الجنرال المخلوع وشعار: "اكذب ... اكذب... اكذب"

عوني الكعكي/الشرق

17 نيسان/2007/

 

اكذب... اكذب... اكذب" مثل الماني أطلقه وزير في حكومة هتلر النازية إبان الحرب العالمية الثانية، وتبناه على ما يبدو بعض اللبنانيين، ويبدو أن الجنرال المخلوع ميشال عون قد استعاره من صديقه وحليفه نجاح واكيم على أمل أن ينجح حيث فشل الأخير.

 

غريب أمر هذا الجنرال الذي يعتقد واهماً أنه يستطيع التلاعب بذاكرة اللبنانيين، فيقوم - عن سابق تصور وتصميم - بتشويه الحقائق محاولاً إيهام الناس بحقيقة زائفة، وهو يحمل - بصورة أو بأخرى - تاريخاً غير مشرف على الإطلاق.

 

 هل هي صدفة يا ترى، أم أنها مخطط مدروس أن يكون الجنرال المخلوع حصان طروادة عند أي استحقاق دستوري؟

وهل نشهد الآن محاولات لتكرار ما جرى في العام 1988؟ فيعود ميشال عون بعدما كان قد هرب بلباس النوم في العام 1990 من قصر بعبدا، وقد وعدنا حينها بأنه سيقوم بتكسير رأس المرحوم الرئيس حافظ الأسد، وبدلاً من ذلك هرب إلى السفارة الفرنسية، تاركاً زوجته وبناته الثلاث بعهدة العميد علي ديب، وقد سارع الأخير إلى الاتصال بالوزير الأسبق المرحوم إيلي حبيقة لتسليمه الزوجة التي تخلى عنها زوجها الجنرال وبناته الثلاث.

 

هكذا، وبكل فجاجة يطلق الجنرال المخلوع ميشال عون سلسلة من التهجمات في حديث مع محطة "اي.ان.بي" مع الزميلة زينة فياض، ويتطاول على الحكومة ورئيسها، ويلصق بها اتهامات باطلة. يزعم الجنرال المخلوع أن الوزراء الستة استقالوا على خلفية قرارات اتخذتها الحكومة، ويا ليته قال لنا ما هي هذه القرارات، لأنه لو فعل لانكشف تزييفه لحقائق الأمور، ولتم عندئذ وضع النقاط على الحروف.

 

ثم يتابع الجنرال المخلوع هجوماته وانتقاداته في محاولة مكشوفة لوضع الحكومة في دائرة الشبهة، ولكنه نسي أو تناسى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري قال في أوج العدوان الإسرائيلي "إن هذه الحكومة هي حكومة المقاومة السياسية"، وإذا كان رئيس مجلس النواب قد غيّر رأيه فذلك جاء في إطار الظروف التي نعرفها ونفهمها.

 

في هذا المعنى، فإن السياسة بالنسبة للجنرال المخلوع ميشال عون أساسها مزاجيته، بعيداً عن الاحتكام إلى العقل الذي تخلى عن صاحبه منذ زمن تاركاً الجنرال في مهب الريح.

 

دعونا نسلط الضوء على فلسفة عون الاقتصادية، فهي عجيبة غريبة، كاعتباره أن الخيم في الأسواق التجارية ليست سبباً للأزمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان منذ كانون الأول العام 2006 وحتى اليوم، ثم مسارعته إلى التساؤل: "هل في زحلة خيم؟".

 

كنا نتمنى لو أن الجنرال المخلوع لا يعطي رأيه في القضايا الاقتصادية لانعدام معرفته وخبرته بها... ومن أبسط ما يعرفه القاصي والداني أن الاقتصاد اللبناني يعتمد كلياً على السياحة، التي بدورها تحتاج إلى استقرار سياسي وليس إلى تهديدات وشتائم وتوترات. أما ما يُتحفنا به دائماً الجنرال المخلوع (سواء أكان الوقت مناسباً أم غير مناسب) هو مطالبته بانتخابات نيابية، وكأنه يجهل أن الانتخابات تحتاج إلى هدوء واستقرار ومناخ توافقي ثم إلى قانون يتفق عليه اللبنانيون، وكل ذلك غير متوفر على الإطلاق بعدما قامت المعارضة بتوتير البلاد وحشر العباد.

 

ونسأل في هذا المجال الجنرال المخلوع: لماذا يعارض حليفه اميل لحود إجراء الانتخابات الفرعية في المتن بعد استشهاد المرحوم الوزير والنائب بيار الجميل؟ ولماذا وبعد مرور الفترة الدستورية الرسمية لم يكلف رئيس الجمهورية نفسه عناء التوقيع على مرسوم دعوة الهيئة الناخبة لشغل المقعد النيابي الذي فرغ باستشهاد بيار الجميل؟

 

أما بالنسبة إلى المحكمة ذات الطابع الدولي، فإن الجنرال المخلوع لم يجب بوضوح لماذا تم تعطيل اقرارها في مجلس النواب، وقد تم انتظار الجلسة النيابية في عقدها الحالي من دون جدوى، فلم تجد الحكومة أمامها إلا الذهاب إلى مجلس الأمن؟.

 

لقد كشف عون عن المستور، وبانت الحقيقة ساطعة اذ يزعم إنه يؤيد المحكمة بينما ممارساته على الأرض تؤكد أنه وحلفاءه لا يريدون المحكمة، وما دفاعه عن الضباط الأربعة المتهمين باغتيال الرئيس الشهيد الكبير رفيق الحريري سوى انعكاس لحقيقة مواقفه مع حلفائه، ولو كان الأمر غير ذلك لوافقوا على مشروع المحكمة التي تستطيع وحدها إثبات ما إذا كانوا مجرمين أم أبرياء كما غيرهم من المتهمين.

 

في مطلق الأحوال، إن ضحكة الجنرال المخلوع تبدو دائماً غير إرادية، وتذكرنا بشارلي شابلن الممثل العالمي الذي كان يستطيع إضحاك الناس وإبكاءهم في وقت واحد مع فارق بسيط أن أسباب حركات الجنرال المخلوع تبدو صحية والله أعلم.

 

 http://www.elshark.com/wp/Articles/DesktopArticle.aspx?ArticleID=5732&ChannelId=3