لماذا غياب نواب لبنان عن حضور جنازات جنود وطنهم الشهداء!!

 

بقلم/الأب سيمون عسَّاف

عار لا أجرم منه ولا أقذر رأته أمتي.

في لحظات الموت تسقط الحساسيات والاعتبارات ويخضع الإنسان إلى حقيقة مصير يتعاطى فيه مع نفسه.

وما القول إذا كان المشهد مؤثر، ألا وهو تشييع جثث عسكريين شباب من صفوفنا؟

أين كان نواب البلاد المفروض فيهم حضور جنازات جنود وطنهم الشهداء الذين دافعوا عنهم للبقاء؟

عند موت الشهيد لا ينتظر أحد دعوة لتكريمه، لأن ذلك من المسلمات والشعور الوطني.

أطرح السؤال على النائب الشيخ سعد الحريري، قبل سقوط المرحوم والده شهيداً، سقط الجنود على أيدي الغدر والأجرام والتسلط والاعتداء والأجهزة التي اغتالت وعبثت وعاثت بكل مفاصل الدولة.

الم يكن هؤلاء الأبطال يدافعون عنه وعنا وعن المرحوم والده ضد الجيش السوري المحتل؟ ألا يوازي حزن أهل هؤلاء الشهداء عليهم حزنه على الوالد؟

ألم يكن وجوده ضرورة بين أهل الشهداء الذين ضحوا يوم كان الجيش السوري يكمشهم وهم خلف المتاريس يقاومون ببطولة نادرة لا نظير لها؟

هل هرب البواسل أم ناضلوا بشرف وأرادوا الموت من دون الاستسلام في سبيل لبنان وشعبه الكريم؟

هل هكذا يبدأون ممارسة الحُكم في البلد؟

ألا يستحق هؤلاء الجنود تماثيل تكريم على كل مفرق من مفارق لبنان عبرة لمن اعتبر؟

كان هؤلاء الأبطال قبل جميع النواب والقادة يكافحون فلماذا لم يتفضل هؤلاء للتكريم؟

لا ليس بهذا الأسلوب ولا بهذا السلوك يكافيْ ممثلوا الشعب جنودنا الأبطال؟

هل النواب بأساليبهم العوجاء وذهنياتهم الغريبة عن اهلهم سيصلون بالوطن إلى غير الهزيمة والانكسار؟

إن غياب النواب عن الاشتراك في مراسيم الجنازة في وزارة الدفاع في اليرزة هو موقف غير مبرر، كما أنه تصرف مخزي يطرح أسئلة كثيرة؟

إن ثورة الشعب الفعلية يجب أن تقوم على القيادات الذين برهنوا عن أنهم بالتأكيد عراة من الكرامة والحس الوطني والشرف.

لا نصدق أن اللاخلقية ضربت أطنابها عند المُدّعين تمثيلنا.

هل نعتب على السوريين الذين قتلوا بعد تعذيب رهيب جيشنا المغوار الباسل؟

ألا يستحي نواب بلد الأرز مما ارتكبوا من جريمة بعدم مجيئهم توديع جنودهم ومواساة أهلهم؟

أمام الموت كل رأس ينحني وإلى الرشد يثوب.

أين الأدب الإنساني والديني والاجتماعي؟

ليتكم رأيتم استعراض القوى تتقدم حملة نعوش الشهداء الملفوفة بالعلم اللبناني من باب المستشفى العسكري وأمامهم موسيقى الجيش وحملة الأكاليل والأوسمة.

وعلى وقع الموسيقى الجنائزية تسير جنود الشرطة العسكرية بخطوات بطيئة لاستعراض وحدات عسكرية تؤدي التحية، وعلى الجانب المقابل وقف الأهالي يلوحون بالمناديل السود وينثرون الأرز على النعوش، ويرددون عبارات التأبين والتفجع التي أبكت الجميع عسكريين ومدنيين، والتي لم توفر أحداً من المسؤولين خلال فترة الوصاية لا في سوريا وحسب بل في لبنان أيضا، والذين لم يهتموا لأمر المفقودين لكن تجاهلوهم وعذبوا الأهالي الصابرين.

كما لم يوفر الكلام القاسي سعاداتكم ومعاليكم أيها المسؤولون الحاليون الذين لم يحضر منكم إلا ممثل قائد الجيش فيما غاب الآخرون تماما.

وكان ابلغ كلام ما قالته والدة شهيد على نعش ولدها: "يا ولدي 15 سنة وهم يلعبون بالطابة فوق جثتك ولم يهتموا لأمرنا".

حان وقت السوط وتطبيق العبارة: "بيتي بيت صلاة يٌدعى فجعلتموه مغارة للصوص".

الأجدر بكم يا قادة لبنان ألا تستكملوا الحوار، لقد انتهى الموضوع.

كان عليكم أقله مراعاة للشعور والاشتراك في المراسيم عن راحة نفوس الأحرار الميامين في معارك الشرف.

ماذا تمثلون أيها المنتخبون ولماذا انتخبكم الناس إلا لمثل هذه المهمات الوطنية الخالدة؟

ألا يكفي تعتيم المتعاملين على المقبرة الجماعية وقهر الأهالي؟

أهذا هو عرفانكم للشهداء "الذين بدمائهم سطروا تاريخ لبنان الحر السيد المستقل، وليس من رضخ للاحتلال ومدد للنفوذ السوري واستمر معه على حساب شهادة المقاومين والأبطال؟

دعائي إلى الله أن يريح أرواح الشهداء في فسحة الجنات وينزل لبنان عن صليب العذاب الطويل وحسبنا الخلاص.

21 شباط 2006