سلاح حزب الله والتوطين !!

الأب/ سيمون عسَّاف

عجقة الانتخابات وما واكبها من سلبيات وإيجابيات انتهت. رئيس مجلس النواب الأستاذ يري انتخب بأسلوب الفرض التهديدي، ورئيس مجلس الوزراء تم اختياره بموجب اتفاق الطائف كما قيل لنا، فيما تشكيل الوزارة سينتهي اليوم أو غداً. ماذا يُفاجيءُ اللبنانيين إذاً وراء الأيام القادمة غداً؟

هل بالإمكان إتمام إجراء المحاسبة وفتح الملفَّات وكشف الجُناة والمجرمين ومعرفة قضية الهدر والديون وتقنين الكهرباء وتقصير مدة مجلس النواب الهجين ووو؟ أم سيخبط مجلسا الوزارة والنواب خبط عشواء ويذهب المواطن اللبناني ضحية ما حصل من ممارسات مُعيبة مهينة طوال الخمسة عشر سنة ولن يتغير شيء في ماجريات الأمور؟

 هل سيظهر وجه الحُكم عندنا أتعس من الأول ويُحِط من قدْر الدولة والشعب؟ ننتظر النتائج والتحدي على قوس المحكمة والرهان في الميزان. هل سينزع حزب الله سلاحه بمقتضى اتفاق الطائف أم سيتذرَّع بِزَعْمٍ تحت اسم المقاومة؟ ما هي وظيفة الجيش اللبناني إذاً وأية ضمانة لشرائح مجتمعنا في المستقبل إذا بقي حزب الله مُسلَّحاً ومتمرساًً وراء وهم التحرير فيما كل الدول العربية انتقلت إلى زمن السلم التفاوضي ومعاهدات السلام؟

إن تجربة الميليشيات فشلت وضربت لبنان بالخيبات بما فيهم حزب الله، علماً أن أكثر المتضررين حالياً من بقاء حزب الله في وضعية "الدولة داخل الدولة" هم أبناء الطائفة الشيعية اللبنانية لما يتعرضون له من مصادرة للقرار وكبت للحريات وتهميش وفتاوى وتكاليف شرعية. إن السواد الأعظم من أبناء لبنان يرفضون في العمق بقاء أية ميليشيا أو مقاومة مدججة بالسلاح ويطالبون بعودة سلطة الدولة بواسطة قواها الشرعية وبسط سلطانها على كامل التراب اللبناني..

وحده الجيش اللبناني كفيل بالدفاع عن الأرض والشعب وهو مدعاة طمأنينة للجميع. يكفي أنه يخضع للدولة وينضبط متقيداً بأوامرها. لماذا المراوغة والكذب والخداع؟ لا أحد يحبِّذ وجود قِوى مسلحة بمعزل عن المؤسسة العسكرية التي هي للجيش اللبناني الباسل.

أمَّا أن يبقى حزب الله كما هو فهذا يعني على كل طائفة أن تعود إلى لغة التسلُّح وذهنية العشيرة فنعيش في مزارع تحضنها مساحة جغرافية اسمها لبنان، أو لن يبقى مع أحد سلاح فتتساوى الطوائف وتحترم قوة وسلاح جيشها المنظَّم. وغير هذا المنطق لا يقنع أصحاب العقل والمشورة. شبح الخوف يجبر اللبنانيين والمسؤولين على الرضوخ إلى حزب الله والاعتراف بادِّعائه قوة مدافعة. عمَّن يدافع هذا الحزب، ومن أوكل إليه مهمات الدولة وواجبات جيشها، وهل تقوم دولة وفي داخلها دول؟

كل الدول العربية لا تستطيع في الوقت الراهن مواجهة دولة إسرائيل عسكرياً، فهل في لبنان أو في دول الجوار من يُصدق نظرية "توازن الرعب" التي يسوق لها حزب الله؟ وماذا عن تكنولوجيا الحروب في عصرنا المتمدِّن؟ أين الشرق كله مع العديد والعتاد والمعدَّات من قوم ٍموسويٍّ تمَّكن من كسر شوكة كل أخصامه ومقاوميه؟ عبثاً يحاول حزب الله إقناعنا أنه يستطيع اجتراح المعجزات، أما نحن فلا نطلب منه سوى العودة إلى كنف الدولة مثله مثل باقي اللبنانيين والإقلاع عن السير في ركاب مشاريع مستوردة من الخارج لن ترى النور لا اليوم ولا غداً.

ولكن ماذا عن توطين الفلسطينيون؟ أليس هو أيضا مشروع قاتل للقضية الفلسطينية وللشعب اللبناني على حدٍّ سواء؟

نرى أنه في حال سدت كل الفرص لعودت الفلسطينيين إلى وطنهم وفي حال تقبل قادتهم هذا الواقع المر فليوزع اللاجئون في المخيمات عندنا على الدول العربية بالتساوي وليأخذ لبنان حينذاك قسطه من التوزيع. هكذا يكون العدل وينجز الإنصاف. أما تحميل لبنان وحده نصف مليون فلسطيني فهذا أمر لا يمكن القبول به وهو في حال تم سيقوض أسس الوطن ويغيِّر معالمه ويهدد التوازن القائم بين شرائح مجتمعه.

وُعِدَ الشعب اللبناني بالأمل بالسلام بالاقتصاد بالبحبوحة بالطمأنينة بالازدهار بالتقدم بالتطور وبالعمران. يعود المغترب متى رأى هذه العناوين انقلبت حقائق ملموسة في وطن الآباء والأجداد.

إن الغد على الباب كالحُلم يمر وكالبرق يلمع وفجأة يغيب. هل  يُخْبِىء لنا قصص الأهوال والويلات أم حكايات اليُمْن والبُشر؟ لا نتكهَّن عما سيحدث لأن الغيب لله لا لِمخلوق سواه. لذلك نحن على عهد انتظار الآتي المُثْقَل بالهموم والشؤون والشجون والرجاء المتأرجح المرتاب.

نرفعها الصلاة لإنقاذ أهل  الأرز من الانزلاق في المستنقعات وللرب المجد في أحكامه فلا "نهتمَّنْ بالغد يكفي كلَّ يومٍ شرُّه".

كندا – مونتريال 4 تموز 2005