على من تُذرفُ الدموع؟

الأب/ سيمون عسَّاف

سقط بالأمس القريب شهداء اغتيال نستصرخ السماء لتغمر أرواحهم بوافر الرحمات ونذهب إلى أبعد من الأمس القريب أي إلى الأمس البعيد متسائلين عن الذين سقطوا ضحايا جرائم الاغتيالات حينذاك واللائحة تطول لو أردنا ذكرَ أسماء لم تبرد أطيافها في البال كثيرا ما يتباكون على هؤلاء ضاربين كشحا عن أولئك. إن كل شهيد غالٍ على قلوب الأهل والأنسباء والمريدين، لذلك لا يجب شطبهم وإدراجهم طيَّ النسيان والتأسِّي والإصرار على راحلي البارحة فقط. رفيق الحريري، سمير قصير وجورج حاوي، ثلاثة نستمطر شآبيب الرأفة وأنداء النعم على ثراهم، ولكن من الإجحاف أن نستبعد الشهداء الآخرين.

لماذا صار الموت عند أغلب اللبنانيين يميز بين أبناء الحياة؟ هل يعني أن من وُجد مقتولاً أو معذبا أو مخطوفا في الماضي البعيد بشكل غامض مشبوه هو إلى هذا الحدِّ رخيص، وضحايا اليوم هم وحدهم الشهداء الغوالي الأعزاء؟

تحت أي غطاء غاب الذي غاب من زمان ومن كان مسؤولا آنذاك؟ هل أصبح الدم أيضاً لعبة الفوارق الاجتماعية في لبنان؟  يعزُّ علينا أن نسمع  نعي هذا وإهمال ذاك، لذلك بات لِزاماً أن نكون منصفين فنسترجع على الأقل ذكرى الذين تضرجوا بدمائهم بظروف مغمغمة لأسباب مجهولة.

ما ذنب الراهبة الأخت انطوانيت زيدان المغدورة في الغابة، ما ذنب رمزي عيراني وبيار بولس ووو؟

أين العدل لا يبحث عن الفعلة القتلة في دولة تدعي الديمقراطية والحرية؟

رجل واحد بمستطاعه استعادة السيادة الحقة وفرض هيبة دولة-القانون والمطالبة بالعدل المهدور المبتور ووضع القطار على السكة للسير قُدُما بالمطاف المحترم للبلاد والعباد هو دولة الرئيس الجنرال ميشال عون قائد الجيش اللبناني الباسل. لماذا نبحث عن حلول ونحاول إيجاد الصواب في  الخطأ؟ ألا تكفي الشريحة العريضة التي ترجمت عن رغبتها في تحكيم الشخصية النظيفة الشريفة المتجسدة بالجنرال؟ ماذا يريد زعماء العشائر يا ترى إلا استكمال مسلسل الفساد الذي تعودوا عليه؟ تاريخهم شاهد على مجازرهم وإجرامهم ونهبهم أموال الشعب المسكين. نعم يودُّون طمس الفضائح التي ارتكبوا وهي كالفطائس بروائحها المنتنة.

آه لو تتم المحاسبة فعلاً في لبنان لكشف الملابسات والمطامر والقذارات التي وراءها هؤلاء الهاربون من الدينونة الآتية. صح فيهم المثل الدارج وانطبق على كل المسؤولين السارقين القابضين على أعناق الفقراء والمُضََلَّلين: الله يمهل ولا يهمل وساعة الحساب الرهيبة لا بد من دقاتها الصارخة.

أمر الزعامة إذاً يُناط بالذي هو لها والجماهير قالت بإخلاص كلمتها في صناديق الاقتراع. حرام أن يختبىء شيوخ القبائل وراء الأصابع ويقبعون في مواخيرهم موعوعين، فالقضية واضحة كعين الشمس وعلامَ الهروب إلى الوراء؟ من يصدِّق أن أغلب النوَّاب في المجلس يمثلون الأكثرية من الناس وأنهم يشعرون بآهاتهم بدل قهقهاتهم؟ بموضوعية مطلقة ومن دون أية غاية نعلنها للملأ الأعلى والأدنى انه يجب صرف هؤلاء النواب غير المنتخبين إلى بيوتهم وإعادة النظر بكل ما نتج عن التجاوزات التي أحدثوها ويُعاد الانتخاب بصيغة مشرَّفة لا بالتحريض الديني والضرب والرشوة والتدخلات"على عينك يا تاجر". طالما منذ الآن ابتدأوا بالغش والزعبرة وإذا كانت هذه  بداياتهم العوجاء فكيف يصْدُقون مع الناس ويكونون وجوها  نبيلة تنوب عنهم؟ كيف يأمل القوم بأنهم يمسكون بالمخططين للاغتيالات؟ إن النواب الشرعيين والأهل أن يفاخروا بأنهم شرعيون هم الذين فازوا على لائحة الجنرال ميشال عون. كفانا خداعا ولوفكة وألاعيباً. ألا يخجل النواب المعينون من زملاء لهم نجحوا بقوة التصويت  الشرعي الديمقراطي الحر لا بالرشوة والمال والسمسرة والوعود الفارغة. أم إنهم اعتادوا على أنظمة الفساد السابقة؟ تُذرف الدموع على الأحياء ضحايا التركيبة النيابية المبرمجة والله أعلم كيف ولماذا ولخدمة من؟

من بمقدوره نكران شعبية  الجنرال أطال الله عمره ؟ من يفقه غير الجنرال وجع المشردين والغائبين والمسجونين والمهضومة حقوقهم ؟ والشهود أمامنا لو تساءلنا عما فعل هذا الطاقم  السياسي المفسود الفاسق غير الجلوس على الكراسي والضحك على فئات المجتمع! لا لن يصبح الوضع سليما في البلاد في رأينا المتواضع إلا إذا تسلم الجنرال مقاليد السلطة وزمام الحُكم لإدارة الوطن. اللهم أهد التائهين وردهم إلى المينا الأمين سالمين. تحايا من القلب مع دعاء إلى إله العرش ليحفظ لبنان وأهل لبنان بالجنرال الحبيب الذي يكبره الجميع. للغد الآتي أن يحكي عما تنبَّئنا به والرب ولي الموتكلين على تدبيره وتقديره الإلَهِيَين. على أمل الرجوع إلى الربوع وعناق البطل بعد اشتياق. عاش لبنان الوطن المفدَّى بالأرواح والمهج وعاش رائده وقائده الجنرال اللبق الذي لا ينزلق في مغاطس المتمرغين في حمأة الوحول. إستجبنا يا رب وبلِّغنا إلى آخر النفق من الظلام الدامس إلى الضوء السني.

مونتريال – كندا – 28/6/2005