، كيسنجر وحافظ الأسد من جديد. هدفنا تفعيل المجتمع المدني وإشراكه في القرار الوطني، ومن ناحية أخرى بناء لبنان جديد.