وجهة نظر

بقلم الأب سيمون عساف

 

 ذاق الجدود مرَّ العذابِ في أرض وعرٍ حوَّلوها وطناً.

دفعوا ثمنَ كلِّ شبرِ ترابٍ دماءً ودموعاً ودافعوا عنه بالأعناق والأرزاق، هيهات لو يعرف الأحفادُ قيمة المعاناة المريعة والجهاد الطويل.

واللَّه نخجل إذا ذكرنا الأمس ونشمخ في آن!

 

نحزن على مجازر أجرمت فأسقطت ضحايا لنبقى، ولولاها لَكُنَّا الى الساعة عبيدا وذمِّيين نمشي تارة على الشمال وطورا على اليمين. 

أمَّا أن نشرئبَّ فأمجاد أولئك ترفع راس الأجيال عزَّاً، وانحطاط هؤلاء ينكِّس رايات الزَهْوِ عاراً.

 

بنى لنا الأوَّلون ملكوت تاريخٍ مجيد وادَّخروا إرثاً تليدا، رسموا لنا هويَّة وحدَّدوا انتماءً. لِذا نفخرُ بما عندنا من مخزون ونأسف لجهل بَنينا مخبأَ الكنز الدفين. إن نسأل عن أُدبائنا والشعراء، عن مفكرينا والمؤرِّخين، عن أبطالنا والقدِّيسين، عن شهدائنا والفرسان، عن زعمائنا والرجال، نادراً ما نجدُ الجواب المليء وإذا وُجِد نستحي من فقر.

 

تقاليدُنا والعادات، شِيَمُنا والقِيَم وكلُّ ما يمتُّ الى الكرامة والشهامة بِصِلة تركة في مغانينا ولا أغلى عيبٌ أن نُفَرِّط فيها بلا حساب.

ولبنان مسقط راس الحرف ومهد الأُرجوان وهيكل الإله تمُّوزومنبت كلِّ هذه المآثر والمآتي، أيجوز أن يكون مكبَّ نفايا العُرْب ومكْسَر عصا الغزاة ومَمْرَّ الفاتحين؟

أمَا حان لنا أن نصحو من سُبات؟ هل مسموح بعد اليوم اختيار أُناسٍ دون قياس المراحل والمواقف والاستحقاقات؟ على مُمَثِلِنا أن يتمتَّع  بمستوى شريحة راقية يمَثِّلها. إنَّ سياسة " شاويش الكركون ومختار الضيعه وناطور الميّْ" عهدُها ولَّى،  فكيف" توضعُ رُقعةٌ بالية في ثوبٍ جديد"؟

واعجباه من مواطن لايثور لأجل سؤدد الوطن الذي هو كتاب الخلاص.

 

بعد ما لوَّعتنا التجاريب وأبلتنا المحن ، عسانا نكون تعلَّمْنا، والشعب الحكيم هو من اتعظ وأجاد قراءة ماضيه وأتقن فنَّ الرؤيا تحاشياُ لتكرار السقوط!!

لو كانت ثقافتنا مُشبعة لَمَا كان ما كان... على ما فات الرحمات وإلى الأمام!

 

قال الفيلسوف جورج سانتيانا: " إن الشعب الذي لا يقرأ تاريخَه يتحتَّم عليه أن يعيده".

آمل أن نُحسِنُ التأمُّل َوالاستقراء كي نواكب تقدُّم الأُمَم الحيَّة.

 

إلى اللقاء يا أصحاب الشمائل والخصائل.

مونتريال – كندا في 6/1/2005