شهداء 13 تشرين كتبوا بدمائهم أسس السيادة والحرية والاستقلال‏
‏ وشرعوا مقاومة الاحتلال..‏
بقلم/وليد قاطرجي

إن جميع القوى التي شاركت باتخاذ قرار إسقاط دولة الرئيس العماد ميشال عون، وهدم ‏واحتلال قصر بعبدا، وضرب الجيش اللبناني في الثالث عشر من تشرين الأول عام 1990 ما ‏تزال تعاني من تبعات تلك المرحلة وما تخللها من جرائم وتنازلات أسقطت الدولة اللبنانية في ‏أحضان الوصاية البغيضة، وأفسحت المجال واسعا بالطبع لإلحاقها بحزب البعث وجعل لبنان ‏وكأنه ملحقا ببقية المحافظات السورية، ومكنت مجموعة من حثالة الضباط في النظام السوري ‏من مصادرة قرارنا الحر والسيطرة على مجريات الأمور في البلاد.‏
الثالث عشر من تشرين سيبقى شاهدا على عمالة وحماقة هذه القوى رغم انقلابها المتأخر على ‏ماضيها الأسود، الذي سيظل يطاردها الواحد تلو الآخر حتى مماته، كاشفا للرأي العام اللبناني ‏والعربي دورها القذر خلال حقبة الوصاية، على الرغم مما تمارسه من أضاليل وتزوير من ‏اجل محو تلك الصفحة السيئة من تاريخها. فهؤلاء اليوم وبعد انتقالهم إلى وصايات جديدة ‏يحاولون الانقضاض والاستيلاء على منجزات شهدائنا الذين كتبوا بدمائهم أسس السيادة ‏والحرية والاستقلال. فلو أتيح إلى اللبنانيون تشكيل لجنة تحقيق مستقلة وبرعاية منظمات دولية ‏مشهود في نزاهتها لتقييم تلك المرحلة لتبين لهم الآتي. ‏
‏1- إن اتفاق الطائف لم يحترم ولم يطبق منذ إقراره من جميع القوى, وان عدم انسحاب ‏الأجهزة السورية من لبنان ضمن المدة التي نص عليها، سببه تواطأ القوى الإقليمية والدولية ‏والمحلية التي ما تزال تتولى شؤون البلاد. ‏
‏2- إن سقوط حكومة العماد الشرعية في ذاك الوقت تم من قبل الجيش السوري وبمشاركة ‏القوى نفسها التي عملت في الماضي على إسقاط وتدمير الدولة ومؤسساتها، وبمشاركة فعالة ‏أيضا من أصحاب المشاريع المشبوهة، الذين أرادوا تحويلهما إلى شركات خاصة، وهذا ما ظهر ‏لاحقا من خلال ممارستهم، وما يزالون يتبعون نفس الأساليب التي اعتادوا عليها أبان حقبة ‏الوصاية، وبوقاحة ملفتة. ‏
‏3- إن ما ارتكب بحق اللبنانيين بعد الثالث عشر من تشرين من جرائم، ومقابر جماعية، ‏واغتيالات، ومآسي، وسرقات، وسلب للأملاك الخاصة والعامة، وتراكم للدين العام، ‏ومفقودين، ومخطوفين، وهدم للبنى التحتية، لم يكن من قبل الأجهزة السورية وحدها، بل ‏بمشاركة قوية وتحريض من الذين استفادوا من هذا الوجود، الذين ما يزالون حتى يومنا هذا ‏على رأس ميليشياتهم وتياراتهم، متحصنين بالتأكيد من غطائهم الطائفي والسلطوي والمادي، ‏الذي توفر لهم بفعل عامل الإستقواء بالوجود السوري الذي مارس أبشع التصرفات ‏والضغوط، وأهمها التي مارست على معظم النواب من اجل الموافقة والتصويت على إنشاء ‏سوليدير، التي لم تكن لترى النور لولاه.‏
‏4- إن سقوط الدولة في 13 تشرين وما تلاه من ممارسات وتنازلات من قبل الحكومات ‏المتعاقبة ادخلها في المجهول إلى يومنا هذا، وجعل الدولة ومؤسساتها رهينة المساعدات ‏المشروطة للبنك الدولي والدول الكبرى، ورتب عليها التزامات لا تستطيع الوفاء بها على ‏مختلف المستويات، وأهمها الأوضاع الاجتماعية المتردية، التي تسببت بهجرة مئات الآلاف ‏من اللبنانيين.‏
الثالث عشر من تشرين لم يكن يوم نصر وهذا ما لا ندعيه، ولم يكن يوم تتويج لدولة الرئيس ‏العماد ميشال عون وأنصاره، بل كان شاهدا على ما سجله شهداؤنا من ملاحم رفضوا من ‏خلالها الانحناء والاستسلام. فقاوموا بشراسة رغم إمكانيتيهم، واستشهدوا دفاعا عن قرارنا ‏الحر كي يحيا لبنان وطنا لجميع أبنائه مسلمين ومسيحيين، في زمن لم يكن يتسع المجال فيه ‏إلا للعملاء الذين يتحملون وحدهم تبعات تلك المرحلة وما آلت إليه البلاد لاحقا من انحدار ‏وانقسام.‏
‏ الثالث عشر من تشرين أردناه يوم وفاء ومناسبة عظيمة تليق بمن شرع وأدار بدمائه الذكية ‏مقاومة الاحتلال السوري بكامل أجهزته وأدواته، ما جعل بعض الماكرين من المنقلبين يقرون ‏ويعترفون بذلك، فلولا تضحياتهم لما انطلقت شرارة انتفاضة الاستقلال في 14 آذار 2005 ‏التي أخرجته مذعورا إلى ما وراء الحدود.‏
تحية إكبار لكم يا شهداء لبنان العظيم، يا من كتبتم بدمائكم أروع البطولات على كامل ‏الجبهات من دون استثناء من اجل أن يحيا أجمل الأوطان سيدا حرا مستقلا، فأنتم في ذاكرة ‏العماد أحياء ترزقون تحيطون به وتحرسون خطواته، لن ننسى أبدا بطولاتكم، وصوابية ‏شعاراتكم، التي كشفت وجوه لطالما كانت العمالة وجهتها الرئيسية، وأرغمت العديد منها في ‏هذه الأيام من الانقلاب على تاريخه الملطخ بالدماء والمليء بالنكسات. ‏
13 تشرين الأول 2006