لا بد للعناية من إنصافك

الأب سيمون عسَّاف

 

للتاريخ أكتب بموضوعية لا تحب التزلف ولا تعرف الاستزلام.

ضمير أمتي هو ذاك البطل الذي عاد ليقضي على رموز الفسق وأشباح الفساد. يؤذيهم حضور النظافة لأنهم تعوَّدوا على ممارسة الزنى السياسي والطائفي حتى صارت دعارة المسؤولية عادة في دورة البدن الدموية لا يغيرها سوى الكفن.

 

إن الجنرال ميشال عون هو على أهل الزندقة ضربة قاضية، وما انفعاله وثائرته على العاهرين إلا دليل على ما علمته مدرسة الجندية: التضحية والشرف والوفاء.

إن هذا الرجل كان أميناً على الوزنات وفياً، فجسَّد فعلاً هذه النذور العسكرية الثلاثة بالحذافير وانعكست على سلوكه وفي أساليب تعاطيه نعوتاً كبيرة ولا أرقى. يوم لقاء الجنرال لدى عودته إلى لبنان إن دلَّ على شيء فقد دل على احترام الشعب اللبناني للقيم وعلى تعطُّشه إلى مثل هذا النوع من الرجال القياديين الأوفياء الأمناء المُخلصين. يعربد بعض تجار الطوائف المزعومين زعماء بفجورهم لإقصاء المُخَلِّص المُنقذ ويطوِّقون المواقع لكنهم خسئوا ولا يُفلتون من الغضب الآتي والسوط اللافح اللاهب.

 

رجل بحجم ميشال عون يستحقه الوطن وإليه يحتاج وهو لا يجب أن يُمِرَّ خياله على هؤلاء السياسيين السفلة في بلد المقادس والبسالات.

أما كفى لبنان عاراً وإذلالا وأبناء لبنان قهراً وفقراً وخذلانا؟ وماذا أقول عن الموارنة حصراً،  أما كانوا مفلَّسين بغيبة الجنرال؟ وحين رجع إلى الوطن، أما قلب موازين القوى واسترد للجانح المسيحي اعتباره ولاحت الزعامة بأبهى معانيها؟ واخجلتاه منهم أولئك الأقزام الذين يظنُّون إنهم يتمتعون بثقل شعبوي على الأرض ولكن في الحقيقة ما هم إلا مسوخ وأشكال صعاليك ورسوم متحركة.

 

لماذا يضايقهم هذا الإنسان العظيم، أليس لأنه منهم أكبر وعيار معدنه من الصنف النادر؟

ليس من مرشح لرئاسة الجمهورية في هذه الظروف وعلى مستوى أمانات وطموحات لبنان والمواطنين والموارنة بصيغة أدق أفضل وأنسب من الجنرال ميشال عون. هو وحده المستطيع إعادة الكرامات والحقوق لأصحابها وتنظيم الجيش والمؤسسات والمرافيء والمرافق وكل القطاعات. على الموارنة أن لا يرضوا برئيس  تسوية يهمِّشهم ويهمل قضاياهم ويزيد أوجاعهم ويدفع بهم إلى الهجران، بل يلزم أن يأتيهم الجنرال ميشال عون المُحيط بالشاردة والواردة  للنهوض من إحباط.

أطاح بكل ما قدموه وبنوه لإعمار الوطن ولحفظ وصايا الشهداء. صبرت أيها الجنرال فلا تخف لأنك ستحصد غلال الانتظار إن لم يكن اليوم فغداً، لذلك عليك بالتجمُّل بالصبر. إن المرحلة تقتضي الحكمة ولا أخالك بعيداً عن هذه الشيمة. دع أهل البيت يحاولون إصلاح  ذات البين وبعدئذ تربع على عرش الفخامة يا زعيمنا.

 

لا بد من صوت في أعماقهم يدوِّي مشيراً إلى عنفوانك وشرفك ولا بد للعناية من إنصافك.

سلاحك هما الأصغران: العقل واللسان وهذا ما يفتقر إليه حسَّادك والحاقدون. نعم إنك تختزل المفترين والصغار الذين دون مجدك الشامخ.

صلاتنا إلى الساكن في الخيمة الزرقاء أن ينصرك ويديمك لأن الرئاسات والزعامات والسلطنات والممالك والإمبراطوريات والسيادات والإمارات تندرج تحت ظلال أوصافك وأفياء الشمائل.

 

نشكر السماء لأنها لطفت فجعلتك الرقم الصعب في معادلات الباعة بين جدران الهيكل. نحبك أكثر ما تتمنى تشاء واسلم  لمريديك ومحبيك.

 

 مونتريال - كندا

19 حزيران 2005