هل بمستطاع هؤلاء تمثيل شعب لبنان العظيم؟

الأب/سيمون عسَّاف

 

انتخابات وأموال تُصرف لها ورشوة وشراء ضمائر ومذهبية وتحجر ورفض للآخر.

هل الذين هدروا الأموال للنجاح في انتخابات الشمال وبيروت وباقي المناطق يمكنهم أن يكونوا نزهاء ويبنون دولة لا تعرف الهدر والارتشاء؟

هل ذهنية استرخاص الناس واستغلال فقرهم لدفع ثمنهم سعراً ولا أرخص، تستطيع إقناع العقل السليم بالسعي إلى جعل لبنان وطنا مثالياً مستردَّا دوره الريادي كما من زمان؟

 

هل اللغة "الزقاقية" في الحوار الإعلامي تعكس صورة المجتمع الرافض بكل فئاته أشكال هذه البشاعات؟

هل بعد مسموح التقهقر الأدبي في تبادل الخطابات المتدنية؟

 

وهل هؤلاء المتكلمون بلهجات عارية من الوقار بمستطاعهم تمثيل شعب لبنان؟

 

أجل، ما زلنا في ذهنية الطائفية حتى لو قسم كل اللبنانيين بالشرف ورفعوا يمين الوعد بالوفاء. إن تصديق هذه الأخبار هو عندنا سذاجة وضلال. لن يكون لبنان كما نتمناه طالما المستوى الخطابي إلى الآن ما دون سقف الأدب ولا حتى على السواء. أقترح إذاً على المجلس النيابي الجديد أن يطرح مشروع " الكونتون" لكي يتسنَّى التخاطب بلغة الأنداد لا بلغة الأضداد. والكلام الذي أجاهر به الآن هو بالنتيجة خلاصة سلوك زعماء السياسة الذين عوض التطلع إلى صالح الوطن ينظرون من المطارح الضيقة التي تحفظ لهم الاستقطاب والتقوقع الطائفي الموروث كما أنها لا تبشِّر بالعافية. هذا هو لبنان بتعدديته التي لن تنسجم إلا بالاتفاق على الحكم الذاتي لكل شريحة من المجتمع. متى حكمت كل فئة ذاتها تنتعش المناطق بروح المنافسة وصيانة الخصائص والمميزات.

 

عبثا بغير هذا المنطق بناء الدولة. إن دولة الماضي لن تعود لأنها أورثتنا الويلات والمذابح والخسران. حاشا بعد اليوم الرجوع إلى النسيج العتيق لأنه يُعِدُّنا إلى مراحل سوداء في المستقبل الطالع. لا يقنعنا أحد بالتعاطي والاحترام المتبادل وبالعيش المشترك والتآخي الودود. غايتنا لو يتم التناغم والانسجام بين ألوان المشارب والمذاهب، ولكن مع الأسف ذلك لن يكون التباشير تلوِّح بغير ما نرتجيه. لا نثيرها طائفية معاذ الله وإنما نجيد قراءة الواقع ورؤية الغد انطلاقا من ثوابت لم تتغير في إنسان مجتمعنا حتى الساعة.

 

من هنا نرفض البلاعة الرنانة في الخطابات والفصاحة القاذفة الحلاوة بينما خلف التعابير معانٍ ونيات لا تطابق مسار الوقائع. نقولها توجساً من خوف  في الأفق لا ينذر بالخبر اليقين. إن التجاريب علَّمتنا أن لا نطمئن ونركن إلى التطمينات. إننا إذ  نثيرها بهذه صراحة إيمانا منا بما لنا من نبؤة لا تخضع للغلط لأنها ترتكز على أحداث تاريخ متلاحقة وعلى تفاعل معيوش مع الغوغائية التي لا تؤدِّي إلا إلى المحال.

 

لذلك رأفة بأجيالنا القادمة يجب خلق صيغة جديدة عنوانها اعتبار كرامة الشخص فوق اعتبارا لسنن والبنود والشرائع. لا يخدعنَّ أحد ويعاهدن لأن الأمور العوجاء لا ينفعها التصليح وإنما النفض والرفض وإيجاد البديل الأضمن والأكمل.

حرام أن نكذب ونراوغ ونساير ونساوم ونبيع ونبايع.

 

وحدها الحقيقة المنصفة تقودنا إلى مصدر النور الكلِّي.

نختصر وجهة نظرنا والرأي تقوم بخلق لبنانٍ يعيش إلى دهور لا إلى شهور وهذا يكون باحترام هوية لبنان لا غير وحضارة وتراث لبنان المجيد. لا يستوردن لنا أحد تذاكر دخيلة غريبة ويلصقها بنا. تحت سماء وفوق أرض لبنان نحيا ونموت وبغير هويته لا نقبل أبداً.

وحين يأتلف الجميع بأن لبنان لهم لا لغيرهم ولا يمكن لأحد أن يلغي أحد، حينئذ يستقر الوضع ويستمر الوطن وتعيش فيه أجياله مستريحة لا تخاف من طارىء ولا تفزع من معتدي.

 

كندا – مونتريال 20 حزيران