إلى الدكتور سمير جعجع

الأب/سيمون عسّاف

 

قد أكون على اختلاف معك يا دكتور جعجع لكن لا يمكني أن أكون ضد الحق. لم ينصفك الذين أعطيتهم الغطاء وأمنت لهم الوصول. إنهم فعلاً خونة سفلاء لم ينخزهم ضمير ولم يراجعوا حسابات ولم يصدقوا معك. شخصياً لست مع الظلم الذي مورس ضدك وأسال لماذا أنت وحدك تدفع الثمن بينما من يجب أن يدفعوا هم متربعون على الكراسي والعروش دون حسيب ولا رقيب؟

 

آتٍ إليك من وراء 11 عام وأنا في الغربة وأنت في السجن وكلانا دفعنا باهظاً ما كان يجب أن يدفع غيرنا معنا على الأقل.

سجنوك لأنك تمسكت بقناعات لم تتزحزح عنها وكان الأولى بهم احترامها. وأنا بالذات إذا كنت ضدها هذا لا يعني أنني لا أحترمها. ليس لأحد بعد التجارب والاختبار أن يفرض آراءه وينبذ ما لغيره من آراء وهذا ما يسمى بالحوار والنقاش.

 

حان وقت الانعتاق من الأسر سواء كان القائد يستحق أم لا. ولو كان حقيقة مُخطئاً فليس هو وحده بل هناك من الجلاَّس على الكراسي مَن يستوجبون الزنزانات والشنق أيضاً من المتسلطين في الدولة. إن عمر الأزمة مهما طال هو على وشك الانتهاء والآن هو في طور الحشرجة والنزْع الأخير.

كفى نبش جثث الماضي التي عفَّ عليها الزمن واستحضار ملفات واستيقاظ ذكريات سوداء تزيد بلاءًَ على بلاء.

 

لن أقول أن الحكيم خدم "اتفاق الطائف" ولن أقول أن الحكيم سهَّل لإقصاء البعض وإدناء البعض الآخر. وإنما أقول ما هكذا يُكافأ الحليف بالخيانة والعقوبات جزاء إخلاص لقضية من أجلها ناضل وفيها اقتنع. إن جميع الضحايا غالية على قلوب أهاليها، وبما أنه صدر قرار العفو عن جميعها فلماذا الاستثناء والاستنساب إذاً؟

مسألة الحكيم منفصلة عمَّا سواها من المشاكل لأنها مُحقَّة وعادلة. أُدلي بهذا من باب الديمقراطية والحرية والإنصاف. عيب أن يتعسف الظلم إلى هذا الحد ويجور على أرواح بريئة نسبياً. معنى القول إن أكثر الذين يحكمون اليوم في بلادي هم جزَّارون يتلذَّذون بالإجرام وسفك الدماء وعذاب المتألمين.

 

الدكتور سمير جعجع قائد القوات اللبنانية يمثل شريحة لا يستهان بها على الساحة اللبنانية فبات من العار والمخجل التعاطي معها ومعه في آن بشكل اعتباطي ومرتجل وحقير.

 

إذا صار لبنان بلداً بعد الحرب ينعم بالحرية الكاملة واحترام كرامة الإنسان وعفا عن كل مخلفات الأحداث المشينة في الأمس البعيد والقريب، بات لِزاماً على الدولة أن تطلق سراح الدكتور جعجع من السجن لممارسة حقه المشروع أسوة بكل المسؤولين الفالتين في الوطن.

 

خُدع أم لا ليست هي مشكلتنا! ويجب على كل قائد مليشيا خلال الحرب الأهلية والغيرية على أرضنا، وهو اليوم نائبا أو وزيراً أو مسؤولاً في موقع ما من الدولة، الدخول إلى الحبس لإمضاء 11 عام حبس مثل الحكيم.

 

وإذا كان العدل مطبَّقاً فقط على" الحكيم" فألف سلام على دولة فاسدة تتمرَّن على افتعال الفسق بحق الشرفاء وأصحاب المبادئ والعقائد والمواقف والمحطات!

من المرفوض لا بل من المستحيل أن يبيت ليلة سمير جعجع في السجن وآخرون يستنشقون هواء الحرية!!!

 

لن أتكلم عن قذارة الأجهزة الأمنية وقادتها وهم الذين أجرموا ونهبوا وظلموا وتجبروا، ومن منا ينسى كيف قتلوا الدكتور خليل سالم ووضعوه في صندوق سيارته، والمجرم حر طليق وهو لا يزال في موقعه الرسمي دون عقاب!! تطول سلسلة الجزارين ولكن لسنا في وارد تعدادهم. يهمنا الإنصاف وإخراج الدكتور جعجع من السجن بعد عقاب تجني بعيد كل البعد عن العدل والأصول القانونية.

 

علَّ وعسى يخرج الدكتور جعجع من السجن ويحتفي العدل بعيد الحرية وتستعيد القوات دورها الذي وجدت لتأديته، والى اللقاء أيها الحكيم مع الحرية.

30 نيسان 2005