أخي المسلم

بقلم/ الأب سيمون عسَّاف

 

أخي المسلم اللبناني سلام عليك!

كُتِبَ علينا أن نعيش معاً تحت سماءٍ واحدة وفوق أرضٍ واحدة وضمن شعبٍ واحد وفي وطنٍ واحد اسمه لبنان.

لا شمسنا لا ماؤنا لا هواؤنا ولا ترابنا مُغايَر، من أين إذاً هذا التبايُن الأرعن عندنا؟ أما آن الأوان للعودة إلى ضمير؟

أدعوك للانفتاح ولاقتبال الآخر كما دعوت نفسي معك. لا أنا بإمكاني القضاء عليك لا سمح الله ولا أنت كذلك. تجاريبنا أدلَّة على الخيبات.

قبضة المشيئة القادرة التي بها نؤمن وضعتنا للتعايش والتفاهم ونبذ التعصُُّب والرفض ولإضمار الخير وضد الشرّ وإحلال السلام وبُنيان المجتمع الذي فيه نعيش ناهدين إلى غدِ مُشرقِ أسمى.  

 

وقبل أن تسأل لماذا أخاطبك، أصرخ من ألمٍ وبدوري أسألك. هل فكَّرت يوماً معي لماذا خبطنا هذا الغضب الناريِ الفاتك؟

أليس تناقضُنا سبَّب لكلينا الهزيمةَ المأساة ؟ أليس شدُّ الحبال من الطرفين أوقعنا في ما نحن فيه؟ لماذا ضربنا جنون العنف الشارط؟ وجَلَدَنا سوط البطش الطائش؟

هل تأمَّلت مثلي لماذا لا نتلاقى لنتلافى الويل والجوع والفقر والقهر وكل النكبات التي حلَّت بذوينا وأهلنا. هل التذابح والضغائن تودي بنا إلى غير الخراب الجهنَّمي؟

 

لماذا أنا وأنت وقود للسوري المُحتل ربيب الظُلاَّم الناشر الظلام الحاشر رياء الجائرين؟ أما لحق البلاء منه والأذى ببيوتنا جميعاً؟ لماذا يرى عندك هذا الغريب جواباً لشناعاته وعندي لا يرى إلاَّ المقاومة ؟ لا أريد اعتبارك درجة ثانية ولا ذمِّياً بل شريكاً معي. دستورُنا درجنا عليه ولا يمكن أن يكون أفضل مِمَّا هو. فالجوهر في الموضوع هو التعاطي بأخلاق مُنزَّهة لا بنيَّات مًبَيَّتة. لِذا أُصمُد لِنصُدَّ الضواري عن دارنا وديارنا والعرين.

 

فلا يجوز من ثم الاقتصاص من مؤسسَّات البلد بالانتقام والإفقار والانهيار والمحاسيب والاستزلام والتعدِّي على أملاك الناس.

وبعد، أبناؤنا مذلولون على أبواب السفارات، رعايانا من دون مرجع، أجيالنا تمجُّ منشأها وسمعتُنا سوداء أمام العالم المتمدِّن. ماذا بقي لنا حتى نتمادى في الغيّ ونسترسل في الشطط؟

 

نصيبنا في لبنان أننا نتمَّيز عن غيرنا في أساليب العيش والمستويات والعادات والمناخ المجتمعي الراقي.

بعد غربة في حرب حرقت جمالاتنا وشوَّهت فردوسنا حان لنا الرجوع إلى الوجدان للعمار على أنقاض الدمار.

هلمَّ أخي لنطرد الأجانب ونبقى سويةً للاتفاق على صيغة تضمن لنا استقرارا إلى زمن طويل. لا يخدعنَّك أحد، فما غير أنت وأنا الذي سيبني. لو كنَّا فعلا متفقين لما وصلنا إلى هذا الشنار ولما عبثت بنا الدواهي أو لعبت بنا العاديات.

 

لا أدعوك للمصالحة لأننا لم نختلف، بل للتفاهم لأننا لم نستوعب ما نزل علينا وما سيحلُّ بنا. هات يدك وصلِّ إلى الله العظيم ليجمع شملنا ويرأف بحالنا ويشيد صروحنا ويعيدنا آمنين إلى المرس الأمين.

مونتريال في 14/1/2005