النائبة صاحب اللسان الخشبي

من إعداد/حماة الارز

 

جميلة اللغة العربية وتحتمل أكثر من تفسير، فقد حصل خلاف طريف بين الإعلاميين اللبنانيين على استعمال كلمة النائبة للدلالة على النائبات اللبنانيات المنتخبات إلى الندوة  أخيراً في اتفاق جنتلمان، على استخدام كلمة النائبة لأنها لغة عربية صحيحة وللإشارة إلى أن ممثلة الأمة يشار إليها بذلك بعد إضافة تأء التأنيث.

 

لكن فات الإعلاميين، أن ثمة نواب لبنانيين يشكلون نائبة حقيقية، أي بمعنى المصيبة الشديدة بكل ما تعنيه الكلمة، ومنهم "ذلك" الذي يدعى نبيل نقولا الهاشم الذي كان في فرنسا والذي أصبح اسمه على المنابر، صنواً للتطاول على كل المقامات الروحية والزمنية ولا يعف لسانه عن شيء إلا وتناوله بفصيح الكلام قدحاً وذماً وهجاء ونقداً أكان في محله أم غير محله على طريقة "ثرثارات الصالونات"، وكان أخر حملات هذا النائبة اعتماده ما يقال انه لغة الألسنة الخشبية في الرد على كلام بليغ وعاقل وديموقراطي لمجلس المطارنة الموارنة في الرابع من نيسان عن انتخابات الرئاسة الأولى وما تبقى من حياة برلمانية في لبنان.

 

لم يعرف عن الهاشم يوماً انه كلف نفسه فوق طاقتها، واقتصر جهاده في الاغتراب على تقديم أموره الخاصة على كل ما عداها، وجل ما أنجزه كان مطاردة بعض السكرتيرات ومغازلتهن. في حين لم يكلف نفسه عناء النضال ولا تعب الجهاد من اجل لبنان الحر والسيد والمستقل ونأى بنفسه عن التظاهرات والاعتصامات الشعبية، وهو في ذلك ادعى حكمة العمل السري ومن وراء الستارة. لكن صاحب الألسن الخشبية والتطاول على المقامات الروحية والزمنية اليوم، واتضح بعد حين، أن الأمر انتهى به وقبل انسحاب الهيمنة السورية عن لبنان بمدة طويلة، إلى التبشير بأهمية إقامة التحالفات وخصوصاً مع أنصار سوريا وأكثرهم وفاء لها.

 

ينسب صاحب الألسن الخشبية إلى نفسه أموراً كثيرة غيرت في رأيه مصير لبنان والشرق الأوسط، ويختلف في شأن روايتها كثير من القوم الطموحين وينسبونها أيضاً إلى أنفسهم أكان في إصدار القرار 1559 أم في غيره من الشؤون المصيرية علما إنهم أبرياء من هذه التهمة تماماً.

 

ولقد حاول نقولا كثيراً حجز مقعد له في الصفوف الأمامية، ورأى الفرصة سانحة في انتخابات بلدية واختيارية محدودة الأثر والفاعلية، فكان أن ارفقها بحركة استعراضية فاشلة في أنحاء بلدته في ساحل المتن كان من نتيجتها أن دخل "بيت خالته" مظنوناً به في شغب لم يرتكبه ولا حدثته نفسه بالقيام به يوماً، بل ترك أمره إلى المراهقين الناشطين تحت شعار "حرية، سيادة، استقلال". ومرت 24 ساعة خرج بعدها مدعياً بطولة الممانعة في وجه زعيم شعبي متني هو ميشال المر اثبت صلابة قاعدته وأهليتها مرات عدة لاحقا (مع أو من دون الدعم الإقليمي)، وهذا الزعيم نفسه الذي يصح فيه انه إذا رفع عصا جعلها نائباً، هو نفسه نادم من كل قلبه على هكذا نواب على مسطرة نبيل نقولا الذي أشاع أجواء كرنفالية وهزلية لم تعرف عن نواب الأمة سابقاً.

 

قلَّبَ نبيل نقولا صاحب "الألسن الخشبية"، كل الموازين في سياسة نواب جبل لبنان، فهو استعان بقاموس مفردات "الحركة الوطنية اليسارية" البائدة وبتعابير وكلمات درج على تردادها وزير إعلام سابق هو ميشال سماحه في زمن الهيمنة السورية، في إنذار معارضي الوصاية ومنع مسرحيات الرحابنة وخصوصا "فخر الدين" واوبريت "جبال الصوان".

 

وهكذا وجد نبيل نقولا نفسه نفسه في طليعة من حملوا لواء الرد على بيان المطارنة الموارنة الشهري، وقبلها كثير من المواقف الكيانية المسيحية ومن الواضح أن صاحب الألسن الخشبية يخالف رئيس كتلته النيابية العماد ميشال عون الرأي في كثير من الأمور وهو "فاتح على حسابه" وقرر السير في مشاريعه الشخصية قدماً.

 

ومن الواضح أن رجلنا قرر أن يحجز له مكانا تحت شمس لبنان، انطلاقاً من سياسة "كسر مزراب العين" وهو يسعى جاهداً إلى اقتناص كل الفرص المتاحة. فكان أن رتب أموراً عدة انتهت جميعها إلى الفشل الذريع وخصوصاً على مائدة الوسطاء والمترددين بين مقار أهل السياسة وزعمائها وتحديدا بين الرابية وقريطم، بمسعى من صديق أخر هو غطاس خوري جمعتهما المهنة معاً.

لكن مساعي نقولا انتهت إلى الصدام مع اقرب الناس إليه وعاد خائباً لا يلوي على شيء بعدما أنكره رئيس كتلته العماد ميشال عون، وغسل يديه من مشاريعه وطموحاته سريعاً.

 

أفضل ما في الأمر أن نقولا يتصرف بطرافة فهو يشاغب على زعيم منطقته ورئيس تكتله، وإذا صحت الأخبار التي يتداولها الناس فأن هذه هي الدورة الأولى والأخيرة التي تتاح للنائب نبيل نقولا فيها التنعم بالنمرة الزرقاء على سيارته يقودها متبخترا في شوارع المتن ويركنها بفخر أمام منزله ويلتقط صورا عدة بقربها للتاريخ.

 

بيروت في 20 نيسان