حين يؤيد الحص العماد عون لرئاسة الجمهورية

كتب المحلل السياسي: الأنوار

9/10/2006

سأعتذر سلفاً من القراء اليوم، على ما سيقرأونه، لأن اهتماماتهم قد تكون في مكان آخر، ولكن ما قاله الرئيس سليم الحص وهو الذي شكَّل حكومات في كل العهود، وعارض رؤساء هذه العهود، يستحق وقفة لأنه استعاد ذاكرة اللبنانيين وجعلهم يشعرون بأن السياسي اللبناني لا يتوانى احيانا عن محو حقبة من التاريخ. في حديث صحافي، اعلن الرئيس الحص (ترشيحه للعماد عون لرئاسة الجمهورية، مؤكداً انه الى جانبه بشدة ككل الذين يؤىدونه). استوقفني هذا الكلام للأسباب التالية:

- حين انتهى عهد الرئيس امين الجميل، عيّن العماد عون قائد الجيش، آنذاك رئيساً للحكومة الانتقالية، رفض الرئيس الحص التعيين وأعلن استمراره (في تحمُّل مسؤولياته كرئيس للحكومة) مسجِّلاً بذلك مخالفة دستورية. فعاش لبنان، للمرة الاولى، في ظل حكومتين، واحدة شرعية تُقيم في قصر بعبدا، وثانية غير شرعية برئاسة الرئيس الحص، اتخذت (قرارات) ابرزها تعيين قائد الجيش، مسجِّلة بذلك الانقسام الثاني للجيش بعد الانقسام الاوَّل عام .1976

- الحكومة التي اتخذت قرار (انهاء التمرُّد) والاستعانة بالجيش السوري لإخراج العماد ميشال عون من قصر بعبدا، كانت برئاسة الرئيس سليم الحص.

- حين اعلن العماد عون حرب التحرير، اتهمه الرئيس الحص بقصف منطقة اليونسكو والتسبُّب بمجزرة فيها.

بعد كل هذا التاريخ الملتبس بين الرئيس الحص والعماد عون، ينبري الرئيس الحص اليوم الى اعلان تأييده العماد عون لرئاسة الجمهورية، وهنا نسأل:

لماذا لم يجهر بهذا التأييد في ايلول من العام 1988، ألم يكن وفَّر على اللبنانيين تلك المآسي التي اعقبت ذلك التاريخ?

لماذا لم يستقل بعد تعيين العماد عون رئيساً للحكومة الانتقالية?

ولماذا أمعن في الهرطقة الدستورية وأصرَّ على استمرار حكومته?

لماذا لم يتوجَّه اليه في قصر بعبدا، آنذاك، ويُعلن له انه يؤىده ليكون رئيساً للجمهورية?

هذا التناقض، سبَّب المآسي للبلد، ونستغرب كيف الرئيس الحص يؤىد اليوم مَن عارض بالأمس?

ان ممارسة كل هذا التناقض، يواجهها الشعب اللبناني الذي يملك ذاكرة ويتمتع بذكاء.

لكن بعد هذا التأييد، لا يسع الرئيس الحص سوى ان يقدم التفسير للشعب اللبناني على محطة تاريخية في هذه الاهمية، وعلى الشعب ان يُقرِّر ان خانته ذاكرته أم لا!