الشعب العظيم يستعد للقاء بطله الجبار

الأب سيمون عسَّاف

 

أتصور اللحظة التي فيها تخدُّ قدما الجنرال ميشال عون أرض المطار. ستكون بالفعل ظاهرة لم ولن يعرفها تاريخ لبنان في كل شهوره وفصوله وسنيه. أتخيَّل أيضا ردَّة فعل الشعب العظيم الذي  يلاقي بطله الجبار العائد من المنفى القسري بعد تغييب وطعن وافتراء حوالي 15عام.

لا أغاريد البلابل ولا أغاني الحساسين ولا سقسقة الينابيع ولا همسات العشايا ولا وشوشات النسيم الساري ولا زقزقات العصافير ولا أفراح الكون كله ستعادل نشوة العودة للبطل العملاق القدير ونشوة الملقى للشعب الخلاّق الكبير. 

 

أية غبطة ستجتاح لبنان من روابيه إلى الشطآن؟

أية سكرة مجد سيتعتع شموخ الأرز الناظر نهار القيامة المنتظَر منذ زمن الاحتلال الدنيء؟

بأي شرشف إلهيٍّ سيلتحف الوطن المتجلي وأي إكليل غار سيضفر العز في عرس الرجوع؟

 

قريبا ستهزج  سُعُف النخل وستلوح شلوح الزيتون وقريبا ستهتزُّ أرفتة النيام من شهداء نبلاء وضحايا أبرياء بنصر القائد الظافر الأنظف الذي حمل الويل والهول والمعاناة من أجل سيادة وسؤدد وكرامة واستقلال وطن كتب ملحمة الصمود والدفاع عنه مع رفاق ميامين هم أصحاب ثوابت.

 

هي دول الشرق تتمخض ولبنان يولد من رحم المأساة المنسوجة على نول الأعراب والأغراب. في اعتقادي سدَّد ما عليه من ضرائب الدماء والدموع. وجاء الفخر واعداًً  بتحقيق الخلاص من درب العذاب والعهد سيبدأ جديداً زاجرا أبالسة الأوجاع بالاستقامة والنزاهة والإباء، ستنبدَّل أشباح الرعب والذعر والقمع والقتل بأطياف الحب والود والأمن والسلام.

 

أقولها قول الواثق بأدب الآتين من مدرسة الأخلاق والأدب والرقي والمستوى. أجل تاق لبنان إلى حكام تجللهم الشهامة وتكللهم الفضيلة ويجملهم الشرف. أجفلته الخلاعة وشوهته العربدة وهجرَّه الشبق من طاقم مفسود ركبه طيلة غياب النصاعة والطهارة والعفاف.

آهِ ما أحلى انفراج الشمس والقمر والسهل والجبل والسفح والوادي حينما يُطرد القردة والباعة من الهيكل ويرجع رب البيت ليحاسب عبيده الأُجراء.

كم عارمة وغامرة ستكون سعادة المقهورين والمظلومين باسترداد الحق والعدل والحرية إلى البيوت العريقة والعيال الأصيلة وكل بيوتنا وعيالنا ربيبة الشمم والعنفوان.

 

إلى الآن لا أصدِّق أن في لبنان بشر من غير معدن المرؤة وغير طين والوفاء، اُناس ساعدوا التتر والمغول على هدم وتداعي وطنهم المخلَّد في شرائع الرسل والأنبياء والملهمين والشعراء.

 

ربَّاه رُحماك يا أكمل الكمَّال يا مُنصف المُخْلِصين، آمنا ونؤمن من جديد بسهرك المستمر وحفاظك المستديم على جنتك الأرضية واحة الشرق لبنان. مشيئتك كانت في الآلام رغم المراحل، تنتشل وتصون من الهلاك والانهيار وطنك على كوكبنا الدائر بين يديك.

 

نحن اليوم كما من قبل وكذلك من بعد نتوسل إلى رأفتك أن تحرس لنا لبناننا وتعيد إليه غيَّابنا وتفقِّه  شبَّاننا وتعضد شيوخنا وتدغدغ أطفالنا وتعفِّف صبايانا وتطهر قلوبنا وترعى عائلاتنا بعيني عنايتك  لنبقى لك برعاية مملكتك العُلْوية شعبا مقدسا يحكمه جنرالا شفيعه رئيس ملائكتك ولك التسبيح والشكران في كل زمان وكل مكان.

 

31/1/2005