استحقاق

بقلم الأب/ سيمون عسَّاف

 

نحن في سباق مع الأيام الآتية المليئة بالمُفاجآت. على عجلة الزمن يركض الوعد ليحظى بانتظار طال. انتظار الانتخابات الحرة في بلادي لأول مرة بعد حوالي ثلاثين سنة. وكيف ستكون الولادة بعد هذا المدّ والجزر والتحسر والمخاض؟

 

وحدها النتائج عنوان المرحلة القادمة ولا أقول القاتمة. غريب هذا النسيج اللبناني الناعم الملمس الخشن الملَْبس. بين ما كنا عليه وبين ما سنصير فيه تتأرجح الأفكار والأنظار معاً. نتطلَّع وفي الأفق ارتسم سوءال وسوءال لماذا هذا القلق الشاغل، يتسع كلما الساعة دنت؟

لأن التجاريب كانت مدرسة ونحن كنا من طلاَّبها، ولأن الوقائع تدل على خطورة المحاور والتجاذبات التي بنا تحيق.

 

لن نألوَ جهداً ساعين لحياكة الخيوط علَّنا نبرز ثوبا قشيبا يليق بعد اغتراب عن ذات واعتياد على خضوع وقبول بما يفصِّله لنا الآخرون لنرتديه بلا قياس ودون اعتراض.  لماذا نرفض من أيادي بعضنا اللباس الحر ومن غيرنا نرضى بالمفروض؟ لماذا ندافع عن المستورد المستهجن ولا نقبل بالبلدي المألوف؟

 

هل بالمقدور التلاقي على مسلِّمات والاتفاق أم دجَّن الإذلال الطبائع وزاد الفظاظة التي فينا تمردا؟ أمام الاستحقاق القريب، والحياة استحقاقات متتالية، نحن على المحك والميزان واقف للإنصاف. ثم هل نظل في مسلكية الأمس أم نخرج من قمقم الفساد وأخواته؟ تلك أساليب ما كان أرخصها وأرذلها! سئم منها الناس وضجروا حتى القرف.

 

يرتجي الشعب بجملته مجلسا شريفا بادلا وحكما نظيفا عادلا ودولة منزَّهة عن الغش والرشوة والبيعة والمُبايعة. دولة تضبط  أمورها وتمسك زمام مسؤليتها بحماية شعبها وأرضها ومؤسساتها ومرافقها ومرافئها وتاريخها وأجيالها.

 

دولة تكون مثلاً صالحاً في التصرُّف والتعاطي مع مواطنيها وراعية لأخلاق عائلاتها وحافظة أمجاد شهدائها وعلمائها وأبطالها والرجال فيها والمُجَلِّين.

هذا ما يتمنَّى الوصول إليه كل مواطن مُخْلِصٍ مُخَلِّصٍ من الويلات والنازلات.

 

عسى أن يكون لبنان على مطل الألفية الثالثة مشعل الشرق ورائده في شتى الميادين ليكون فعلا وطن الرسل والرسالة.

هكذا تستريح عظام الآباء والأجداد والفرسان والبواسل الراقدة في وقار ترابه على رجاء القيامة والخلاص. مع الأرز نُعلِّي الرأس على هذا الرجاء.

 

مونتريال كندا 4/2/2005