لقاء الحوار

بقلم/الأب سيمون عساف

 

من أين المستهل لست ادري، أيُعقل الصمت والضجيج يملأ البلاد؟

وهل بالإمكان الركون إلى السكينة والقواصف فواجر؟ بمن أبدأ ولي كلامٌ أقوله للتعليم والهَدْي والتوجيه؟ هل من يسمع الخطاب ويعتبر؟ ألا يكفي مثلُ الزارع في الإنجيل؟

 

بعضُ الحَب سقط على الصخر فأكلته الطير، والبعض سقط بين الشوك فاختنق، والبعض سقط في الأرض الطيبة فنبت وأعطى غلالا!  نعم هكذا من يقرأ رسالتنا فالسلام معه وعليه.

 

 وتندرج ملاحظتي الأولى في رأيي الشخصي الغير مُُلزِم إلى أبنائنا. بعد التحية والمودة، ألفت النظر إلى أن أي تحالف مع أي من شرائح لبنان، لا يجبرنا على إلغاء ذاتنا وعلى رفع شعارات الآخرين. نحن نحترم خصائص كل إثنية ومدلولاتها مع تمسكنا بخصائصنا التي تترجم ماهيتنا وتدل على هويتنا وتميز ابتكاراتنا.

من هنا ادخل قاعةَ الحوار لأرى بعضَ مسئولي البلد جلاَّساً متحلِّقين حول طاولة.

 

أتخيل وجوهَهم وخلفيات سياساتهم وقناعاتهم واستعداداتهم إلى تقديم تنازلات ناشبة جذورها في نخاع العظام.

ل سيأخذهم وجدان ويتفاهمون على رجل الرئاسة المناسب لفضِّ الخلاف والخروج من الأزمة التي فيها نتخبَّط، أم أنهم سيلتقون وكالمعتاد يعودون بخفَّي حُنين والوفاض خالية واليدين فارغة؟ هذا هو التحدي الكبير الذي ينتظر هؤلاء، وهذه هي رصاصة الرحمة التي يطلقونها على الشعب الموعود.

عذراً لا أعلم ماذا أجيب!! أَأُردد قول يسوع: "هل يُجنى من العوسج عنبا ومن العليق تينا؟

 

أم قول المتنبي:" أنا الغني وأموالي المواعيد"؟ أم يخالف المجتمعون قاعدة الهستيريا والقدح والذم ورشق الكلام اللاذع ورمي الشتائم البذيئة والمهاترات فيشذون لصالح العباد والبلاد ويظفرون بالكأس المُعلَّى ويفوزون بشق القصبة؟ إلى الآن نحن تحت المجهر في مأزق حَرِج للغاية!

إن نهار الخميس 2 آذار نقطة تحول وارتكاز فاصل في مجرى تاريخنا الراهن.

إلى أيِّ اتجاه المسار والمسير وفي أي سياق يقود الربابنةُ السفينةَ والى أين؟

 

الله وهم يعلمون.

أنصح بنقص الرأي وبمشورتي غير مُلِحٍّ ولجوج وإنما حريص وحَذِر، إنها السانحة التي لا قبلها قبل ولا بعدها بعد. لدينا استحقاق حاسم ومصيري أو ننفُذ فيه بتجرد وموضوعية للخلاص أو نخفق ونترك للخيبات غدَ الأبناء والأحفاد.

لا خيار ثالث لنا، لذلك نطلب نفض غبار الأنانيات وتراكمات الأحداث وما واكبها لإنهاض الهمم والذِمم ولانتخاب الرئيس الكفؤ من دون تلكّؤ وانكفاء وتقاعس وخذلان.

 

والويل لمن يصيح في زمهرير العواصف الهُوج ويصرخ في ليالي الشتاء المكفهرَّة من غير نفع ولا جدوى،

إنما لمجرد انه صاح وناح وباح.

 

لقاء الحوار يقتضي نيات حسنة وإرادات طيبة تريد الانتقال النوعي من التأرجح والقلق إلى الاستقرار والارتياح.

ولكم تاق اللبنانيون إلى الطمأنينة تلك والسلام ذاك وفضاوة البال هذه؟

هل يؤمن ويؤَمِّن المتحاورون هذه الأمانات والأمنيات؟

 

لا أريد أن أدلي بإفادتي فبل الولادة لعلَّ مخاض الجبل يولِد هذه المرَّة سباعا لا فئرانا.

ولا استذكر ما قال أبو ريشه عن العرب الذين نحن من محيطهم:

"خافوا على العار أن يُمحى فكان لهم على (الخِلافِ) لدعم العارِ مؤتمرُ"

وكي لا اُتَّهم بالمتشائم أو بالناعي مؤتمراً كهذا يجب الإجهاض عنه وهو جنين، ألجأ إلى الصبر والتمني والانتظار.

للنتائج أن تكون الحَكَم وللأيام أن تجري على أعنَّتها.

 

إن وضعنا اللبناني رغم الحرب الضروس لم يعلمنا شيئا البتة!!؟

يا حبَّذا لو يقدم المجتمعون هدية تكون ثمرة اتفاق على رئيس يحسم تداعيات المرحلة ومخاطرها على لبنان والمنطقة.

هذه الفرصة هي الأخيرة تُتاحُ لنا لإعلاء شأن بلدنا.

 

أو نكون بحجم الخطر المُحيق وأكبر منه أو تسحقنا أقدام العابرين الشامتين. كل شعبنا تحديق إلى تلك الساعة الحُبلى بالمفاجآت.

عندنا عائلات وشباب وراء البحار يعشقون الرجوع من دنية الهجران إلى أهل وأحبة في الحمى ولكن ليس قبل ضمانة احترام الكرامة والحقوق للإنسان اللبناني.

ومَن يسعه ضبط الأحوال وتسيير عجلة الدولة إلا الرجل القوي الضابط مرافق ومرافئ الوطن والقوي عسكرياً وسياسياً ومدنياً وشعبياً؟ هل وجدوه ؟

لا أخال المسئولين أغبياء حتى يفوتهم أمر الإجماع على رئيس قوي، وإلاَّ يعكسون منطق الناس ويقلبون تمنياتهم إلى مراثي ويأسٍ وفشل. ما علينا سوى الاعتصام بالرجاء لأنه مفتاح الفرج.

 

ويطيب لي أن أقول مع القائل:

أيها السائرونَ في ظلمة الأرض                كفاكم شقاوةً وذهولا

احملــوا نادمين أشلاءً           نوحوا على القبر طويلا موتاكم

لا أُريدُ العيشَ في وادي العبيدِ        بين أَمواتٍ وإِن لم يُدْفَنوا

جُثَثٌ ترسَفُ في أسرِ القيودِ              وتماثيلُ اجتوتْها الأَْعيُنُ

ولكنْ كالقُرودِ آدميّونَ                    وضِبَاعٌ شَرْسةٌ لا تُؤمَنُ

أبدا وهُمُ نومٌ عميـقٌ مُحْزنُ ً أُسْمعُهم عذْبَ نشيدي

 

2/3/2006