وقاحة الانقلاب على المجلس الدستوري!!

الأب/سيمون عسَّاف

 

نخجل من سلوك نواب يبطلون الحق ويشرعّون الباطل. كانت طعون نيابية تقدم فيها مغبونون للإنصاف إلى دولة مفترض بها أن تحفظ الحقوق وتدافع عنها لا أن تعرقل هذه الطعون وهي لم يُنظر بأمرها بعد. العرقلة جاءت من خلال تجميد مؤسسة دستورية رئيسية هي المجلس الدستوري والانقلاب عليه من قبل الأكثرية النيابية الدفترية فعلت الأصوات رافضة الإساءة إلى مقام هذه المؤسسة. 

 

 إلى مَن يتقدم المواطن بشكاواه إذا لم يكن إلى المجلس الدستوري في دولته المناط بها الحامية من التعدي والغش والتجني والافتراء؟

ماذا حدث عندنا في لبنان يا ترى إلا ممارسات شاذة وشعوذات ناشزة تحت غطاء مجلس نواب مزيَّف مزعوم يوهم أنه شرعي، يدير دفة الحكم فيعيق سُبُل الناس ولا يسهِّل مشاكلهم والشؤون. في الواقع لم يشهد اللبناني ولم يشعر حتى الساعة أنه اطمأنَّ إلى حكومة تمثِّله والى سلطة تدرس قضاياه وتسعى إلى تطبيق العدالة المتوخَّاة.

 

لماذا نطرح هذه المسألة لو لم يكن هناك خلل فاضح يعطِّل سياق التمدن والازدهار والتطور والعمران. خللٌ يعرقل مسير المجتمع الناهد إلى ذرى المستويات ويخنق الأمل المنشود في أحلام الأبناء المتطلِّعين إلى نهوض البلاد في غدٍ أفضل.

 

خيباتٌ وإحباط عوض أن تباشير تلوح فتريح.

هل صحيح أن مجلس النواب العتيد في لبنان يعرقل طعن المُحتجِّين في الانتخابات الأخيرة ليحمي من لا يجب أن يكون في ساحة النجمة؟

ويجوز لنا التساؤل: هل كانت تعتبر قوانين الانتخابات ذاتها عهد ذاك حسب عُرف المواطنين ديمقراطية صحيحة سليمة وخالية من كل زعبرة وخداع وسمسرة وبيع وشراء وارتشاء ؟ هل النواب الذين صوَّتوا على تعديل قانون المجلس الدستوري بهدف عرقلة الطعون هم فعلا يمثلون شرائح مجتمعهم بشكل يعترف به الناموس ويرتاح إليه الضمير؟ في قرارة وجدانهم يدركون تماما أنهم ما كانوا حيث هم اليوم لولا عمليات التزوير التلفيق والتطويق وسلاح الفتاوى والتكاليف الشرعية معطوفة على إبليس المال واللف والدوران. كل فرد في البلد مخلص مُسلَّح بوعيٍ ومنطق وموضوعية يرفض هذا الشكل الممقوت الهاضم حقوق فئات على حساب فئات أخرى.

 

نطلق الصرخة مُدوِّية علّها تجلد أدمغة أغلبية المتربعين على كراسي النيابة قائلين: حرقتم نفوسكم لِمَرَّة مُرَّة لن ترون بعدها المقعد الذي عليه تجلسون وضحيتم بإصلاح كان يجب أن يتم لتمشي عجلة الحُكم والحكومة والدولة.

 

بحسرة نعاها اليأس واليقين ولعن أشخاصها المفتشين عن مواقع لهم غير آبهين بترميم وطن يأوي أولادهم ويُبشر بمستقبل باسم للآتين بعدهم. هو العيب المشين يستخدم بشرا يقتلون الأماني والأمنيات ويدمرون بدل أن يعمروا لأجل أنانياتهم وتبجّحهم والغباء.

نعم إنهم يدَّعون مقدرة  الإصلاح والتغيير وهم  أعجز من مرضى مُزمنين يتهادون في الفراغ بين شاطئي الحياة والموت.

 

هذا ليس مجرد رأي بل هي حقيقة يتداولها قومنا في المعامل والساحات والجوامع والكنائس والمصانع والمدارس والمحلات والجامعات. والله يستحي فينا المغول والبربر والتتر. إنا ما زلنا رغم الحرب الحاصدة الرؤوس والنفوس لم نتعلم من أغلاط وأخطاء كانت وبالا علينا. هل نستحق هذا القصاص والاقتصاص  من السماء حتى  تبتلي أرضنا بما نبت من طفيليات مؤذية عادمة عندنا؟

كيف يصطلح الحال في ظهرانينا والتناحر والتناتش يزدري بشراسته المفترسة الوحوش الضواري والذئاب الكواسر؟ من جرَّاء ما حصل، تبيَّن أننا قاصرون ولسنا أهلا لأن نحكم ذواتنا طالما الخلاف مستشري والجهل مستفحل بضعفاء يقيسون هزالهم على عافية الأقوياء. نداؤنا إلى أولياء السلطة بإعادة النظر في ما فعلوا من جريمة عرقلة ملفات الطعن واستقراء الحقائق وإصدارها عن ديوان القضاء بشرف يعيد إليهم الاعتبار المذبوح. إن أصحاب الشكاوى والمُدَّعين يسلمون بأحكام القضاء لا بتسيس القضايا للصالح الخاص كما بدا من مجلس النواب الكريم في بلادنا.

 

آن الأوان أن يصفر البوق ويصرخ النفير باسم العدالة الحقيقية والحقيقة العادلة. كثيرون هم المقهورون لأن أداء المحاكم اللبنانية مشلول ومأجور.

ولا يقنعنا أحد بأن هكذا مجلس بهكذا نواب في هكذا دولة يبنون وطنا مستقيماً يرتكز على الاحترام والكرامة والإنصاف. وحدها الحقيقة تبرهن عن حسن النيات فتعطي العدالة كل ذي حق حقه بوجود أزلام كبار لا أقزام صغار. على هذا الرجا نعتصم بالصمت حتى زمان  الاستحقاق والفرج. والسلام للمستنيرين والظلام للكافرين.

 

10/12/2005